الوسيط العقاري ليس مجرد همزة وصل بين أطراف المعاملة العقارية كالبائع والمشتري، بل هو أكبر من ذلك، ويعتمد إلى حد كبير على القدرة على بناء علاقات مع مختلف الطبقات والفئات، وامتلاك معلومات عقارية واسعة، وخطة استثمارية قادرة على اقناع العملاء، مع مهارات اقناع وتحليل لشخصية كل عميل، وثقافة واسعة سواء في الجوانب التجارية أو الاجتماعية وغيرها. وهذا ما يتطلب بذل مجهود كبير لبناء سمعة جيدة للشخص كوسيط عقاري، تؤهله لأن يكون أداة فاعلة يعتمد عليها المطور العقاري أو أطراف المعاملات العقارية لإنجاز تلك المعاملات.
المتخصص في هذا الجانب عبدالله جمعة شاهين، يقدم أبرز السمات التي يجب ان يتميز بها الوسيط العقاري الناجح، لافتا إلى أن هذه المهنة لا تتطلب مهارات تسويقية ومهنية فحسب، بل إن هناك صفات أخرى يجب ان تتوافر لدى الشخص كي يكون وسيطا عقاريا ناجحا.
من أبرز تلك السمات هو إصرار الوسيط على بذل الجهد الكبير في مهنته، وهذا ما ينبع من التعامل مع المهنة كهواية وحب وليس مجرد وظيفة. بمعنى ان الوسيط الذي يتعامل مع الوساطة كمجرد مصدر دخل، وينتظر انتهاء الدوام او الاجازات، فإنه لن يكون وسيطا عقاريا ناجحا. لان الوساطة العقارية تختلف عن الكثير من المهن والوظائف، وتتطلب شغفا وقدرات تجعله مميزا عن باقي الوسطاء العقاريين.
والجانب الآخر هو الصبر. وهو جانب مهم في مهام الوسيط العقاري. فليست كل صفقة تتم خلال أيام او أسابيع، ولعل اول صفقة ينجزها قد تكون بعد ستة أشهر كاملة. وطوال هذه الفترة يجب ان يكون مؤهلا نفسيا ومعنويا، فهذه المدة ليست مجرد انتظار، وانما مبادرة واتصالات ومحاولات ولقاءات واجتماعات مع العملاء الذين يتراوحون بين العميل المتعاون، والعميل الذي قد ينهي المكالمة بصفاقة. وهنا يجب أي لا يصاب الوسيط بالإحباط أو اليأس. ولا يقف عن حد معين، وانما ينظر الى الخطوة التالية مهما كانت نتائج الخطوة الحالية. لذلك فإن الكثير من الوسطاء العقاريين الناجحين والمعروفين عانوا في البداية، ولكن كان سلاحهم هو الصبر.
والأمر الثالث الذي لا يقل أهمية هو الأمانة. وهي صفة مطلوبة في كل المهن. وفي مجال الوساطة العقارية، عندما يوافق العميل على انجاز المعاملة، فإنه بذلك يكون قد منح ثقته للوسيط، خاصة وانه بالتأكيد تواصل مع أكثر من وسيط. وبالتالي اختياره لهذا الوسيط دون ذاك يعود الى قدرة هذا الوسيط على اكتساب ثقة العميل. وهذا ما يكون بإظهار أكبر قدر من الأمانة بما في ذلك ذكر سلبيات المشروع او العقار. وهذه الثقة لا تأتي من فراغ، وانما تنطلق من امتلاك معلومات كافية وتحليل واف ونصائح حقيقية، مثل توجيه العميل على عدم الخوض في هذا الاستثمار لأنه لا يناسب امكانياته المادية، او عدم شراء ذلك العقار لعدم موائمته تماما مع متطلباته. وهذا أفضل من محاولة إقناعه بكل السبل على إتمام الصفقة العقارية. فهذه الثقة التي يكتسبها العميل قد تكون سببا في ترشيحه الوسيط لعشرات العملاء الاخرين. بمعنى ان اكتساب ثقة العملاء هي مفتاح النجاح والمنطلق لبناء شبكة علاقات واسعة، توفر على الوسيط مهمة البحث عن العملاء. وهذا ما يعني ان التعامل يجب ان ينطلق من نظرة بعيدة المدى وليس مجرد صفقة يراد إنجازها وتحقيق أكبر قدر من المكاسب منها. وكلما زادت الثقة بالوسيط كلما زادت الصفقات الناجحة مستقبلا. والأمانة الى جانب الصفات الأخرى هي التي تجلب ذلك.
الصفة الرابعة التي يركز عليها شاهين هي امتلاك المعلومات الكافية. وهي من الصفات التي تميز هذا الوسيط عن ذاك. والمعلومة هنا يجب ان تتجاوز طبيعة المشروع وخصائصه، بل يجب ان يمتلك الوسيط معلومات كافية عن المنطقة والحي والبلد وتاريخ المطور وماذا نجح وماذا فشل، وأسباب النجاح والفشل، ومميزات المشروع، وما إذا كان يصلح للسكن او الاستثمار، والقوانين القائمة وتوجهات المشاريع والاستثمارات العقارية وغيرها. وهذا ما يتطلب من الوسيط الناجح أن يكون مثقفا بشكل كبير وأن يدرس كافة الخيارات والمشاريع وأسباب النجاح والفشل بما في ذلك المشاريع القديمة والمشاريع التي لا يعمل هو عليها. وهذا ما يعود بنا الى النقطة الأولى وهي بذلك المجهود المضاعف، وعدم التعامل مع المهنة على انها ساعات عمل وتنتهي.
وهناك صفة خامسة هامة هي الاستمرار، فهي مهنة تواجهها الكثير من التحديات سواء المادية او النفسية او المهنية. وهنا فإن الاستسلام هو أكبر خطأ يقع به الوسيط، وكثير من الوسطاء الذين يستسلمون تفوتهم فرص قريبة كانوا على وشك الحصول عليها.
يضاف الى ذلك مهارات البيع والتسويق. وهذه جوانب قد تكون ذاتية أو مكتسبة من خلال الدراسة والتدريب والتعلم. وهذا ما يتطلب أيضا بذل مجهود وممارسة واكتساب الخبرة التراكمية، وبنفس الوقت حب وشغف بالمهنة. وهذا ما يشمل مهارات بناء علاقات واسعة ومهارات التواصل والحديث.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك