العدد : ١٧٠٥٥ - الاثنين ٠٢ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٠١ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٥٥ - الاثنين ٠٢ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٠١ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

مقالات

تنظيم الذكاء الاصطناعي التوليدي - وضع العلامات المائية

بقلم: د. جاسم حاجي {

الأحد ٠٧ يوليو ٢٠٢٤ - 02:00

في‭ ‬المشهد‭ ‬المتطور‭ ‬باستمرار‭ ‬للذكاء‭ ‬الاصطناعي،‭ ‬يبرز‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬التوليدي‭ ‬كابتكار‭ ‬رائد‭. ‬على‭ ‬عكس‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬التقليدي‭ ‬يمكن‭ ‬لهذه‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬المتقدمة‭ ‬أن‭ ‬تنتج‭ ‬نصوصًا‭ ‬وصورًا‭ ‬واصواتا‭ ‬وفيديوهات‭ ‬بمستوى‭ ‬من‭ ‬التعقيد‭ ‬الذي‭ ‬غالبًا‭ ‬ما‭ ‬يطمس‭ ‬الخط‭ ‬الفاصل‭ ‬بين‭ ‬المحتوى‭ ‬الذي‭ ‬يصنعه‭ ‬الإنسان‭ ‬والمحتوى‭ ‬الذي‭ ‬يولده‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭. ‬إنه‭ ‬يحمل‭ ‬إمكانات‭ ‬هائلة،‭ ‬مما‭ ‬يحول‭ ‬الصناعات‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬أتمتة‭ ‬العمليات‭ ‬الإبداعية‭ ‬وتمكين‭ ‬إنتاج‭ ‬محتوى‭ ‬عالي‭ ‬الجودة‭ ‬على‭ ‬نطاق‭ ‬واسع‭. ‬وبينما‭ ‬يفتح‭ ‬هذا‭ ‬آفاقًا‭ ‬مثيرة‭ ‬للإبداع‭ ‬والابتكار،‭ ‬فإنه‭ ‬يثير‭ ‬أيضًا‭ ‬مخاوف‭ ‬كبيرة‭ ‬بشأن‭ ‬انتشار‭ ‬المعلومات‭ ‬المضللة‭ ‬وأصالة‭ ‬الوسائط‭ ‬الرقمية‭ ‬في‭ ‬عالمنا‭ ‬المتصل‭ ‬بشكل‭ ‬متزايد‭.‬

تشير‭ ‬الوسائط‭ ‬الاصطناعية،‭ ‬التي‭ ‬يتم‭ ‬إنشاؤها‭ ‬باستخدام‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬التوليدي،‭ ‬إلى‭ ‬أي‭ ‬محتوى‭ ‬مثل‭ ‬الصور‭ ‬والفيديوهات‭ ‬والصوت‭ ‬الذي‭ ‬يتم‭ ‬إنشاؤه‭ ‬بواسطة‭ ‬الخوارزميات‭ ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬التقاطه‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬وسائل‭ ‬تقليدية‭. ‬يمكن‭ ‬لأنظمة‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬مثل‭ ‬Midjourney‭ ‬للصور،‭ ‬وSora‭ ‬للفيديوهات‭ ‬من‭ ‬OpenAI،‭ ‬وClaude‭ ‬للنصوص،‭ ‬ونظام‭ ‬Adobe‭ ‬Firefly‭ ‬للحالات‭ ‬الإبداعية‭ ‬إنتاج‭ ‬محتوى‭ ‬واقعي‭ ‬للغاية‭ ‬يحاكي‭ ‬المشاهد‭ ‬والأحداث‭ ‬الحقيقية‭. ‬هذه‭ ‬الابتكارات‭ ‬رائعة،‭ ‬لكنها‭ ‬تثير‭ ‬أيضًا‭ ‬مخاوف‭ ‬كبيرة‭ ‬بشأن‭ ‬الاستخدام‭ ‬المحتمل‭ ‬للوسائط‭ ‬التي‭ ‬يولدها‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬لأغراض‭ ‬خادعة‭.‬

التحدي‭ ‬لا‭ ‬يكمن‭ ‬فقط‭ ‬في‭ ‬إنشاء‭ ‬محتوى‭ ‬زائف،‭ ‬بل‭ ‬في‭ ‬إمكانية‭ ‬انتشاره‭ ‬السريع‭ ‬وتأثيره‭ ‬الواقعي‭. ‬مع‭ ‬تزايد‭ ‬تعقيد‭ ‬وإتاحة‭ ‬الوسائط‭ ‬التي‭ ‬يولدها‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي،‭ ‬يزداد‭ ‬خطر‭ ‬استخدامها‭ ‬في‭ ‬حملات‭ ‬التضليل،‭ ‬والاحتيال،‭ ‬وسرقة‭ ‬الهوية‭. ‬هذا‭ ‬دفع‭ ‬الهيئات‭ ‬التنظيمية‭ ‬لضمان‭ ‬الشفافية‭ ‬في‭ ‬الوسائط‭ ‬التي‭ ‬يولدها‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭. ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬يصنف‭ ‬قانون‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬للاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬الأنظمة‭ ‬التوليدية‭ ‬للذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬على‭ ‬أنها‭ ‬‮«‬مخاطر‭ ‬محدودة‮»‬‭ ‬ويتطلب‭ ‬تصنيفًا‭ ‬واضحًا‭ ‬للمحتوى‭ ‬الذي‭ ‬يولده‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي،‭ ‬مثل‭ ‬العلامات‭ ‬المائية‭. ‬تساعد‭ ‬هذه‭ ‬الإجراءات‭ ‬المستخدمين‭ ‬في‭ ‬التمييز‭ ‬بين‭ ‬المحتوى‭ ‬الحقيقي‭ ‬والمحتوى‭ ‬الذي‭ ‬يولده‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي،‭ ‬مما‭ ‬يقلل‭ ‬من‭ ‬خطر‭ ‬الخداع‭. ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬نماذج‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬متعددة‭ ‬الوسائط‭ ‬القوية‭ ‬مثل‭ ‬ChatGPT‭ ‬أو‭ ‬Google’s‭ ‬Gemini،‭ ‬فإن‭ ‬التقييمات‭ ‬والاختبارات‭ ‬الإضافية‭ ‬مطلوبة‭ ‬لمنع‭ ‬سوء‭ ‬الاستخدام‭. ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الجهود،‭ ‬فإن‭ ‬القوانين‭ ‬الحالية‭ ‬لها‭ ‬قيود‭ ‬ملحوظة‭. ‬أحد‭ ‬التحديات‭ ‬الرئيسية‭ ‬هو‭ ‬الصعوبة‭ ‬التقنية‭ ‬في‭ ‬إنشاء‭ ‬علامات‭ ‬مائية‭ ‬تكون‭ ‬دائمة‭ ‬وغير‭ ‬بارزة‭ ‬في‭ ‬نفس‭ ‬الوقت‭. ‬إذا‭ ‬كانت‭ ‬العلامة‭ ‬المائية‭ ‬واضحة‭ ‬جدًا،‭ ‬فقد‭ ‬تقلل‭ ‬من‭ ‬تجربة‭ ‬المستخدم،‭ ‬وإذا‭ ‬كانت‭ ‬دقيقة‭ ‬جدًا،‭ ‬فقد‭ ‬يتم‭ ‬تجاهلها‭ ‬أو‭ ‬إزالتها‭ ‬بسهولة‭. ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬ذلك،‭ ‬هناك‭ ‬مخاوف‭ ‬بشأن‭ ‬كيفية‭ ‬تأثير‭ ‬وضع‭ ‬علامات‭ ‬مائية‭ ‬على‭ ‬المحتوى‭ ‬الذي‭ ‬يولده‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬بشكل‭ ‬واسع‭ ‬على‭ ‬الثقة‭ ‬العامة‭ ‬في‭ ‬المحتوى‭ ‬الحقيقي،‭ ‬مما‭ ‬قد‭ ‬يزيد‭ ‬من‭ ‬الشكوك‭ ‬حول‭ ‬جميع‭ ‬المعلومات‭ ‬ويضعف‭ ‬الثقة‭ ‬في‭ ‬المحتوى‭ ‬الحقيقي‭.‬

تطبيق‭ ‬هذه‭ ‬القوانين‭ ‬يمثل‭ ‬عقبة‭ ‬كبيرة‭ ‬أخرى‭. ‬مع‭ ‬الطبيعة‭ ‬العالمية‭ ‬للإنترنت،‭ ‬فإن‭ ‬ضمان‭ ‬الامتثال‭ ‬عبر‭ ‬مختلف‭ ‬الولايات‭ ‬القضائية‭ ‬يعد‭ ‬مهمة‭ ‬معقدة‭ ‬وتستهلك‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الموارد‭. ‬يكمن‭ ‬التحدي‭ ‬في‭ ‬تطوير‭ ‬معايير‭ ‬تكون‭ ‬ممكنة‭ ‬تقنيًا،‭ ‬وتحافظ‭ ‬على‭ ‬الخصوصية،‭ ‬ويمكن‭ ‬تطبيقها‭ ‬باستمرار‭ ‬عبر‭ ‬أنواع‭ ‬المحتوى‭ ‬المختلفة‭ ‬وأنظمة‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭. ‬تبقى‭ ‬الأسئلة‭ ‬حول‭ ‬من‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬المسؤول‭ ‬ولديه‭ ‬السلطة‭ ‬ليكتشف‭ ‬هذه‭ ‬العلامات‭ ‬وتدعي‭ ‬أصالة‭ ‬المحتوى،‭ ‬وكيفية‭ ‬ضمان‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الأنظمة‭ ‬لا‭ ‬تقدم‭ ‬مخاطر‭ ‬جديدة‭ ‬على‭ ‬الخصوصية‭ ‬أو‭ ‬تصبح‭ ‬أدوات‭ ‬للرقابة‭. ‬بخلاف‭ ‬الالتزامات‭ ‬القانونية،‭ ‬هناك‭ ‬أيضًا‭ ‬اعتراف‭ ‬متزايد‭ ‬بالالتزام‭ ‬الأخلاقي‭ ‬لمقدمي‭ ‬خدمات‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬بتحمل‭ ‬المسؤولية‭ ‬عن‭ ‬المحتوى‭ ‬الذي‭ ‬تنتجه‭ ‬أنظمتهم‭. ‬يتجلى‭ ‬هذا‭ ‬الشعور‭ ‬في‭ ‬مبادرات‭ ‬مثل‭ ‬‮«‬الاتفاقية‭ ‬التقنية‭ ‬لمكافحة‭ ‬الاستخدام‭ ‬الخادع‭ ‬للذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬في‭ ‬انتخابات‭ ‬2024‮»‬،‭ ‬حيث‭ ‬التزمت‭ ‬جهات‭ ‬فاعلة‭ ‬رئيسية‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬بنشر‭ ‬تقنيات‭ ‬لمواجهة‭ ‬المحتوى‭ ‬الضار‭ ‬الذي‭ ‬يولده‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭. ‬مع‭ ‬اختيار‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬40‭ ‬دولة‭ ‬وأكثر‭ ‬من‭ ‬أربع‭ ‬مليارات‭ ‬شخص‭ ‬لقادتهم‭ ‬وممثليهم‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬حق‭ ‬التصويت‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2024،‭ ‬ستلعب‭ ‬هذه‭ ‬الاتفاقية‭ ‬دورًا‭ ‬محوريًا‭ ‬في‭ ‬حماية‭ ‬الانتخابات‭ ‬والعملية‭ ‬الانتخابية‭ ‬من‭ ‬حملات‭ ‬التضليل‭ ‬أو‭ ‬التلاعب‭ ‬بالرأي‭ ‬العام‭.‬

مع‭ ‬استمرار‭ ‬تقدم‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬التوليدي‭ ‬بوتيرة‭ ‬مذهلة،‭ ‬تصبح‭ ‬الحاجة‭ ‬إلى‭ ‬طرق‭ ‬فعالة‭ ‬للتحقق‭ ‬من‭ ‬أصالة‭ ‬المحتوى‭ ‬أمرًا‭ ‬بالغ‭ ‬الأهمية‭. ‬بينما‭ ‬توفر‭ ‬القوانين‭ ‬إطارًا‭ ‬عامًا،‭ ‬فإن‭ ‬التطور‭ ‬السريع‭ ‬لتكنولوجيا‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬يتطلب‭ ‬تعاونًا‭ ‬مستمرًا‭ ‬بين‭ ‬صناع‭ ‬السياسات‭ ‬وجهات‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬والباحثين‭. ‬الهدف‭ ‬هو‭ ‬تحقيق‭ ‬توازن‭ ‬دقيق‭ ‬بين‭ ‬الاستفادة‭ ‬من‭ ‬الإمكانيات‭ ‬الإبداعية‭ ‬للذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬التوليدي‭ ‬وضمان‭ ‬أن‭ ‬يمكن‭ ‬تحقيق‭ ‬فوائده‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬المساس‭ ‬بالحقيقة‭ ‬والأصالة‭ ‬في‭ ‬مساحاتنا‭ ‬الرقمية‭ ‬المشتركة‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا