العدد : ١٧٠٤٤ - الخميس ٢١ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٤ - الخميس ٢١ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

زاوية غائمة

جعفـــــــر عبــــــــاس

jafasid09@hotmail.com

بول الإبل فيه شفاء؟

زاوية‭ ‬غائمة‭ ‬

لا‭ ‬تغيب‭ ‬عن‭ ‬بالي‭ ‬قط‭ ‬ذكرى‭ ‬الحبيب‭ ‬الراحل‭ ‬الدكتور‭ ‬غازي‭ ‬القصيبي،‭ ‬رحمه‭ ‬الله،‭ ‬ليس‭ ‬لأنه‭ ‬من‭ ‬قدمني‭ ‬الى‭ ‬الصحافة‭ ‬السعودية‭ ‬التي‭ ‬قدمتني‭ ‬بدورها‭ ‬الى‭ ‬صحف‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬العربية،‭ ‬ولكن‭ ‬لأنني‭ ‬احتفظ‭ ‬بدواوين‭ ‬شعره‭ ‬على‭ ‬طاولة‭ ‬مكتبي‭ ‬على‭ ‬الدوام،‭ ‬ولأنه‭ ‬كان‭ ‬شخصا‭ ‬حلو‭ ‬الروح‭ ‬ودودا‭ ‬ظريفا،‭ ‬ومتواضعا‭ ‬بدليل‭ ‬انه‭ ‬من‭ ‬بادر‭ ‬بالتواصل‭ ‬مع‭ ‬شخص‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬‮«‬عادي‮»‬‭ ‬مثلي،‭ ‬بل‭ ‬شجعني‭ ‬على‭ ‬اصدار‭ ‬كتابي‭ ‬‮«‬زوايا‭ ‬منفرجة‭ ‬وأخرى‭ ‬حادة‮»‬‭ ‬وكتب‭ ‬مقدمته‭.‬

وفي‭ ‬الفترة‭ ‬التي‭ ‬كان‭ ‬فيها‭ ‬القصيبي‭ ‬سفيرا‭ ‬للسعودية‭ ‬لدى‭ ‬بريطانيا‭ ‬بعث‭ ‬إليّ‭ ‬رسالة‭ ‬عن‭ ‬طبيب‭ ‬سوداني‭ ‬أجرى‭ ‬بحوثا‭ ‬أثبتت‭ ‬ان‭ ‬بول‭ ‬الإبل‭ ‬يعالج‭ ‬حالات‭ ‬معينة‭ ‬من‭ ‬التهابات‭ ‬الكبد،‭ ‬واعترف‭ ‬بأنني‭ ‬كتبت‭ ‬مقالا‭ ‬استخف‭ ‬فيه‭ ‬بهذا‭ ‬الاكتشاف،‭ ‬وأعاتب‭ ‬الطبيب‭ ‬بكلام‭ ‬مثل‭: ‬ما‭ ‬لقيت‭ ‬غير‭ ‬بول‭ ‬الإبل‭ ‬تعمل‭ ‬عليه‭ ‬أبحاث‭. ‬كان‭ ‬الطبيب‭ ‬فيما‭ ‬أذكر‭ ‬يحمل‭ ‬اسم‭ ‬أوهاج‭ ‬ما‭ ‬يدل‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬القبائل‭ ‬البجاوية‭ ‬التي‭ ‬تعيش‭ ‬في‭ ‬شرق‭ ‬السودان‭ ‬وتشتهر‭ ‬بتربية‭ ‬الإبل،‭ ‬وكان‭ ‬قد‭ ‬لاحظ‭ ‬ان‭ ‬قومه‭ ‬يتداوون‭ ‬ببول‭ ‬تلك‭ ‬الكائنات‭ ‬فكان‭ ‬ان‭ ‬أجرى‭ ‬تجارب‭ ‬سريرية‭ ‬في‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬المستشفيات‭ ‬قبل‭ ‬ان‭ ‬ينشر‭ ‬نتائج‭ ‬دراسته،‭ ‬ثم‭ ‬تلقيت‭ ‬رسائل‭ ‬إلكترونية‭ ‬عديدة‭ ‬أكد‭ ‬أصحابها‭ ‬ان‭ ‬التداوي‭ ‬ببول‭ ‬الإبل‭ ‬مجرب‭ ‬ومؤكد‭ ‬المفعول‭ ‬منذ‭ ‬عهد‭ ‬الرسول‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭. ‬بل‭ ‬ان‭ ‬قارئة‭ ‬أبلغتني‭ ‬أن‭ ‬وقوف‭ ‬المرأة‭ ‬تحت‭ ‬الناقة‭ ‬لتلقي‭ ‬بولها‭ ‬مباشرة‭ ‬على‭ ‬رأسها‭ ‬يكسب‭ ‬الشعر‭ ‬لونا‭ ‬أشقر‭ ‬تدوم‭ ‬شقرته‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬الأصباغ‭ ‬الكيميائية،‭ ‬فكرهت‭ ‬الشقراوات‭ ‬منذ‭ ‬ذلك‭ ‬اليوم‭ ‬لأنني‭ ‬صرت‭ ‬أتخيل‭ ‬أنهن‭ ‬جميعا‭ ‬يأخذن‭ ‬‮«‬دُوش‮»‬‭ ‬من‭ ‬الإبل‭. ‬

وقبل‭ ‬سنوات‭ ‬قليلة‭ ‬قرأت‭ ‬خلاصة‭ ‬تقرير‭ ‬أصدره‭ ‬الدكتور‭ ‬أحمد‭ ‬عبدالله‭ ‬عميد‭ ‬كلية‭ ‬المختبرات‭ ‬الطبية‭ ‬بجامعة‭ ‬السودان‭ ‬يؤكد‭ ‬أن‭ ‬بول‭ ‬الإبل‭ ‬ناجع‭ ‬بالفعل‭ ‬في‭ ‬علاج‭ ‬أورام‭ ‬الكبد،‭ ‬وأن‭ ‬خلط‭ ‬بول‭ ‬الإبل‭ ‬مع‭ ‬لبنها‭ ‬بجرعات‭ ‬محسوبة‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬علاج‭ ‬الاستسقاء‭ (‬انتفاخ‭ ‬البطن‭ ‬الناجم‭ ‬عن‭ ‬نقص‭ ‬الزلال‭ ‬أو‭ ‬البوتاسيوم‭)‬،‭ ‬ويمضي‭ ‬الدكتور‭ ‬عبدالله‭ ‬معددا‭ ‬فوائد‭ ‬بول‭ ‬الإبل‭ ‬ويقول‭ ‬إنه‭ ‬يساعد‭ ‬على‭ ‬خفض‭ ‬معدل‭ ‬السكر‭ ‬في‭ ‬الجسم‭ ‬بدرجة‭ ‬ملحوظة‭ ‬لأن‭ ‬تركيب‭ ‬الأحماض‭ ‬الأمينية‭ ‬في‭ ‬بول‭ ‬الإبل‭ ‬يماثل‭ ‬تركيبها‭ ‬في‭ ‬هرمون‭ ‬الإنسولين،‭ ‬ولكن‭ ‬المفاجأة‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلي‭ ‬تمثلت‭ ‬في‭ ‬قول‭ ‬صاحبنا‭ ‬ان‭ ‬بول‭ ‬الإبل‭ ‬يستخدم‭ ‬سلفا‭ ‬كشامبو‭ ‬ما‭ ‬يعني‭ ‬ان‭ ‬الشقراوات‭ ‬اللواتي‭ ‬تؤلف‭ ‬النكات‭ ‬حول‭ ‬غبائهن‭ ‬في‭ ‬واقع‭ ‬الأمر‭ ‬عاليات‭ ‬الذكاء‭ ‬بدليل‭ ‬أنهن‭ ‬عرفن‭ ‬سرا‭ ‬لم‭ ‬تعرفه‭ ‬ذوات‭ ‬الشعر‭ ‬الأسود‭ ‬أو‭ ‬البني‭! ‬ولكن‭ ‬شيئا‭ ‬ما‭ ‬قاله‭ ‬الدكتور‭ ‬السوداني‭ ‬‮«‬سد‭ ‬نفسي‮»‬؛‭ ‬فقد‭ ‬ذكر‭ ‬في‭ ‬تصريحات‭ ‬صحفية‭ ‬ان‭ ‬بول‭ ‬الإبل‭ ‬يصلح‭ ‬كمحفز‭ ‬جنسي‭ ‬للذين‭ ‬يعانون‭ ‬من‭ ‬ضعف‭ ‬في‭ ‬الذكورة‭! ‬أرجو‭ ‬ان‭ ‬يكون‭ ‬الرجل‭ ‬مخطئا‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الجزئية،‭ ‬وحتى‭ ‬إن‭ ‬كان‭ ‬مصيبا‭ ‬فإنني‭ ‬أعتقد‭ ‬ان‭ ‬إحلال‭ ‬بول‭ ‬الإبل‭ ‬محل‭ ‬الحبة‭ ‬الزرقاء‭ ‬سينسف‭ ‬الحياة‭ ‬الزوجية،‭ ‬فالبصل‭ ‬والثوم‭ ‬مفيدان‭ ‬في‭ ‬خفض‭ ‬ضغط‭ ‬الدم‭ ‬وتعزيز‭ ‬مناعة‭ ‬الجسم،‭ ‬ومن‭ ‬يتعاطاهما‭ ‬بكميات‭ ‬تجارية‭ ‬قد‭ ‬يكسب‭ ‬صحة‭ ‬جسدية‭ ‬طيبة‭ ‬ولكنه‭ ‬سيصاب‭ ‬حتما‭ ‬بأمراض‭ ‬نفسية‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬يهجره‭ ‬الأقارب‭ ‬والأباعد‭. ‬

المهم‭ ‬انه‭ ‬تأكد‭ ‬ان‭ ‬بول‭ ‬الإبل‭ ‬ذو‭ ‬خواص‭ ‬طبية‭ ‬علاجية،‭ ‬وقد‭ ‬شرعت‭ ‬في‭ ‬إجراءات‭ ‬احتكار‭ ‬تعليبه‭ ‬وتصديره،‭ ‬بل‭ ‬قد‭ ‬أعود‭ ‬الى‭ ‬السودان‭ ‬لافتتاح‭ ‬حظيرة‭ ‬للإبل‭ (‬يقولون‭ ‬إن‭ ‬بول‭ ‬البكر‭ ‬منها‭ ‬هو‭ ‬الأكثر‭ ‬فائدة‭) ‬حتى‭ ‬أتمكن‭ ‬من‭ ‬بيع‭ ‬البول‭ ‬الفريش‭ ‬الطازج‭ ‬للمرضى،‭ ‬ويتطلب‭ ‬ذلك‭ ‬إقامة‭ ‬فندق‭ ‬قرب‭ ‬الحظيرة‭. ‬ومن‭ ‬يربون‭ ‬الإبل‭ ‬يشهدون‭ ‬للسودانيات‭ ‬منها‭ ‬بالجمال‭ ‬والرشاقة‭ ‬والأنوثة،‭ ‬فأهلا‭ ‬بكم‭ ‬زبائن‭ ‬في‭ ‬شركة‭ ‬أبو‭ ‬الجعافير‭ ‬لبول‭ ‬البعير‭. ‬وبما‭ ‬انني‭ ‬أعاني‭ ‬من‭ ‬رهاب‭ (‬فوبيا‭) ‬الإبل‭ ‬ولا‭ ‬أطيق‭ ‬مجرد‭ ‬النظر‭ ‬اليها‭ ‬فمرحبا‭ ‬بطلبات‭ ‬الراغبين‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬تسويق‭ ‬بولها‭ ‬على‭ ‬ان‭ ‬يكونوا‭ ‬من‭ ‬حملة‭ ‬درجة‭ ‬الدكتوراه‭ ‬لأن‭ ‬وجود‭ ‬بائع‭ ‬أناديه‭ ‬بدكتور‭ ‬فلان‭ ‬يعطي‭ ‬الزبائن‭ ‬انطباعا‭ ‬طيبا‭ ‬ويعطيني‭ ‬فرصة‭ ‬شرشحة‭ ‬تلك‭ ‬النوعية‭ ‬من‭ ‬الدكاترة‭ ‬التي‭ ‬تسير‭ ‬في‭ ‬الأرض‭ ‬مرحا‭ ‬مختالة‭ ‬فخورة‭.. ‬على‭ ‬الفاضي‭.                                                                                                                         ‬‭                                                                                                                                ‬‭                              ‬

إقرأ أيضا لـ"جعفـــــــر عبــــــــاس"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا