القراء الأعزاء،
يقول الله تعالى في الآية 70 من سورة النحل: «والله خلقكم ثم يتوفاكم ومنكم من يُرد إلى أرذل العمر لكي لا يعلم بعد علم شيئا إن الله عليم قدير»، في إشارة قرآنية إلى مرحلة الخرف التي يصل إليها البعض ممن بلغوا من العمر عتيّا، ومن المعلوم أن الآية الكريمة قد تطرقت إلى مرحلة الخرف التي تنطوي على أعراض متعددة تصيب قدرة الإنسان على التفكير وتنال من ذاكرته وتؤثر على قدراته الاجتماعية فيتلاشى علمه ومعلوماته ومعرفته حتى يُصبح لا يعلم شيئا بعد أن كان عليماً كنتيجة للتدهور العقلي الذي يُصيب ما يُقارب من الستين مليون شخص حول العالم.
ومثل هذه المرحلة لا يعاني منها سوى أحبّة المصابين بها، إذ لكم أن تتصوروا حجم الألم الذي يعانيه ذوو قُربى شخص كان ذا علم وفكر ورأي سديد وعوناً لأهله وصحبه، حين يعايشونه وهو فاقد لكل تلك القدرات الفكرية واللغوية والاجتماعية بشكل قد يكون مُهينا لوجوده وتاريخه.
لذا بارك الله في شخص أخذ على عاتقه مهمة المضي قُدماً نحو محاولة إيجاد حلول وقائية وعلاجية لمكافحة الخرف متّخذاً من ضوء تطور الأبحاث العلمية الذي يلوح في نهاية نفق الخوف والقلق من مرحلة التدهور العقلي للبشرية، إذ بادر بطل سباق السيارات الإنجليزي (السير جاكي ستيوارت) إلى تأسيس جمعية خيرية عالمية تحت مسمى (سباق ضدّ الخرف) لنشر الوعي بهذا المرض، إذ تبيّن أن أسباب الإصابة بالخرف مازالت غير دقيقة ومؤكدة حتى الآن نظراً إلى تأخر الأبحاث العلمية المتعلقة به عن مجالات الأبحاث الطبية الأخرى، مُتّخذاً من الزخم الرياضي العالمي الذي تحظى به صناعة سيارات السباق المتطورة بوتيرة متسارعة ورياضة سباق السيارات العالمية وسيلة للإفادة في دعم وتعزيز وتسريع الأبحاث العلمية للوصول السريع إلى أفضل الوسائل الوقائية من المرض وسرعة تشخيصه وعلاجه من خلال تمويل الأبحاث العلمية الخاصة به وتشجيع الباحثين ولا سيما الشباب منهم على الاجتهاد في هذا الجانب، وقد حظيت الجمعية بدعمٍ رسمي من الفورمولا وان.
ومن الدعم العالمي إلى مملكة البحرين، حيث بادرت السفارة البريطانية في المملكة بالتعاون مع حلبة البحرين الدولية، واللجنة الأولمبية البحرينية، والفورمولا1 لاستضافة فعالية خيرية خاصة لجمع التبرعات لصالح الجمعية أمس السبت تحت مسمى (سباق ضد الخرف)، بحضور حشود هائلة من المهتمين بموضوع الفعالية وبدعمه، حيث حقق ذلك الحضور نجاحاً كبيراً للفعالية كما يليق بأهدافها النبيلة وسط أجواء من المتعة والفائدة، بجانب ما حظيت به من دعم بحريني كبير على جميع المستويات الرسمية والأهلية المؤسسية والفردية.
ويُعد جمع التبرعات هو الوسيلة التي توصل الجمعية إلى أهدافها، لذا شكراً لكل من دعم الفعالية، وفي رأيي الشخصي أن باب التبرع لمثل هذه الاعمال الإنسانية يبقى دائماً مُشرّعاً على مصراعيه لمن يرغب في معاونة الجمعية على تحقيق أهدافها التي قد يكون أحد أحبتكم مستفيداً منها يوماً ما.
شكراً للسفارة البريطانية على تبنّيها لهذه الفعالية وإسهامها في دعم الركيزة المهمة من ركائز المشروع الإصلاحي لحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم، وهي حماية وتعزيز حقوق الإنسان، وأن كفالة حق الإنسان في الصحة البدنية والذهنية والعقلية تعتبر من أهم حقوق الانسان التي ترتكز عليها حقوق أخرى كثيرة، شكراً لسعادة السفير السيد أليستر لونج وجميع معاونيه، وشكرا لحلبة البحرين الدولية، ولرئيسها التنفيذي الشيخ سلمان بن عيسى آل خليفة ومعاونيه.
Hanadi_aljowder@hotmail.com
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك