العدد : ١٧٠٥٥ - الاثنين ٠٢ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٠١ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٥٥ - الاثنين ٠٢ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٠١ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

مقالات

القمة العربية والوطن العربي في فكر حمد بن عيسى

بقلم: المحامية د. هنادي عيسى الجودر

الأحد ١٢ مايو ٢٠٢٤ - 02:00

القراء‭ ‬الأعزاء،‭ ‬

كل‭ ‬اجتماع‭ ‬جديد‭ ‬للدول‭ ‬العربية‭ ‬يُعبر‭ ‬عن‭ ‬رغبة‭ ‬حقيقية‭ ‬بمزيد‭ ‬من‭ ‬التقارب‭ ‬وتوحيد‭ ‬الجهود‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تحقيق‭ ‬الأمن‭ ‬والاستقرار‭ ‬والرخاء‭ ‬للمنطقة‭ ‬العربية‭ ‬بأكملها‭ ‬على‭ ‬جميع‭ ‬الأصعدة،‭ ‬تلك‭ ‬المنطقة‭ ‬التي‭ ‬ما‭ ‬فتأت‭ ‬تُسيل‭ ‬لعاب‭ ‬الأطماع‭ ‬الاستعمارية‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تنتهي،‭ ‬نظراً‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬تمتلكه‭ ‬المنطقة‭ ‬من‭ ‬ثروات‭ ‬ومقومات‭ ‬اقتصادية‭ ‬وتاريخية‭ ‬وجغرافية‭. ‬

وحيث‭ ‬إنه‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬أولويات‭ ‬واهتمامات‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬البحرينية‭ ‬هو‭ ‬التركيز‭ ‬على‭ ‬الدائرة‭ ‬العربية‭ ‬باعتبار‭ ‬أن‭ ‬عروبة‭ ‬البحرين‭ ‬تُعد‭ ‬من‭ ‬الثوابت‭ ‬الأساسية‭ ‬وأن‭ ‬شعبها‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬الأمة‭ ‬العربية‭ ‬وإقليمها‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬الوطن‭ ‬العربي‭ ‬الكبير،‭ ‬وبأن‭ ‬سلامتها‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬سلامته،‭ ‬وإيماناً‭ ‬بوحدة‭ ‬المصير،‭ ‬تستضيف‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬القمة‭ ‬العربية‭ ‬الثالثة‭ ‬والثلاثين‭ ( ‬الاجتماع‭ ‬الثالث‭ ‬والثلاثين‭ ‬لمجلس‭ ‬جامعة‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭)‬،‭ ‬والتي‭ ‬سيتم‭ ‬عقدها‭ ‬في‭ ‬العاصمة‭ ‬المنامة‭ ‬يوم‭ ‬الخميس‭ ‬القادم‭ ‬السادس‭ ‬عشر‭ ‬من‭ ‬شهر‭ ‬مايو‭ ‬2024،‭ ‬برغبة‭ ‬صادقة‭ ‬وإرادة‭ ‬ملكية‭ ‬سامية‭ ‬لصاحب‭ ‬الجلالة‭ ‬الملك‭ ‬حمد‭ ‬بن‭ ‬عيسى‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬ملك‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬المعظم‭.‬

ويأتي‭ ‬عقد‭ ‬القمة‭ ‬العربية‭ ‬في‭ ‬مرحلة‭ ‬تضجّ‭ ‬بالتحديات‭ ‬الإقليمية‭ ‬والدولية،‭ ‬وأهمها‭ ‬الأطماع‭ ‬الإيرانية‭ ‬في‭ ‬الخليج‭ ‬العربي‭ ‬والتي‭ ‬تحدوها‭ ‬إلى‭ ‬مواصلة‭ ‬تدخلاتها‭ ‬في‭ ‬الشؤون‭ ‬الداخلية‭ ‬للدول‭ ‬العربية،‭ ‬والوضع‭ ‬العسكري‭ ‬القلق‭ ‬في‭ ‬مضيق‭ ‬باب‭ ‬المندب‭ ‬وفي‭ ‬ظل‭ ‬الأوضاع‭ ‬السياسية‭ ‬في‭ ‬فلسطين‭ ‬وممارسة‭ ‬سياسة‭ ‬الإبادة‭ ‬والتجويع‭ ‬والفصل‭ ‬العنصري‭ ‬ضد‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬في‭ ‬رفح‭ ‬دون‭ ‬رادع‭  ‬أو‭ ‬تراجع،‭ ‬وفي‭ ‬السودان،‭  ‬وفي‭ ‬ظل‭ ‬المستجدات‭ ‬الدولية‭ ‬بالتصويت‭ ‬على‭ ‬أحقية‭ ‬دولة‭ ‬فلسطين‭ ‬في‭ ‬العضوية‭ ‬الكاملة‭ ‬لدى‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬بأغلبية‭ ‬ساحقة،‭ ‬وجميع‭ ‬هذه‭ ‬المواضيع‭ ‬وأخرى‭ ‬أيضاً‭ ‬تمثل‭ ‬تحديا‭ ‬أمام‭ ‬القمة‭ ‬العربية‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬توافق‭ ‬الآراء‭ ‬ووحدة‭ ‬الكلمة‭ ‬وتعزيز‭ ‬التعاون‭ ‬وتوطيد‭ ‬أواصر‭ ‬الترابط‭ ‬بين‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬للوصول‭ ‬إلى‭ ‬وطن‭ ‬عربي‭ ‬يسوده‭ ‬الأمن‭ ‬والاستقرار‭ ‬والرخاء‭ ‬والنماء‭.‬

ومن‭ ‬الصدف‭ ‬الجميلة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الصدد،‭ ‬قيام‭ ‬الأخت‭ ‬العزيزة‭ ‬مستشارة‭ ‬وزارة‭ ‬الإعلام‭ ‬الدكتورة‭ ‬لولوة‭ ‬بودلامة‭ ‬بتدشين‭ ‬إصدارها‭ ‬الجديد‭ ( ‬الوطن‭ ‬العربي‭ ‬في‭ ‬فكر‭ ‬حمد‭ ‬بن‭ ‬عيسى‭) ‬بالتزامن‭ ‬مع‭ ‬انعقاد‭ ‬القمة‭ ‬العربية‭ ‬33،‭ ‬فإن‭ ‬انعقاد‭ ‬القمة‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬بدعوة‭ ‬كريمة‭ ‬من‭ ‬جلالته‭ ‬يُعد‭ ‬إضاءة‭ ‬من‭ ‬إضاءات‭ ‬فكره‭ ‬تجاه‭ ‬الوطن‭ ‬العربي‭ ‬والذي‭ ‬حرصت‭ ‬خطاباته‭ ‬الملكية‭ ‬السامية‭ ‬الإقليمي‭ ‬منها‭ ‬والعربي‭ ‬والعالمي‭ ‬والوطني‭ ‬على‭ ‬تأكيد‭ ‬مواقفه‭ ‬من‭ ‬القضايا‭ ‬العربية‭ ‬وعلى‭ ‬أهمية‭ ‬توحيد‭ ‬الجهود‭ ‬وتعزيز‭ ‬القدرات‭ ‬العربية‭ ‬والاستعدادات‭ ‬لمواجهة‭ ‬جميع‭ ‬التحديات‭ ‬الإقليمية‭ ‬الحاضرة‭ ‬والمستقبلية،‭ ‬كما‭ ‬أكّدت‭ ‬خطابات‭ ‬جلالته‭ ‬دائماً‭ ‬تأكيد‭ ‬حق‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬في‭ ‬إقامة‭ ‬دولته‭ ‬المستقلة‭ ‬وعاصمتها‭ ‬القدس‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬فلسطين،‭ ‬وعلى‭ ‬دعمه‭ ‬للقضية‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬ولم‭ ‬تُغفل‭ ‬أبداً‭ ‬أهمية‭ ‬أمن‭ ‬منطقة‭ ‬الخليج‭ ‬والحفاظ‭ ‬على‭ ‬مصالحه‭ ‬المشتركة‭ ‬على‭ ‬الصعيد‭ ‬السياسي‭ ‬والاجتماعي‭ ‬والثقافي‭ ‬والحضاري‭ ‬والتاريخي،‭ ‬حيث‭ ‬كان‭ ‬الشأن‭ ‬العربي‭ ‬حاضراً‭ ‬في‭ ‬فكر‭ ‬جلالته‭ ‬من‭ ‬واقع‭ ‬ثقافة‭ ‬متأصلة‭ ‬في‭ ‬اعتزازه‭ ‬بعروبته‭ ‬وشعوره‭ ‬العميق‭ ‬بانتمائه‭ ‬العربي‭. ‬

وجاء‭ ‬الكتاب‭ ‬الذي‭ ‬قدّم‭ ‬له‭ ‬سعادة‭ ‬الدكتور‭ ‬عبداللطيف‭ ‬بن‭ ‬راشد‭ ‬الزياني‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬الموقر،‭ ‬والذي‭ ‬اتخذ‭ ‬المنهج‭ ‬التحليلي‭ ‬لمحتوى‭ ‬الخطابات‭ ‬الملكية‭ ‬السامية‭ ‬لجلالته‭ ‬في‭ ‬الفترة‭ ‬من‭ ‬عام‭ ‬1999‭ ‬وحتى‭ ‬عام‭ ‬2023،‭ ‬في‭ ‬خمسة‭ ‬فصول‭ ‬ومقدمة‭ ‬وخاتمة‭ ‬متناولاً‭ ‬مضامين‭ ‬أقوال‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬المعظّم‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالوطن‭ ‬العربي‭ ‬مع‭ ‬تسليط‭ ‬الضوء‭ ‬على‭ ‬اقتباسات‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الأقوال‭ ‬لتعزيز‭ ‬الفكرة‭ ‬والتمهيد‭ ‬لولوجها‭ ‬في‭ ‬الموضوع‭ ‬بصورة‭ ‬تسترعي‭ ‬اهتمام‭ ‬وانتباه‭ ‬القارئ،‭ ‬وتطرقت‭ ‬الكاتبة‭ ‬في‭ ‬فصوله‭ ‬الخمسة‭ ‬إلى‭ ‬موقف‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬المعظم‭ ‬فكراً‭ ‬وقولاً‭ ‬وفعلاً‭ ‬من‭ ‬القضايا‭ ‬العربية‭ ‬المختلفة‭ ‬كالقضية‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬اليمنية،‭ ‬الجزر‭ ‬الإماراتية‭ ‬الثلاث،‭ ‬مصر،‭ ‬الصحراء‭ ‬المغربية،‭ ‬العراق،‭ ‬السودان،‭ ‬لبنان،‭ ‬سوريا،‭ ‬ليبيا،‭ ‬مكافحة‭ ‬الإرهاب،‭ ‬ولم‭ ‬يفتها‭ ‬التطرق‭ ‬إلى‭ ‬أحد‭ ‬أهم‭ ‬حقوق‭ ‬الجيل‭ ‬الثالث‭ ‬من‭ ‬منظومة‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬وهي‭ ‬ما‭ ‬تُسمى‭ ‬بحقوق‭ ‬التضامن،‭ ‬حيث‭ ‬خصصت‭ ‬الكاتبة‭ ‬فقرة‭ ‬حول‭ ‬قضايا‭ ‬البيئة‭ ‬والطاقة‭ ‬والتغيير‭ ‬المناخي‭ ‬في‭ ‬فكر‭ ‬حمد‭ ‬بن‭ ‬عيسى،‭ ‬والذي‭ ‬كانت‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬أحد‭ ‬أهم‭ ‬ركائز‭ ‬مشروعه‭ ‬الإصلاحي‭ ‬والتي‭ ‬حرص‭ ‬على‭ ‬تضمينها‭ ‬في‭ ‬ميثاق‭ ‬العمل‭ ‬الوطني‭ ‬باعتباره‭ ‬وثيقة‭ ‬تعاهديه‭ ‬بين‭ ‬الإرادة‭ ‬الملكية‭ ‬السامية‭ ‬والإرادة‭ ‬الشعبية‭ ‬لشعب‭ ‬البحرين،‭ ‬وضمّنها‭ ‬تعديلات‭ ‬دستور‭ ‬المملكة‭ ‬عام‭ ‬2002،‭ ‬كما‭ ‬تم‭ ‬تعزيزها‭ ‬بالانضمام‭ ‬إلى‭ ‬المواثيق‭ ‬الدولية‭ ‬الخاصة‭ ‬بحقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬وبتكرار‭ ‬ترحيب‭ ‬المملكة‭ ‬طوعاً‭ ‬بالمراجعة‭ ‬الدورية‭ ‬الشاملة‭ ‬لأوضاع‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬أمام‭ ‬مجلس‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬وبإنشاء‭ ‬آليات‭ ‬وطنية‭ ‬لحماية‭ ‬مراقبة‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬كالمؤسسة‭ ‬الوطنية‭ ‬لحقوق‭ ‬الإنسان،‭ ‬والأمانة‭ ‬العامة‭ ‬للتظلمات،‭ ‬ومفوضية‭ ‬حقوق‭ ‬السجناء‭ ‬ووحدة‭ ‬التحقيق‭ ‬الخاصة،‭ ‬ولجنة‭ ‬مكافحة‭  ‬الاتجار‭ ‬بالبشر‭ ‬والمجلس‭ ‬الأعلى‭ ‬للمرأة‭ ‬وما‭ ‬زالت‭ ‬القائمة‭ ‬في‭ ‬ازدياد‭.‬

وختاماً،‭ ‬مبارك‭ ‬للأخت‭ ‬العزيزة‭ ‬الدكتورة‭ ‬لولوة‭ ‬هذا‭ ‬الإصدار،‭ ‬الذي‭ ‬يُعدّ‭ ‬وثيقة‭ ‬تاريخية‭ ‬شاهدة‭ ‬على‭ ‬حقبة‭ ‬العهد‭ ‬الزاهر‭ ‬لجلالة‭ ‬الملك‭ ‬حمد‭ ‬بن‭ ‬عيسى‭ ‬ملك‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬المعظم،‭ ‬وهي‭ ‬جديرة‭ ‬بأن‭ ‬يطّلع‭ ‬عليها‭ ‬ضيوف‭ ‬البحرين‭ ‬الكرام،‭ ‬آملين‭ ‬أن‭ ‬ينتهي‭ ‬قادة‭ ‬العرب‭ ‬في‭ ‬مخرجات‭ ‬هذه‭ ‬القمة‭ ‬التاريخية‭ ‬إلى‭ ‬بيان‭ ‬ختامي‭ ‬يعكس‭ ‬توافق‭ ‬آراء‭ ‬الدول‭ ‬الأعضاء‭ ‬مجتمعة‭ ‬حول‭ ‬ما‭ ‬يصب‭ ‬في‭ ‬صالح‭ ‬المصير‭ ‬المشترك‭ ‬للأمة‭ ‬العربية‭ ‬بأكملها‭ ‬وما‭ ‬يحقق‭ ‬أمن‭ ‬المنطقة‭ ‬العربية‭ ‬واستقرارها‭ ‬والرخاء‭ ‬والرفاه‭ ‬لشعوبها‭. ‬

 

Hanadi‭_‬aljowdr@hotmail‭.‬com

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا