العدد : ١٧٢٢٤ - الثلاثاء ٢٠ مايو ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٢ ذو القعدة ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٢٢٤ - الثلاثاء ٢٠ مايو ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٢ ذو القعدة ١٤٤٦هـ

مقالات

النفط والاقتصادات الخليجية

بقلم: عدنان أحمد يوسف

الثلاثاء ٢٠ مايو ٢٠٢٥ - 02:00

لقد‭ ‬استوقفني‭ ‬مقالة‭ ‬أخي‭ ‬العزيز‭ ‬الخبير‭ ‬الاقتصادي‭ ‬الدكتور‭ ‬جاسم‭ ‬المناعي‭ ‬المنشور‭ ‬في‭ ‬الصحافة‭ ‬المحلية‭ ‬حول‭ ‬انخفاض‭ ‬أسعار‭ ‬النفط‭ ‬وتأثيره‭ ‬على‭ ‬اقتصادات‭ ‬المنطقة،‭ ‬حيث‭ ‬يتصاعد‭ ‬القلق‭ ‬من‭ ‬نشوب‭ ‬الحروب‭ ‬التجارية،‭ ‬وما‭ ‬تخلفه‭ ‬من‭ ‬تأثيرات‭ ‬كثيرة‭ ‬من‭ ‬بينها‭ ‬تباطؤ‭ ‬التجارة‭ ‬العالمية‭ ‬والطلب‭ ‬على‭ ‬السلع‭ ‬الأساسية‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬النفط‭.‬

لقد‭ ‬أعجبت‭ ‬للغاية‭ ‬بتحدثه‭ ‬حول‭ ‬الاحتمالات‭ ‬المتوقع‭ ‬أن‭ ‬تواجها‭ ‬دول‭ ‬المنطقة‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬استمرار‭ ‬تراجع‭ ‬أسعار‭ ‬النفط،‭ ‬والخيارات‭ ‬المتاحة‭ ‬امامها‭ ‬للتعامل‭ ‬مع‭ ‬هذا‭ ‬الوضع،‭ ‬وأتفق‭ ‬معه‭ ‬بأن‭ ‬الاقتصاد‭ ‬العالمي‭ ‬يمر‭ ‬بحالة‭ ‬من‭ ‬عدم‭ ‬اليقين‭ ‬ما‭ ‬يحدث‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬عدم‭ ‬الوضوح‭ ‬في‭ ‬توقع‭ ‬التطورات‭ ‬القادمة‭. ‬وأود‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المقالة‭ ‬التركيز‭ ‬بشكل‭ ‬خاص‭ ‬على‭ ‬البدائل‭ ‬المتاحة‭ ‬أمام‭ ‬دول‭ ‬التعاون‭ ‬للتعامل‭ ‬مع‭ ‬هذه‭ ‬الأوضاع‭.‬

لمواجهة‭ ‬هذه‭ ‬التحديات،‭ ‬تسعى‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬إلى‭ ‬تعزيز‭ ‬مصادر‭ ‬الإيرادات‭ ‬غير‭ ‬النفطية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تنفيذ‭ ‬برامج‭ ‬تنموية‭ ‬وتنويع‭ ‬اقتصادي،‭ ‬مثل‭ ‬رؤية‭ ‬السعودية‭ ‬2030‭. ‬كما‭ ‬تعمل‭ ‬على‭ ‬تحسين‭ ‬كفاءة‭ ‬الإنفاق‭ ‬العام،‭ ‬وتطبيق‭ ‬إصلاحات‭ ‬مالية‭ ‬مثل‭ ‬ضريبة‭ ‬القيمة‭ ‬المضافة،‭ ‬وترشيد‭ ‬الدعم‭ ‬الحكومي‭ ‬لبعض‭ ‬السلع‭ ‬والخدمات‭. ‬

كما‭ ‬أن‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬تمتلك‭ ‬احتياطيات‭ ‬مالية‭ ‬كبيرة‭ ‬وقدرة‭ ‬على‭ ‬التكيف‭ ‬مع‭ ‬تقلبات‭ ‬أسعار‭ ‬النفط‭. ‬ومع‭ ‬استمرار‭ ‬الجهود‭ ‬لتنويع‭ ‬الاقتصاد‭ ‬وتعزيز‭ ‬القطاع‭ ‬غير‭ ‬النفطي،‭ ‬من‭ ‬المتوقع‭ ‬أن‭ ‬تتمكن‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬من‭ ‬تحقيق‭ ‬نمو‭ ‬مستدام‭ ‬على‭ ‬المدى‭ ‬الطويل،‭ ‬وتقليل‭ ‬اعتمادها‭ ‬على‭ ‬النفط‭ ‬كمصدر‭ ‬رئيسي‭ ‬للإيرادات‭.‬

كما‭ ‬تمتلك‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬البدائل‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬لمواجهة‭ ‬آثار‭ ‬انخفاض‭ ‬أسعار‭ ‬النفط،‭ ‬وذلك‭ ‬ضمن‭ ‬إطار‭ ‬خططها‭ ‬للتحول‭ ‬الاقتصادي‭ ‬وتنويع‭ ‬مصادر‭ ‬الدخل‭. ‬

ومن‭ ‬بين‭ ‬أبرز‭ ‬البدائل‭ ‬مواصلة‭ ‬تنفيذ‭ ‬برامج‭ ‬التنويع‭ ‬الاقتصادي‭ ‬وفقا‭ ‬للرؤى‭ ‬الطويلة‭ ‬الأجل‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تطوير‭ ‬القطاعات‭ ‬غير‭ ‬النفطية‭ ‬مثل‭ ‬السياحة،‭ ‬الصناعة،‭ ‬الخدمات‭ ‬اللوجستية،‭ ‬التكنولوجيا،‭ ‬الطاقة‭ ‬المتجددة‭. ‬كذلك‭ ‬تحفيز‭ ‬الاستثمار‭ ‬الأجنبي‭ ‬المباشر‭ ‬عبر‭ ‬تحسين‭ ‬بيئة‭ ‬الأعمال‭ ‬وإصلاح‭ ‬التشريعات‭. ‬وتحفيز‭ ‬ريادة‭ ‬الأعمال‭ ‬والاقتصاد‭ ‬الرقمي‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬دعم‭ ‬المشاريع‭ ‬الصغيرة‭ ‬والمتوسطة‭.‬

كذلك‭ ‬من‭ ‬البدائل‭ ‬التي‭ ‬دشنتها‭ ‬بعض‭ ‬دول‭ ‬المجلس‭ ‬ونقترح‭ ‬أن‭ ‬تنظر‭ ‬فيها‭ ‬بقية‭ ‬الدول‭ ‬هي‭ ‬تنويع‭ ‬الإيرادات‭ ‬غير‭ ‬النفطية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تنويع‭ ‬الضرائب‭ ‬الموجهة‭ ‬لدخل‭ ‬الشركات‭ ‬الكبيرة‭ ‬والناجحة‭ ‬وعلى‭ ‬الأراضِ‭ ‬البيضاء‭ ‬ورسوم‭ ‬الخدمات‭ ‬الحكومية‭.‬

أيضا‭ ‬من‭ ‬البدائل‭ ‬المحورية‭ ‬هو‭ ‬ترشيد‭ ‬الإنفاق‭ ‬وإعادة‭ ‬هيكلة‭ ‬المالية‭ ‬العامة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬ترشيد‭ ‬إنفاق‭ ‬وحجم‭ ‬الجهاز‭ ‬الحكومي‭ ‬وإعادة‭ ‬توجيه‭ ‬الإنفاق‭ ‬نحو‭ ‬القطاعات‭ ‬الأكثر‭ ‬إنتاجية‭ ‬مثل‭ ‬التعليم‭ ‬والتكنولوجيا‭.‬

أيضا‭ ‬الاستثمار‭ ‬في‭ ‬الطاقة‭ ‬المتجددة‭ ‬والنظيفة،‭ ‬حيث‭ ‬تعمل‭ ‬السعودية‭ ‬على‭ ‬مشروع‭ ‬‮«‬مدينة‭ ‬نيوم‮»‬‭ ‬التي‭ ‬تعتمد‭ ‬على‭ ‬الطاقة‭ ‬الشمسية‭ ‬والرياح‭. ‬وتعمل‭ ‬الإمارات‭ ‬عبر‭ ‬‮«‬مصدر‮»‬‭ ‬و«مجمع‭ ‬محمد‭ ‬بن‭ ‬راشد‭ ‬للطاقة‭ ‬الشمسية‮»‬‭ ‬على‭ ‬تقليل‭ ‬الاعتماد‭ ‬على‭ ‬الوقود‭ ‬الأحفوري‭. ‬كما‭ ‬تعمل‭ ‬البحرين‭ ‬على‭ ‬التوسع‭ ‬في‭ ‬استخدام‭ ‬الطاقة‭ ‬البديلة‭ ‬في‭ ‬قطاعات‭ ‬الصناعات‭ ‬والخدمات‭.‬

كما‭ ‬أن‭ ‬التحول‭ ‬الرقمي‭ ‬والتكنولوجي‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬يمثل‭ ‬أحد‭ ‬المحاور‭ ‬المركزية‭ ‬في‭ ‬استراتيجيات‭ ‬التنويع‭ ‬الاقتصادي،‭ ‬وهو‭ ‬ليس‭ ‬مجرد‭ ‬تحديث‭ ‬تقني‭ ‬بل‭ ‬تغيير‭ ‬هيكلي‭ ‬في‭ ‬طريقة‭ ‬إدارة‭ ‬الاقتصاد‭ ‬والخدمات‭ ‬الحكومية،‭ ‬ويؤثر‭ ‬بعمق‭ ‬على‭ ‬فرص‭ ‬العمل،‭ ‬الكفاءة،‭ ‬والاستثمارات‭. ‬ومحور‭ ‬آخر‭ ‬لا‭ ‬يقل‭ ‬أهمية‭ ‬عن‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬ذكرناه‭ ‬هو‭ ‬محور‭ ‬الموارد‭ ‬البشرية‭ ‬والكفاءة‭ ‬الانتاجية‭ ‬من‭ ‬إصلاح‭ ‬التعليم‭ ‬وربطه‭ ‬بسوق‭ ‬العمل‭ ‬وتمكين‭ ‬المرأة‭ ‬وزيادة‭ ‬مشاركتها‭ ‬الاقتصادية‭. ‬كذلك‭ ‬رفع‭ ‬نسب‭ ‬توطين‭ ‬الوظائف‭ ‬لتمكين‭ ‬المواطن‭ ‬والكفاءات‭ ‬الوطنية‭ ‬من‭ ‬أخذ‭ ‬كامل‭ ‬دورها‭ ‬في‭ ‬برامج‭ ‬التنمية‭. ‬وأخيرا،‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬نؤكد‭ ‬بشكل‭ ‬خاص‭ ‬التكامل‭ ‬الاقتصادي‭ ‬الخليجي‭ ‬كسبيل‭ ‬للحماية‭ ‬من‭ ‬التقلبات‭ ‬الاقتصادية،‭ ‬حيث‭ ‬إن‭ ‬هذا‭ ‬التكامل‭ ‬يخلق‭ ‬كتلة‭ ‬اقتصادية‭ ‬متينة‭ ‬ومتراصة‭ ‬البنيان‭. ‬لذلك‭ ‬مطلوب‭ ‬الإسراع‭ ‬في‭ ‬إقامة‭ ‬مشاريع‭ ‬التكامل‭ ‬وهي‭ ‬الاتحاد‭ ‬الجمركي‭ ‬والسوق‭ ‬الخليجية‭ ‬المشتركة‭ ‬والاتحاد‭ ‬النقدي‭ ‬وتسهيل‭ ‬حركة‭ ‬البضائع‭ ‬ورؤوس‭ ‬الأموال‭ ‬والاستثمار‭ ‬المشترك‭ ‬في‭ ‬مشاريع‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬والربط‭ ‬الكهربائي‭ ‬والنقل‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا