العدد : ١٧١٣٨ - الأحد ٢٣ فبراير ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٤ شعبان ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧١٣٨ - الأحد ٢٣ فبراير ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٤ شعبان ١٤٤٦هـ

مقالات

مواهب الطلبة في الطرف الثالث

بقلم: المحامية د. هنادي عيسى الجودر

الأحد ٢٣ فبراير ٢٠٢٥ - 02:00

القراء‭ ‬الأعزاء

هناك‭ ‬سؤال‭ ‬يراودني‭ ‬كثيرا‭ ‬وهو‭: ‬كم‭ ‬هو‭ ‬حجم‭ ‬الجمال‭ ‬والابداع‭ ‬الذي‭ ‬حُرمت‭ ‬منه‭ ‬أجيال‭ ‬المستقبل‭ ‬المعاصرة‭ ‬لزمن‭ ‬الألواح‭ ‬والهواتف‭ ‬الذكية‭ ‬والمحرومة‭ ‬من‭ ‬طفولتها‭ ‬الطبيعية؟‭ ‬لا‭ ‬لسبب،‭ ‬سوى‭ ‬أن‭ ‬أكثر‭ ‬آباء‭ ‬هذا‭ ‬العصر‭ ‬قد‭ ‬اطبقت‭ ‬عليهم‭ ‬حبال‭ ‬الشبكة‭ ‬العنكبوتية‭ ‬ووسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬حتى‭ ‬باتوا‭ ‬يبحثون‭ ‬عن‭ ‬الخلاص‭ ‬من‭ ‬شغب‭ ‬أطفالهم،‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬تسليمهم‭ ‬إلى‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬لتتولى‭ ‬مهمة‭ ‬التربية‭ ‬نيابة‭ ‬عنهم،‭ ‬فلا‭ ‬تكاد‭ ‬ترى‭ ‬طفلاً‭ ‬إلا‭ ‬وعيناه‭ ‬متسمرتان‭ ‬على‭ ‬شاشة‭ ‬ما،‭ ‬وفي‭ ‬حالة‭ ‬غياب‭ ‬تام‭ ‬عن‭ ‬الواقع‭ ‬المحيط‭ ‬به،‭ ‬فلا‭ ‬تُتاح‭ ‬له‭ ‬الفرصة‭ ‬للتفاعل‭ ‬مع‭ ‬محيطة‭ ‬كما‭ ‬ينبغي‭ ‬ولا‭ ‬لاكتشاف‭ ‬قدراته‭ ‬ومواهبة‭ ‬الكامنة‭.‬

ثم‭ ‬يبدأ‭ ‬دور‭ ‬المؤسسات‭ ‬التعليمية‭ ‬وهي‭ ‬المحطة‭ ‬الثانية‭ ‬للطفل،‭ ‬والتي‭ ‬يتعلم‭ ‬فيها‭ ‬مهارات‭ ‬عديدة‭ ‬ويتم‭ ‬اكتشاف‭ ‬مواهبه‭ ‬فيها،‭ ‬ولا‭ ‬تخلو‭ ‬تلك‭ ‬المؤسسات‭ ‬من‭ ‬أنظمة‭ ‬وحصص‭ ‬دراسية‭ ‬متخصصة‭ ‬تُسهم‭ ‬في‭ ‬سبر‭ ‬أغوار‭ ‬الطلبة‭ ‬وإخراج‭ ‬مكامنهم‭ ‬وهباتهم‭ ‬من‭ ‬المواهب‭ ‬العلمية‭ ‬والأدبية‭ ‬كموهبة‭ ‬الفن‭ ‬والموسيقى‭ ‬والتمثيل‭ ‬وغيرها‭.‬

ولم‭ ‬تُظهر‭ ‬الوسائل‭ ‬الإعلامية‭ ‬نشاطاً‭ ‬ملحوظاً‭ ‬للمؤسسات‭ ‬التعليمية‭ ‬في‭ ‬المجالات‭ ‬الفنية‭ ‬والأدبية،‭ ‬ولا‭ ‬يعني‭ ‬ذلك‭ ‬التأكيد‭ ‬على‭ ‬وجود‭ ‬تقصير‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الجانب،‭ ‬بل‭ ‬ربما‭ ‬تكون‭ ‬هناك‭ ‬أنشطة‭ ‬موجودة‭ ‬لا‭ ‬نعلم‭ ‬عنها‭ ‬لأنها‭ ‬لم‭ ‬تحظ‭ ‬بالتسويق‭ ‬الإعلامي‭ ‬الذي‭ ‬يُبرزها‭.‬

ويجرّني‭ ‬الحديث‭ ‬السابق‭ ‬إلى‭ ‬فعالية‭ ‬أنيقة‭ ‬جداً‭ ‬تشرفت‭ ‬بحضورها‭ ‬يوم‭ ‬الخميس‭ ‬الماضي‭ ‬بصحبة‭ ‬نخبة‭ ‬من‭ ‬الفنانين‭ ‬البحرينيين‭ ‬ونشطاء‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬وهي‭ ‬عبارة‭ ‬عن‭ ‬نشاط‭ ‬مدرسي‭ ‬أقامته‭ ‬مدرسة‭ ‬برايتس‭ ‬الخاصة،‭ ‬تمثّل‭ ‬في‭ ‬مسرحية‭ ‬بعنوان‭ (‬الطرف‭ ‬الثالث‭) ‬من‭ ‬حكايات‭ ‬ألف‭ ‬ليلة‭ ‬وليلة،‭ ‬بسيناريو‭ ‬مكتوب‭ ‬بيد‭ ‬الأستاذة‭ ‬سلوى‭ ‬سليمان‭ ‬المدرسة‭ ‬وقام‭ ‬بأداء‭ ‬الأدوار‭ ‬فيه‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الطالبات‭ ‬والطلبة‭ ‬على‭ ‬اختلاف‭ ‬أعمارهم‭ ‬بجدارة‭ ‬مثيرة‭ ‬للدهشة،‭ ‬وتميّزوا‭ ‬في‭ ‬إيصال‭ ‬رسالة‭ ‬المسرحية‭ ‬بصورة‭ ‬جميلة‭ ‬تمتزج‭ ‬فيها‭ ‬التلقائية‭ ‬بحسّ‭ ‬الدعابة‭ ‬والانضباط،‭ ‬حيث‭ ‬مزجت‭ ‬المسرحية‭ ‬بين‭ ‬تقليدية‭ ‬حكايات‭ ‬ألف‭ ‬ليلة‭ ‬وليلة‭ ‬وبين‭ ‬المستجدات‭ ‬العصرية‭ ‬وأثرها‭ ‬فيما‭ ‬لو‭ ‬كانت‭ ‬عاصرت‭ ‬تلك‭ ‬الليالي،‭ ‬حيث‭ ‬انعكس‭ ‬أثر‭ ‬وجود‭ ‬الهاتف‭ ‬النقال‭ ‬على‭ ‬طبيعة‭ ‬علاقة‭ ‬شهرزاد‭ ‬وشهريار‭ ‬وقلب‭ ‬موازينها‭.‬

ولعل‭ ‬أهم‭ ‬ما‭ ‬استرعى‭ ‬انتباهي‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬العرض‭ ‬هو‭ ‬اهتمام‭ ‬المدرسة‭ ‬بالمسرح‭ ‬المدرسي،‭ ‬في‭ ‬المرحلة‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬اهماله‭ ‬فيها‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الآخرين،‭ ‬ذلك‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬المعلوم‭ ‬بأن‭ ‬المسرح‭ ‬المدرسي‭ ‬هو‭ ‬المختبر‭ ‬الحقيقي‭ ‬لاكتشاف‭ ‬المواهب‭ ‬المسرحية‭ ‬والتمثيلية‭ ‬الواعدة،‭ ‬وقد‭ ‬كانت‭ ‬تحضرني‭ ‬أثناء‭ ‬مشاهدتي‭ ‬للمسرحية‭ ‬شكوى‭ ‬الزملاء‭ ‬من‭ ‬المسرحيين‭ ‬من‭ ‬مسألة‭ ‬دعم‭ ‬وتشجيع‭ ‬المسرح‭ ‬باعتباره‭ ‬رافداً‭ ‬مهماً‭ ‬من‭ ‬روافد‭ ‬الأدب،‭ ‬وربما‭ ‬قد‭ ‬يُشكل‭ ‬نشاط‭ ‬هذه‭ ‬المدرسة‭ ‬بريق‭ ‬ضوء‭ ‬مبشّر‭ ‬بخير‭ ‬قادم،‭ ‬ولاسيما‭ ‬أن‭ ‬البحرين‭ ‬تزخر‭ ‬بالمواهب‭ ‬الجميلة‭ ‬والمميزة‭ ‬التي‭ ‬تستحق‭ ‬الدعم‭ ‬والتشجيع‭.‬

ومن‭ ‬المهم‭ ‬هنا‭ ‬الإشارة‭ ‬إلى‭ ‬فكرة‭ (‬مجلس‭ ‬الآباء‭) ‬في‭ ‬المدارس،‭ ‬وهي‭ ‬صورة‭ ‬متقدمة‭ ‬للتعاون‭ ‬وتفعيل‭ ‬مبدأ‭ ‬الشراكة‭ ‬بين‭ ‬المؤسسات‭ ‬التعليمية‭ ‬والأسرة‭ ‬باعتبارهما‭ ‬طرفي‭ ‬العملية‭ ‬التربوية‭ ‬في‭ ‬مرحلة‭ ‬التعليم‭ ‬الأساسي،‭ ‬وهي‭ ‬فكرة‭ ‬متقدمة‭ ‬ورائدة‭ ‬وتزداد‭ ‬أهميتها‭ ‬وقيمتها‭ ‬بقدر‭ ‬المشاركة‭ ‬الفعلية‭ ‬لأعضاء‭ ‬مجلس‭ ‬الآباء‭ ‬ووجودهم‭ ‬الدائم‭ ‬والداعم‭ ‬لمهام‭ ‬الإدارة‭ ‬في‭ ‬المؤسسة‭.‬

خالص‭ ‬أمنيات‭ ‬التوفيق‭ ‬للمواهب‭ ‬الطلابية‭ ‬الواعدة‭ ‬وللكادر‭ ‬التعليمي‭ ‬الذي‭ ‬تبنّى‭ ‬هذه‭ ‬المواهب‭ ‬وللإدارة‭ ‬التي‭ ‬أسهمت‭ ‬بصورة‭ ‬جادة‭ ‬في‭ ‬دعم‭ ‬ونجاح‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬المنجز‭ ‬الطلابي‭ ‬المميز،‭ ‬والشكر‭ ‬لكل‭ ‬يد‭ ‬تمتد‭ ‬لتُسهم‭ ‬بالنهوض‭ ‬بالبلاد‭ ‬والعباد‭. ‬

Hanadi‭_‬aljowder@hotmail‭.‬com‭ ‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا