تبذل وزارة العمل جهودا مضنية لتوظيف أبناء الوطن.. إلا أن المد الجارف من أفواج الخريجين من الشباب سنويًا يفوق قدرتها على المواكبة والظفر برضى العاطلين وتحقيق رغبات أغلب الخريجين، وأنها تسعى بقدر المستطاع في المساعدة لإيجاد فرص عمل للعاطلين، ويجري مكتب التوظيف بالوزارة، مشكورًا، الاتصال يوميًا بأصحاب الأعمال مباشرة، حتى إني تلقيت شخصيًا، كما تلقى غيري من أصحاب العمل، عدة مكالمات من الوزارة بسؤال: هل توجد لديك فرصة عمل للخريجين؟ هل ستفتح شاغرًا للتوظيف؟ وأصبحت الوزارة باحثة عن فرص عمل للباحثين عن عمل، كما قامت بعدة برامج، من معارض، وفعاليات عديدة، وبرامج كثيرة للتوظيف، لكنه يصبّ في السياق ذاته وفي مسار واحد، ولا يخرج عن كونه مساعدة الباحث عن فرصة وظيفية للعمل.
وإني لا أختزل جهود الوزارة في ذلك المضمار فقط، إنما أستحثها لمزيد من الابتكار والحيوية، والأمل معقود بها كي تشحذ كوادرها ومواردها أكثر، وأن التحدّي كبير والأعداد تتزايد عامًا بعد عام، وأن تبتكر بمهارة مزيدًا من البرامج على غرار البرامج المكثفة التي يطرحها صندوق العمل تمكين ويعلنها بين فترة واخرى.
ولأن هذا الملف شائك وأعداد العاطلين في تزايد مستمر، ويمس كل بيت بحريني ويحظى باهتمام القيادة السياسة والمجتمع البحريني، فإن التربص بأدائها ومراقبته بعين حادة أمر منطقي لا مفر منه، ونلامسه بتصدر النواب المشهد وتصريحاتهم عن أدائها وإحصاءاتها التي لا تلامس الواقع في نظرهم، وأن مبدأ التشكيك هذا مشكلة بحد ذاتها عليها أن تعالجها مع الأيام، وهي التي أوقعت نفسها في مرمى الاتهام لدورانها حول حلقة مكتب توظيف العاطلين، إذ كانت انجازاتها في سابق عهدها متنوعة وغير مقتصرة على التوظيف فقط، كتدريب الباحثين وتأهيلهم لمواكبة سوق العمل وتخريجهم بشهادات معتمدة ورسمية، ثم الزجّ بهم في ميدان العمل، وإنفاذها لأوامر بقصر عدد من الوظائف والمهن على البحرينيين فقط كمدير إدارة الموارد البشرية مثلًا، إذ كانت هذه الوظيفة وغيرها سابقًا غير مسموح بها لغير البحريني، أما الآن فلا يوجد هذا التوجيه والمراقبة من الوزارة على هذه الوظائف.
ويأتي تساؤل لحاضر ومستقبل سوق العمل، هل الأولوية لوزارة العمل هي التخطيط والاعداد والتنسيق لخلق فرص وظيفية للباحثين عن عمل؟ أم تقتصر على البحث من مكتب التوظيف في الوزارة عن فرصة عمل للعاطلين؟
لا يختلف اثنان أن الوزارة تحتاج إلى ديناميكية أكثر، وأن تطرح مبادرات فعالة تهم الباحثين عن عمل وتغير من واقع يحتاج منها إلى هجمة شرسة وإرادة صلبة لمواكبة أعداد الخريجين سنويًا، وهو مبتغى ليس بصعب المنال مع ما تحظى به وزارة العمل من دعم قوي لا محدود من الحكومة الموقرة برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء -حفظه الله ورعاه- لتوظيف العاطلين.
ولها في وزارة السياحة وهيئة البحرين للسياحة والمعارض مثل يحتذى، فمن وزارة تقدم أرقامًا عن أعداد السياح إلى شعلة من النشاط والحيوية، والمجتمع البحريني لاحظ وشعر بالتغيير بين الإحصائيات والأرقام التي كانت تُقدم سابقًا، والأثر للعمل الميداني في الحاضر بكثرة الفعاليات السياحية والاحتفالات والمهرجانات والبرامج التي أثبتت للجميع أن تغييرًا كبيرًا ملحوظًا طرأ على وزارة السياحة وهيئة البحرين للسياحة، والتفاعل الكبير من جمهور المواطنين والمقيمين والسياح، وثناؤهم وإعجابهم دليل على نجاح مساعي الوزارة والهيئة.
أقترح على وزارة العمل التركيز على استهداف بعض القطاعات الحيوية وإدارة دفتها وتصويب مسارها، مثلًا قطاع تجارة التجزئة وبيع المواد الغذائية للشركات الموزعة ووكلاء العلامات التجارية، وقطاع بيع الأجهزة الطبية وقطاع الشحن والتفريغ، وظائف مندوبي المبيعات في هذه القطاعات يتمتعون بحوافز من سيارة وسكن وهاتف ونسبة من إيرادات المبيعات، وهي وظيفة يحلم بها أي شاب يبحث عن وظيفة، فلو يتم الاحلال للبحريني وفق دراسة ممنهجة وتقديم حوافز تشجيعية للقطاع الخاص وفرصة زمنية يتم التوافق عليها مع أصحاب الشأن لاستبدال غير البحرينيين جميعهم بما لا يؤثر سلبًا على إنتاجية الشركات.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك