القراء الأعزاء،
من المواضيع المهمة التي تستحق التركيز عليها على الصعيدين الرسمي والأهلي والشعبي هو موضوع الهوية الوطنية، وهي عنصر واحد من مجموعة عناصر تُشكل هوية الانسان، ولكن تكمن أهمية الهوية الوطنية في كونها عاملا محوريا في نماء واستقرار المجتمعات والدول، والشكر كل الشكر لجهود وزارة الداخلية في تعزيز الهوية الوطنية من خلال برامج عدة أهمها (بحريننا).
ولا يمكن الحديث عن الهوية الوطنية من دون التطرق إلى الانتماء الوطني إذ يُلازم أحدهما الآخر، والانتماء يقتضي حب الوطن وتفضيله وتقديمه على الدم والروح والمال، والحرص على سلامته واستقراره وأمنه، وهو ما لن يتأتى سوى من خلال تفعيل دور الأسرة في هذا الصدد.
وحيث إنه من المعلوم أن الأسرة أساس المجتمعات وأنها إذا صلحت يصلُح المجتمع كله، لذا تلعب الأسرة دوراً أساسياً في تعزيز الهوية الوطنية، ذلك الدور الذي لا يضاهيه أي جهد أو دور من أي جهة أخرى، إذ تمتلك الأسرة الصفحة البيضاء الأولى وهي التي تنقش فيها أول المعاني والمفاهيم والمشاعر والأفكار، لذا فإن البداية يجب أن تكون من الأسرة نفسها التي أرى ضرورة أن تتوجه البرامج التوعوية نحوها لتوعيتها بضرورة الحرص في التعاطي مع أطفالها اثناء نقل المعرفة الأولى والحذر من الأفكار والمفاهيم التي ستمررها إلى هذه الصفحات البيضاء التي ستمثّل بدورها عناصر بناء المجتمع وبقاء الدولة.
ومن المؤكد أنه عند المواطن عندما تنطق كلمة الوطن –وفي قلبي اللحظة نبضت (البحرين)- تزاحمت المشاعر والذكريات والأماكن والطفولة والصبا والشخوص والروائح الطيبة والوجوه وكميات الهواء التي تسللت إلى الصدور، والطيور والبحر ومياهه التي كثير ما أوشكنا على الغرق فيها ولكننا ننجو، والنخيل والألوان والشمس إشراقاً ومغيباً، والدلة والقهوة ورائحة الهيل والزعفران وابتسامة رجل كبير في السن وسط تجاعيده المرسومة مثل قطعة فنية بديعة، ولمسة يد امرأة عجوز تخفي وجهها خلف غطاء (غشوة أو بطولة) تزيدها وقاراً وجمالاً، وألعابنا وركضنا وضحكاتنا وقصصنا و.. و.. و..، تفاصيل كثيرة تشُدّنا إلى الوطن وتُحكم وثاقنا به فلا نراه إلا رمزاً شامخاً نفخر بانتمائنا إليه، لأن الهوية الوطنية تقتضي التماهي مع الوطن بكل تفاصيله وكيانه وثقافته وأن يدين الإنسان فيه بالولاء له ولجميع النعم المرتبطة به، التي لا يمكن بحال أن توفرها له دولة أخرى، وهذا ما يجب أن تفهمه وتعيه الأجيال الجديدة، إذ أثبتت التجارب المختلفة أن كرامة الإنسان مرتبطة بولائه لوطنه وشعوره بالانتماء إليه قولاً وفعلاً، إذ إن الأصل أن الوطن هو الوحيد الذي يُعنى بمواطنيه، وأن عناية الأماكن الأخرى (المناكب الأخرى التي سيسعى لها الإنسان) ستكون مرتبطة ببذله وجهده وتفانيه وإخلاصه الذي لن تتحقق كرامته خارج بلاده سوى به، فمن باب أولى أن يُكرّس الانسان جهده وبذله وإخلاصه وولاءه وانتمائه إلى وطنه وحتماً سيجد مردوداً لذلك ذات يوم عاجلاً أو آجلاً.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك