المحكمة توضح حدود الإلزام والتنفيذ.. وتؤكد خضوعه لرقابتها للتأكد من سلامته
أرست محكمة التمييز الدائرة الأولى التجارية والإدارية، مبدأ قانونيا مهما يؤكد أن اتفاق أطراف النزاع على "رأي الخبير الملزم" هو إحدى الوسائل البديلة لفض النزاعات، وأن عمل الخبير لفض النزاعات يخضع للقواعد العامة في القانون المدني كسائر العقود الرضائية، طالما لم يخرج عن الإطار الذي رسمه القانون أو ان يكون هناك انحياز ظاهر أو غش، وطالما كان الاتفاق بين طرفي النزاع على الالتزام برأي الخبير لا يخالف النظام العام في البحرين، مؤكدا في ذات الوقت أن الاتفاق على الالتزام برأي الخبير لا يحصن ذلك الرأي من الرقابة القضائية للتحقق من سلامة ما خلص إليه في تقريره.
جاء ذلك في حيثيات حكمها برفض طعن شركة مقاولات على حكم سداد أكثر من 14 ألف دينار والفائدة القانونية بسبب إخلالها في بناء 2 فيلا بقيمة 80 ألف دينار لصالح عميل، حيث اتفقت الشركة والعميل على اللجوء إلى خبير فني يفصل في النزاع بينهما في المسائل الفنية يكون رأيه ملزما لهما وسندا تنفيذيا، وبعد أن قدم الخبير المعين تقريرا وانتهى إلى استحقاق العميل المبلغ امتنعت الشركة عن التنفيذ، واستأنفت على الخبير أمام محكمة أول درجة والاستئناف، ورفض استئنافها فطعنت أمام محكمة التمييز، مدعية أن رأي الخبير فني وليس قانونيا وأن تقريره لا يقيد محكمة الموضوع ويخضع لسلطتها التقديرية ولم تتوافر بالتقرير مقومات حكم تحكيم كما نظمه القانون.
إلا أن محكمة التمييز أكدت أن هذا النعي غير سديد وقالت إن رأي الخبير الملزم اتفاقا هو إحدى الوسائل لفض النزاعات مصدره الاتفاق بين الأطراف على خبير أو أكثر ليقوم بعمل فني ويقرر فيه، وهو عمل تقديري يخضع للقانون العام في القانون المدني كسائر العقود الرضائية.
كما أشارت الى ان رأي الخبير لا يصلح أن يكون بذاته سندا تنفيذيا حتى لو اتفق الخصوم على ذلك او تم توثيق ذلك العقد ولا يمكن لسند أن يأخذ صيغة السند التنفيذي خارج الإطار الذي رسمه القانون، وأن هذا الاتفاق لا يحجب القضاء عن نظر النزاع والفصل فيه إذ ان اتفاق الأطراف على الالتزام برأي الخبير لا يعني أن أحد الأطراف قد تنازل عن حقه في اللجوء إلى القضاء، وهذا الاتفاق لا يحصن رأي الخبير من الرقابة القضائية للتحقق من سلامة ما خلص إليه في قراره، وإنما يقتصر دور القضاء على التحقق من سلامة محل الالتزام الذي ارتضاه الأطراف.
وقالت المحكمة إن ذلك لا يخالف المادة 142 من القانون رقم 28 لسنة 2021 بشأن تعديل قانون الاثبات في المواد المدنية والتجارية والتي نصت على أن رأي الخبير لا يلزم المحكمة. إن اتفاق الأطراف على تعيين خبير مشترك وفق المادة 133 من ذات القانون لإبداء رأي فني قبل رفع الدعوى أو اثناءها هو حالة تغاير حالة الاتفاق على أن يكون تقرير الخبير المعين ملزما لهم.
وأكدت أن طرفي الدعوى أكدا في اتفاقية الخبير بينهما أن تقرير الخبير ملزم بنتيجته أمام محاكم البحرين، وهو دليل علة نيتهما إلى تعيين خبير رأيه ملزم لهما، وقد أبدى الخبير رأيه في الدعوى بأحقية المدعي بمبلغ المطالبة وكان ذلك الاتفاق لا يخالف النظام العام فيكون ما انتهى إليه صادف صحيح القانون وطبق قانون العاقدين تطبيقا صحيحا.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك