القراء الأعزاء،
كتبت سابقاً عن الفرق بين الوطنية والمواطنة وبأن الأولى قوامها الشعور والثانية قوامها العمل المنبثق منه؛ فالمُحرّك الأساسي للمواطنة الصالحة والعمل والاسهام الفعلي في بناء الوطن ورفعته وازدهاره والحفاظ على سمعته ومكانته هو مشاعر الوطنية.
والعمل لخير الوطن وصالحه قد يكون مقابل أجر وهو حق مستحق، وقد يكون من دون مقابل أي تطوعاً، وإن السعيد من اجتهد ليحظى بكليهما، إذ في كلتا الحالتين سيُسهم في دفع عجلة التنمية في الوطن، وفي الحالتين سيحقق المواطن منفعة شخصية، ولكن ربما لا يعلم البعض ممن يهتمون بالربح المادي الآني حقيقة أن منفعة الوظيفة هي نفع مباشر يتمثل في الأجر وفق مبدأ (الأجر مقابل العمل) في حين أن منفعة العمل التطوعي هي منفعة غير مباشرة وغالباً ما تكون مزيجاً من الكسب المعنوي والمادي، ذلك أن الاشتغال في العمل التطوعي سيُكسب المتطوع خبرة وسمعة ومكانة في المجتمع بحجم ما يبذله من وقته وجهده وكفاءة أدائه وجودته، ويحقق له الرضا النفسي ولأسرته الفخر، وفي الوقت ذاته قد يفتح وجوده على رأس العمل التطوعي آفاقاً وأبواباً ما كان ليصل إليها لولا اشتغاله به، من توسع في العلاقات الاجتماعية والعلاقات العامة وكسب سمعة قد تُسهم في تطوّره وقد توصله إلى الكسب المادي من خلال اتاحة فرص عملية ما كانت لتخطر له على بال، كُلّ بحسب جهده وعمله.
لذا يجب على الشباب تنمية وعيهم بأهمية العمل التطوعي وآثاره على مستقبلهم ومسيرتهم المهنية والاجتماعية والاقتصادية، والعلم أن الاشتغال بالعمل التطوعي يُعد صورة من أهم صور المواطنة الصالحة التي فيها يعطي المواطن لوطنه حُباً وكرامة من دون أجر أو مقابل مباشر.
وفي الذكرى السنوية لليوم الدولي للمتطوعين أو يوم التطوع العالمي الذي تحتفي به دول العالم في الخامس من شهر سبتمبر من كل عام منذ عام 1985، حيث يتم الاحتفاء بالمتطوعين في العالم عرفانا وشُكراً على تكريس وقتهم وجهدهم للإسهام في خدمات تطوعية إنسانية وطنياً، أخذاً في الاعتبار أن مجموع الجهود الوطنية التطوعية في كل دولة ستصب مجتمعة في تحقيق الصالح الإنساني العالمي.
وتُمثّل المنظمات الأهلية –منظمات المجتمع المدني– الحاضنة الأولى والأكثر أهمية للعمل التطوعي في البحرين، وسأتناول في هذا المقال غير السياسية منها التي تخضع لأحكام المرسوم بقانون رقم 21 لسنة 1989 بإصدار قانون الجمعيات والأندية الاجتماعية والثقافية والهيئات الخاصة، الذي عهد بالإشراف الإداري على الجمعيات والأندية إلى عدد من الوزارات والهيئات العامة كلّ بحسب طبيعة اختصاصه، حيث اعتبر وزارة التنمية الجهة الإدارية المختصة للجمعيات عموما ولأماكن الإيواء وللأندية الثـقافية والاجتماعية الخاصة بالجاليات الأجنبية أو التي تـنشئها الهيئات الخاصة والشركات وكذلك المؤسسات الخاصة، واعتبر هيئة البحرين للثقافة والآثار المختصة إدارياً فيما يتعلق بالجمعيات الثـقافية والفنية الوطنية، واعتبر الهيئة العامة للرياضة (المؤسسة العامة للشباب والرياضة) المختصة إدارياً على الهيئات الخاصة العاملة في ميدان الشباب والرياضة والأندية الأخرى غير التابعة لوزارة التنمية الاجتماعية.
وباعتباري من الأشخاص المهتمين بالعمل التطوعي وأتمتع بعضوية العديد من الجمعيات متنوعة ومختلفة الأهداف، منها ما يخضع إدارياً لوزارة التنمية والآخر لهيئة البحرين للثقافة، بالتطرق إلى دور وزارة التنمية باعتبار تعاملي المباشر مع الوزارة من خلال مستلزمات العمل التطوعي بالإضافة إلى الملحوظ من دور الوزارة في تعزيز دور المنظمات الأهلية والدور التوعوي الذي تمارسه على صعيد العمل في المنظمات أو حتى التوعية المجتمعية في مجالات مختلفة، مقدّرة بشكل شخصي المهمة الملقاة على عاتق وزير التنمية الشاب المستشار أسامة العصفور، في الوقت الذي بلغ فيه عدد الجمعيات حتى أغسطس هذا العام (675) جمعية، وقد قامت الوزارة خلال الأشهر القليلة الماضية من هذا العام بتقديم العديد من الاستشارات المتخصصة القانونية والمالية والفنية لهذه الجمعيات، وأشرفت بشكل مباشر على عملية اصدار التراخيص والتصاريح المالية منها 53 تصريحا تتعلق بجمع المال للمنفعة العامة و22 تصريحا تتعلق بتسلم أموال من خارج البحرين و25 تصريحا تتعلق بإرسال الأموال، بجانب 9 دورات تدريبية استفاد منها 336 عضوا من 215 منظمة أهلية، بجانب مهامها الأخرى الملتصقة مباشرة بحقوق المواطن أهمها الضمان الاجتماعي غير القائم على الاشتراكات.
وبجانب اعتزازي بهذا الدور المشكور، وبهدف تطوير الجهود وتعزيزها، يهمني هنا التأكيد أن وصول الوزارة إلى تحقيق أهدافها فيما يتعلق بالمنظمات الأهلية والاستدامة في عملها باعتبارها تقوم على العمل التطوعي يجب ألا يقتصر على الإدارات المختصة فيها، بل إنه جهد مجتمعي متكامل يقوم على التعاون بين الوزارة والمواطنين، لذا فإن مسألة الوعي تبقى دائماً هي الأصل والأساس، ويتحقق الوعي من خلال التوعية عبر نشر وتبادل المعرفة التي تُعزز وتنمي الوعي لدى الجميع، ويجب أن تكون هدفاً دائماً ومستمراً لمواكبة المستجدات، وأن يكون المستهدف بالتوعية بها هم المواطنون والموظفون معاً.
Hanadi_aljowder@hotmail.com
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك