العدد : ١٧٠٥٥ - الاثنين ٠٢ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٠١ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٥٥ - الاثنين ٠٢ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٠١ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

مقالات

البحرين هويتنا الوطنية

بقلم: المحامية د. هنادي عيسى الجودر

الأحد ١٣ أكتوبر ٢٠٢٤ - 02:00

القراء‭ ‬الأعزاء،

من‭ ‬المواضيع‭ ‬المهمة‭ ‬التي‭ ‬تستحق‭ ‬التركيز‭ ‬عليها‭ ‬على‭ ‬الصعيدين‭ ‬الرسمي‭ ‬والأهلي‭ ‬والشعبي‭ ‬هو‭ ‬موضوع‭ ‬الهوية‭ ‬الوطنية،‭ ‬وهي‭ ‬عنصر‭ ‬واحد‭ ‬من‭ ‬مجموعة‭ ‬عناصر‭ ‬تُشكل‭ ‬هوية‭ ‬الانسان،‭ ‬ولكن‭ ‬تكمن‭ ‬أهمية‭ ‬الهوية‭ ‬الوطنية‭ ‬في‭ ‬كونها‭ ‬عاملا‭ ‬محوريا‭ ‬في‭ ‬نماء‭ ‬واستقرار‭ ‬المجتمعات‭ ‬والدول،‭ ‬والشكر‭ ‬كل‭ ‬الشكر‭ ‬لجهود‭ ‬وزارة‭ ‬الداخلية‭ ‬في‭ ‬تعزيز‭ ‬الهوية‭ ‬الوطنية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬برامج‭ ‬عدة‭ ‬أهمها‭ (‬بحريننا‭).‬

ولا‭ ‬يمكن‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬الهوية‭ ‬الوطنية‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬التطرق‭ ‬إلى‭ ‬الانتماء‭ ‬الوطني‭ ‬إذ‭ ‬يُلازم‭ ‬أحدهما‭ ‬الآخر،‭ ‬والانتماء‭ ‬يقتضي‭ ‬حب‭ ‬الوطن‭ ‬وتفضيله‭ ‬وتقديمه‭ ‬على‭ ‬الدم‭ ‬والروح‭ ‬والمال،‭ ‬والحرص‭ ‬على‭ ‬سلامته‭ ‬واستقراره‭ ‬وأمنه،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬لن‭ ‬يتأتى‭ ‬سوى‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تفعيل‭ ‬دور‭ ‬الأسرة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الصدد‭. ‬

وحيث‭ ‬إنه‭ ‬من‭ ‬المعلوم‭ ‬أن‭ ‬الأسرة‭ ‬أساس‭ ‬المجتمعات‭ ‬وأنها‭ ‬إذا‭ ‬صلحت‭ ‬يصلُح‭ ‬المجتمع‭ ‬كله،‭ ‬لذا‭ ‬تلعب‭ ‬الأسرة‭ ‬دوراً‭ ‬أساسياً‭ ‬في‭ ‬تعزيز‭ ‬الهوية‭ ‬الوطنية،‭ ‬ذلك‭ ‬الدور‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يضاهيه‭ ‬أي‭ ‬جهد‭ ‬أو‭ ‬دور‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬جهة‭ ‬أخرى،‭ ‬إذ‭ ‬تمتلك‭ ‬الأسرة‭ ‬الصفحة‭ ‬البيضاء‭ ‬الأولى‭ ‬وهي‭ ‬التي‭ ‬تنقش‭ ‬فيها‭ ‬أول‭ ‬المعاني‭ ‬والمفاهيم‭ ‬والمشاعر‭ ‬والأفكار،‭ ‬لذا‭ ‬فإن‭ ‬البداية‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬من‭ ‬الأسرة‭ ‬نفسها‭ ‬التي‭ ‬أرى‭ ‬ضرورة‭ ‬أن‭ ‬تتوجه‭ ‬البرامج‭ ‬التوعوية‭ ‬نحوها‭ ‬لتوعيتها‭ ‬بضرورة‭ ‬الحرص‭ ‬في‭ ‬التعاطي‭ ‬مع‭ ‬أطفالها‭ ‬اثناء‭ ‬نقل‭ ‬المعرفة‭ ‬الأولى‭ ‬والحذر‭ ‬من‭ ‬الأفكار‭ ‬والمفاهيم‭ ‬التي‭ ‬ستمررها‭ ‬إلى‭ ‬هذه‭ ‬الصفحات‭ ‬البيضاء‭ ‬التي‭ ‬ستمثّل‭ ‬بدورها‭ ‬عناصر‭ ‬بناء‭ ‬المجتمع‭ ‬وبقاء‭ ‬الدولة‭.‬

ومن‭ ‬المؤكد‭ ‬أنه‭ ‬عند‭ ‬المواطن‭ ‬عندما‭ ‬تنطق‭ ‬كلمة‭ ‬الوطن‭ ‬وفي‭ ‬قلبي‭ ‬اللحظة‭ ‬نبضت‭ (‬البحرين‭)- ‬تزاحمت‭ ‬المشاعر‭ ‬والذكريات‭ ‬والأماكن‭ ‬والطفولة‭ ‬والصبا‭ ‬والشخوص‭ ‬والروائح‭ ‬الطيبة‭ ‬والوجوه‭ ‬وكميات‭ ‬الهواء‭ ‬التي‭ ‬تسللت‭ ‬إلى‭ ‬الصدور،‭ ‬والطيور‭ ‬والبحر‭ ‬ومياهه‭ ‬التي‭ ‬كثير‭ ‬ما‭ ‬أوشكنا‭ ‬على‭ ‬الغرق‭ ‬فيها‭ ‬ولكننا‭ ‬ننجو،‭ ‬والنخيل‭ ‬والألوان‭ ‬والشمس‭ ‬إشراقاً‭ ‬ومغيباً،‭ ‬والدلة‭ ‬والقهوة‭ ‬ورائحة‭ ‬الهيل‭ ‬والزعفران‭ ‬وابتسامة‭ ‬رجل‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬السن‭ ‬وسط‭ ‬تجاعيده‭ ‬المرسومة‭ ‬مثل‭ ‬قطعة‭ ‬فنية‭ ‬بديعة،‭ ‬ولمسة‭ ‬يد‭ ‬امرأة‭ ‬عجوز‭ ‬تخفي‭ ‬وجهها‭ ‬خلف‭ ‬غطاء‭ (‬غشوة‭ ‬أو‭ ‬بطولة‭) ‬تزيدها‭ ‬وقاراً‭ ‬وجمالاً،‭ ‬وألعابنا‭ ‬وركضنا‭ ‬وضحكاتنا‭ ‬وقصصنا‭ ‬و‭.. ‬و‭.. ‬و‭..‬،‭ ‬تفاصيل‭ ‬كثيرة‭ ‬تشُدّنا‭ ‬إلى‭ ‬الوطن‭ ‬وتُحكم‭ ‬وثاقنا‭ ‬به‭ ‬فلا‭ ‬نراه‭ ‬إلا‭ ‬رمزاً‭ ‬شامخاً‭ ‬نفخر‭ ‬بانتمائنا‭ ‬إليه،‭ ‬لأن‭ ‬الهوية‭ ‬الوطنية‭ ‬تقتضي‭ ‬التماهي‭ ‬مع‭ ‬الوطن‭ ‬بكل‭ ‬تفاصيله‭ ‬وكيانه‭ ‬وثقافته‭ ‬وأن‭ ‬يدين‭ ‬الإنسان‭ ‬فيه‭ ‬بالولاء‭ ‬له‭ ‬ولجميع‭ ‬النعم‭ ‬المرتبطة‭ ‬به،‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬بحال‭ ‬أن‭ ‬توفرها‭ ‬له‭ ‬دولة‭ ‬أخرى،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تفهمه‭ ‬وتعيه‭ ‬الأجيال‭ ‬الجديدة،‭ ‬إذ‭ ‬أثبتت‭ ‬التجارب‭ ‬المختلفة‭ ‬أن‭ ‬كرامة‭ ‬الإنسان‭ ‬مرتبطة‭ ‬بولائه‭ ‬لوطنه‭ ‬وشعوره‭ ‬بالانتماء‭ ‬إليه‭ ‬قولاً‭ ‬وفعلاً،‭ ‬إذ‭ ‬إن‭ ‬الأصل‭ ‬أن‭ ‬الوطن‭ ‬هو‭ ‬الوحيد‭ ‬الذي‭ ‬يُعنى‭ ‬بمواطنيه،‭ ‬وأن‭ ‬عناية‭ ‬الأماكن‭ ‬الأخرى‭ (‬المناكب‭ ‬الأخرى‭ ‬التي‭ ‬سيسعى‭ ‬لها‭ ‬الإنسان‭) ‬ستكون‭ ‬مرتبطة‭ ‬ببذله‭ ‬وجهده‭ ‬وتفانيه‭ ‬وإخلاصه‭ ‬الذي‭ ‬لن‭ ‬تتحقق‭ ‬كرامته‭ ‬خارج‭ ‬بلاده‭ ‬سوى‭ ‬به،‭ ‬فمن‭ ‬باب‭ ‬أولى‭ ‬أن‭ ‬يُكرّس‭ ‬الانسان‭ ‬جهده‭ ‬وبذله‭ ‬وإخلاصه‭ ‬وولاءه‭ ‬وانتمائه‭ ‬إلى‭ ‬وطنه‭ ‬وحتماً‭ ‬سيجد‭ ‬مردوداً‭ ‬لذلك‭ ‬ذات‭ ‬يوم‭ ‬عاجلاً‭ ‬أو‭ ‬آجلاً‭. ‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا