إن التطور التكنولوجي أحد العوامل التي باتت تؤثر في حياة الأفراد وتطور المجتمعات بوتيرة متسارعة وثورة هائلة لا تعترف بالحدود ولا بالمستحيلات، لدرجة لا يكاد يصدقها العقل البشري، إذ باتت أهدافها تتخطى فكرة تسهيل حياة الفرد وتوفير الرفاهية إلى ما هو أبعد من ذلك من أفكار مجنونة تحاكي الخيال وتتقن فن تحويل الأحلام إلى واقع ملموس.
إذ طوَّر مؤخرًا مجموعة من الباحثين جهازا بتقنية ثورية يدعم التجارب التفاعلية، حيث يتبنى إمكانية التذوق عن بعد كفكرة أساسية له، ويسمح بمشاركة الأطعمة بشكل افتراضي عن طريق العالم الرقمي خلال ثوانٍ من الزمن! وأطلق عليه مسمى (أي - تايست)، ويعمل الجهاز بنظام متقدم يستخدم أجهزة الاستشعار لالتقاط مذاق الأطعمة وذلك بالاعتماد على تحليل التركيب الكيميائي للمادة الغذائية، ومن ثم تتحول المعلومات إلى إشارات كهربائية تعبر عن المذاق وتُرسل إلى وحدة تحكم لتحفز جهاز التذوق المثبت في فم المستخدم.
وحسب ما أفادت الاختبارات التي أجريت على الجهاز إنه قادر على إطلاق مواد كيميائية مطابقة للنكهات الطبيعية، ويمكنها أن تصل إلى براعم التذوق وتمنح المستخدم إحساسا بالنكهة كما لو أنه يتذوق الطعام بشكل حقيقي، إذ يتيح النظام إمكانية محاكاة النكهات، حيث تمكن المشاركين في الاختبارات التجريبية من التعرف على عدد من النكهات المختلفة لمجموعة من الأصناف كالعصائر والقهوة الكعك والحساء وغيرها.
ومن المتوقع أن يكون لهذا الجهاز حضور واعد في عديد من المجالات حسب الباحثين، كمجال التعليم والأبحاث الطبية الحيوية والألعاب التفاعلية وإدارة الوزن واختبار الحواس وإعادة التأهيل البدني والتسوق بشقيه الإلكتروني والفعلي.
بالإضافة إلى ذلك نتوقع أن هذا الجهاز سيكون إضافة نوعية لقطاع المطاعم ومحلات بيع الأغذية، إذ من الممكن أن يوفر على المدى البعيد أو كمرحلة قادمة إمكانية تذوق الطعام على أرفف المحلات التجارية قبل الشراء، أو تذوق أصناف الأطعمة المكتوبة في قوائم الطعام في المطاعم قبل طلبها، أو ربما قد يتيح للمستخدم تجربة مطعم ما من خلال تصفح صوره عبر مواقع التواصل الاجتماعي، أو تذوق الطعام كعملية مصاحبة مع وصفات الأطعمة المنشورة على الإنترنت أو في كتب ومنشورات الطهي وذلك لتجربتها قبل الولوج بعملية الطهي، ما قد يوفر للمستخدم اختصارًا للوقت وللجهد.
تخيل أن تتذوق صورة لكعكة في أحد مخابز لندن، أو البرياني من أحد أشهر مطاعم مومباي، أو السوشي من قلب طوكيو أو ربما المجبوس ببهارات بحرينية وأنت في منزلك وتتصفح جهازك، ما توعدنا به التكنولوجيا هو إثراء حقيقي للعالم الرقمي ويمتد أثره ليشمل العديد من المجالات، وبالرغم من أن الجهاز مازال في طور التحسينات حتى ينقلنا لتجربة حسية متكاملة ويكون متاحا للاستخدام بشكل كامل، إلا أنه كفكرة باتت ملموسة هي بحد ذاتها توعد بالمزيد من الابتكارات المذهلة التي ستنقلنا إلى تجارب حماسية ومفيدة لم تخطر على البال يومًا ما.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك