العدد : ١٧١٦٦ - الأحد ٢٣ مارس ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٣ رمضان ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧١٦٦ - الأحد ٢٣ مارس ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٣ رمضان ١٤٤٦هـ

مقالات

النهضة العقارية
مواقف السيارات ومعارك الجيران!

بقلم: جاسم الموسوي

الأربعاء ١٩ مارس ٢٠٢٥ - 02:00

يتجه‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المشترين‭ ‬إلى‭ ‬شراء‭ ‬العقارات‭ ‬في‭ ‬المخططات‭ ‬الجديدة‭ ‬مثل‭ ‬ديار‭ ‬المحرق‭ ‬وجزيرة‭ ‬دلمونيا‭ ‬ومشروع‭ ‬مراسي‭ ‬ودرة‭ ‬البحرين‭ ‬وجزيرة‭ ‬الريف‭ ‬وأمواج‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المناطق‭ ‬الجديدة‭ ‬التي‭ ‬تتسم‭ ‬بالتخطيط‭ ‬المتميز‭ ‬الذي‭ ‬نفذه‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص‭ ‬في‭ ‬مشاريع‭ ‬خلابة‭ ‬تخلق‭ ‬جوا‭ ‬جميلا‭ ‬من‭ ‬الألفة‭ ‬بين‭ ‬القاطنين،‭ ‬مع‭ ‬توافر‭ ‬شوارع‭ ‬واسعة‭ ‬وأرصفة‭ ‬وطرقات‭ ‬منظمة‭ ‬وحدائق‭ ‬جذابة‭ ‬ومساحات‭ ‬مخصصة‭ ‬لحاويات‭ ‬النظافة،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬ما‭ ‬تتميز‭ ‬به‭ ‬هذه‭ ‬المناطق‭ ‬من‭ ‬جوانب‭ ‬إدارية‭ ‬وأمنية‭ ‬ومتابعة‭ ‬لاسيما‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالمخالفات‭ ‬والتجاوزات،‭ ‬ومراقبة‭  ‬النظافة،‭ ‬مع‭ ‬متابعة‭ ‬من‭ ‬اتحاد‭ ‬الملاك‭ ‬لمختلف‭ ‬الجوانب‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬البيوت‭ ‬التي‭ ‬تحتاج‭ ‬لإعادة‭ ‬صباغة‭ ‬أو‭ ‬صيانة،‭ ‬ووضع‭ ‬الاشتراطات‭ ‬الجمالية‭ ‬التي‭ ‬تضمن‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬الذوق‭ ‬العام‭ ‬وتجانس‭ ‬الألوان‭ ‬والمناظر‭. ‬ناهيك‭ ‬عن‭ ‬توافر‭ ‬الأرصفة‭ ‬المخصصة‭ ‬لممارسة‭ ‬رياضة‭ ‬المشي‭ ‬والجري‭ ‬وقيادة‭ ‬الدرجات‭ ‬الهوائية،‭ ‬ومساحات‭ ‬ومواقف‭ ‬واسعة‭ ‬أمام‭ ‬البيوت،‭ ‬مع‭ ‬توافر‭ ‬المحلات‭ ‬بشكل‭ ‬منسق‭ ‬وليس‭ ‬عشوائيا‭ ‬ومن‭ ‬دون‭ ‬مواقف‭ ‬سيارات‭. ‬

كل‭ ‬ذلك‭ ‬يبين‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬المناطق‭ ‬خضعت‭ ‬قبل‭ ‬تطويرها‭ ‬لدراسة‭ ‬شاملة‭ ‬نظمت‭ ‬جميع‭ ‬المفاصل‭ ‬فيها‭ ‬وضمنت‭ ‬حياة‭ ‬كريمة‭ ‬المقيمين‭ ‬فيها‭. ‬وهو‭ ‬أمر‭ ‬يعتبر‭ ‬قيمة‭ ‬مضافة‭ ‬للقطاع‭ ‬العقاري‭ ‬في‭ ‬مملكتنا‭ ‬الغالية‭. ‬وهو‭ ‬كذلك‭ ‬ما‭ ‬نرجو‭ ‬تطبيقه‭ ‬في‭ ‬كافة‭ ‬المخططات‭ ‬الجديدة‭ ‬مع‭ ‬الحرص‭ ‬على‭ ‬الجانب‭ ‬الرقابي‭ ‬والإداري‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬شؤون‭ ‬البلديات‭ ‬والزراعة‭. ‬

لو‭ ‬قارنا‭ ‬هذه‭ ‬الصورة‭ ‬الجميلة‭ ‬بالكثير‭ ‬من‭ ‬المخططات‭ ‬والمناطق‭ ‬القديمة‭ ‬او‭ ‬حتى‭ ‬المشاريع‭ ‬الجديدة‭ ‬في‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المناطق‭ ‬الأخرى،‭ ‬لوجدنا‭ ‬فارقا‭ ‬كبيرا‭. ‬

فمن‭ ‬العيوب‭ ‬التي‭ ‬تكثر‭ ‬في‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المشاريع‭ ‬والمناطق‭ ‬ضيق‭ ‬مساحة‭ ‬الشوارع‭ ‬والطرقات‭ (‬12‭ ‬مترا‭ ‬وأقل‭)‬،‭ ‬وما‭ ‬يزيد‭ ‬من‭ ‬المشكلة‭ ‬تجاوزات‭ ‬الجيران‭ ‬من‭ ‬السكان‭ ‬على‭ ‬حرم‭ ‬الطريق،‭ ‬واستملاك‭ ‬البعض‭ ‬مساحات‭ ‬من‭ ‬الأرصفة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬بناء‭ ‬مخالف‭ ‬لأحواض‭ ‬زراعية‭ ‬بجانب‭ ‬اسوار‭ ‬المنازل‭ ‬تبتلع‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬متر‭ ‬أو‭ ‬مترين‭ ‬من‭ ‬الرصيف،‭ ‬تحت‭ ‬شعار‭ ‬البيئة‭ ‬والمناظر‭ ‬الجميلة‭. ‬وهذا‭ ‬تجاوز‭ ‬صارخ‭ ‬مسكوت‭ ‬عنه،‭ ‬فحب‭ ‬البيئة‭ ‬والزراعة‭ ‬يمكن‭ ‬تحقيقه‭ ‬داخل‭ ‬محيط‭ ‬الأملاك‭ ‬بالمنزل‭ ‬وبالكمية‭ ‬التي‭ ‬يريدها‭.‬

والأمر‭ ‬الآخر‭ ‬بناء‭ ‬الأحواض‭ ‬والزراعة‭ ‬في‭ ‬حرم‭ ‬الطريق،‭ ‬تحويل‭ ‬المساحة‭ ‬المتبقية‭ ‬إلى‭ ‬مواقف‭ ‬سيارات،‭ ‬بل‭ ‬يتمادى‭ ‬البعض‭ ‬الى‭ ‬استغلال‭ ‬المساحة‭ ‬كمجلس‭ ‬خارجي‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬مخزن‭ ‬وضمه‭ ‬تدريجيا‭ ‬للمنزل‭. ‬ومع‭ ‬استغلال‭ ‬هذه‭ ‬المساحات،‭ ‬يضطر‭ ‬إلى‭ ‬إيقاف‭ ‬المركبات‭ ‬في‭ ‬الطريق‭ ‬العام،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يعني‭ ‬الاستيلاء‭ ‬على‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬الطريق‭ ‬ومضايقة‭ ‬مرور‭ ‬السيارات‭ ‬طوال‭ ‬اليوم،‭ ‬بل‭ ‬ووضع‭ ‬مضلات‭ ‬في‭ ‬حرم‭ ‬الطريق‭ ‬الذي‭ ‬يعتبر‭ ‬ملكا‭ ‬عاما‭. ‬وهنا‭ ‬يبقى‭ ‬المارة‭ ‬والجيران‭ ‬متضررين‭. ‬وتدريجيا‭ ‬تبدأ‭ ‬المشاكل‭ ‬بين‭ ‬الجيران‭ ‬ويبدأ‭ ‬التقاذف‭ ‬والشكاوى‭ ‬بمراكز‭ ‬الشرطة‭ ‬وتصل‭ ‬في‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الأحيان‭ ‬إلى‭ ‬القضاء‭.‬

ولكن‭ ‬الأسوأ‭ ‬هو‭ ‬ان‭ ‬يقوم‭ ‬الجيران‭ ‬بتقليد‭ ‬الجار‭ ‬الذي‭ ‬مارس‭ ‬هذه‭ ‬المخالفات‭ ‬مثل‭ ‬بناء‭ ‬الأحواض‭ ‬على‭ ‬الأرصفة‭ ‬العامة‭ ‬وإيقاف‭ ‬السيارات‭ ‬في‭ ‬الطريق‭ ‬ومضايقة‭ ‬السيارات‭ ‬المارة‭ ‬وحرمان‭ ‬الناس‭ ‬من‭ ‬الاستفادة‭ ‬من‭ ‬الأرصفة‭ ‬التي‭ ‬هي‭ ‬ملك‭ ‬عام‭.‬

وما‭ ‬يزيد‭ ‬المشاكل‭ ‬غياب‭ ‬الرقابة‭ ‬والتفتيش‭ ‬من‭ ‬الجهات‭ ‬المعنية‭ ‬مثل‭ ‬دور‭ ‬إدارة‭ ‬التفتيش‭ ‬بوزارة‭ ‬شئون‭ ‬البلديات‭ ‬والزراعة‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬المناطق‭ ‬السكنية‭ ‬القديمة‭ ‬التي‭ ‬بنيت‭ ‬منذ‭ ‬الثمانينيات‭ ‬والتسعينيات‭ ‬من‭ ‬القرن‭ ‬الماضي‭. ‬فودود‭ ‬الرقابة‭ ‬والتفتيش‭ ‬والمحاسبة‭ ‬امر‭ ‬ضروري‭ ‬لحماية‭ ‬الحقوق‭ ‬والأمن‭ ‬وضمان‭ ‬عدم‭ ‬التعدي‭ ‬على‭ ‬حقوق‭ ‬الغير‭ ‬وممتلكاته‭. ‬ولو‭ ‬طبق‭ ‬قانون‭ ‬إشغال‭ ‬الطريق‭ ‬العام‭ ‬وقانون‭ ‬النظافة‭ ‬بشكل‭ ‬صحيح‭ ‬لا‭ ‬تفاقمت‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المشاكل‭ ‬ووصلت‭ ‬الى‭ ‬القضاء،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬إزالة‭ ‬السيارات‭ ‬المخالفة‭ ‬فورا‭. ‬

هناك‭ ‬إشكالية‭ ‬أخرى‭ ‬تفاقم‭ ‬المشاكل‭ ‬بين‭ ‬الجيران،‭ ‬وهي‭ ‬أن‭ ‬تمتلك‭ ‬الأسرة‭ ‬عدة‭ ‬سيارات‭ ‬قد‭ ‬تصل‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الحالات‭ ‬إلى‭ (‬6‭) ‬سيارات‭ ‬نتيجة‭ ‬سكن‭ ‬عدة‭ ‬أشخاص‭ ‬في‭ ‬المنزل‭ ‬نفسه‭ ‬مثل‭ ‬الأب‭ ‬والأم‭ ‬والأبناء‭ ‬وزوجات‭ ‬الأبناء،‭ ‬وكل‭ ‬منهم‭ ‬لديه‭ ‬سيارته‭. ‬في‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬المنزل‭ ‬يحتوي‭ ‬على‭ ‬موقف‭ ‬واحد‭ ‬أو‭ ‬موقفين‭ ‬فقط،‭ ‬وبعض‭ ‬الأحياء‭ ‬القديمة‭ ‬بالمنامة‭ ‬والمحرق‭ ‬لا‭ ‬تحتوي‭ ‬على‭ ‬أي‭ ‬مواقف‭. ‬وهنا‭ ‬تتفاقم‭ ‬المشكلة‭ ‬ويزداد‭ ‬الصراع‭ ‬بين‭ ‬الجيران‭ ‬على‭ ‬المواقف،‭ ‬ويزداد‭ ‬معه‭ ‬اغلاق‭ ‬الطرقات‭ ‬بالسيارات‭ ‬المتكدسة،‭ ‬مع‭ ‬عدم‭ ‬وجود‭ ‬حلول‭ ‬جذرية‭ ‬لهذه‭ ‬المشكلة‭.‬

وما‭ ‬يحدث‭ ‬في‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬المناطق‭ ‬أنها‭ ‬أصبحت‭ ‬غير‭ ‬صالحة‭ ‬للمعيشة‭ ‬بسبب‭ ‬كثرة‭ ‬الخلافات‭ ‬بين‭ ‬الجيران‭ ‬وكثرة‭ ‬الشكاوى‭ ‬في‭ ‬مراكز‭ ‬الشرطة‭ ‬والنيابة‭ ‬العامة‭ ‬والبلدية،‭ ‬وكثرة‭ ‬السجال‭ ‬حول‭ ‬أولوية‭ ‬الوقوف،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يسفر‭ ‬عن‭ ‬مخالفات‭ ‬وممارسات‭ ‬تؤذي‭ ‬الجيران‭.‬

ليس‭ ‬هذا‭ ‬فحسب،‭ ‬بل‭ ‬يتطور‭ ‬الموضوع‭ ‬وتتطور‭ ‬المشاكل‭ ‬بين‭ ‬الجيران‭ ‬وتصل‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬وقوع‭ ‬الجرائم‭ ‬وحرق‭ ‬سيارات‭ ‬الجيران،‭ ‬بل‭ ‬ووصلت‭ ‬إلى‭ ‬القتل‭ ‬أيضا‭ ‬للأسف‭ ‬الشديد‭. ‬وهي‭ ‬سلوكيات‭ ‬غريبة‭ ‬وشاذة‭ ‬على‭ ‬مجتمعنا‭ ‬البحريني‭ ‬المسالم‭ ‬والطيب‭. ‬ولكن‭ ‬لكل‭ ‬إنسان‭ ‬قدرة‭ ‬وطاقة‭ ‬على‭ ‬الصبر‭ ‬والتحمل‭ ‬والتقبل‭. ‬ومع‭ ‬استمرار‭ ‬المخالفات‭ ‬والتجاوزات‭ ‬من‭ ‬البعض،‭ ‬قد‭ ‬يعتقد‭ ‬البعض‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يملك‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬يأخذ‭ ‬حقه‭ ‬بيده‭ ‬بدل‭ ‬التوجه‭ ‬الى‭ ‬الجهات‭ ‬القانونية‭ ‬للتقاضي،‭ ‬وهذا‭ ‬خطأ‭ ‬جسيم‭.  ‬

الرئيس‭ ‬التنفيذي‭ ‬لمجموعة‭ ‬الفاتح

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا