يُعد فن الطلاء بالمينا من أقدم أشكال الزخرفة في صناعة المجوهرات، حيث يعود تاريخه إلى آلاف السنين. خلال هذه الفترة، تطور هذا الفن ليصبح جزءًا لا يتجزأ من التصميمات الفاخرة والمجوهرات الراقية، واستخدم في تزيين كل شيء من التحف الفنية البيزنطية إلى البيض الإمبراطوري الشهير لفابرجيه. وأصبح المينا عبر العصور، رمزًا للأناقة والجمال، ومن أبرز أشكاله «ميناكاري» الهندية الملونة وتقنيات الفن الحديث الزهرية التي ظهرت في فرنسا.
عندما نذكر المينا في المجوهرات، فإننا نتحدث عن نوعين رئيسيين، لكل منهما خصائصه الفريدة . ونبدأ بالمينا الساخنة (الزجاجية) و هي التقنية الأكثر شهرة واستخدامًا في المجوهرات الفاخرة، حيث يتم تلوين المجوهرات من خلال دمج مسحوق زجاجي ملون مع المعدن عند درجات حرارة مرتفعة تتراوح بين 750 إلى 850 درجة مئوية أو أكثر. ويتطلب ذلك مهارة عالية وصبرًا طويلًا. حيث يتم غربلة مسحوق زجاجي ناعم جدًا مع أكاسيد المعادن التي تضيف الألوان، ثم يُسخن المزيج في الفرن حتى يتحول إلى زجاج صلب، ما يمنح المجوهرات ألوانًا نابضة بالحياة وشفافية مدهشة. ويعتمد نجاح هذه التقنية على عوامل عدة مثل سمك مسحوق الزجاج، درجة الحرارة، ومدة الحرق في الفرن، ما يجعل المينا الساخنة شكلًا فنيًا معقدًا للغاية. وتتنوع تقنيات المينا الساخنة، مما يسمح بالحصول على مجموعة واسعة من التأثيرات الفنية من ضمنها تقنية (Cloisonné) وتتضمن هذه العملية لحام شرائط معدنية على سطح المعدن لتشكيل تصميم معين، ثم تُملأ الفراغات بالمينا . أما المينا الشفافة (Plique-à-jour) فيُطبق على خلايا معدنية بدون قاعدة بحيث يمر الضوء من خلالها، ما يخلق تأثيرًا يشبه الزجاج المعشق. وبالنسبة للمينا المحفورة (Guilloché) فهي من أكثر التقنيات صعوبة، حيث يتم حفر أنماط معقدة في المعدن ثم تغطيتها بطبقات شفافة من المينا. وكذلك الشامبليفيه (Champlevé) و تركز على إنشاء تصاميم ملونة باستخدام المينا الزجاجية من خلال حفر أو قطع أخاديد أو خلايا على سطح المعدن (عادةً الذهب أو الفضة) لتكوين تصميم معين، ثم تعبئتها بالمينا قبل أن يتم تسخينها في فرن.
أما المينا الباردة (الورنيش) فهي تقنية أحدث نسبياً حيث تستخدم الراتينج المصبوغ لإعطاء المجوهرات لونًا مكثفًا دون الحاجة إلى درجات الحرارة العالية. وفي هذه التقنية، يتم تطبيق طبقات من المينا الباردة عدة مرات على المعدن حتى يتم الحصول على عمق اللون واللمعان المطلوبين. وبعد التطبيق، يتم تجفيف الطبقات للحصول على لمسة نهائية صلبة ومتوهجة. وبالرغم من أنها أقل تقبلا من المينا الزجاجية، إلا أن المينا الباردة تتيح للمصممين حرية أكبر في إضفاء الألوان دون الحاجة إلى مهارات متقدمة في التحكم بدرجة الحرارة.
كان بيتر كارل فابرجيه من أبرز الحرفيين الذين ساهموا في تطوير فن المينا، حيث كان يستخدم المينا الزجاجية لتحقيق تأثيرات قزحية رائعة. من خلال تطبيق ما يصل إلى ست طبقات من المينا، تمكّن من إبداع لمسات نهائية مدهشة تذكرنا بالسطح اللامع لصدف المحار.اما في العصر الحديث، ونظرًا لأن المينا الباردة أسهل في التطبيق مقارنة بالمينا الساخنة، فقد أصبحت شائعة بين المصممين الذين يفضلون إدخال لمسات من الألوان في القطع القابلة للتكرار. وبالرغم من أنها لا تعطي نفس التأثير القزحي للمينا الساخنة، إلا أن المينا الباردة توفر ألوانًا مشبعة وجميلة يمكن استخدامها لتحقيق تأثيرات فنية لافتة.
لقد شهدت المجوهرات المزينة بالمينا اهتمامًا متزايدًا في السنوات الأخيرة، حيث أصبحت تجذب الانتباه على منصات وسائل التواصل الاجتماعي خاصة وأنها اقل وزنا وسعرا من الأحجار الكريمة. واليوم، أصبحت قطع المينا جزءًا أساسيًا من المجوهرات العصرية الراقية، وتستمر في إظهار إمكانياتها الفنية الواسعة بفضل تطور تقنياتها والتزام الفنانين بتقديم مجوهرات نابضة بالحياة وأنيقة.
هل تستهويكم المجوهرات المزينة بالمينا ؟ شاركونا بآرائكم ونتطلع إلى مقترحاتكم للمواضيع القادمة والاجابة على تساؤلاتكم على البريد الالكتروني:
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك