العدد : ١٧١١١ - الاثنين ٢٧ يناير ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٧ رجب ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧١١١ - الاثنين ٢٧ يناير ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٧ رجب ١٤٤٦هـ

مقالات

روبرت برنز.. شاعر اسكتلندا الوطني

بقلم: م. وسن خلف

الاثنين ٢٧ يناير ٢٠٢٥ - 02:00

تحتفل‭ ‬الجمعية‭ ‬الكالدونية‭ ‬البحرينية‭ ‬في‭ ‬25‭ ‬يناير‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬عام‭ ‬بـ‮«‬ليلة‭ ‬روبرت‭ ‬برنز‮»‬‭  ‬تخليداً‭ ‬لذكرى‭ ‬شاعر‭ ‬اسكتلندا‭ ‬الوطني،‭ ‬حيث‭ ‬تقيم‭ ‬الجمعية‭ ‬والتي‭ ‬تأسست‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1935م‭ ‬تجمعاً‭ ‬ثقافيّاً‭ ‬واجتماعيّاً‭ ‬وأدبيّاً‭ ‬كبيراً‭ ‬لكافة‭ ‬أعضاء‭ ‬الجالية‭ ‬الاسكتلنديه‭ ‬وأصدقائهم‭ ‬في‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭. ‬

يعتبر‭ ‬روبرت‭ ‬برنز‭ ‬من‭ ‬أعظم‭ ‬الشعراء‭ ‬في‭ ‬تاريخ‭ ‬الأدب‭ ‬الاسكتلندي،‭ ‬وأحد‭ ‬أبرز‭ ‬من‭ ‬جسّد‭ ‬روح‭ ‬الثقافة‭ ‬الاسكتلندية‭. ‬إذ‭ ‬لقب‭ ‬بـ«شاعر‭ ‬الشعب‮»‬‭ ‬أو‭ ‬‮«‬الشاعر‭ ‬الوطني‮»‬،‭ ‬حيث‭ ‬استطاع‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬قصائده‭ ‬وأغانيه‭ ‬أن‭ ‬يعبر‭ ‬عن‭ ‬آمال‭ ‬الناس‭ ‬البسطاء‭ ‬ومعاناتهم،‭ ‬ما‭ ‬جعله‭ ‬يحظى‭ ‬بحب‭ ‬واسع‭ ‬النطاق‭ ‬في‭ ‬بلاده‭ ‬وخارجها‭.‬

وُلد‭ ‬روبرت‭ ‬برنز‭ ‬في‭ ‬25‭ ‬يناير‭ ‬1759‭ ‬في‭ ‬بلدة‭ ‬ألواي‭ ‬في‭ ‬محافظة‭ ‬أيرشاير‭ ‬جنوب‭ ‬غرب‭ ‬اسكتلندا‭. ‬وهو‭ ‬الابن‭ ‬الاكبر‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬7‭ ‬ابناء‭ ‬لأسرة‭ ‬مزارعة‭ ‬فقيرة،‭ ‬ما‭ ‬جعله‭ ‬يعيش‭ ‬طفولة‭ ‬صعبة‭ ‬بائسة‭. ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬ذلك،‭ ‬تلقى‭ ‬برنز‭ ‬تعليمًا‭ ‬جيدًا‭ ‬بفضل‭ ‬جهود‭ ‬والده،‭ ‬ما‭ ‬ساعده‭ ‬كثيراً‭ ‬على‭ ‬تنمية‭ ‬موهبته‭ ‬الأدبية‭ ‬والثقافية‭. ‬

بدأ‭ ‬برنز‭ ‬كتابة‭ ‬الشعر‭ ‬في‭ ‬مقتبل‭ ‬عمره‭ ‬وكان‭ ‬للفولكلور‭ ‬والموروث‭ ‬الشعبي‭ ‬الاسكتلندي‭ ‬أثر‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬إبداعاته‭ ‬الشعرية‭ ‬كما‭ ‬برع‭ ‬في‭ ‬توظيف‭ ‬اللغة‭ ‬الاسكتلندية‭ ‬المحلية‭ ‬في‭ ‬أعماله‭ (‬اللغة‭ ‬الغيلية‭ ‬وتسمى‭ ‬احياناً‭ ‬لغة‭ ‬الهضاب‭ ‬المنخفضة‭). ‬

كتاب‭ ‬‮«‬قصائد‭ ‬مكتوبة‭ ‬باللغة‭ ‬الاسكتلندية‮»‬،‭ ‬هو‭ ‬باكورة‭ ‬مجموعاته‭ ‬الشعرية‭ ‬والتي‭ ‬نُشرت‭ ‬عام‭ ‬1786‭ ‬وحظيت‭ ‬بشهرة‭ ‬واسعة‭. ‬وفي‭ ‬العموم‭ ‬تميّزت‭ ‬أعماله‭ ‬بالسخرية‭ ‬والحب‭ ‬والتعاطف‭ ‬الإنساني،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬احتفائها‭ ‬بالطبيعة‭ ‬الاسكتلندية‭ ‬والثقافة‭ ‬المحلية‭. ‬وإلى‭ ‬جانب‭ ‬الشعر،‭ ‬فقد‭ ‬أبدع‭ ‬برنز‭ ‬في‭ ‬كتابة‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الأغاني،‭ ‬ولعل‭ ‬أشهر‭ ‬أعماله‭ ‬العالمية‭ ‬أغنية‭ ‬«AuldLang Syne» أو‭ (‬الاوقات‭ ‬التي‭ ‬مضت،‭ ‬كما‭ ‬تسمى‭ ‬أحيانا‭ ‬بنشيد‭ ‬الوداع‭) ‬والتي‭ ‬تعبر‭ ‬فيها‭ ‬الكلمات‭ ‬عن‭ ‬أسمى‭ ‬صفات‭ ‬الصداقة‭ ‬والوفاء‭ ‬والحب‭ ‬و‭ ‬ألم‭ ‬فراق‭ ‬الأحبة‭. ‬

وقد‭ ‬اتسمت‭ ‬هذه‭ ‬القصيدة‭ ‬بتطويعها‭ ‬للحن‭ ‬المستمد‭ ‬من‭ ‬الفلكلور‭ ‬الاسكتلندي‭ ‬التقليدي،‭ ‬إذ‭ ‬باتت‭ ‬تردد‭ ‬بلحنها‭ ‬المميز‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬انحاء‭ ‬العالم‭ ‬كما‭ ‬ترجمت‭ ‬لعدة‭ ‬لغات‭ ‬عالمية،‭ ‬ومنها‭ ‬العربية‭ ‬بينما‭ ‬ظل‭ ‬اللحن‭ ‬المميز‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬فريد‭ ‬بطابعة‭ ‬الاسكتلندي‭ ‬المميز‭. ‬اشتهرت‭ ‬هذه‭ ‬القصيدة‭ ‬عالميّاً‭ ‬وخاصة‭ ‬في‭ ‬مناسبات‭ ‬وداع‭ ‬العام‭ ‬المنصرم‭ ‬واستقبال‭ ‬العام‭ ‬الجديد‭ ‬وفي‭ ‬حفلات‭ ‬تخرج‭ ‬طلاب‭ ‬الجامعات‭.‬

إلى‭ ‬اللقاء‭ ‬إلى‭ ‬اللقاء‭ ‬أيها‭ ‬الاخوان

إلى‭ ‬اللقاء‭ ‬الى‭ ‬اللقاء‭ ‬أيها‭ ‬الشبان

كاد‭ ‬النهار‭ ‬ينقضي‭.... ‬فهبوا‭ ‬للرحيل

آن‭ ‬الفراق‭... ‬ويحنا‭ ‬فقلبنا‭ ‬عليل

هاتوا‭ ‬بأيدينا‭ ‬نبتغي‭ ‬سعياً‭ ‬وراء‭ ‬المطلوب

هاتوا‭ ‬بأيدينا‭ ‬كُتلة‭ ‬تقوى‭ ‬بها‭ ‬القلوب

‭(‬النص‭ ‬مترجم‭ ‬ومنقول‭)‬

عزز‭ ‬برنز‭ ‬الهوية‭ ‬الاسكتلندية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬أعماله‭ ‬التي‭ ‬تكرّم‭ ‬التراث‭ ‬الاسكتلندي،‭ ‬وجعل‭ ‬من‭ ‬اللهجة‭ ‬المحلية‭ ‬أداة‭ ‬فنية‭ ‬قوية‭ ‬تحتفي‭ ‬بالثقافة‭ ‬الريفية‭ ‬والقيم‭ ‬الإنسانية‭. ‬كما‭ ‬ان‭ ‬قصائده‭ ‬المفعمة‭ ‬بالحب‭ ‬والحرية‭ ‬والفقر‭ ‬والمساواة‭ ‬بطابع‭ ‬من‭ ‬السخرية‭ ‬والفكاهة‭ ‬جعلته‭ ‬أيقونة‭ ‬عالمية‭ ‬ألهمت‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الأدباء‭ ‬والفنانين‭ ‬حول‭ ‬العالم‭.‬

توفي‭ ‬روبرت‭ ‬برنز‭ ‬في‭ ‬سن‭ ‬37‭ ‬وظل‭ ‬أسمه‭ ‬رمزاً‭ ‬وطنيّاً‭ ‬لتراث‭ ‬اسكتلندا‭ ‬الثقافي‭ ‬وروحها‭ ‬الوطنية‭. ‬وما‭ ‬احتفال‭ ‬الشعب‭ ‬الاسكتلندي‭ ‬بيوم‭ ‬مولده‭ ‬الا‭ ‬انعكاس‭ ‬لاعتزازهم‭ ‬بقيمهم‭ ‬وتاريخهم،‭ ‬كما‭ ‬يُظهر‭ ‬كيف‭ ‬يمكن‭ ‬للأدب‭ ‬أن‭ ‬يوحّد‭ ‬الشعوب‭ ‬ويعبّر‭ ‬عن‭ ‬طموحاتهم‭. ‬يمثل‭ ‬برنز‭ ‬جسرا‭ ‬بين‭ ‬الماضي‭ ‬والحاضر،‭ ‬حيث‭ ‬يستمر‭ ‬صدى‭ ‬صوته‭ ‬في‭ ‬إلهام‭ ‬الأجيال‭ ‬القادمة‭.‬

‭(‬خريجة‭ ‬جامعة‭ ‬ستراثكلايد‭ ‬في‭ ‬اسكتلندا‭ ‬وعضو‭ ‬في‭ ‬الجمعية‭ ‬الكالدونية‭ ‬البحرينية‭)‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا