العدد : ١٦٩٨١ - الخميس ١٩ سبتمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٦ ربيع الأول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٦٩٨١ - الخميس ١٩ سبتمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٦ ربيع الأول ١٤٤٦هـ

مقالات

المواطنة في العمل التطوعي

بقلم: المحامية د. هنادي عيسى الجودر

الأحد ١٥ سبتمبر ٢٠٢٤ - 02:00

القراء‭ ‬الأعزاء،

كتبت‭ ‬سابقاً‭ ‬عن‭ ‬الفرق‭ ‬بين‭ ‬الوطنية‭ ‬والمواطنة‭ ‬وبأن‭ ‬الأولى‭ ‬قوامها‭ ‬الشعور‭ ‬والثانية‭ ‬قوامها‭ ‬العمل‭ ‬المنبثق‭ ‬منه؛‭ ‬فالمُحرّك‭ ‬الأساسي‭ ‬للمواطنة‭ ‬الصالحة‭ ‬والعمل‭ ‬والاسهام‭ ‬الفعلي‭ ‬في‭ ‬بناء‭ ‬الوطن‭ ‬ورفعته‭ ‬وازدهاره‭ ‬والحفاظ‭ ‬على‭ ‬سمعته‭ ‬ومكانته‭ ‬هو‭ ‬مشاعر‭ ‬الوطنية‭.‬

والعمل‭ ‬لخير‭ ‬الوطن‭ ‬وصالحه‭ ‬قد‭ ‬يكون‭ ‬مقابل‭ ‬أجر‭ ‬وهو‭ ‬حق‭ ‬مستحق،‭ ‬وقد‭ ‬يكون‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬مقابل‭ ‬أي‭ ‬تطوعاً،‭ ‬وإن‭ ‬السعيد‭ ‬من‭ ‬اجتهد‭ ‬ليحظى‭ ‬بكليهما،‭ ‬إذ‭ ‬في‭ ‬كلتا‭ ‬الحالتين‭ ‬سيُسهم‭ ‬في‭ ‬دفع‭ ‬عجلة‭ ‬التنمية‭ ‬في‭ ‬الوطن،‭ ‬وفي‭ ‬الحالتين‭ ‬سيحقق‭ ‬المواطن‭ ‬منفعة‭ ‬شخصية،‭ ‬ولكن‭ ‬ربما‭ ‬لا‭ ‬يعلم‭ ‬البعض‭ ‬ممن‭ ‬يهتمون‭ ‬بالربح‭ ‬المادي‭ ‬الآني‭ ‬حقيقة‭ ‬أن‭ ‬منفعة‭ ‬الوظيفة‭ ‬هي‭ ‬نفع‭ ‬مباشر‭ ‬يتمثل‭ ‬في‭ ‬الأجر‭ ‬وفق‭ ‬مبدأ‭ (‬الأجر‭ ‬مقابل‭ ‬العمل‭) ‬في‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬منفعة‭ ‬العمل‭ ‬التطوعي‭ ‬هي‭ ‬منفعة‭ ‬غير‭ ‬مباشرة‭ ‬وغالباً‭ ‬ما‭ ‬تكون‭ ‬مزيجاً‭ ‬من‭ ‬الكسب‭ ‬المعنوي‭ ‬والمادي،‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬الاشتغال‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬التطوعي‭ ‬سيُكسب‭ ‬المتطوع‭ ‬خبرة‭ ‬وسمعة‭ ‬ومكانة‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ ‬بحجم‭ ‬ما‭ ‬يبذله‭ ‬من‭ ‬وقته‭ ‬وجهده‭ ‬وكفاءة‭ ‬أدائه‭ ‬وجودته،‭ ‬ويحقق‭ ‬له‭ ‬الرضا‭ ‬النفسي‭ ‬ولأسرته‭ ‬الفخر،‭ ‬وفي‭ ‬الوقت‭ ‬ذاته‭ ‬قد‭ ‬يفتح‭ ‬وجوده‭ ‬على‭ ‬رأس‭ ‬العمل‭ ‬التطوعي‭ ‬آفاقاً‭ ‬وأبواباً‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬ليصل‭ ‬إليها‭ ‬لولا‭ ‬اشتغاله‭ ‬به،‭ ‬من‭ ‬توسع‭ ‬في‭ ‬العلاقات‭ ‬الاجتماعية‭ ‬والعلاقات‭ ‬العامة‭ ‬وكسب‭ ‬سمعة‭ ‬قد‭ ‬تُسهم‭ ‬في‭ ‬تطوّره‭ ‬وقد‭ ‬توصله‭ ‬إلى‭ ‬الكسب‭ ‬المادي‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬اتاحة‭ ‬فرص‭ ‬عملية‭ ‬ما‭ ‬كانت‭ ‬لتخطر‭ ‬له‭ ‬على‭ ‬بال،‭ ‬كُلّ‭ ‬بحسب‭ ‬جهده‭ ‬وعمله‭.‬

لذا‭ ‬يجب‭ ‬على‭ ‬الشباب‭ ‬تنمية‭ ‬وعيهم‭ ‬بأهمية‭ ‬العمل‭ ‬التطوعي‭ ‬وآثاره‭ ‬على‭ ‬مستقبلهم‭ ‬ومسيرتهم‭ ‬المهنية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬والاقتصادية،‭ ‬والعلم‭ ‬أن‭ ‬الاشتغال‭ ‬بالعمل‭ ‬التطوعي‭ ‬يُعد‭ ‬صورة‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬صور‭ ‬المواطنة‭ ‬الصالحة‭ ‬التي‭ ‬فيها‭ ‬يعطي‭ ‬المواطن‭ ‬لوطنه‭ ‬حُباً‭ ‬وكرامة‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أجر‭ ‬أو‭ ‬مقابل‭ ‬مباشر‭.‬

وفي‭ ‬الذكرى‭ ‬السنوية‭ ‬لليوم‭ ‬الدولي‭ ‬للمتطوعين‭ ‬أو‭ ‬يوم‭ ‬التطوع‭ ‬العالمي‭ ‬الذي‭ ‬تحتفي‭ ‬به‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬في‭ ‬الخامس‭ ‬من‭ ‬شهر‭ ‬سبتمبر‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬عام‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬1985،‭ ‬حيث‭ ‬يتم‭ ‬الاحتفاء‭ ‬بالمتطوعين‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬عرفانا‭ ‬وشُكراً‭ ‬على‭ ‬تكريس‭ ‬وقتهم‭ ‬وجهدهم‭ ‬للإسهام‭ ‬في‭ ‬خدمات‭ ‬تطوعية‭ ‬إنسانية‭ ‬وطنياً،‭ ‬أخذاً‭ ‬في‭ ‬الاعتبار‭ ‬أن‭ ‬مجموع‭ ‬الجهود‭ ‬الوطنية‭ ‬التطوعية‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬دولة‭ ‬ستصب‭ ‬مجتمعة‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬الصالح‭ ‬الإنساني‭ ‬العالمي‭.‬

وتُمثّل‭ ‬المنظمات‭ ‬الأهلية‭ ‬منظمات‭ ‬المجتمع‭ ‬المدني‭ ‬الحاضنة‭ ‬الأولى‭ ‬والأكثر‭ ‬أهمية‭ ‬للعمل‭ ‬التطوعي‭ ‬في‭ ‬البحرين،‭ ‬وسأتناول‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المقال‭ ‬غير‭ ‬السياسية‭ ‬منها‭ ‬التي‭ ‬تخضع‭ ‬لأحكام‭ ‬المرسوم‭ ‬بقانون‭ ‬رقم‭ ‬21‭ ‬لسنة‭ ‬1989‭ ‬بإصدار‭ ‬قانون‭ ‬الجمعيات‭ ‬والأندية‭ ‬الاجتماعية‭ ‬والثقافية‭ ‬والهيئات‭ ‬الخاصة،‭ ‬الذي‭ ‬عهد‭ ‬بالإشراف‭ ‬الإداري‭ ‬على‭ ‬الجمعيات‭ ‬والأندية‭ ‬إلى‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الوزارات‭ ‬والهيئات‭ ‬العامة‭ ‬كلّ‭ ‬بحسب‭ ‬طبيعة‭ ‬اختصاصه،‭ ‬حيث‭ ‬اعتبر‭ ‬وزارة‭ ‬التنمية‭ ‬الجهة‭ ‬الإدارية‭ ‬المختصة‭ ‬للجمعيات‭ ‬عموما‭ ‬ولأماكن‭ ‬الإيواء‭ ‬وللأندية‭ ‬الثـقافية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬الخاصة‭ ‬بالجاليات‭ ‬الأجنبية‭ ‬أو‭ ‬التي‭ ‬تـنشئها‭ ‬الهيئات‭ ‬الخاصة‭ ‬والشركات‭ ‬وكذلك‭ ‬المؤسسات‭ ‬الخاصة،‭ ‬واعتبر‭ ‬هيئة‭ ‬البحرين‭ ‬للثقافة‭ ‬والآثار‭ ‬المختصة‭ ‬إدارياً‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالجمعيات‭ ‬الثـقافية‭ ‬والفنية‭ ‬الوطنية،‭ ‬واعتبر‭ ‬الهيئة‭ ‬العامة‭ ‬للرياضة‭ (‬المؤسسة‭ ‬العامة‭ ‬للشباب‭ ‬والرياضة‭) ‬المختصة‭ ‬إدارياً‭ ‬على‭ ‬الهيئات‭ ‬الخاصة‭ ‬العاملة‭ ‬في‭ ‬ميدان‭ ‬الشباب‭ ‬والرياضة‭ ‬والأندية‭ ‬الأخرى‭ ‬غير‭ ‬التابعة‭ ‬لوزارة‭ ‬التنمية‭ ‬الاجتماعية‭.‬

وباعتباري‭ ‬من‭ ‬الأشخاص‭ ‬المهتمين‭ ‬بالعمل‭ ‬التطوعي‭ ‬وأتمتع‭ ‬بعضوية‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الجمعيات‭ ‬متنوعة‭ ‬ومختلفة‭ ‬الأهداف،‭ ‬منها‭ ‬ما‭ ‬يخضع‭ ‬إدارياً‭ ‬لوزارة‭ ‬التنمية‭ ‬والآخر‭ ‬لهيئة‭ ‬البحرين‭ ‬للثقافة،‭ ‬بالتطرق‭ ‬إلى‭ ‬دور‭ ‬وزارة‭ ‬التنمية‭ ‬باعتبار‭ ‬تعاملي‭ ‬المباشر‭ ‬مع‭ ‬الوزارة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬مستلزمات‭ ‬العمل‭ ‬التطوعي‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬الملحوظ‭ ‬من‭ ‬دور‭ ‬الوزارة‭ ‬في‭ ‬تعزيز‭ ‬دور‭ ‬المنظمات‭ ‬الأهلية‭ ‬والدور‭ ‬التوعوي‭ ‬الذي‭ ‬تمارسه‭ ‬على‭ ‬صعيد‭ ‬العمل‭ ‬في‭ ‬المنظمات‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬التوعية‭ ‬المجتمعية‭ ‬في‭ ‬مجالات‭ ‬مختلفة،‭ ‬مقدّرة‭ ‬بشكل‭ ‬شخصي‭ ‬المهمة‭ ‬الملقاة‭ ‬على‭ ‬عاتق‭ ‬وزير‭ ‬التنمية‭ ‬الشاب‭ ‬المستشار‭ ‬أسامة‭ ‬العصفور،‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬بلغ‭ ‬فيه‭ ‬عدد‭ ‬الجمعيات‭ ‬حتى‭ ‬أغسطس‭ ‬هذا‭ ‬العام‭ (‬675‭) ‬جمعية،‭ ‬وقد‭ ‬قامت‭ ‬الوزارة‭ ‬خلال‭ ‬الأشهر‭ ‬القليلة‭ ‬الماضية‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬العام‭ ‬بتقديم‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الاستشارات‭ ‬المتخصصة‭ ‬القانونية‭ ‬والمالية‭ ‬والفنية‭ ‬لهذه‭ ‬الجمعيات،‭ ‬وأشرفت‭ ‬بشكل‭ ‬مباشر‭ ‬على‭ ‬عملية‭ ‬اصدار‭ ‬التراخيص‭ ‬والتصاريح‭ ‬المالية‭ ‬منها‭ ‬53‭ ‬تصريحا‭ ‬تتعلق‭ ‬بجمع‭ ‬المال‭ ‬للمنفعة‭ ‬العامة‭ ‬و22‭ ‬تصريحا‭ ‬تتعلق‭ ‬بتسلم‭ ‬أموال‭ ‬من‭ ‬خارج‭ ‬البحرين‭ ‬و25‭ ‬تصريحا‭ ‬تتعلق‭ ‬بإرسال‭ ‬الأموال،‭ ‬بجانب‭ ‬9‭ ‬دورات‭ ‬تدريبية‭ ‬استفاد‭ ‬منها‭ ‬336‭ ‬عضوا‭ ‬من‭ ‬215‭ ‬منظمة‭ ‬أهلية،‭ ‬بجانب‭ ‬مهامها‭ ‬الأخرى‭ ‬الملتصقة‭ ‬مباشرة‭ ‬بحقوق‭ ‬المواطن‭ ‬أهمها‭ ‬الضمان‭ ‬الاجتماعي‭ ‬غير‭ ‬القائم‭ ‬على‭ ‬الاشتراكات‭.‬

وبجانب‭ ‬اعتزازي‭ ‬بهذا‭ ‬الدور‭ ‬المشكور،‭ ‬وبهدف‭ ‬تطوير‭ ‬الجهود‭ ‬وتعزيزها،‭ ‬يهمني‭ ‬هنا‭ ‬التأكيد‭ ‬أن‭ ‬وصول‭ ‬الوزارة‭ ‬إلى‭ ‬تحقيق‭ ‬أهدافها‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالمنظمات‭ ‬الأهلية‭ ‬والاستدامة‭ ‬في‭ ‬عملها‭ ‬باعتبارها‭ ‬تقوم‭ ‬على‭ ‬العمل‭ ‬التطوعي‭ ‬يجب‭ ‬ألا‭ ‬يقتصر‭ ‬على‭ ‬الإدارات‭ ‬المختصة‭ ‬فيها،‭ ‬بل‭ ‬إنه‭ ‬جهد‭ ‬مجتمعي‭ ‬متكامل‭ ‬يقوم‭ ‬على‭ ‬التعاون‭ ‬بين‭ ‬الوزارة‭ ‬والمواطنين،‭ ‬لذا‭ ‬فإن‭ ‬مسألة‭ ‬الوعي‭ ‬تبقى‭ ‬دائماً‭ ‬هي‭ ‬الأصل‭ ‬والأساس،‭ ‬ويتحقق‭ ‬الوعي‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬التوعية‭ ‬عبر‭ ‬نشر‭ ‬وتبادل‭ ‬المعرفة‭ ‬التي‭ ‬تُعزز‭ ‬وتنمي‭ ‬الوعي‭ ‬لدى‭ ‬الجميع،‭ ‬ويجب‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬هدفاً‭ ‬دائماً‭ ‬ومستمراً‭ ‬لمواكبة‭ ‬المستجدات،‭ ‬وأن‭ ‬يكون‭ ‬المستهدف‭ ‬بالتوعية‭ ‬بها‭ ‬هم‭ ‬المواطنون‭ ‬والموظفون‭ ‬معاً‭.‬

 

Hanadi‭_‬aljowder@hotmail‭.‬com

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا