العدد : ١٧٠٥٥ - الاثنين ٠٢ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٠١ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٥٥ - الاثنين ٠٢ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٠١ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

مقالات

العيد لا يعني الإسراف

بقلم: المحامية د. هنادي عيسى الجودر

الأحد ١٦ يونيو ٢٠٢٤ - 02:00

القراء‭ ‬الأعزاء،

شهر‭ ‬ذو‭ ‬الحجة،‭ ‬أحد‭ ‬الأشهر‭ ‬الحُرم،‭ ‬الشهر‭ ‬الذي‭ ‬تكتمل‭ ‬فيه‭ ‬أحد‭ ‬أركان‭ ‬الإسلام‭ ‬وهو‭ ‬حجّ‭ ‬البيت‭ ‬لمن‭ ‬استطاع‭ ‬إليه‭ ‬سبيلا،‭ ‬وهو‭ ‬شهر‭ ‬الحجّ‭ ‬تنفيذاً‭ ‬لقوله‭ ‬تعالى‭ (‬وَأَذِّن‭ ‬فِي‭ ‬الناس‭ ‬بِالحَجِّ‭ ‬يَأْتُوكَ‭ ‬رِجَالًا‭ ‬وَعَلَى‭ ‬كُلِّ‭ ‬ضَامِرٍ‭ ‬يَأْتِينَ‭ ‬مِن‭ ‬كُلِّ‭ ‬فَجٍّ‭ ‬عَمِيقٍ‭) ‬الآية‭ ‬27‭ ‬من‭ ‬سورة‭ ‬الحج،‭ ‬حيث‭ ‬يزور‭ ‬الملايين‭ ‬من‭ ‬المسلمين‭ ‬الأراضي‭ ‬المقدسة‭ ‬في‭ ‬المملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية‭ ‬لأداء‭ ‬مناسك‭ ‬الحج،‭ ‬وقد‭ ‬بلغ‭ ‬عدد‭ ‬حجيج‭ ‬هذا‭ ‬العام‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مليوني‭ ‬شخص‭.‬

ويصادف‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬اليوم‭ ‬وقفة‭ ‬عرفة،‭ ‬ولعلكم‭ ‬تقرؤون‭ ‬هذا‭ ‬المقال‭ ‬في‭ ‬يوم‭ ‬عيد‭ ‬الأضحى‭ ‬المبارك،‭ ‬فأسأل‭ ‬الله‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬عيدكم‭ ‬مباركاً‭ ‬وأيامكم‭ ‬سعيدة،‭ ‬ويهمني‭ ‬هنا‭ ‬الإشادة‭ ‬بجهود‭ ‬عظيمة‭ ‬تبذلها‭ ‬الشقيقة‭ ‬المملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية‭ ‬في‭ ‬التنظيم‭ ‬المشهود‭ ‬له‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬الدقة‭ ‬والإحكام‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬هذا‭ ‬الكمّ‭ ‬الكبير‭ ‬من‭ ‬الحجاج،‭ ‬وتوفير‭ ‬الأمن‭ ‬بجميع‭ ‬صوره‭ ‬من‭ ‬ناحية‭ ‬السلامة‭ ‬على‭ ‬النفس‭ ‬وعلى‭ ‬الصحة‭ ‬وتحقيق‭ ‬الأمن‭ ‬الغذائي‭ ‬لضيوف‭ ‬الرحمن‭ ‬وغيرها،‭ ‬لضمان‭ ‬تمكين‭ ‬جميع‭ ‬الضيوف‭ ‬من‭ ‬أداء‭ ‬مناسك‭ ‬الحج‭ ‬كاملة‭ ‬بكل‭ ‬أريحية‭ ‬وطمأنينة،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬التغطيات‭ ‬الإعلامية‭ ‬المواكبة‭ ‬والتي‭ ‬تنقل‭ ‬الحج‭ ‬من‭ ‬كونه‭ ‬شعيرة‭ ‬مقتصرة‭ ‬على‭ ‬مؤديها‭ ‬ليُعايشها‭ ‬جميع‭ ‬المشاهدين‭ ‬أينما‭ ‬كانوا،‭ ‬فتنقل‭ ‬روحانية‭ ‬هذه‭ ‬الطقوس‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬وراء‭ ‬الحدود‭ ‬الجغرافية‭ ‬للحدث،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬تفاصيل‭ ‬كثيرة‭ ‬تتضافر‭ ‬جميعها‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬إنجاح‭ ‬هذا‭ ‬الموسم‭ ‬الديني‭ ‬السنوي‭ ‬المهم‭ ‬وقضاء‭ ‬مناسكه‭ ‬بسلام‭ ‬وسكينة،‭ ‬فشكراً‭ ‬للمملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية‭ ‬بدءاً‭ ‬من‭ ‬مليكها‭ ‬خادم‭ ‬الحرمين‭ ‬الشريفين‭ ‬الملك‭ ‬سلمان‭ ‬بن‭ ‬عبدالعزيز‭ ‬آل‭ ‬سعود‭ ‬حفظه‭ ‬الله‭ ‬ورعاه‭ ‬وولي‭ ‬عهده‭ ‬الأمين‭ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬الملكي‭ ‬الأمير‭ ‬محمد‭ ‬بن‭ ‬سلمان‭ ‬آل‭ ‬سعود‭ ‬بارك‭ ‬الله‭ ‬جهوده‭ ‬وحفظه‭ ‬انتهاء‭ ‬بشعبها‭ ‬الأصيل‭ ‬على‭ ‬جهودها‭ ‬السنوية‭ ‬في‭ ‬موسم‭ ‬الحج‭. ‬

ومن‭ ‬جانب‭ ‬آخر،‭ ‬فإن‭ ‬موسم‭ ‬الحج‭ ‬مرتبط‭ ‬بعيد‭ ‬الأضحى‭ ‬المبارك‭ ‬أو‭ ‬كما‭ ‬نسميه‭ ‬بعاميتنا‭ (‬عيد‭ ‬الحجاج‭)‬،‭ ‬ومن‭ ‬المعلوم‭ ‬بأن‭ ‬المناسبات‭ ‬الاجتماعية‭ ‬هي‭ ‬بيئة‭ ‬محتمة‭ ‬للإسراف‭ ‬والتبذير‭ ‬واهدار‭ ‬كميات‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬الطعام،‭ ‬وبالأخص‭ ‬عيد‭ ‬الأضحى‭ ‬لأنه‭ ‬مرتبط‭ ‬بقصة‭ ‬سيدنا‭ ‬إبراهيم‭ ‬وابنه‭ ‬إسماعيل‭ ‬والتضحية‭ ‬والفداء،‭ ‬فمن‭ ‬أهم‭ ‬طقوسه‭ ‬هو‭ ‬أضحية‭ ‬العيد‭ ‬التي‭ ‬يُقدمها‭ ‬أكثر‭ ‬الناس‭ ‬في‭ ‬البلاد،‭ ‬ولا‭ ‬شك‭ ‬بأن‭ ‬فائض‭ ‬اللحوم‭ ‬وغداء‭ ‬العيد‭ ‬سيكون‭ ‬أكثر‭ ‬بكثير‭ ‬مما‭ ‬يتم‭ ‬استهلاكه‭ ‬كالمعتاد،‭ ‬في‭ ‬الزمن‭ ‬الذي‭ ‬بدأت‭ ‬فيه‭ ‬الموارد‭ ‬الطبيعية‭ ‬في‭ ‬التراجع‭ ‬في‭ ‬إنتاجياتها،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬معاناة‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬البشر‭ ‬من‭ ‬شحّ‭ ‬الغذاء‭ ‬بسبب‭ ‬الحروب‭ ‬أو‭ ‬التغيّر‭ ‬المناخي‭.‬

ومن‭ ‬هنا‭ ‬أريد‭ ‬توجيه‭ ‬رسالة‭ ‬إلى‭ ‬ربات‭ ‬وأرباب‭ ‬البيوت‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬وسواها‭ ‬حول‭ ‬أهمية‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬النعمة‭ ‬التي‭ ‬كما‭ ‬يُقال‭ ‬إنّها‭ (‬زوّالة‭) ‬والحدّ‭ ‬من‭ ‬الإسراف‭ ‬في‭ ‬أيام‭ ‬العيد‭ ‬والعمل‭ ‬على‭ ‬مراقبة‭ ‬عاملات‭ ‬المنزل‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الصدد‭ ‬باعتبار‭ ‬أن‭ ‬أكثرهن‭ ‬يعملن‭ ‬وفقاً‭ ‬للمبدأ‭ ‬الثابت‭ ‬في‭ ‬المثل‭ ‬الشعبي‭ ‬القائل‭ ‬إن‭: (‬مال‭ ‬عمّك‭ ‬ما‭ ‬يهمّك‭).‬

لذا‭ ‬وفي‭ ‬رأيي‭ ‬أن‭ ‬الحد‭ ‬من‭ ‬إهدار‭ ‬الطعام‭ ‬والتقليل‭ ‬من‭ ‬كمياته‭ ‬يعتبر‭ ‬واجبا‭ ‬دينيا،‭ ‬وبما‭ ‬أننا‭ ‬بصدد‭ ‬فريضة‭ ‬شرعية‭ ‬فيتوجب‭ ‬أن‭ ‬نحافظ‭ ‬على‭ ‬روحانيتها‭ ‬وعدالتها‭ ‬ولا‭ ‬نفسدها‭ ‬بالإسراف‭ ‬لأن‭ ‬الله‭ (‬لا‭ ‬يُحب‭ ‬المسرفين‭) ‬ومن‭ ‬جانب‭ ‬آخر‭ ‬فهو‭ ‬واجب‭ ‬وطني،‭ ‬إذ‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬منتمٍ‭ ‬إلى‭ ‬وطنه‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬موارد‭ ‬الوطن‭ ‬الغذائية‭ ‬وهو‭ ‬أيضاً‭ ‬واجب‭ ‬إنساني‭ ‬تقتضيه‭ ‬الإنسانية‭ ‬للحفاظ‭ ‬على‭ ‬استدامة‭ ‬الأمن‭ ‬الغذائي‭ ‬لكل‭ ‬انسان‭ ‬أينما‭ ‬كان‭ ‬وعبر‭ ‬الأجيال‭ ‬فهي‭ ‬ليست‭ ‬خطة‭ ‬مرحلية‭ ‬للحفاظ‭ ‬على‭ ‬الأمن‭ ‬الغذائي‭ ‬بل‭ ‬يتوجب‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬خطة‭ ‬مستدامة‭ ‬لتحقيق‭ ‬الكفاية‭ ‬ما‭ ‬بقي‭ ‬الإنسان‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الأرض‭.‬

عيد‭ ‬أضحى‭ ‬مبارك‭ ‬وكل‭ ‬عام‭ ‬وأنتم‭ ‬بخير‭ ‬

 

Hanadi‭_‬aljowder@hotmail‭.‬com

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا