القراء الأعزاء،
تقول: (ما بقي أحد ما عنده صورة بطاقتي)
من المعلوم أن البيانات الشخصية للإنسان تندرج ضمن أدقّ خصوصياته، لذا كانت محصورة بين صاحبها وبين الجهات الرسمية في الدولة، إلا أن التطور التكنولوجي الحديث أصبح طرفا ثالثا في هذه المعادلة، فباتت المعلومات في متناول جهات أخرى غير رسمية وبشكل طوعي من قبل صاحبها إثر اشتراكه في البرامج والتطبيقات والمواقع الإلكترونية ومختلف وسائل التواصل الاجتماعي التي لا تقبل انضمامك إليها إلا بعد أن تجتاز استمارات ملئية بمعلوماتك الشخصية، وترتب على ذلك أن بُنيت ثروات لأصحاب المواقع عن طريق المتاجرة في هذه المعلومات الشخصية، وقد أسهمت هذه المعلومات بشكل فائق في صناعة تكنولوجيا المعلومات وازدهار شركات التقنية (tech company) وأثرت من ورائها شركات مثل فيسبوك وقوقل وغيرها.
وعلى الصعيد الدولي، فقد كفلت المواثيق الدولية حق الانسان في حرمة الحياة الخاصة (الحق في الخصوصية)، وتعزيزاً لهذا الحق نصت المادة (17) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية على انه: (لا يجوز تعريض أي شخص على نحو تعسفي أو غير قانوني، لتدخل في خصوصياته أو شؤون أسرته أو بيته أو مراسلاته، ولا لأي حملات غير قانونية تمس شرفه أو سمعته.
وانه من حق كل شخص أن يحميه القانون من مثل هذا التدخل أو المساس)، كما كفل دستور مملكة البحرين المعدل 2002 هذا الحق من خلال نصي المادتين (26،25) منه اللتين كفلتا حرمة المسكن وضمنت صون حرية المراسلات وسريتها وحظرت مراقبتها إلا في حالات الضرورة التي يبينها القانون ووفقا للإجراءات والضمانات المنصوص عليها فيه.
وقد جاءت فكرة كتابة هذا المقال بعد المقولة التي بدأته بها، ومن خلال ما هو متعارف عليه من سلوك تمارسه بعض الجهات غير الرسمية، وذلك بطلب نسخ وأحياناً أصل بطاقات الأفراد السكانية أو صورة من جواز السفر، وهي مستندات تتّسم بالخصوصية لما تحويه من معلومات شخصية -منها معلومة تحرص الكثير من النساء على عدم الافصاح عنها- لا يجب أن يحصل عليها أحد جُزافاً، ولاسيما أننا في وقت تُشكل فيه هذه المعلومات خطورة على صاحبها، حيث يتفنن فيه المجرمون في طرق الاحتيال التقليدية وتزوير المستندات الرسمية بشكل إبداعي مع الابتكار في مجال الاحتيال الإلكتروني الذي أصبح شائعاً حالياً، الأمر الذي يقتضي توفير ضمانات تتّسم بالشدة والدقة لحماية البيانات الرسمية الشخصية التي تُعد أساسا مهما لإتمام عمليات الاحتيال.
ومن خلال تجربتي كناشطة في الشأن الثقافي كثيراً ما يتم دعوتي لمشاركات خارجية في مهرجانات أو ندوات ثقافية، ويكون أول طلب لاستكمال إجراءات الاستضافة هو تزويد الجهة الداعية بنسخة من جواز السفر، ولأنني لا تحضرني جميع الاحوال التي تُطلب فيها وطنيا مستندات شخصية رسمية لذا سأتطرق لأمثلة منها، كطلب نسخة من جوازات السفر من قبل مكاتب السفر والسياحة، أو طلب أصل البطاقة السكانية للسماح بدخول صاحبها مواقع معينة، وينطوي هذا التصرف على كشف معلومات خاصة جداً للشخص أو وضع اليد على أوراقه الرسمية التي يجب أن تكون بحوزته شخصياً، بل يعاقبه القانون على التجوال بدونها ويمنع القانون إفشاء سريّة هذه البيانات على الموظفين العامين التي تقع تحت يدهم بحكم الوظيفة.
لذا فالمقترح هو إيجاد بديل لتسليم المستندات الرسمية من خلال توفير بديل غير مادي يقوم مقام وضع مستندات الشخص الرسمية لدى الجهات غير الرسمية حفاظاً على خصوصية بيانات الانسان الشخصية، أو نتطلع إلى مقترحات أخرى من المهتمين من قرائنا الأعزاء.
Hanadi_aljowder@hotmail.com
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك