مؤمنون بقضاء الله وقدره وراضون بحكمه وأمره، نودع أحبة يغادرون هذه الدنيا بلوعة وأسى وقلوب مليئة بالحزن وعيون ملأى بالبكاء، وليس هذا الشعور مجرد إحساس عابر بل هو امتداد للعشرة والصداقة والألفة والمحبة بين الناس، وهكذا أجد نفسي أعزي نفسي أولًا قبل تعزية عائلة وأصدقاء ومعارف الفقيد الحبيب المرحوم فاروق المؤيد «بومحمد».
وأن تعزي نفسك، فهذا يعني أن جزءًا كبيرًا من حياتك انقطع ولا يمكن تعويضه ولكن الأمر لله، فحين أتحدث عن سنوات تزيد على 45 عامًا ربطتني فيه علاقة الأخوة والصداقة والعمل والحل والترحال مع المرحوم «بومحمد»، فإنني أجد في تلك اللحظات التي استعيدها من الذاكرة كيف كان يجمع من حوله في مجلس الإدارة والعاملين ويستمع ويبحث ويطرح الرأي ويتلقى الرأي الآخر، ثم تجد ذلك الجانب العميق وهو التفهم والليونة وتيسير كل أمر قد نراه صعبًا.. بصدره الرحب وابتسامته المعهودة.
أما إذا تحدثت عنه كإنسان، فهذا ميدان يحتاج إلى مقام طويل، فهو ذلك الرجل الذي يعيش مع الناس ويستشعر همومهم ويسعى لمساعدتهم، ولغته التي عرفناه بها هي لغة الابتسامة حتى في الظروف الصعبة، وهذه دلالة على شموخ الإنسان وقوته وجدارته وهي نعم من الله سبحانه وتعالى، ولو تحدثت عما يفرج عن الناس، فلي الكثير من المواقف، اختصرها بالقول إنه حين نتوجه إليه لطلب مساعدة إنسانية لإنسان.. لأي إنسان، فهو لا يسأل عمن ذلك الإنسان، بل يسأل: «كم يكفيه لتزول غمته؟».
وهو ذلك الصديق الذي يرحب بك بحفاوة حتى لو التقيته في الأسبوع أكثر من مرة وكأنه يراك للمرة الأولى، وفي كل مرة تجد تلك البشاشة والترحيب، وله حضوره في كثير من لحظات حياتنا، فلو سافرنا مع مجموعة الأصدقاء، تجده هو قائد الرحلة الذي يشيع فيها أجمل الأوقات، لأنه بكل اختصار واعتزاز يحب كل من حوله.. وأحبه الجميع، وقد شاهدنا في لحظات الوداع الأخيرة إلى مثواه الأخير، تلك الحشود التي حضرت من كل المناطق ومن كل المستويات ومن كل الجنسيات.. كل ذلك دلالة على أن الفقد كبير، لكن، يبقى «بومحمد» رحمه الله في قلوب محبيه، والخلف في أهله وذويه، ونسأل الله أن يتغمده في واسع رحمته ويسكنه فسيح جناته.. إنا لله وإنا إليه راجعون.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك