نيويورك – (أ ف ب): خلص فيلم وثائقي جديد أنتجته منصة مستقلة إلى تحديد هوية الجندي الإسرائيلي الذي يشتبه في أنه أطلق النار على مراسلة قناة الجزيرة شيرين أبو عاقلة، ما أدى إلى مقتلها أثناء تغطية عملية عسكرية في مخيم جنين بالضفة الغربية المحتلة عام 2022. وقتلت أبو عاقلة، الفلسطينية التي كانت تحمل الجنسية الأمريكية، ومثّلت لأعوام طويلة أحد أبرز الوجوه الإعلامية العربية لتغطية النزاع الاسرائيلي-الفلسطيني، بإطلاق نار في شمال الضفة الغربية في 11 مايو 2022.
وانتشرت على نطاق واسع في حينه لقطات مصوّرة من المكان لأبو عاقلة ملقاة على الأرض من دون حراك، وحولها عدد من زملائها المراسلين والمصوّرين، بينما يصيح أحدهم «إسعاف، شيرين» على وقع استمرار إطلاق النار. وكانت أبو عاقلة تضع خوذة وترتدي سترة واقية من الرصاص كُتب عليها «صحافة». وحمّلت الجزيرة وشهود عيان الجيش الإسرائيلي المسؤولية عن قتلها. كما خلصت تقارير صحفية الى الأمر ذاته. ورجّح رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك نفتالي بينيت أن يكون مصدر الطلقات مسلحون فلسطينيون.
وفي سبتمبر 2022 خلص تحقيق داخلي أجرته الدولة العبرية إلى وجود «احتمال كبير» بأن تكون أبو عاقلة قد قتلت عن طريق «الخطأ» بنيران الجيش الذي قال إنه كان يستهدف مسلحين فلسطينيين. وهذا الأسبوع كشف وثائقي بعنوان «من قتل شيرين؟» أنتجته منصة «زيتيو» الإخبارية المستقلة للمرة الأولى اسم المشتبه فيه بإطلاق النار، معرفا عنه بأنه ألون سكاجيو، الجندي في إحدى وحدات النخبة ضمن الجيش الإسرائيلي.
وقال منتج الفيلم الصحفي ديون نيسنباوم: «لم تدخر إسرائيل جهدا لإخفاء هوية الجندي، ولم تزود الولايات المتحدة بأي معلومات. لم يسمحوا للولايات المتحدة بمقابلته، ولم يطلعوها على إفادته، ولم يكشفوا اسمه». واطلع نيسنباوم، وهو مراسل سابق لصحيفة وول ستريت جورنال، بالتعاون مع المنتج كونور باول والصحفية فاطمة عبدالكريم، مراسلة صحيفة نيويورك تايمز في الضفة الغربية، على شهادتي جنديين إسرائيليين اثنين كانا موجودين في جنين يوم مقتل أبو عاقلة، وقابل مسؤولين أمريكيين كبارا.
وأورد الوثائقي أن سكاجيو الذي كان في العشرين من عمره أكمل تدريبه في وحدة دوفدوفان للنخبة قبل ثلاثة أشهر فقط من مقتل الصحفية. وقال نيسنباوم لوكالة فرانس برس: «لقد أطلق النار عليها عمدا. لا شك في ذلك. السؤال هو: هل كان يعلم أنها صحفية أو كان يعلم أنها شيرين أبو عاقلة؟ هل كان ذلك أمرا من سلطة أعلى؟». وأضاف: «شخصيا، لا أعتقد أنه كان أمرا، ولا أعتقد أنه كان يعلم أنها شيرين. لم يُشر أحد على الإطلاق إلى أنه كان قادرا على معرفة أنها شيرين. لكنها كانت ترتدي سترة زرقاء واقية من الرصاص كُتب عليها (صحافة)».
وتحدث مسؤول كبير في إدارة الرئيس الأمريكي آنذاك جو بايدن في الفيلم من دون كشف هويته، قائلا: «الأدلة (تشير) إلى أنه كان قتلا عمدا لشيرين أبو عاقلة. إذا كانوا يعلمون هويتها أم لا هو أمر قابل للنقاش، لكنهم كانوا يعلمون قطعا أنها كانت إعلامية، أو من غير المقاتلين على أقل تقدير». وأدان متحدث باسم الجيش الإسرائيلي الكشف غير المصرح به عن هوية الجندي، على الرغم من عدم وجود «تحديد قطعي» لهوية قاتل أبو عاقلة. وأضاف أن الجندي المشتبه فيه «قضى خلال نشاط عملياتي».
وفي البدء، رجح نيسنباوم أن سكاجيو قتلَ خلال المعارك في غزة، لكنه خلص الى أنه قضى في السابع والعشرين من يونيو 2024 في جنين، بعد مرور أكثر من سنتين على مقتل أبو عاقلة. وبحسب معدّي الوثائقي، لم تضغط واشنطن بالقدر الكافي على إسرائيل في هذه القضية خوفا من إثارة غضب حليفتها. وقال السيناتور الديمقراطي كريس فان هولن إنه طلب من بايدن رفع السرية عن مستندات متعلقة بقتل أبو عاقلة، لكنه لم يلق جوابا.
وقالت لجنة حماية الصحفيين إنها «المرة الأولى التي يسمّى فيها مشتبه فيه محتمل في قضية قتل إسرائيل لصحفي»، وفقا لسجلاتها التي تعود الى عام 1992. واعتبرت أن الإفلات من العقاب في هذه القضية «منح إسرائيل عمليا إذنا لإسكات مئات» الصحفيين الآخرين. وأكد مكتب مفوضية الأمم المتّحدة السامية لحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية مطلع مايو أنه تحقق بشكل مستقل من مقتل 211 صحفيا في قطاع غزة منذ اندلاع الحرب بين إسرائيل وحماس في السابع من أكتوبر 2023، بينهم 28 امرأة.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك