في البداية أكد الدكتور ثيوجارفيلدس مدير المنظمة الدولية للعدالة التصالحية بالمملكة المتحدة أن الكثير من الأفراد بالفعل لديهم صعوبة في فهم أوجه الاختلاف أو التطبيق بين مفهوم العدالة التصالحية والعدالة الجنائية العقابية، قائلا إن العدالة التصالحية بمفهومها البسيط هي ما يطبق ويفعله الجميع في المنازل اعتمادا على حوار العدالة والتسامح والاجتماع معًا لمناقشة الأضرار التي قد تسببها تصرفاتنا لبعضنا البعض، وأن نمارس شكلا من أشكال العدالة التصالحية عبر الوساطة والاجتماع لمناقشة الأمر وصولا إلى حل يرتضيه المتضرر، وفي الوقت نفسه نمارس دورنا مع الشخص الذي ألحق الضرر لتدريبه وإدماجه للعودة إلى الحياة الأسرية من دون التسبب بأضرار أخرى، بدلا من سياسية الحبس والعقاب الذي يؤدي إلى نتائج عكسية تضعف ترابط وتلاحم الأسرة.
وأشار إلى أن الحضارات الإنسانية قديما كانت تتبع أسلوب العدالة التصالحية عبر قادة المجتمع والجماعات وتعويض المتضرر وتأهيل الضار، موضحا أن حالات تطبيق العدالة التصالحية في المملكة المتحدة كانت كثيرة قائلا: «سأعطي مثالا بسيطا عن حالة لنزاع بين عائلتين الأولى مسلمة والأخرى مسيحية، حيث استمر النزاع وتصاعد بشكل كبير وتطور إلى تقطيع الأشجار وتدمير الممتلكات، إلا أنه عبر منظمة مجتمعية وجهات قانونية تحدثنا إلى العائلتين وسألناهم إذا كانوا يريدون التحدث مع بعضهم البعض، وقد ساعدهم المجتمع على الاتفاق كجيران وفهم بعضهم البعض، وما الذي يتعين عليهم فعله لإصلاح الاضرار التي وقعت بعد ذلك والتصالح والعيش في جوار بسلام مرة أخرى.
وحول مدى قبول الضحايا تطبيق العدالة التصالحية، أشار إلى أنه مهم جدًا للضحية وللجاني ايضا المشاركة في قصة العدالة، ولكن لا يمكن أبدا إرغام الضحية، ولا يمكنك إخبارهم بما يجب عليهم فعله، فهم يريدون ذلك بأنفسهم عندما يكونون على علم بدوافع ونتائج العدالة التصالحية، لأن تطبيق العدالة التصالحية له تأثير أكبر عليهم وعلى أسرهم والمجتمع.
وفيما يتعلق بنوعية الجرائم التي يمكن تطبيق العدالة التصالحية فيها أشار إلى أنه يمكن التطبيق على الكثير من القضايا وجميع الأعمار، ليس فقط صغار السن ولكن أيضًا المجرمين البالغين، قائلا: «في الواقع بالنسبة لعملي وخبرتي والبحث وبعد أن قمت بمتابعة الحالات الأكثر تعقيدًا، كلما كانت أكثر خطورة، كان العلاج التصالحي أكثر نجاحًا. العدالة تستطيع».
كما أكد أن تجربة البحرين في تطبيق العدالة التصالحية وما يتعلق بمفهوم الوساطة الجنائية جعل منها نموذجا يمكن الاقتداء بها، ولا سيما حرصها على تطوير مخرجات تلك التجربة عبر العديد من المشاركات الدولية واستعراض التجارب الأخرى التي يمكن الاستفادة منها وتطوير سياستها العقابية الإصلاحية، مشيرا إلى أن المؤتمر الدولي الذي نظمته النيابة العامة مؤخرا والتوصيات التي خرج بها هما خير دليل على حرص المملكة على تطوير تلك التجربة.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك