العدد : ١٧١٩٢ - الجمعة ١٨ أبريل ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٠ شوّال ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧١٩٢ - الجمعة ١٨ أبريل ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٠ شوّال ١٤٤٦هـ

عربية ودولية

مسعف فلسطيني يروى الصدمة التي عاشها لدى استشهاد 15 من زملائه في قطاع غزة

الجمعة ١١ أبريل ٢٠٢٥ - 02:00

الأراضي‭ ‬الفلسطينية‭ ‬‭ (‬أ‭ ‬ف‭ ‬ب‭): ‬روى‭ ‬المسعف‭ ‬الفلسطيني‭ ‬منذر‭ ‬عابد‭ ‬لوكالة‭ ‬فرانس‭ ‬برس‭ ‬الساعات‭ ‬‮«‬المروعة‮»‬‭ ‬التي‭ ‬عاشها‭ ‬عندما‭ ‬رأى‭ ‬جنودا‭ ‬إسرائيليين‭ ‬يطلقون‭ ‬النار‭ ‬على‭ ‬موكب‭ ‬إسعاف‭ ‬ويقتلون‭ ‬15‭ ‬من‭ ‬زملائه‭ ‬في‭ ‬مارس‭ ‬في‭ ‬جنوب‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭. ‬

وعابد‭ (‬45‭ ‬عاما‭) ‬هو‭ ‬الناجي‭ ‬الوحيد‭ ‬من‭ ‬المجزرة‭ ‬التي‭ ‬حصلت‭ ‬فجر‭ ‬23‭ ‬مارس‭ ‬والذي‭ ‬استشهد‭ ‬فيها‭ ‬مسعفون‭ ‬من‭ ‬الهلال‭ ‬الأحمر‭ ‬الفلسطيني‭ ‬والدفاع‭ ‬المدني‭ ‬وموظف‭ ‬في‭ ‬وكالة‭ ‬غوث‭ ‬اللاجئين‭ ‬الفلسطينيين‭ (‬أونروا‭)‬،‭ ‬بينما‭ ‬كانوا‭ ‬متوجهين،‭ ‬وفق‭ ‬ما‭ ‬أعلن‭ ‬الهلال‭ ‬الأحمر،‭ ‬تلبية‭ ‬لنداء‭ ‬بعد‭ ‬ضربة‭ ‬إسرائيلية‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬رفح‭. ‬

ويقول‭ ‬عابد‭ ‬‮«‬هذا‭ ‬يوم‭ ‬لا‭ ‬أنساه‭ ‬طول‭ ‬حياتي،‭ ‬بسبب‭ ‬العذاب‭ ‬الذي‭ ‬رأيته‭ ‬وعشته‮»‬،‭ ‬مضيفا‭ ‬‮«‬خفت‭ ‬كثيرا‭ ‬أن‭ ‬يقتلوني‮»‬‭. ‬

ويروي‭ ‬أنه‭ ‬كان‭ ‬تحرّك‭ ‬في‭ ‬مركبة‭ ‬إسعاف‭ ‬أولى‭ ‬مع‭ ‬السائق‭ ‬مصطفى‭ ‬الخواجة‭ ‬والمسعف‭ ‬عز‭ ‬الدين‭ ‬شعت،‭ ‬بعد‭ ‬تلقّي‭ ‬اتصال‭ ‬بوجود‭ ‬إصابات‭ ‬في‭ ‬حي‭ ‬الحشاشين‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬تل‭ ‬السلطان‭ ‬غرب‭ ‬رفح‭. ‬

ويتابع‭ ‬الرجل‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬تحت‭ ‬تأثير‭ ‬الصدمة،‭ ‬أن‭ ‬السيارة‭ ‬أضاءت‭ ‬مصابيحها‭ ‬وأطلقت‭ ‬صفارتها‭. ‬ويقول‭ ‬‮«‬فجأة،‭ ‬بدأ‭ ‬إطلاق‭ ‬نار‭ ‬كثيف‭ ‬ومباشر‭ ‬على‭ ‬المركبة‭. ‬أخذت‭ ‬وضعية‭ ‬الانبطاح‭ ‬في‭ ‬الخلف‭ ‬لحماية‭ ‬نفسي‮»‬‭. ‬

ويضيف‭ ‬بحزم‭ ‬‮«‬لم‭ ‬أسمع‭ ‬صوت‭ ‬زميلَي،‭ ‬سمعت‭ ‬صوت‭ ‬شهيق‭ ‬الموت‭. ‬كان‭ ‬الأمر‭ ‬مروّعا‮»‬‭. ‬

لم‭ ‬يجرؤ‭ ‬على‭ ‬استخدام‭ ‬هاتفه‭. ‬بعدها،‭ ‬يقول‭ ‬إنه‭ ‬سمع‭ ‬أشخاصا‭ ‬يتكلمون‭ ‬باللغة‭ ‬العبرية‭. ‬

‮«‬فُتح‭ ‬باب‭ ‬المركبة،‭ ‬وإذا‭ ‬بعناصر‭ ‬من‭ ‬القوات‭ ‬الخاصة‭ ‬للاحتلال‭ ‬مسلحين‭ ‬وبلباسهم‭ ‬العسكري،‭ ‬يسحبونني‭ ‬وينزلوني‭ ‬من‭ ‬المركبة‮»‬‭. ‬

ويتابع‭ ‬‮«‬وضعوا‭ ‬رأسي‭ ‬نحو‭ ‬الأرض،‭ ‬ثم‭ ‬جرّدوني‭ ‬من‭ ‬ملابسي‭ ‬كلها‭. ‬قاموا‭ ‬بالتحقيق‭ ‬معي‭ ‬وضربوني‭ ‬بالسلاح‭ ‬على‭ ‬ظهري‭ ‬وصدري‭ ‬وقدمي‮»‬‭. ‬

في‭ ‬هذا‭ ‬الوقت،‭ ‬يروي‭ ‬أنه‭ ‬رأى‭ ‬مركبة‭ ‬للدفاع‭ ‬المدني‭ ‬الفلسطيني‭ ‬تصل‭ ‬الى‭ ‬المكان،‭ ‬مؤكدا‭ ‬أن‭ ‬الجنود‭ ‬أطلقوا‭ ‬النار‭ ‬عليها‭. ‬

ويتابع‭ ‬عابد‭: ‬‮«‬لم‭ ‬أعرف‭ ‬مصير‭ ‬زملائي‭ ‬حينها‭. ‬هل‭ ‬هم‭ ‬أحياء‭ ‬أم‭ ‬شهداء‮»‬،‭ ‬مضيفا‭ ‬أنه‭ ‬شعر‭ ‬‮«‬ببعض‭ ‬الطمأنينة‭ ‬عندما‭ ‬سمع‭ ‬‮«‬رنين‭ ‬هاتف‭ ‬زميل‭ ‬كان‭ ‬معنا‭... ‬اعتقدت‭ ‬أن‭ ‬أحدا‭ ‬منهم‭ ‬ما‭ ‬زال‭ ‬على‭ ‬قيد‭ ‬الحياة‮»‬‭. ‬

خلال‭ ‬فترة‭ ‬وجوده‭ ‬مع‭ ‬الجنود،‭ ‬يقول‭ ‬إنه‭ ‬شاهد‭ ‬المسعف‭ ‬أسعد‭ ‬المناصرة‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬مصيره‭ ‬مجهولا‭. ‬كان‭ ‬الجنود‭ ‬يحتجزونه‭ ‬أيضا‭. ‬‮«‬كان‭ ‬مجرّدا‭ ‬من‭ ‬ملابسه‭ ‬وجالسا‭ ‬على‭ ‬ركبتيه‭ ‬ومعصوب‭ ‬العينين‮»‬‭. ‬

وأثارت‭ ‬العملية‭ ‬تنديدا‭ ‬دوليا‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬من‭ ‬المنظمات‭ ‬الإنسانية‭ ‬والدولية‭. ‬

وعثر‭ ‬على‭ ‬الشهداء‭ ‬بعد‭ ‬أيام،‭ ‬وكانت‭ ‬الجثث‭ ‬مدفونة‭ ‬تحت‭ ‬التراب‭. ‬

وقال‭ ‬مكتب‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬لتنسيق‭ ‬الشؤون‭ ‬الإنسانية‭ (‬أوتشا‭) ‬إنّ‭ ‬‮«‬فريقا‭ ‬أول‭ ‬من‭ ‬المسعفين‭ ‬قتل‭ ‬بنيران‭ ‬القوات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬في‭ ‬23‭ ‬مارس،‭ ‬وإن‭ ‬فرق‭ ‬طوارئ‭ ‬وإسعاف‭ ‬أخرى‭ ‬تعرّضت‭ ‬للهجوم‭ ‬الواحدة‭ ‬تلو‭ ‬الأخرى‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬ساعات‭ ‬أثناء‭ ‬بحثها‭ ‬عن‭ ‬زملائها‭ ‬المفقودين‮»‬‭.‬

وأقرّ‭ ‬الجيش‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬بإطلاق‭ ‬النار،‭ ‬لكنه‭ ‬قال‭ ‬إنه‭ ‬فعل‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬اتجاه‭ ‬‮«‬إرهابيين‮»‬‭ ‬و«سيارات‭ ‬مشبوهة‮»‬‭ ‬كانت‭ ‬تتحرك‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬تخطر‭ ‬السلطات‭ ‬الاسرائيلية‭ ‬مسبقا،‭ ‬وقد‭ ‬أطفأت‭ ‬أضواءها‭. ‬

إلا‭ ‬أن‭ ‬الهلال‭ ‬الأحمر‭ ‬الفلسطيني‭ ‬نشر‭ ‬السبت‭ ‬مقطع‭ ‬فيديو‭ ‬عثر‭ ‬عليه‭ ‬على‭ ‬هاتف‭ ‬محمول‭ ‬لأحد‭ ‬المسعفين‭ ‬وكان‭ ‬الى‭ ‬جانب‭ ‬جثته،‭ ‬يُظهر‭ ‬سيارات‭ ‬إسعاف‭ ‬تحمل‭ ‬شارات‭ ‬واضحة‭ ‬وقد‭ ‬أضاءت‭ ‬مصابيحها،‭ ‬تسير‭ ‬على‭ ‬الطريق‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬تتوقف‭ ‬ويبدأ‭ ‬إطلاق‭ ‬نار‭ ‬كثيف‭. ‬

واتهم‭ ‬الهلال‭ ‬الأحمر‭ ‬الفلسطيني‭ ‬القوات‭ ‬إسرائيلية‭ ‬بإطلاق‭ ‬النار‭ ‬على‭ ‬الجزء‭ ‬العلوي‭ ‬من‭ ‬أجساد‭ ‬المسعفين‭ ‬‮«‬بغرض‭ ‬القتل‮»‬‭. ‬

وأوعز‭ ‬رئيس‭ ‬الأركان‭ ‬إيال‭ ‬زامير‭ ‬الاثنين‭ ‬بـ«تعميق‮»‬‭ ‬التحقيق‭ ‬في‭ ‬العملية‭. ‬

في‭ ‬تل‭ ‬السلطان،‭ ‬شاهد‭ ‬منذر‭ ‬عابد،‭ ‬وفق‭ ‬ما‭ ‬يروي،‭ ‬‮«‬دبابات‭ ‬إسرائيلية‭ ‬تحيط‭ ‬بالمنطقة‭ ‬وطائرات‭ ‬مسيرة‭ ‬من‭ ‬نواع‭ ‬كواد‭ ‬كابتر‭ ‬في‭ ‬الأجواء،‭ ‬وسمعت‭ ‬قصفا‭ ‬مرعبا‭ ‬جدا‮»‬‭. ‬

على‭ ‬مقربة‭ ‬من‭ ‬المكان،‭ ‬كان‭ ‬يسمع‭ ‬أيضا‭ ‬أصوات‭ ‬أشخاص‭ ‬يصرخون‭ ‬من‭ ‬الخوف‭. ‬

ويقول‭ ‬‮«‬بعد‭ ‬ذلك،‭ ‬جاء‭ ‬ضابط،‭ ‬فكّ‭ ‬الرباط‭ ‬من‭ ‬يدي،‭ ‬وألبسني‭ ‬سترة‭ ‬وسروالا‭ ‬وقال‭ ‬لي‭: ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تساعدنا‮»‬‭. ‬

وتوجّه‭ ‬عابد‭ ‬إلى‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬النازحين‭ ‬وعرّفهم‭ ‬على‭ ‬نفسه‭ ‬‮«‬حتى‭ ‬لا‭ ‬يخافوا‭. ‬كان‭ ‬الأطفال‭ ‬يصرخون‭ ‬كثيرا،‭ ‬وحاولت‭ ‬تهدئتهم‮»‬‭. ‬وبناء‭ ‬على‭ ‬طلب‭ ‬الضابط‭ ‬الإسرائيلي،‭ ‬أبلغ‭ ‬عابد‭ ‬النازحين‭ ‬‮«‬أن‭ ‬ينقسموا‭ ‬إلى‭ ‬فئتين،‭ ‬فئة‭ ‬ذكور‭ ‬وكبار‭ ‬في‭ ‬السن،‭ ‬وفئة‭ ‬نساء‭ ‬وأطفال‮»‬‭. ‬

ثم‭ ‬سأل‭ ‬عابد‭ ‬الضابط‭ ‬إن‭ ‬كانوا‭ ‬سيفرجون‭ ‬عنه،‭ ‬فردّ‭ ‬‮«‬سوف‭ ‬نتحرّى‭ ‬عنك‭ ‬ونرى‭ ‬ملفك‮»‬‭. ‬وأُفرج‭ ‬عنه‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬لاحق،‭ ‬وعاد‭ ‬الى‭ ‬خان‭ ‬يونس‭ ‬في‭ ‬جنوب‭ ‬القطاع‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا