تحتفل الجمعية الكالدونية البحرينية في 25 يناير من كل عام بـ«ليلة روبرت برنز» تخليداً لذكرى شاعر اسكتلندا الوطني، حيث تقيم الجمعية والتي تأسست في عام 1935م تجمعاً ثقافيّاً واجتماعيّاً وأدبيّاً كبيراً لكافة أعضاء الجالية الاسكتلنديه وأصدقائهم في مملكة البحرين.
يعتبر روبرت برنز من أعظم الشعراء في تاريخ الأدب الاسكتلندي، وأحد أبرز من جسّد روح الثقافة الاسكتلندية. إذ لقب بـ«شاعر الشعب» أو «الشاعر الوطني»، حيث استطاع من خلال قصائده وأغانيه أن يعبر عن آمال الناس البسطاء ومعاناتهم، ما جعله يحظى بحب واسع النطاق في بلاده وخارجها.
وُلد روبرت برنز في 25 يناير 1759 في بلدة ألواي في محافظة أيرشاير جنوب غرب اسكتلندا. وهو الابن الاكبر من بين 7 ابناء لأسرة مزارعة فقيرة، ما جعله يعيش طفولة صعبة بائسة. وعلى الرغم من ذلك، تلقى برنز تعليمًا جيدًا بفضل جهود والده، ما ساعده كثيراً على تنمية موهبته الأدبية والثقافية.
بدأ برنز كتابة الشعر في مقتبل عمره وكان للفولكلور والموروث الشعبي الاسكتلندي أثر كبير في إبداعاته الشعرية كما برع في توظيف اللغة الاسكتلندية المحلية في أعماله (اللغة الغيلية وتسمى احياناً لغة الهضاب المنخفضة).
كتاب «قصائد مكتوبة باللغة الاسكتلندية»، هو باكورة مجموعاته الشعرية والتي نُشرت عام 1786 وحظيت بشهرة واسعة. وفي العموم تميّزت أعماله بالسخرية والحب والتعاطف الإنساني، إضافة إلى احتفائها بالطبيعة الاسكتلندية والثقافة المحلية. وإلى جانب الشعر، فقد أبدع برنز في كتابة العديد من الأغاني، ولعل أشهر أعماله العالمية أغنية «AuldLang Syne» أو (الاوقات التي مضت، كما تسمى أحيانا بنشيد الوداع) والتي تعبر فيها الكلمات عن أسمى صفات الصداقة والوفاء والحب و ألم فراق الأحبة.
وقد اتسمت هذه القصيدة بتطويعها للحن المستمد من الفلكلور الاسكتلندي التقليدي، إذ باتت تردد بلحنها المميز في مختلف انحاء العالم كما ترجمت لعدة لغات عالمية، ومنها العربية بينما ظل اللحن المميز كما هو فريد بطابعة الاسكتلندي المميز. اشتهرت هذه القصيدة عالميّاً وخاصة في مناسبات وداع العام المنصرم واستقبال العام الجديد وفي حفلات تخرج طلاب الجامعات.
إلى اللقاء إلى اللقاء أيها الاخوان
إلى اللقاء الى اللقاء أيها الشبان
كاد النهار ينقضي.... فهبوا للرحيل
آن الفراق... ويحنا فقلبنا عليل
هاتوا بأيدينا نبتغي سعياً وراء المطلوب
هاتوا بأيدينا كُتلة تقوى بها القلوب
(النص مترجم ومنقول)
عزز برنز الهوية الاسكتلندية من خلال أعماله التي تكرّم التراث الاسكتلندي، وجعل من اللهجة المحلية أداة فنية قوية تحتفي بالثقافة الريفية والقيم الإنسانية. كما ان قصائده المفعمة بالحب والحرية والفقر والمساواة بطابع من السخرية والفكاهة جعلته أيقونة عالمية ألهمت الكثير من الأدباء والفنانين حول العالم.
توفي روبرت برنز في سن 37 وظل أسمه رمزاً وطنيّاً لتراث اسكتلندا الثقافي وروحها الوطنية. وما احتفال الشعب الاسكتلندي بيوم مولده الا انعكاس لاعتزازهم بقيمهم وتاريخهم، كما يُظهر كيف يمكن للأدب أن يوحّد الشعوب ويعبّر عن طموحاتهم. يمثل برنز جسرا بين الماضي والحاضر، حيث يستمر صدى صوته في إلهام الأجيال القادمة.
(خريجة جامعة ستراثكلايد في اسكتلندا وعضو في الجمعية الكالدونية البحرينية)
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك