العدد : ١٧٢١٦ - الاثنين ١٢ مايو ٢٠٢٥ م، الموافق ١٤ ذو القعدة ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٢١٦ - الاثنين ١٢ مايو ٢٠٢٥ م، الموافق ١٤ ذو القعدة ١٤٤٦هـ

أخبار البحرين

العدالة تقوم على طمأنينة قلوب الخصوم

بقلم: المحامية د. هنادي عيسى الجودر

الأحد ٠٢ فبراير ٢٠٢٥ - 02:00

القراء‭ ‬الأعزاء،‭ ‬

‭(‬وَإِذْ‭ ‬قَالَ‭ ‬إِبْرَاهِيمُ‭ ‬رَبِّ‭ ‬أَرِنِي‭ ‬كَيْفَ‭ ‬تُحْيِي‭ ‬الْمَوْتَى،‭ ‬قَالَ‭ ‬أَوَلَمْ‭ ‬تُؤْمِن،‭ ‬قَالَ‭ ‬بَلَى‭ ‬وَلَكِن‭ ‬لِّيَطْمَئِنَّ‭ ‬قَلْبِي‭)‬،‭ ‬في‭ ‬الآية‭ ‬260‭ ‬من‭ ‬سورة‭ ‬البقرة‭ ‬دار‭ ‬حوار‭ ‬مهم‭ ‬بين‭ ‬الله‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالى‭ ‬وبين‭ ‬سيدنا‭ ‬إبراهيم،‭ ‬بين‭ ‬الله‭ ‬وهو‭ ‬أعدل‭ ‬العادلين‭ ‬وأحكم‭ ‬الحاكمين‭ ‬الخالق‭ ‬العظيم‭ ‬وبين‭ ‬رسوله‭ ‬الذي‭ ‬هو‭ ‬من‭ ‬خلقه،‭ ‬فكان‭ ‬استفسار‭ ‬إبراهيم‭ ‬وسعيه‭ ‬إلى‭ ‬اليقين‭ ‬وطمأنينة‭ ‬القلب‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬طلب‭ ‬الأدلة‭ ‬والبراهين‭ ‬من‭ ‬خالقه‭ ‬العظيم‭ ‬الذي‭ ‬لم‭ ‬يدع‭ ‬مجالاً‭ ‬للشك‭ ‬أن‭ ‬يدخل‭ ‬قلب‭ ‬رسوله‭ ‬فأجابه‭ ‬إلى‭ ‬طلبه‭ ‬ليطمئن‭ ‬قلبه‭ ‬وتقوى‭ ‬عزيمته‭ ‬ويمضي‭ ‬قُدماً‭ ‬في‭ ‬رسالته،‭ ‬وكانت‭ ‬تلك‭ ‬رسالة‭ ‬مهمة‭ ‬إلى‭ ‬الانسان‭ ‬خليفة‭ ‬الله‭ ‬على‭ ‬الأرض‭ ‬مفادها‭ ‬أن‭ ‬العدالة‭ ‬ترتكز‭ ‬أساساً‭ ‬على‭ ‬طمأنينة‭ ‬قلب‭ ‬الخصوم‭.‬

ومن‭ ‬المعلوم‭ ‬أن‭ ‬إحقاق‭ ‬الحق‭ ‬وإقامة‭ ‬العدل‭ ‬يُعدان‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬مهام‭ ‬السلطة‭ ‬القضائية،‭ ‬أي‭ ‬القضاء‭ ‬الرسمي‭ ‬والقضاء‭ ‬البديل‭ ‬كالتحكيم‭ ‬مثلا،‭ ‬لذا‭ ‬يُقال‭ ‬دائماً‭ ‬إن‭ ‬العدالة‭ ‬تقوم‭ ‬على‭ ‬طمأنينة‭ ‬قلوب‭ ‬الخصوم،‭ ‬وأنه‭ ‬كما‭ ‬يقول‭ ‬المثل‭ ‬الشعبي‭ (‬اللي‭ ‬يروح‭ ‬عند‭ ‬القاضي‭ ‬يرجع‭ ‬راضي‭)‬،‭ ‬والأصل‭ ‬أن‭ ‬فصل‭ ‬القاضي‭ ‬وقضاءه‭ ‬يعتمدان‭ ‬على‭ ‬الحجة‭ ‬في‭ ‬إثبات‭ ‬الحق،‭ ‬والتي‭ ‬يترجمها‭ ‬في‭ ‬حكمه‭ ‬إلى‭ ‬أسباب‭ ‬قد‭ ‬يقبل‭ ‬بها‭ ‬خاسر‭ ‬الدعوى‭ ‬أو‭ ‬ينقلها‭ ‬إلى‭ ‬درجة‭ ‬قضائية‭ ‬أعلى،‭ ‬وفي‭ ‬كل‭ ‬مراحل‭ ‬التقاضي‭ ‬يلعب‭ ‬تسبيب‭ ‬الأحكام‭ ‬دوراً‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬الطمأنينة‭ ‬والرضا‭ ‬للخصوم‭.‬

وتسبيب‭ ‬الأحكام‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬بناء‭ ‬على‭ ‬دراسة‭ ‬وتمحيص‭ ‬لأوراق‭ ‬الدعوى‭ ‬وجميع‭ ‬مستنداتها‭ ‬في‭ ‬محاولة‭ ‬للوصول‭ ‬إلى‭ ‬حكم‭ ‬يكون‭ ‬أقرب‭ ‬ما‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬من‭ ‬الصواب‭ ‬وإحقاق‭ ‬الحق‭ ‬والعدالة،‭ ‬وهو‭ ‬جهد‭ ‬يقتضي‭ ‬أن‭ ‬يولي‭ ‬المختصون‭ ‬كل‭ ‬قضية‭ ‬بذاتها‭ ‬نفس‭ ‬الجهد‭ ‬والاجتهاد‭ ‬لإعادة‭ ‬الحق‭ ‬إلى‭ ‬نصابه‭ ‬وأصحابه‭.‬

ومن‭ ‬الملاحظ‭ ‬أن‭ ‬مرحلة‭ ‬التنفيذ‭ ‬وهي‭ ‬المرحلة‭ ‬المفصلية‭ ‬في‭ ‬التقاضي،‭ ‬لأنها‭ ‬مرحلة‭ ‬جني‭ ‬ثمار‭ ‬الجهد‭ ‬المبذول‭ ‬في‭ ‬المطالبة‭ ‬بالحقوق،‭ ‬قد‭ ‬أصبحت‭ ‬مؤرقة‭ ‬لطرفيها‭ ‬المحكوم‭ ‬له‭ ‬والمحكوم‭ ‬عليه،‭ ‬في‭ ‬جانب‭ ‬مهم،‭ ‬وهو‭ ‬قرارات‭ ‬رفض‭ ‬بعض‭ ‬الطلبات‭ ‬التي‭ ‬يتقدم‭ ‬بها‭ ‬أصحاب‭ ‬المصلحة‭ ‬في‭ ‬ملف‭ ‬التنفيذ،‭ ‬حيث‭ ‬يتم‭ ‬رفض‭ ‬طلبات‭ ‬بديهية‭ ‬واجبة‭ ‬القبول‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬ابداء‭ ‬أسباب‭ ‬للرفض،‭ ‬إذ‭ ‬لا‭ ‬ضير‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬لو‭ ‬كان‭ ‬الرفض‭ ‬مسبباً،‭ ‬بحيث‭ ‬يعلم‭ ‬صاحب‭ ‬الطلب‭ ‬بأسباب‭ ‬الرفض‭ ‬ليطمئن‭ ‬قلبه‭ ‬من‭ ‬جانب،‭ ‬ويُمكّنه‭ ‬علمه‭ ‬بالأسباب‭ ‬من‭ ‬اتخاذ‭ ‬الخطوة‭ ‬اللاحقة،‭ ‬ولكن‭ ‬غالباً‭ ‬ما‭ ‬يكون‭ ‬رفض‭ ‬الطلبات‭ ‬ولا‭ ‬سيما‭ ‬غير‭ ‬المنطقية‭ ‬منها،‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬إبداء‭ ‬أسباب‭ ‬للرفض‭. ‬فعلى‭ ‬سبيل‭ ‬المثال‭ ‬لذلك،‭ ‬وأبسطها‭ ‬طلب‭ ‬إجراء‭ ‬محاسبة‭ ‬على‭ ‬ملف‭ ‬التنفيذ‭ ‬لبيان‭ ‬المدفوعات‭ ‬والمبالغ‭ ‬المصروفة‭ ‬والمبالغ‭ ‬المتبقية،‭ ‬فمن‭ ‬غير‭ ‬المنطقي‭ ‬أن‭ ‬يتم‭ ‬رفض‭ ‬طلب‭ ‬كهذا‭ ‬وجوهري‭ ‬في‭ ‬ملف‭ ‬التنفيذ‭ ‬يُعين‭ ‬كلا‭ ‬الطرفين‭ ‬سواء‭ ‬المنفذ‭ ‬أو‭ ‬المنفذ‭ ‬ضده‭ ‬على‭ ‬معرفة‭ ‬موقفه‭ ‬المالي‭ ‬في‭ ‬الملف،‭ ‬وذلك‭ ‬غيض‭ ‬من‭ ‬فيض‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا