العدد : ١٧١٦٨ - الثلاثاء ٢٥ مارس ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٥ رمضان ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧١٦٨ - الثلاثاء ٢٥ مارس ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٥ رمضان ١٤٤٦هـ

مقالات

خطط خماسية لتقليل البطالة وتعزيز الاستدامة الاقتصادية

بقلم: رجل الأعمال المهندس إسماعيل الصراف

الأحد ٢٣ مارس ٢٠٢٥ - 02:00

مواجهة‭ ‬البطالة‭ ‬ليست‭ ‬مجرد‭ ‬سياسة‭ ‬قصيرة‭ ‬المدى،‭ ‬بل‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬رؤية‭ ‬استراتيجية‭ ‬تضمن‭ ‬استدامة‭ ‬فرص‭ ‬العمل‭ ‬وتحقيق‭ ‬التوازن‭ ‬في‭ ‬سوق‭ ‬العمل‭. ‬في‭ ‬البحرين،‭ ‬يمكن‭ ‬تبني‭ ‬خطط‭ ‬خماسية‭ ‬تعتمد‭ ‬على‭ ‬استراتيجيات‭ ‬متكاملة‭ ‬تسهم‭ ‬في‭ ‬تقليل‭ ‬البطالة‭ ‬بشكل‭ ‬مستدام،‭ ‬مع‭ ‬تعزيز‭ ‬الاستقرار‭ ‬الاقتصادي‭ ‬وضمان‭ ‬أن‭ ‬فرص‭ ‬التوظيف‭ ‬تواكب‭ ‬التطورات‭ ‬الحديثة‭ ‬في‭ ‬القطاعات‭ ‬المختلفة‭.‬

أحد‭ ‬المحاور‭ ‬الأساسية‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الخطة‭ ‬هو‭ ‬تقليل‭ ‬خروج‭ ‬الأموال‭ ‬إلى‭ ‬الخارج‭ ‬عبر‭ ‬تعزيز‭ ‬بيئة‭ ‬الأعمال‭ ‬المحلية،‭ ‬حيث‭ ‬يمكن‭ ‬تشجيع‭ ‬الاستثمار‭ ‬الداخلي‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تحفيز‭ ‬الشركات‭ ‬الأجنبية‭ ‬على‭ ‬إعادة‭ ‬تدوير‭ ‬أرباحها‭ ‬داخل‭ ‬البحرين‭ ‬بدلًا‭ ‬من‭ ‬تحويلها‭ ‬إلى‭ ‬الخارج‭. ‬يمكن‭ ‬تحقيق‭ ‬ذلك‭ ‬عبر‭ ‬تقديم‭ ‬حوافز‭ ‬مالية،‭ ‬وتسهيل‭ ‬إعادة‭ ‬استثمار‭ ‬الأرباح‭ ‬في‭ ‬مشاريع‭ ‬محلية،‭ ‬وتشجيع‭ ‬الشركات‭ ‬المتعددة‭ ‬الجنسيات‭ ‬على‭ ‬إنشاء‭ ‬مراكز‭ ‬إقليمية‭ ‬في‭ ‬المملكة‭ ‬توفر‭ ‬وظائف‭ ‬عالية‭ ‬الجودة‭ ‬للمواطنين‭ ‬البحرينيين‭.‬

إلى‭ ‬جانب‭ ‬ذلك،‭ ‬فإن‭ ‬مراجعة‭ ‬المناهج‭ ‬التعليمية‭ ‬وتحديثها‭ ‬كل‭ ‬خمس‭ ‬سنوات‭ ‬يعدان‭ ‬عنصرًا‭ ‬محوريًا‭ ‬لضمان‭ ‬أن‭ ‬مهارات‭ ‬الخريجين‭ ‬تتماشى‭ ‬مع‭ ‬متطلبات‭ ‬سوق‭ ‬العمل‭. ‬ينبغي‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬هذه‭ ‬المراجعة‭ ‬مستندة‭ ‬إلى‭ ‬دراسات‭ ‬دقيقة‭ ‬حول‭ ‬مستقبل‭ ‬القطاعات‭ ‬الاقتصادية،‭ ‬بحيث‭ ‬تدمج‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬والمهارات‭ ‬الحديثة‭ ‬في‭ ‬التعليم‭ ‬الجامعي‭ ‬والتدريب‭ ‬المهني،‭ ‬مما‭ ‬يجعل‭ ‬الخريجين‭ ‬مؤهلين‭ ‬للعمل‭ ‬في‭ ‬وظائف‭ ‬المستقبل‭ ‬بدلًا‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬يواجهوا‭ ‬تحديات‭ ‬البطالة‭ ‬بسبب‭ ‬فجوة‭ ‬المهارات‭.‬

أما‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬التخطيط‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬لسوق‭ ‬العمل،‭ ‬فإن‭ ‬إلزام‭ ‬وزارة‭ ‬العمل‭ ‬بتقديم‭ ‬تقارير‭ ‬دورية‭ ‬عن‭ ‬احتياجات‭ ‬السوق‭ ‬إلى‭ ‬الجامعات‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يسهم‭ ‬في‭ ‬ضبط‭ ‬أعداد‭ ‬الخريجين‭ ‬بحيث‭ ‬تتناسب‭ ‬مع‭ ‬الطلب‭ ‬الفعلي‭ ‬على‭ ‬الوظائف‭. ‬هذا‭ ‬التنسيق‭ ‬بين‭ ‬وزارة‭ ‬العمل‭ ‬والجامعات‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يمنع‭ ‬تخريج‭ ‬أعداد‭ ‬زائدة‭ ‬من‭ ‬تخصصات‭ ‬مشبعة،‭ ‬ويوجه‭ ‬الطلاب‭ ‬نحو‭ ‬المجالات‭ ‬التي‭ ‬تشهد‭ ‬طلبًا‭ ‬متزايدًا،‭ ‬مثل‭ ‬التكنولوجيا،‭ ‬والهندسة،‭ ‬والتحول‭ ‬الرقمي‭.‬

إضافة‭ ‬إلى‭ ‬ذلك،‭ ‬فإن‭ ‬وضع‭ ‬معايير‭ ‬دقيقة‭ ‬لسوق‭ ‬العمل‭ ‬يضمن‭ ‬تنظيم‭ ‬العلاقة‭ ‬بين‭ ‬أصحاب‭ ‬العمل‭ ‬والموظفين،‭ ‬مما‭ ‬يساعد‭ ‬في‭ ‬تحسين‭ ‬جودة‭ ‬الوظائف‭ ‬وحماية‭ ‬حقوق‭ ‬العاملين‭. ‬من‭ ‬خلال‭ ‬وضع‭ ‬معايير‭ ‬شفافة‭ ‬تشمل‭ ‬الحد‭ ‬الأدنى‭ ‬للأجور،‭ ‬ومعايير‭ ‬الترقيات،‭ ‬ومتطلبات‭ ‬التدريب‭ ‬المستمر،‭ ‬يمكن‭ ‬للبحرين‭ ‬أن‭ ‬تخلق‭ ‬بيئة‭ ‬عمل‭ ‬أكثر‭ ‬استقرارًا‭ ‬وجاذبية‭ ‬للمواطنين‭.‬

أما‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬الوظائف‭ ‬المتخصصة‭ ‬التي‭ ‬تعتمد‭ ‬على‭ ‬مهارات‭ ‬عالية،‭ ‬فإن‭ ‬وضع‭ ‬خطة‭ ‬زمنية‭ ‬لإحلال‭ ‬البحرينيين‭ ‬في‭ ‬الوظائف‭ ‬ذات‭ ‬التخصصات‭ ‬الدقيقة‭ ‬يعد‭ ‬أمرًا‭ ‬أساسيًا‭. ‬يمكن‭ ‬تنفيذ‭ ‬ذلك‭ ‬عبر‭ ‬برامج‭ ‬تدريبية‭ ‬مكثفة‭ ‬توفر‭ ‬للبحرينيين‭ ‬المهارات‭ ‬المطلوبة‭ ‬في‭ ‬القطاعات‭ ‬الحيوية‭ ‬مثل‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬المالية،‭ ‬والهندسة،‭ ‬والطاقة‭ ‬المتجددة،‭ ‬مما‭ ‬يسهم‭ ‬في‭ ‬تقليل‭ ‬الاعتماد‭ ‬على‭ ‬العمالة‭ ‬الأجنبية‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المجالات‭ ‬على‭ ‬المدى‭ ‬الطويل‭.‬

تعزيز‭ ‬التوظيف‭ ‬المحلي‭ ‬يتطلب‭ ‬أيضًا‭ ‬تحفيز‭ ‬الشركات‭ ‬على‭ ‬استقطاب‭ ‬الكفاءات‭ ‬البحرينية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تقديم‭ ‬مزايا‭ ‬ضريبية‭ ‬للشركات‭ ‬التي‭ ‬تحقق‭ ‬معدلات‭ ‬توطين‭ ‬مرتفعة،‭ ‬وربط‭ ‬دعم‭ ‬الحكومة‭ ‬للقطاع‭ ‬الخاص‭ ‬بمعدل‭ ‬توظيف‭ ‬المواطنين‭. ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬ذلك،‭ ‬فإن‭ ‬إنشاء‭ ‬‮»‬صندوق‭ ‬تطوير‭ ‬الكفاءات‭ ‬البحرينية‮«‬‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬أداة‭ ‬قوية‭ ‬لتمويل‭ ‬برامج‭ ‬إعادة‭ ‬التأهيل‭ ‬المهني‭ ‬والتدريب‭ ‬المستمر‭ ‬للعاملين،‭ ‬مما‭ ‬يساعدهم‭ ‬على‭ ‬البقاء‭ ‬متوافقين‭ ‬مع‭ ‬احتياجات‭ ‬السوق‭..‬

تحت‭ ‬قيادة‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬المعظم،‭ ‬وبدعم‭ ‬سمو‭ ‬ولي‭ ‬العهد‭ ‬رئيس‭ ‬مجلس‭ ‬الوزراء،‭ ‬حفظهم‭ ‬الله‭ ‬ورعاهم،‭ ‬تواصل‭ ‬البحرين‭ ‬تبني‭ ‬استراتيجيات‭ ‬مستدامة‭ ‬لمعالجة‭ ‬البطالة‭ ‬بطريقة‭ ‬مبتكرة‭ ‬تضمن‭ ‬توافر‭ ‬الفرص‭ ‬للمواطنين‭ ‬البحرينيين،‭ ‬وتحقق‭ ‬التوازن‭ ‬في‭ ‬سوق‭ ‬العمل،‭ ‬مما‭ ‬يعزز‭ ‬استدامة‭ ‬الاقتصاد‭ ‬ويدعم‭ ‬رؤية‭ ‬البحرين‭ ‬لمستقبل‭ ‬أكثر‭ ‬ازدهارًا‭ ‬واستقرارًا‭.‬

ماجستير‭ ‬تنفيذي‭ ‬بالإدارة‭ ‬من‭ ‬المملكة‭ ‬المتحدة‭ (‬EMBA‭)‬

عضو‭ ‬بمعهد‭ ‬المهندسين‭ ‬والتكنولوجيا‭ ‬البريطانية‭ ‬العالمية‭ (‬MIET‭)‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا