العدد : ١٧٠٥٥ - الاثنين ٠٢ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٠١ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٥٥ - الاثنين ٠٢ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٠١ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

مقالات

سحابة رأي: هل العالم مستعد لغزو الربوتات؟!

بقلم: إسراء القصاب.

الأحد ١٠ نوفمبر ٢٠٢٤ - 02:00

أثارت‭ ‬مؤخرًا‭ ‬تصريحات‭ ‬الرئيس‭ ‬التنفيذي‭ ‬لشركة‭ ‬تسلا‭ ‬الأمريكية‭ ‬الملياردير‭ ‬إيلون‭ ‬ماسك،‭ ‬خلال‭ ‬مؤتمر‭ ‬‮«‬نحن‭ ‬الربوت‮»‬‭ ‬الذي‭ ‬نظمته‭ ‬شركة‭ ‬تسلا‭ ‬المملوكة‭ ‬له،‭ ‬وأيضًا‭ ‬على‭ ‬هامش‭ ‬أعمال‭ ‬مبادرة‭ ‬مستقبل‭ ‬الاستثمار،‭ ‬التي‭ ‬أقيمت‭ ‬أواخر‭ ‬شهر‭ ‬أكتوبر‭ ‬الماضي‭ ‬في‭ ‬العاصمة‭ ‬السعودية‭ ‬الرياض،‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الدهشة‭ ‬والاستغراب،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬إنها‭ ‬أثارت‭ ‬حفيظة‭ ‬البعض‭!‬

إذ‭ ‬وفق‭ ‬تصريحاته‭ ‬أشار‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬يعتقد‭ ‬بحلول‭ ‬عام‭ ‬2040م،‭ ‬سيبلغ‭ ‬عدد‭ ‬الربوتات‭ ‬نحو‭ ‬ما‭ ‬يقارب‭ ‬الـ10‭ ‬مليارات‭ ‬ربوت،‭ ‬حيث‭ ‬سيتخطى‭ ‬عددها‭ ‬سكان‭ ‬العالم‭! ‬هذا‭ ‬وستكون‭ ‬هذه‭ ‬الربوتات‭ ‬بهيئة‭ ‬إنسان،‭ ‬وقادرة‭ ‬على‭ ‬القيام‭ ‬بالمهام‭ ‬اليومية‭ ‬للبشر‭! ‬كحمل‭ ‬الأشياء‭ ‬الثقيلة،‭ ‬وتبضع‭ ‬الاحتياجات،‭ ‬والمشاركة‭ ‬في‭ ‬الاجتماعات،‭ ‬وتقليم‭ ‬الحشائش،‭ ‬وتمشية‭ ‬الكلاب،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬ألمح‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الربوت‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يحتضن‭ ‬جنينا‭ ‬كأم‭ ‬حاضنة‭ ‬بديلة،‭ ‬وذلك‭ ‬حتى‭ ‬اكتمال‭ ‬فترة‭ ‬نموه،‭ ‬أي‭ ‬ما‭ ‬يقدر‭ ‬بتسعة‭ ‬أشهر‭!‬

الأمر‭ ‬الذي‭ ‬خلق‭ ‬نوعا‭ ‬من‭ ‬الجدل‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬مصدق‭ ‬ومستنكر‭ ‬لهذه‭ ‬الفرضية،‭ ‬ولوتيرة‭ ‬تطور‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬التي‭ ‬أصبحت‭ ‬متسارعة‭ ‬بشكل‭ ‬يصعب‭ ‬على‭ ‬العقل‭ ‬البشري‭ ‬استيعابه،‭ ‬ومازاد‭ ‬من‭ ‬حدة‭ ‬هذا‭ ‬الجدل‭ ‬هو‭ ‬التصريح‭ ‬المتعلق‭ ‬باحتمالية‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬الربوت‭ ‬أمّا‭ ‬بديلة‭! ‬فما‭ ‬بين‭ ‬من‭ ‬يؤيد‭ ‬وجود‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬التقنيات‭ ‬الحديثة‭ ‬التي‭ ‬تسهل‭ ‬الحياة‭ ‬البشرية،‭ ‬بما‭ ‬يحقق‭ ‬مزيدا‭ ‬من‭ ‬الرفاهية‭ ‬خاصة‭ ‬للسيدات‭ ‬اللواتي‭ ‬يعانين‭ ‬من‭ ‬مشاكل‭ ‬في‭ ‬الإنجاب،‭ ‬هناك‭ ‬من‭ ‬يرفض‭ ‬الفكرة‭ ‬معتبرًا‭ ‬إياها‭ ‬معضلة‭ ‬أخلاقية‭ ‬وربما‭ ‬دينية،‭ ‬واختراق‭ ‬صريح‭ ‬لطبيعة‭ ‬العلاقات‭ ‬الإنسانية،‭ ‬وللمغزى‭ ‬الحقيقي‭ ‬من‭ ‬وجودها،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬يثير‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬القلق‭ ‬والمخاوف،‭ ‬لاسيما‭ ‬إبان‭ ‬عدم‭ ‬وجود‭ ‬ضوابط‭ ‬واضحة‭ ‬بخصوص‭ ‬هذا‭ ‬الشأن‭.‬

التساؤلات‭ ‬التي‭ ‬تطرح‭ ‬نفسها،‭ ‬هل‭ ‬العالم‭ ‬مستعد‭ ‬لغزو‭ ‬الربوتات؛‭ ‬خلال‭ ‬ما‭ ‬يقارب‭ ‬الـ15‭ ‬عامًا‭ ‬وفق‭ ‬توقعات‭ ‬إيلون‭ ‬ماسك؟‭! ‬وكيف‭ ‬من‭ ‬الممكن‭ ‬أن‭ ‬تؤثر‭ ‬هذه‭ ‬الثورة‭ ‬التكنولوجية‭ ‬على‭ ‬الحياة‭ ‬البشرية‭ ‬بشكل‭ ‬عام؟‭ ‬ما‭ ‬الآثار‭ ‬التي‭ ‬سيخلفها‭ ‬هذا‭ ‬الوجود‭ ‬التكنولوجي‭ ‬على‭ ‬الصحة‭ ‬النفسية‭ ‬والحياة‭ ‬الاجتماعية‭ ‬للبشرية؟‭ ‬وكيف‭ ‬من‭ ‬الممكن‭ ‬أن‭ ‬تؤثر‭ ‬على‭ ‬الفرص‭ ‬الوظيفية‭ ‬والحالة‭ ‬الاجتماعية؟‭ ‬وماذا‭ ‬عن‭ ‬التبعات‭ ‬القانونية‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬تترتب‭ ‬بناء‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬الوجود؟

لا‭ ‬شك‭ ‬ان‭ ‬هناك‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬التحديات‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬ترافق‭ ‬هذا‭ ‬التطور،‭ ‬كارتفاع‭ ‬كلفة‭ ‬تطوير‭ ‬وصيانة‭ ‬هذه‭ ‬الروبوتات،‭ ‬الحاجة‭ ‬الى‭ ‬وجود‭ ‬طاقة‭ ‬تشغيلية‭ ‬مستدامة‭ ‬فترات‭ ‬طويلة؛‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬الحاجة‭ ‬الى‭ ‬شحن‭ ‬مستمر،‭ ‬تطوير‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬بما‭ ‬يضمن‭ ‬تفاعلية‭ ‬الربوتات‭ ‬مع‭ ‬البشر‭ ‬والبيئة‭ ‬المحيطة‭ ‬بشكل‭ ‬أمثل‭.‬

ناهيك‭ ‬عن‭ ‬ان‭ ‬انتشار‭ ‬هذه‭ ‬الربوتات‭ ‬البشرية‭ ‬قد‭ ‬يؤثر‭ ‬بشكل‭ ‬بارز‭ ‬على‭ ‬خريطة‭ ‬العلاقات‭ ‬الاجتماعية‭ ‬الإنسانية،‭ ‬وذلك‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الاعتماد‭ ‬الكلي‭ ‬على‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬في‭ ‬تسيير‭ ‬الأمور‭ ‬الحياتية،‭ ‬مما‭ ‬قد‭ ‬يقلل‭ ‬التواصل‭ ‬البشري،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬قد‭ ‬يولد‭ ‬الشعور‭ ‬بالوحدة‭ ‬والانعزال،‭ ‬وقد‭ ‬يترتب‭ ‬عليه‭ ‬مشكلات‭ ‬تؤثر‭ ‬على‭ ‬الصحة‭ ‬النفسية‭ ‬كالاكتئاب‭ ‬وما‭ ‬شابه،‭ ‬ولذلك‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬من‭ ‬تحقيق‭ ‬وجود‭ ‬وعي‭ ‬مجتمعي،‭ ‬يضمن‭ ‬استخداما‭ ‬صحيا‭ ‬ومتوازنا‭ ‬للتكنولوجيا‭ ‬لتلافي‭ ‬ذلك‭.‬

ومن‭ ‬جانب‭ ‬آخر،‭ ‬لا‭ ‬شك‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الربوتات‭ ‬ستؤثر‭ ‬على‭ ‬سوق‭ ‬العمل،‭ ‬حيث‭ ‬من‭ ‬المتوقع‭ ‬أن‭ ‬يؤدي‭ ‬انتشارها‭ ‬إلى‭ ‬تغييرات‭ ‬جذرية‭ ‬على‭ ‬عرض‭ ‬الوظائف،‭ ‬خاصة‭ ‬انها‭ ‬ستكون‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬أداء‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المهام‭ ‬البشرية‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬القطاعات‭: ‬كالتعليم،‭ ‬والصحة،‭ ‬والصناعة،‭ ‬والخدمات،‭ ‬والإعلام‭... ‬إلخ،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬من‭ ‬شأنه‭ ‬أن‭ ‬يضاعف‭ ‬من‭ ‬مشاكل‭ ‬البطالة،‭ ‬ويزيد‭ ‬من‭ ‬رقعة‭ ‬الطبقة‭ ‬الاجتماعية‭ ‬الدنيا،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬سيلقي‭ ‬على‭ ‬عاتق‭ ‬الدول‭ ‬مسؤوليات‭ ‬جديدة،‭ ‬تتجسد‭ ‬في‭ ‬إيجاد‭ ‬حلول‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬خلق‭ ‬توازن‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬التطور‭ ‬التكنولوجي‭ ‬والتوظيف‭ ‬البشري،‭ ‬وذلك‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬خلق‭ ‬فرص‭ ‬وظيفية‭ ‬جديدة،‭ ‬وذلك‭ ‬يتطلب‭ ‬تأهيلا‭ ‬وتدريبا‭ ‬للأفراد‭. ‬

وفي‭ ‬سياق‭ ‬آخر،‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬من‭ ‬وجود‭ ‬تبعات‭ ‬قانونية‭ ‬يترتب‭ ‬عليها‭ ‬وجود‭ ‬هذه‭ ‬الروبوتات،‭ ‬وذلك‭ ‬للمحافظة‭ ‬على‭ ‬حماية‭ ‬الخصوصية‭ ‬وتحقيق‭ ‬الأمان،‭ ‬وحماية‭ ‬البيانات‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬يتعامل‭ ‬معها‭ ‬الربوت‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬انتهاك،‭ ‬وكذلك‭ ‬يجب‭ ‬الأخذ‭ ‬بعين‭ ‬الاعتبار،‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬ما‭ ‬وقع‭ ‬الربوت‭ ‬بأي‭ ‬خطأ؛‭ ‬من‭ ‬سيكون‭ ‬المسؤول؟‭ ‬هل‭ ‬ستتحمل‭ ‬الجهة‭ ‬المستخدمة‭ ‬تبعات‭ ‬الضرر؟‭ ‬أم‭ ‬ستتولى‭ ‬ذلك‭ ‬الشركة‭ ‬المصنعة؟‭ ‬أم‭ ‬سيعتبر‭ ‬الربوت‭ ‬كائنا‭ ‬قائما‭ ‬بحد‭ ‬ذاته؟‭! ‬لهذا‭ ‬يجب‭ ‬وجود‭ ‬أطر‭ ‬قانونية‭ ‬تعنى‭ ‬بحماية‭ ‬الحقوق،‭ ‬وتكفل‭ ‬التعامل‭ ‬السليم‭ ‬مع‭ ‬هذه‭ ‬الثورة‭ ‬التكنولوجية‭.‬

إن‭ ‬الغرض‭ ‬الأساسي‭ ‬من‭ ‬وجود‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬هو‭ ‬تحسين‭ ‬جودة‭ ‬حياة‭ ‬الأفراد،‭ ‬لا‭ ‬لخلاف‭ ‬ذلك‭! ‬وإذا‭ ‬ما‭ ‬تحققت‭ ‬رؤى‭ ‬وأحلام‭ ‬إيلون‭ ‬ماسك‭ ‬الجريئة‭ ‬والطموحة،‭ ‬فنحن‭ ‬أمام‭ ‬نقلة‭ ‬نوعية‭ ‬عالمية،‭ ‬وانطلاقة‭ ‬عصر‭ ‬تكنولوجي‭ ‬غير‭ ‬مسبوق،‭ ‬إلا‭ ‬انها‭ ‬انطلاقة‭ ‬تستوجب‭ ‬أن‭ ‬يتم‭ ‬الإعداد‭ ‬لها‭ ‬بشكل‭ ‬جيد،‭ ‬كما‭ ‬تستوجب‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الدراسة،‭ ‬والتأني،‭ ‬والحذر،‭ ‬وذلك‭ ‬لتقليل‭ ‬الأضرار‭ ‬والمخاطر،‭ ‬وتعزيز‭ ‬المكاسب‭ ‬والفوائد‭. ‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا