العدد : ١٧٠٥٥ - الاثنين ٠٢ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٠١ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٥٥ - الاثنين ٠٢ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٠١ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

مقالات

التقدير سيأتي يوما

بقلم: المحامية د. هنادي عيسى الجودر

الأحد ٢٠ أكتوبر ٢٠٢٤ - 02:00

القراء‭ ‬الأعزاء،‭ ‬

حديث‭ ‬الوطنية‭ ‬والمواطنة‭ ‬يعتبر‭ ‬من‭ ‬الأحاديث‭ ‬ذات‭ ‬الشجون‭ ‬والتي‭ ‬لها‭ ‬زوايا‭ ‬متعددة‭ ‬ومشارب‭ ‬لا‭ ‬ينضب‭ ‬معينها‭ ‬أبداً،‭ ‬لذا‭ ‬أحببت‭ ‬أن‭ ‬أتناوله‭ ‬اليوم‭ ‬من‭ ‬زاوية‭ ‬جديدة‭ ‬وهي‭ ‬زاوية‭ ‬الشكوى‭ ‬من‭ ‬عدم‭ ‬التقدير‭.‬

ولا‭ ‬شك‭ ‬بأن‭ ‬الوطن‭ ‬هو‭ ‬الملاذ‭ ‬والعشق‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يضاهيه‭ ‬شيء،‭ ‬وربما‭ ‬نستطيع‭ ‬أن‭ ‬نضاهيه‭ ‬بالمثل‭ ‬العربي‭ ‬القائل‭ ‬إن‭ (‬الصحة‭ ‬تاج‭ ‬على‭ ‬رؤوس‭ ‬الأصحاء‭ ‬لا‭ ‬يراه‭ ‬إلا‭ ‬المرضى‭)‬،‭ ‬ونقول‭ ‬إن‭ ‬الوطن‭ ‬هو‭ ‬التاج‭ ‬الذي‭ ‬على‭ ‬رؤوس‭ ‬المواطنين‭ ‬والذي‭ ‬لا‭ ‬يراه‭ ‬سوى‭ ‬من‭ ‬فقد‭ ‬وطنه‭ ‬وأصبح‭ ‬بلا‭ ‬وطن،‭ ‬ومن‭ ‬الموجع‭ ‬لقلوبنا‭ ‬أن‭ ‬نرى‭ ‬اخوتنا‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬وفي‭ ‬مقدمتهم‭ ‬أصحاب‭ ‬القضية‭ ‬العربية‭ ‬الإسلامية‭ ‬الأولى‭ ‬اخوتنا‭ ‬الفلسطينيون‭ ‬وهم‭ ‬مجبرون‭ ‬على‭ ‬مغادرة‭ ‬أوطانهم‭ ‬بسبب‭ ‬أوضاعها‭ ‬الداخلية،‭ ‬فلا‭ ‬شيء‭ ‬أمرّ‭ ‬على‭ ‬الإنسان‭ ‬من‭ ‬اضطراره‭ ‬لمغادرة‭ ‬وطنه‭ ‬رغماً‭ ‬عنه،‭  ‬فقد‭ ‬لمسنا‭ ‬هذا‭ ‬الجرح‭ ‬لدى‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الأصدقاء‭ ‬الذي‭ ‬عايشوا‭ ‬هذه‭ ‬التجربة،‭ ‬لذا‭ ‬الوطن‭ ‬دائماً‭ ‬وأبداً‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يبقى‭ ‬أولاً‭ ‬لمواطنيه،‭ ‬لذا‭ ‬دائماً‭ ‬تبقى‭ ‬البحرين‭ ‬لنا‭ ‬أولاً،‭ ‬ولذا‭ ‬نبذل‭ ‬لها‭ ‬كل‭ ‬الحب‭ ‬وكل‭ ‬الجهد‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬أن‭ ‬نكون‭ ‬حجراً‭ ‬صغيراً‭ ‬في‭ ‬عجلة‭ ‬تقدمها‭ ‬ونهضتها‭ ‬ونفتخر‭ ‬بذلك‭.‬

وما‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬نتوقف‭ ‬عنده‭ ‬هو‭ ‬شكوى‭ ‬أسمعها‭ ‬كثيراً‭ ‬وأعتقد‭ ‬بأن‭ ‬الكثير‭ ‬منكم‭ ‬يسمعها‭ ‬أيضاً‭ ‬وربما‭ ‬يُرددها‭ ‬أحيانا،‭ ‬وهي‭ ‬جملة‭ ‬تقال‭ ‬في‭ ‬رثاء‭ ‬الحال‭ ‬والشعور‭ ‬بعدم‭ ‬التقدير‭ (‬محد‭ ‬يقّدرنا‭ ‬ولا‭ ‬يقدّر‭ ‬جهودنا‭) ‬سواء‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الوظيفة‭ ‬أو‭ ‬العمل‭ ‬التطوعي‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬في‭ ‬العلاقات‭ ‬الاجتماعية،‭ ‬وقد‭ ‬تتسبب‭ ‬هذه‭ ‬الجملة‭ ‬أحياناً‭ ‬في‭ ‬إحجام‭ ‬المتطوعين‭ ‬عن‭ ‬العمل‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬تقصير‭ ‬الموظف‭ ‬في‭ ‬أداء‭ ‬مهام‭ ‬وظيفته‭ ‬وتكون‭ ‬مفتاحاً‭ ‬للإحباط‭ ‬وتراجع‭ ‬الدور‭ ‬المجتمعي‭ ‬الذي‭ ‬يقوم‭ ‬به‭ ‬الإنسان،‭ ‬أو‭ ‬ربما‭ ‬تثير‭ ‬الضغينة‭ ‬بين‭ ‬أفراد‭ ‬الأسرة‭ ‬أو‭ ‬الأقارب‭ ‬أو‭ ‬الأصدقاء‭ ‬وتُفسد‭ ‬صفاء‭ ‬علاقاتهم‭.‬

ومن‭ ‬المؤكد‭ ‬بأن‭ ‬عمل‭ ‬المواطن‭ ‬سواء‭ ‬على‭ ‬رأس‭ ‬الوظيفة‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬مجالات‭ ‬العمل‭ ‬التطوعي‭ ‬هو‭ ‬وسيلته‭ ‬في‭ ‬أداء‭ ‬دوره‭ ‬واسهامه‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬نماء‭ ‬وطنه‭ ‬هو‭ ‬وسيلة‭ ‬للتعبير‭ ‬عن‭ ‬الوطنية‭ ‬سواء‭ ‬بصورة‭  ‬مباشرة‭ ‬أو‭ ‬غير‭ ‬مباشرة‭  ‬باعتبار‭ ‬ذلك‭ ‬الجهد‭ ‬أداة‭ ‬من‭ ‬أدوات‭ ‬ابراز‭ ‬المواطنة،‭ ‬لذا‭  ‬ففي‭ ‬رأيي‭ ‬بأن‭ ‬العمل‭ ‬سواء‭ ‬كان‭ ‬بأجر‭ ‬أو‭ ‬تطوعاً‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬هو‭ ‬الهدف‭ ‬الرئيسي‭ ‬للإنسان‭ ‬وأن‭ ‬يُركّز‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬يبذله‭ ‬من‭ ‬جهد‭ ‬لازم‭ ‬لتحقيق‭ ‬نتائج‭ ‬إيجابية‭ ‬تصب‭ ‬في‭ ‬صالح‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬أهداف‭ ‬المكان‭ ‬الذي‭ ‬ينتمي‭ ‬إليه،‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬الالتفات‭ ‬إلى‭ ‬تقدير‭ ‬الآخرين‭ ‬له،‭ ‬فالأهم‭ ‬هو‭ ‬تقدير‭ ‬الإنسان‭ ‬لذاته‭ ‬لأن‭ ‬الآخرين‭ ‬قد‭ ‬تمنعهم‭ ‬دوافعهم‭ ‬الشخصية‭ ‬من‭ ‬تقديرك‭ ‬كل‭ ‬بحسب‭ ‬أسبابه‭ ‬لذا‭ ‬وتجنُباً‭ ‬للإحباط‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬لا‭ ‬تجعل‭ ‬الآخرين‭ ‬مرآة‭ ‬لك،‭ ‬فلا‭ ‬تعلم‭ ‬ما‭ ‬تضمره‭ ‬دواخلهم‭ ‬من‭ ‬مشاعر‭ ‬قد‭ ‬لا‭ ‬تُسرّك‭ ‬وقد‭ ‬تتسبب‭ ‬في‭ ‬الاضرار‭ ‬باستقرارك‭ ‬النفسي،‭ ‬ويؤثر‭ ‬بالتالي‭ ‬على‭ ‬الوطن‭ ‬كحاضنة‭ ‬لجميع‭ ‬أبنائه،‭ ‬وثق‭ ‬تماماً‭ ‬بأن‭ ‬التقدير‭ ‬متحقق‭ ‬بصورة‭ ‬غير‭ ‬مباشرة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الأثر‭ ‬الذي‭ ‬يتركه‭ ‬جهدك‭ ‬في‭ ‬الآخرين‭ ‬حتى‭ ‬وإن‭ ‬لم‭ ‬يعترفوا‭ ‬به،‭ ‬وثق‭ ‬أيضاً‭ ‬بأن‭ ‬التقدير‭ ‬سيأتي‭ ‬يوماً‭ ‬بصورة‭ ‬مباشرة‭  ‬بلا‭ ‬شك‭.‬

 

Hanadi‭_‬aljowder@hotmial‭.‬com

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا