تُعدّ الإنتاجية المحرك الأساسي للنمو الاقتصادي والاستدامة، حيث تؤثر بشكل مباشر على كفاءة العمل، وجودة المخرجات، وقدرة الأسواق على المنافسة. في ظل التغيرات الاقتصادية السريعة، تحتاج الدول إلى استراتيجيات فعالة لتعزيز الإنتاجية في مختلف القطاعات، سواء في القطاع العام أو الخاص. بالنسبة للبحرين، فإن تبني سياسات متطورة لرفع مستوى الإنتاجية يمكن أن يسهم في تحسين بيئة الأعمال، وتعزيز الاستثمارات، ودفع عجلة التنمية الاقتصادية نحو مسار أكثر استدامة.
أحد أهم العناصر لتحقيق ذلك هو ضبط التوقيت في بيئات العمل، حيث يمكن تقليل الهدر في الوقت من خلال تطبيق أنظمة إدارة الأداء التي تعتمد على تحديد أهداف واضحة وجدولة دقيقة للمهام. اعتماد نظام ساعات العمل المرنة أو آليات العمل عن بعد في بعض القطاعات يمكن أن يرفع من كفاءة الموظفين من دون التأثير على مستوى الإنتاجية، وخاصة في القطاعات القائمة على المعرفة والخدمات.
كما يمكن تدوير الموظفين بين الإدارات لتعزيز المهارات وتنويع الخبرات، مما يسهم في رفع كفاءة الفرق العاملة وزيادة القدرة على الابتكار. هذا الإجراء يقلل من الركود الوظيفي ويتيح للموظفين اكتساب خبرات متعددة، مما يجعلهم أكثر قدرة على التعامل مع التحديات المختلفة في بيئات العمل المتغيرة.
إلى جانب ذلك، فإن وضع جدول زمني لتنفيذ المشاريع والالتزام به يعدّ عاملاً رئيسياً في تحسين الإنتاجية، ولا سيما في القطاعات الحيوية مثل البنية التحتية، والتصنيع، والتكنولوجيا. وجود إطار زمني محدد مع آليات رقابة مستمرة يضمن إنجاز المشاريع بكفاءة من دون تأخير، مما يقلل من التكاليف التشغيلية ويعزز الثقة لدى المستثمرين والجهات الممولة.
من ناحية أخرى، تنفيذ إجراءات صارمة لضمان الامتثال لمعايير وزارة العمل في حال وجود انخفاض في الأداء والإنتاجية يعدّ أمراً ضرورياً لضبط سوق العمل وتحقيق معايير الكفاءة المطلوبة. تحديد معايير واضحة للأداء وربطها بالمكافآت أو العقوبات يمكن أن يحفّزا الموظفين والشركات على تحقيق أفضل مستويات الإنتاجية.
كما أن مراقبة الأداء وتحديد معايير لقياس الإنتاجية من خلال أدوات تحليل البيانات والذكاء الاصطناعي يمكن أن يكون لهما تأثير كبير في تحسين كفاءة القطاعات المختلفة. استخدام مؤشرات الأداء الرئيسية (KPIs) لمتابعة الإنتاجية الفردية والجماعية يسهم في تحسين عملية صنع القرار، ويساعد الشركات والمؤسسات على تطوير خطط عمل أكثر دقة وكفاءة.
تعزيز الإنتاجية يحتاج أيضًا إلى تشريعات قانونية حديثة تضمن حقوق العاملين وتحفّزهم على تحقيق الأداء الأمثل. وضع قوانين تدعم ثقافة الأداء العالي، مثل تشريعات تشجع على التدريب المستمر والتطوير المهني، يساعد في خلق بيئة أعمال مستدامة تعزز من تنافسية البحرين على المستويين الإقليمي والدولي.
إلى جانب هذه الاستراتيجيات، يمكن تبني نهج تحفيزي قائم على المكافآت والإنتاجية، حيث يتم تقديم حوافز للشركات التي تحقق معدلات إنتاجية مرتفعة، مما يشجع على تحسين الأداء بشكل مستمر.
في ظل رؤية البحرين الاقتصادية الطموحة، فإن تبني هذه الاستراتيجيات لرفع الإنتاجية في مختلف القطاعات لا يسهم فقط في تعزيز الاقتصاد الوطني، بل يدعم أيضًا الاستدامة طويلة الأمد، مما يجعل البحرين مركزًا اقتصاديًا أكثر جاذبية وتنافسية.
{ ماجستير تنفيذي بالإدارة من المملكة المتحدة (EMBA)
عضو بمعهد المهندسين والتكنولوجيا البريطانية العالمية (MIET)
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك