القراء الأعزاء،
(وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى، قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن، قَالَ بَلَى وَلَكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي)، في الآية 260 من سورة البقرة دار حوار مهم بين الله سبحانه وتعالى وبين سيدنا إبراهيم، بين الله وهو أعدل العادلين وأحكم الحاكمين الخالق العظيم وبين رسوله الذي هو من خلقه، فكان استفسار إبراهيم وسعيه إلى اليقين وطمأنينة القلب من خلال طلب الأدلة والبراهين من خالقه العظيم الذي لم يدع مجالاً للشك أن يدخل قلب رسوله فأجابه إلى طلبه ليطمئن قلبه وتقوى عزيمته ويمضي قُدماً في رسالته، وكانت تلك رسالة مهمة إلى الانسان خليفة الله على الأرض مفادها أن العدالة ترتكز أساساً على طمأنينة قلب الخصوم.
ومن المعلوم أن إحقاق الحق وإقامة العدل يُعدان من أهم مهام السلطة القضائية، أي القضاء الرسمي والقضاء البديل كالتحكيم مثلا، لذا يُقال دائماً إن العدالة تقوم على طمأنينة قلوب الخصوم، وأنه كما يقول المثل الشعبي (اللي يروح عند القاضي يرجع راضي)، والأصل أن فصل القاضي وقضاءه يعتمدان على الحجة في إثبات الحق، والتي يترجمها في حكمه إلى أسباب قد يقبل بها خاسر الدعوى أو ينقلها إلى درجة قضائية أعلى، وفي كل مراحل التقاضي يلعب تسبيب الأحكام دوراً في تحقيق الطمأنينة والرضا للخصوم.
وتسبيب الأحكام يجب أن يكون بناء على دراسة وتمحيص لأوراق الدعوى وجميع مستنداتها في محاولة للوصول إلى حكم يكون أقرب ما يمكن أن يكون من الصواب وإحقاق الحق والعدالة، وهو جهد يقتضي أن يولي المختصون كل قضية بذاتها نفس الجهد والاجتهاد لإعادة الحق إلى نصابه وأصحابه.
ومن الملاحظ أن مرحلة التنفيذ وهي المرحلة المفصلية في التقاضي، لأنها مرحلة جني ثمار الجهد المبذول في المطالبة بالحقوق، قد أصبحت مؤرقة لطرفيها المحكوم له والمحكوم عليه، في جانب مهم، وهو قرارات رفض بعض الطلبات التي يتقدم بها أصحاب المصلحة في ملف التنفيذ، حيث يتم رفض طلبات بديهية واجبة القبول من دون ابداء أسباب للرفض، إذ لا ضير في ذلك لو كان الرفض مسبباً، بحيث يعلم صاحب الطلب بأسباب الرفض ليطمئن قلبه من جانب، ويُمكّنه علمه بالأسباب من اتخاذ الخطوة اللاحقة، ولكن غالباً ما يكون رفض الطلبات ولا سيما غير المنطقية منها، من دون إبداء أسباب للرفض. فعلى سبيل المثال لذلك، وأبسطها طلب إجراء محاسبة على ملف التنفيذ لبيان المدفوعات والمبالغ المصروفة والمبالغ المتبقية، فمن غير المنطقي أن يتم رفض طلب كهذا وجوهري في ملف التنفيذ يُعين كلا الطرفين سواء المنفذ أو المنفذ ضده على معرفة موقفه المالي في الملف، وذلك غيض من فيض.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك