العدد : ١٧٠٥٥ - الاثنين ٠٢ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٠١ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٥٥ - الاثنين ٠٢ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٠١ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

مقالات

قبل الزواج

بقلم: المحامية د. هنادي عيسى الجودر

الأحد ٢٣ يونيو ٢٠٢٤ - 02:00

القراء‭ ‬الأعزاء

لست‭ ‬من‭ ‬المولعات‭ ‬عادة‭ ‬بحضور‭ ‬حفلات‭ ‬الزواج،‭ ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬لابد‭ ‬من‭ ‬إجابة‭ ‬بعض‭ ‬الدعوات‭ ‬لأسباب‭ ‬عدة،‮ ‬فالوقت‭ ‬فيها‭ ‬ممتع‭ ‬كما‭ ‬أنها‭ ‬فرصة‭ ‬للالتقاء‭ ‬بأشخاص‭ ‬لا‭ ‬تجمعنا‭ ‬الظروف‭ ‬بهم‭ ‬بسهولة‭ ‬في‭ ‬خضم‭ ‬انشغال‭ ‬الكل‭ ‬بشأنه‭ ‬الخاص‭.‬

وفي‭ ‬كل‭ ‬حفل‭ ‬زواج‭ ‬أحضره‭ ‬يراودني‭ ‬هذا‭ ‬السؤال‭: ‬هل‭ ‬تم‭ ‬إعداد‭ ‬العروسين‭ ‬المتألقين‭ ‬في‭ ‬ليلتهما‭ ‬للولوج‭ ‬في‭ ‬معمعة‭ ‬الحياة‭ ‬الزوجية‭ ‬ومسؤولياتها؟‭ ‬هل‭ ‬كلّف‭ ‬والدي‭ ‬العروسين‭ ‬نفسهما‭ ‬عناء‭ ‬توضيح‭ ‬طبيعة‭ ‬فكرة‭ ‬إنشاء‭ ‬المؤسسة‭ ‬الزوجية؟‭ ‬هل‭ ‬تم‭ ‬إشعار‭ ‬العروسة‭ ‬بأن‭ (‬العرس‭ ‬ليش‭ ‬كيكة‭ ‬وشنيول‭) ‬كما‭ ‬تردد‭ ‬صديقتي‭ ‬زهاء‭ ‬تندّرا؟‭ ‬وهل‭ ‬وضع‭ ‬أهل‭ ‬العريس في‭ ‬اعتبارهم‭ ‬بأن‭ ‬الزواج‭ ‬ليس‭ ‬هو‭ ‬المصحة‭ ‬النفسية‭ ‬التي‭ ‬ستوصله‭ ‬إلى‭ ‬عقله،‭ ‬وأن‭ ‬جملة‭ (‬زوجوه‭ ‬بيعقل‭) ‬نادراً‭ ‬ما‭ ‬صدقت‭ ‬وكثيراً‭ ‬ما‭ ‬تسببت‭ ‬في‭ ‬إيذاء‭ ‬فتيات‭ ‬كنّ‭ ‬يحلمن‭ ‬بجنّة‭ ‬الزواج،‭ ‬فلم‭ ‬يعقل‭ ‬هو‭ ‬ولم‭ ‬تعش‭ ‬هي‭ ‬حياتها‭ ‬بشكل‭ ‬سويّ،‭ ‬لا‭ ‬بل‭ ‬انتهت‭ ‬حاملة‭ ‬عبء‭ ‬تربية‭ ‬أفراد‭ ‬جدد‭ ‬علم‭ ‬مآلهم‭ ‬عند‭ ‬الله‭ ‬تعالى،‭ ‬وبالأخص‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬وقع‭ ‬الطلاق‭ ‬لا‭ ‬قدّر‭ ‬الله‭.‬

إذاً‭ ‬تلعب‭ ‬الأسرة‭ ‬الكبيرة‭ ‬بشكل‭ ‬مباشر‭ ‬وغير‭ ‬مباشر،‭ ‬دوراً‮ ‬مهماً‭ ‬في‭ ‬وضع‭ ‬دعائم‭ ‬تكوين‭ ‬أسر‭ ‬أبنائهم الصغيرة‭ ‬واستمراريتها،‮ ‬إذ‭ ‬لا‭ ‬يخفى‭ ‬أثر‭ ‬تاريخ‭ ‬الأسرة‭ ‬الكبيرة‭ ‬وأخلاقيات‭ ‬أفرادها‭ ‬وطبيعة‭ ‬العلاقات‭ ‬فيما‭ ‬بينهم‭ ‬واسلوب‭ ‬تعاملهم‭ ‬ومدى‭ ‬الو‭ ‬ئام‭ ‬والتسامح‭ ‬وحُسن‭ ‬المعشر،‮ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬يُسهم‭ ‬في‭ ‬تشكيل‭ ‬شخصية‭ ‬الأبناء‭ ‬ولا‭ ‬سيما‭ ‬المقبلين‭ ‬على‭ ‬الزواج‭ ‬والراغبين‭ ‬فيه‭. ‬

ففي‭ ‬زيجات‭ ‬الاجيال‭ ‬السابقة‭ ‬كانت‭ ‬تتمتع‭ ‬الزيجة‭ ‬بالديمومة‭ ‬إلا‭ ‬ما‭ ‬ندر،‭ ‬حيث‭ ‬يقضي‭ ‬الزوجان‭ ‬حياتهما‭ ‬معاً‭ ‬لا‭ ‬يفرقهما‭ ‬سوى‭ ‬الموت،‭ ‬وليس‭ ‬بالضرورة‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬حياتهما‭ ‬نعيما‭ ‬في‭ ‬نعيم،‭ ‬ولكن‭ ‬كانت‭ ‬هناك‭ ‬آليات‭ ‬اجتماعية‭ ‬تُساعد‭ ‬على‭ ‬استمرارها‭ ‬مثل‭ ‬دور‭ ‬الوالدين‭ ‬في‭ ‬تسوية‭ ‬الخلافات‭ ‬وإصلاح‭ ‬ذات‭ ‬البين في‭ ‬ظل احترام‭ ‬الصغار‭ ‬للكبار‭.‬‮ ‬

وفي‭ ‬المحصلة‭ ‬بأنه‭ ‬تبقى‭ ‬للأسرة‭ ‬أهميتها‭ ‬باعتبارها‭ ‬الخلية‭ ‬الأساسية‭ ‬في‭ ‬المجتمع،‭ ‬والتي‭ ‬أضحت‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬تحديات‭ ‬كثيرة‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬المتغيرات‭ ‬الاجتماعية‭ ‬الدولية،‭ ‬فباتت‭ ‬بين‭ ‬سندان‭ ‬العزوف‭ ‬عن‭ ‬الزواج‭ ‬ومطرقة‭ ‬عدم‭ ‬استقرار‭ ‬الأسرة‭ ‬وارتفاع‭ ‬نسب‭ ‬الطلاق‭ ‬وصار‭ ‬لزاماً‭ ‬الاستعداد‭ ‬لتكوين‭ ‬الأسرة‭ ‬بصورة‭ ‬تضمن‭ ‬لها‭ ‬الاستمرارية‭.‬‮ ‬

هذا‭ ‬من‭ ‬جانب،‭ ‬أما‭ ‬من‭ ‬الجانب‭ ‬الآخر‭ ‬واستكمالاً‭ ‬لموضوع‭ ‬الإسراف،‭ ‬فإن‭ ‬حفلات‭ ‬الزواج ومظاهر‭ ‬البذخ‭ ‬المصاحبة‭ ‬لها‭ ‬تُعد‭ ‬مناسبة‭ ‬مهمة‭ ‬لممارسة‭ ‬الاسراف‭ ‬بشكل‭ ‬غير‭ ‬عقلاني‭ ‬ولاسيما‭ ‬في‭ ‬كميات‭ ‬الطعام‭ ‬الذي‭ ‬يُقدم‭ ‬سواء‭ ‬الثابت‭ ‬منه‭ ‬على‭ ‬طاولات‭ ‬الضيوف‭ ‬أو‭ ‬ما‭ ‬يتم‭ ‬توزيعه‭ ‬على‭ ‬الحضور‭ ‬من‭ ‬أصناف‭ ‬متعددة‭ ‬من‭ ‬المأكولات‭ ‬المالحة‭ ‬والحلوة‭ ‬أو‭ ‬مائدة‭ ‬العشاء‭ ‬الغنيّة‭ ‬بأصناف‭ ‬الطعام‭ ‬التي‭ ‬يزيد منها‭ ‬كفائض‭ ‬ثلثها‭ ‬في‭ ‬أقل‭ ‬تقدير،‭ ‬وهي‭ ‬تسهم‭ ‬بلا‭ ‬شك‭ ‬في‭ ‬هدر‭ ‬الطعام والاخلال‭ ‬بالتوازن‭ ‬الغذائي،‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬يعاني‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬البشر‭ ‬من‭ ‬نقص‭ ‬الغذاء‭ ‬والمجاعات‭.‬‮ ‬وختاماً،‭ ‬لتمام‭ ‬صحة‭ ‬المجتمع‭ ‬من‭ ‬المهم‭ ‬أن‭ ‬تنشأ‭ ‬أسر‭ ‬جديدة‭ ‬سليمة‭ ‬ومستقرة،‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬أجواء‭ ‬من‭ ‬الاعتدال‭ ‬على‭ ‬جميع‭ ‬الأصعدة‭ ‬لضمان‭ ‬استمراريتها،‭ ‬ولن‭ ‬يتحقق‭ ‬هذا‭ ‬سوى‭ ‬بوعي‭ ‬المقبلين‭ ‬على‭ ‬تكوين‭ ‬الأسرة‭ ‬بأهمية‭ ‬الاستقرار‭ ‬والاستمرار‭ ‬وبآلياته‭ ‬من‭ ‬صبر‭ ‬وتعاون‭ ‬وقبول‭ ‬ومرونة‭ ‬وتقديم‭ ‬بعض‭ ‬من‭ ‬التضحيات‭ ‬في‭ ‬حدود‭ ‬المعقولية‭. ‬

 

‭ ‬Hanadi‭ _‬aljowder@hotmail‭.‬com‭ ‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا