العدد : ١٧٢٧١ - الأحد ٠٦ يوليو ٢٠٢٥ م، الموافق ١١ محرّم ١٤٤٧هـ

العدد : ١٧٢٧١ - الأحد ٠٦ يوليو ٢٠٢٥ م، الموافق ١١ محرّم ١٤٤٧هـ

الرأي الثالث

محميد المحميد

malmahmeed7@gmail.com

زيارة قصيرة للبحرين

صباح‭ ‬كل‭ ‬يوم‭ ‬أحرص‭ ‬على‭ ‬قراءة‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الصحف‭ ‬الخليجية‭ ‬والعربية‭ ‬والدولية‭.. ‬القراءة‭ ‬ضرورية‭ ‬جدا،‭ ‬لمن‭ ‬يريد‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬مطلعا‭ ‬على‭ ‬مستجدات‭ ‬الأمور‭.. ‬والقراءة‭ ‬في‭ ‬الكتب‭ ‬كذلك‭ ‬مهمة‭ ‬جدا،‭ ‬لمن‭ ‬يريد‭ ‬أن‭ ‬يزيد‭ ‬من‭ ‬اطلاعه‭ ‬وثقافته،‭ ‬ويعرف‭ ‬كذلك‭ ‬ماذا‭ ‬يدور‭ ‬حوله،‭ ‬وماذا‭ ‬يكتب‭ ‬عن‭ ‬بلاده‭.‬

بالأمس‭ ‬استوقفني‭ ‬مقال‭ ‬للأستاذ‭ ‬طالب‭ ‬الرفاعي‭ ‬في‭ ‬جريدة‭ ‬القبس‭ ‬الكويتية،‭ ‬يتحدث‭ ‬فيه‭ ‬عن‭ ‬انطباعاته‭ ‬لزيارة‭ ‬البحرين،‭ ‬ومكانة‭ ‬ومحبة‭ ‬البحرين‭ ‬وأهلها‭ ‬في‭ ‬قلبه‭ ‬وفكره‭.. ‬حيث‭ ‬كتب‭ ‬قائلا‭: ‬في‭ ‬أحد‭ ‬اجتماعات‭ ‬‮«‬جائزة‭ ‬الملتقى‭ ‬للقصة‭ ‬القصيرة‭ ‬العربية‮»‬،‭ ‬قال‭ ‬لي‭ ‬الصديق‭ ‬العزيز‭ ‬الأستاذ‭ ‬الدكتور‭ ‬سليمان‭ ‬الشطي‭ ‬عبارته‭ ‬الوجيزة‭: ‬‮«‬هذا‭ ‬زمن‭ ‬ثقافي‭ ‬صعب،‭ ‬ومن‭ ‬يعمل‭ ‬فيه‭ ‬فعليه‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬فدائيًا‭!‬‮»‬‭.‬

مازالت‭ ‬تلك‭ ‬العبارة‭ ‬تأتيني‭ ‬بين‭ ‬آن‭ ‬وآخر،‭ ‬وليس‭ ‬ما‭ ‬يبدد‭ ‬وقعها‭ ‬سوى‭ ‬بعض‭ ‬لقاءات‭ ‬متناثرة‭ ‬مع‭ ‬أصدقاء‭ ‬من‭ ‬أهل‭ ‬الكلمة‭ ‬والفكر‭ ‬والثقافة‭ ‬هنا‭ ‬أو‭ ‬هناك،‭ ‬علمًا‭ ‬أن‭ ‬المناسبات‭ ‬الثقافية‭ ‬وحدها‭ ‬باتت‭ ‬ملاذًا‭ ‬للكتّاب‭ ‬العرب،‭ ‬فمن‭ ‬خلالها‭ ‬تتجدد‭ ‬لقاءاتهم،‭ ‬وعبر‭ ‬جلساتها‭ ‬تتنفس‭ ‬أرواحهم‭ ‬شوقها‭ ‬للوصل‭ ‬الإنساني‭ ‬الأدبي‭ ‬الثقافي‭ ‬الأجمل‭. ‬وهذا‭ ‬عينه‭ ‬ما‭ ‬حصل‭ ‬لي‭ ‬خلال‭ ‬زيارتي‭ ‬القصيرة‭ ‬جدًا‭ ‬للبحرين‭!‬

لم‭ ‬تكن‭ ‬الزيارة‭ ‬من‭ ‬تخطيطي،‭ ‬بل‭ ‬هي‭ ‬ابنتي‭ ‬التي‭ ‬تشتاق‭ ‬إلى‭ ‬صديقاتها‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬وتودّ‭ ‬زيارتهن،‭ ‬وأنا‭ ‬مرحَّب‭ ‬بي‭ ‬جدًا‭ ‬من‭ ‬طرفها‭ ‬كوني‭ ‬المموّل‭ ‬المالي‭ ‬لمشروع‭ ‬الزيارة‭! ‬أخبرت‭ ‬الصديق‭ ‬العزيز‭ ‬الدكتور‭ ‬فهد‭ ‬حسين‭ ‬بقدومي،‭ ‬فبادرني‭: ‬‮«‬أهلًا‭ ‬وسهلًا‮»‬،‭ ‬قالها‭ ‬بحب‭ ‬صداقةٍ‭ ‬أعرفها،‭ ‬وأضاف‭: ‬‮«‬سأنتظرك‭ ‬في‭ ‬المطار‭!‬‮»‬‭. ‬بينما‭ ‬ردَّ‭ ‬عليَّ‭ ‬العزيز‭ ‬قاسم‭ ‬حداد‭: ‬‮«‬سوف‭ ‬يسعدني‭ ‬أن‭ ‬أراك‭. ‬تنوّر‭ ‬المكان،‭ ‬يبقى‭ ‬أن‭ ‬الصحة‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تسعفني‭. ‬دعنا‭ ‬على‭ ‬اتصال‭ ‬للاطمئنان‭ ‬على‭ ‬ذلك‮»‬‭.‬

للبحرين‭ ‬حبُّ‭ ‬يمسّ‭ ‬روحي،‭ ‬ولها‭ ‬طبيعة‭ ‬اجتماعية‭ ‬خاصة‭ ‬بها‭ ‬لا‭ ‬تشبه‭ ‬غيرها‭. ‬وفي‭ ‬ظل‭ ‬رتم‭ ‬وقتٍ‭ ‬راكض،‭ ‬وأخبار‭ ‬وقضايا‭ ‬إنسانية‭ ‬جديدة‭ ‬لا‭ ‬تتوقف،‭ ‬ووسائل‭ ‬تواصل‭ ‬اجتماعي‭ ‬تقذفنا‭ ‬بأخبارها‭ ‬وصورها‭ ‬على‭ ‬مدار‭ ‬اللحظة‭. ‬صار‭ ‬مُستحبًّا‭ ‬السفر‭ ‬بين‭ ‬آن‭ ‬وآخر،‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬مشاقه‭ ‬عليَّ‭.‬

في‭ ‬مركز‭ ‬‮«‬صفيّة‭ ‬كانو‭ ‬للفنون‮»‬‭ ‬كان‭ ‬لقاؤنا‭ ‬الأول‭.. ‬مركز‭ ‬ثقافي‭ ‬وصالة‭ ‬عرض‭ ‬أعمال‭ ‬تشكيلية،‭ ‬ومقهى‭ ‬صغير‭ ‬دافئ‭ ‬يحتضن‭ ‬لقاء‭ ‬الأحبة‭ ‬بين‭ ‬لوحاته‭ ‬الفنية،‭ ‬بينما‭ ‬رائحة‭ ‬القهوة‭ ‬تعطّر‭ ‬المكان‭.. ‬منذ‭ ‬اللحظة‭ ‬الأولى،‭ ‬وبحضور‭ ‬كوكبة‭ ‬من‭ ‬الصديقات‭ ‬والأصدقاء‭ ‬المبدعين‭ ‬والمثقفين‭ ‬الذين‭ ‬يمثّلون‭ ‬‮«‬مختبر‭ ‬سرديات‭ ‬البحرين‮»‬،‭ ‬ومع‭ ‬تقابل‭ ‬النظرات‭ ‬شعرت‭ ‬بشوقي‭ ‬الدفين‭ ‬للقاء‭ ‬أصدقائي،‭ ‬وكيف‭ ‬أن‭ ‬وجودهم‭ ‬من‭ ‬حولي‭ ‬يشعرني‭ ‬بفرح‭ ‬طفولي‭ ‬لذيذ‭.‬

سرعان‭ ‬ما‭ ‬دارت‭ ‬الأحاديث‭ ‬الثقافية‭ ‬حول‭ ‬الكتابة‭ ‬والقصة‭ ‬والرواية‭ ‬والشعر‭ ‬والنشر‭ ‬والجوائز،‭ ‬ودارت‭ ‬بيننا‭ ‬إهداءات‭ ‬الكتب،‭ ‬وكلٌّ‭ ‬متشوّق‭ ‬لسماع‭ ‬رأي‭ ‬الآخر‭.. ‬ولحظتها‭ ‬دار‭ ‬ببالي‭: ‬كم‭ ‬هي‭ ‬مؤلمة‭ ‬اللحظة‭ ‬العربية‭ ‬الماثلة‭! ‬وكم‭ ‬هي‭ ‬متغيرة‭! ‬وكيف‭ ‬أن‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬فيها‭ ‬يُنبئ‭ ‬بأن‭ ‬وطننا‭ ‬العربي‭ ‬وخريطة‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬تجتاز‭ ‬مُنعطفًا‭ ‬سياسيًا‭ ‬اقتصاديًا‭ ‬اجتماعيًا‭ ‬حادًا،‭ ‬وأن‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬قادم‭ ‬مغاير‭ ‬تمامًا‭ ‬لما‭ ‬كان‭. ‬ووسط‭ ‬جميع‭ ‬هذا‭ ‬ليس‭ ‬لروح‭ ‬الكاتب‭ ‬والأديب‭ ‬والمثقّف‭ ‬العربي‭ ‬من‭ ‬ملجأ‭ ‬إلا‭ ‬لقاء‭ ‬الأصدقاء‭ ‬وتبادل‭ ‬الرأي‭ ‬والنقاش‭ ‬معهم‭!‬

لكل‭ ‬بلدٍ‭ ‬وجوه‭ ‬متعددة‭ ‬تشبهه‭ ‬وتدلّ‭ ‬عليه‭.. ‬وللبحرين‭ ‬وجوه‭ ‬كثيرة‭ ‬تدلّ‭ ‬عليها،‭ ‬لكن‭ ‬حميمية‭ ‬الودّ‭ ‬الإنساني‭ ‬الطيب‭ ‬تأتي‭ ‬في‭ ‬المقدّمة‭ ‬من‭ ‬وجوه‭ ‬البحرين‭ ‬الغالية‭.. ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬شعرت‭ ‬به‭ ‬وزوجتي‭ ‬وابنتي‭ ‬حيثما‭ ‬ذهبنا‭ ‬طوال‭ ‬تجوالنا‭ ‬في‭ ‬باب‭ ‬البحرين‭ ‬وسوق‭ ‬المنامة،‭ ‬ومرورنا‭ ‬بجلستنا‭ ‬في‭ ‬مقهى‭ ‬‮«‬حاجي‮»‬،‭ ‬وزيارة‭ ‬‮«‬سوق‭ ‬البراحة‮»‬،‭ ‬وأماكن‭ ‬كثيرة،‭ ‬فحين‭ ‬تكون‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬فأنت‭ ‬دائمًا‭ ‬في‭ ‬القرب‭ ‬من‭ ‬ودِّ‭ ‬وترحيب‭ ‬أهلها‭ (‬الأطيب‭)!‬

يومان‭ ‬مرّا‭ ‬سريعًا‭ ‬في‭ ‬البحرين،‭ ‬لكني‭ ‬عدتُ‭ ‬بخفق‭ ‬قلبٍ‭ ‬مليء‭ ‬بالمحبة،‭ ‬وزوّادة‭ ‬ثقافية‭ ‬إنسانية‭ ‬كبيرة‭.. ‬لكم‭ ‬محبتي‭ ‬وشوقي‭ ‬الدائم‭ ‬أيها‭ ‬الأصدقاء،‭ ‬فأنتم‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلي‭ ‬وجه‭ ‬البحرين‭ ‬الأحب‭ ‬والأجمل‭!‬

إقرأ أيضا لـ"محميد المحميد"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا