تقرير: وليد دياب
شهد التاريخ لمملكة البحرين كونها سباقة في مجال حقوق الإنسان ودعم العمال، ولا سيما المواطنين منهم، ويُستدل على ذلك بإصدارها قانونا ينظم حقوق العمال منذ سبعينيات القرن الماضي متمثلاً بالمرسوم بقانون رقم (23) لسنة 1976 بشأن قانون العمل في القطاع الأهلي الذي تم إلغاؤه بموجب القانون رقم (36) لسنة 2012 بإصدار قانون العمل في القطاع الأهلي.
دور القضاء في القضايا العمالية
وقالت عضو مجلس الشورى المحامية دلال الزايد رئيس لجنة الشؤون التشريعية والقانونية في تصريح لـ«أخبار الخليج» إن دستور مملكة البحرين أولى عناية خاصة بالعمل والعمال بإيراده نصوصا توجيهية تكفل وتنظم هذه الحقوق، مؤكدة أن مملكة البحرين مؤشراتها دائما في تقدم على مستوى منظمتي العمل العربية والدولية، نتيجة للتشريعات العمالية وتعديلاتها وإنفاذ القانون، منوهة أيضا بدور السلطة القضائية في بسط الرقابة القضائية لكفالة وضمان تلك الحقوق وسرعة البت في القضايا العمالية واعتبارها وفق القانون من الديون الممتازة.
وأشارت الزايد إلى أن مملكة البحرين منحت الحرية لتشكيل النقابات العمالية والانضمام إليها، ووفرت لها الدعم والضمانات الكافية لممارسة أعمالها، ونتيجة لذلك نجد عددا من النقابات في المملكة.
نقلة نوعية في تنظيم حقوق العمال
وأوضحت أن المشرع البحريني استحدث مجموعة من القوانين التي ترمي لتحقيق أهدافه في دعم المواطنين العاملين في القطاعين العام والخاص، واصفة قانون العمل في القطاع الأهلي الصادر بموجب القانون رقم (36) لسنة 2012 شكل نقلة نوعية وإعادة هيكلة للقطاع الخاص عبر تنظيم حقوق العمال، فقد أعفى العمال من الرسوم القضائية في الدعاوى العمالية، وبطلان كل صلح أو شرط يتضمن انتقاصاً من حقوق العامل.
وأضافت أيضا أن القانون منح العمال حق الإضراب عن العمل للدفاع عن مصالحهم وفق الضوابط التي يحددها القانون، وقيد أسماء المواطنين القادرين على العمل والراغبين فيه في سجل خاص بذلك لاتخاذ الوزارة المعنية الإجراءات اللازمة للعمل على «توظيفهم»، وألزم صاحب العمل بتوفير وسائل النقل المناسبة وما يلزم من الوجبات الغذائية المناسبة والمساكن الملائمة، وأيضا إلزام صاحب العمل بإعطاء العامل شهادة الخدمة عند طلبها.
وتطرقت إلى تنظيم تشغيل الأحداث ومنح النساء العاملات إجازة الوضع مدفوعة الأجر، وفترات الرعاية بعد الانتهاء من إجازة الوضع وذلك حتى يبلغ الطفل عامه الأول، وحظر التمييز في الأجور بسبب اختلاف الجنس، أو الأصل، أو اللغة، أو الدين، أو العقيدة، وتنظيم ساعات العمل والراحة والإجازات، والتعويض عن إصابات العمل وأمراض المهنة.
وتابعت أيضا أن القانون نظم إنهاء عقد العمل، والإنهاء التعسفي لعقد العمل واستحقاق العامل للتعويض، كما نص على إنشاء جهاز فض منازعات العمل الفردية، ونظر الدعوى العمالية أمام قاضي إدارة الدعوى العمالية، وإلزام صاحب العمل بتوفير وسائل السلامة والصحة المهنية، مضيفة أن القانون أورد عقوبات رادعة على مخالفة أحكامه متمثلة بالغرامات التي يتراوح مقدار أغلبها بين مائتي وخمسمائة دينار، أو الحبس أو الغرامة التي لا تجاوز ألف دينار في أقصى تلك الحالات.
أهم التعديلات على قانون العمل
من جانبه قال الخبير القانوني المحامي فريد غازي لـ«أخبار الخليج» إن قانون العمل الصادر في 2012 بموجب مرسوم بقانون رقم 36 لقانون العمل احتوى تقريبا على حوالي 8 تعديلات مست عصب الحياة الوظيفية والعمالية في مملكة البحرين، معتبرا أن التعديل الذي تم في 2018 بإضافة المادة 2 مكررا التي تنص على أن يحظر التمييز بين العمال الخاضعين لأحكام هذا القانون بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة، من اهم التعديلات في التشريع العمالي للمملكة، مشيرا إلى أن هذا التعديل يتوافق ويتماشى مع تقدم مملكة البحرين في مجال حماية وتعزيز حقوق الانسان وأن هذه المادة جاءت مصداقا لهذه النظرة الحقوقية في مملكة البحرين.
وتطرق إلى أن التعديل الآخر الذي تم في 2014 حول تسمية المادة 11 التي عدلت لتصبح «وتحديد أصناف النقابي المعني الذي يحدده الوزير»، وهو يتعلق بقرار تحديد اشتراطات ومواصفات النقابي المعني الذي يحدده الوزير.
ولفت إلى أن التعديل الثالث يتعلق بإلغاء المادتين 30 و31 من التشريع العمالي لصالح تشغيل النساء في البحرين، حيث نصت المادة 30 على أن يصدر الوزير قرارا بتحديد الأحوال والاعمال والمناسبات التي لا يجوز فيها تشغيل النساء ليلا، كما نصت المادة 31 على ان يصدر الوزير بعد أخذ رأي الجهات المعنية قرارا بتحديد الأعمال التي يحظر تشغيل النساء فيها.
كما ذكر تعديل المادة 39 بإضافة فقرة تحظر التمييز في الأجور بين العمال والعاملات في العمل ذي القيمة المتساوية، وتعديل المادة 40 من قانون العمل بتعزيز الضمانات الخاصة بالمستحقات العمالية المترتبة على الاجر والحقوق اللصيقة في حالة انهاء عمل العامل، مضيفا ان المشرع أضاف ضمانة في المادة 46 من القانون مهمة جدا، التي نصت على:
أ- لا تبرأ ذمة صاحب العمل من الأجر إلا إذا قام بسداده للعامل وفقاً للآلية التي يصدر بتحديدها قرار من الوزير، على أن تتضمن هذه الآلية إجراءات وضوابط سداد أجور العمال والمعلومات اللازم تقديمها للجهات المعنية للتحقق من ذلك.
ب- تلتزم الجهات العامة والخاصة بالإفصاح للجهات المعنية عن المعلومات المتعلقة بسداد أجور العمال بالقدر اللازم للتحقق من سدادها، وذلك وفقاً للضوابط المحددة في القرار المشار إليه في الفقرة (أ) من هذه المادة.
وأكد غازي أن هذه المادة تمثل إضافة نوعية في القانون لصالح حماية حقوق العمال في البحرين.
ثم أشار إلى تعديل آخر مهم جاء في المادة 110 من القانون بإضافة تفاصيل متعلقة بإغلاق المنشأة التي جاءت لصالح العامل، مبينا ان هناك تعديلا اخر في 2018 بالنسبة إلى المادة 185 عقوبات التي اضافت وعدلت عقوبات لمن يخالف المواد 2 مكررا و19 و20 من هذا القانون، كما اضافت حماية للمجتمع من أي مخالفة للقانون من الجانب العمالي سواء للعامل أو صاحب العمل.
نهج ثابت في دعم حقوق العمال
من جانبه أكد النائب محمد سلمان الأحمد عضو لجنة الشؤون التشريعية والقانونية بمجلس النواب لـ«أخبار الخليج» أن مملكة البحرين، بقيادتها الرشيدة وتعاون السلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية، أرست نهجًا ثابتًا في دعم حقوق العمال وتحقيق التوازن في العلاقة العمالية، انطلاقًا من إيمانها بالأهمية البالغة لدعم الكادر الوطني في بناء الدولة، موضحا أن مجلس النواب، ضمن شراكته الفاعلة مع الحكومة، أقرّ وساند مجموعة من المبادرات والمقترحات التي أسهمت بشكل مباشر في تحسين بيئة العمل وظروف العاملين، منها تخصيص 200 مليون دينار من صندوق التأمين ضد التعطل لدعم الأجور وبرامج التدريب والتوظيف، وتمديد دعم رواتب البحرينيين العاملين في القطاع الخاص خمس سنوات، عبر برامج «تمكين»، ورفع الحد الأدنى لأجور البحرينيين في القطاع الخاص إلى 500 دينار لحملة الشهادات الجامعية و350 دينارا لحملة الثانوية، وزيادة علاوة تحسين المعيشة للموظفين المدنيين في الحكومة بواقع 40 دينارًا شهريًا.
الدفاع عن حقوق العامل البحريني
كما أشار الأحمد إلى عدد من المقترحات التي أُقرّت من قبل المجلس دعماً للعمال، من بينها صرف علاوة تحسين المعيشة للقطاع الخاص أسوة بالقطاع الحكومي، الذي لا يزال محل بحث، وإعادة توجيه برامج «تمكين» لتشمل أوسع شريحة من المواطنين الباحثين عن العمل، مؤكدا أن مجلس النواب رئيساً وأعضاءً أبدى اهتماماً كبيرا بملف فصل الموظفين، مثل مفصولي شركة «هنقرستيشن» الذي شكّل نموذجًا لتجاوزات بعض الشركات التي استغلت الدعم الحكومي ثم أنهت خدمات المواطنين بشكل جماعي، مشيرًا إلى أن وزارة العمل باشرت توظيف عدد كبير من المسرحين، مع استمرار المتابعة لبقية الحالات، حمايةً لحقوقهم واستقرارهم المهني.
وأوضح أيضا أنه لا يمكن إغفال دور السلطة القضائية في حماية المفصولين وتعويضهم التعويض العادل بحسب قانون العمل في القطاع الأهلي، حيث كان لدور القضاء أثر بالغ في انصاف الحالات الفردية من المفصولين بشكل غير قانوني، كما أبدت الحكومة تعاونا كبيرا في أوضاع الموظفين المؤقتين في الجهات الحكومية.
أما بشأن المشتركين في برنامج «خطوة» فأكد أن السلطتين التنفيذية والتشريعية كان لهما دور كبير في هذا الملف، نظرًا إلى ما يتطلبه من معالجة قانونية تضمن تحقيق أهداف البرنامج من دون الإضرار بمصالح المنتسبين إليه، وخاصة فيما يتعلق بالاستدامة والتأمين الاجتماعي.
وختم الأحمد تصريحه بتأكيد أن الدفاع عن حقوق العامل البحريني واجب وطني ودستوري، وأن مجلس النواب سيظل داعمًا لكل ما من شأنه أن يحمي العامل ويوفر له بيئة كريمة وآمنة في ظل التوجيهات السامية لحضرة صاحب الجلالة المعظم.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك