العدد : ١٧٠٥٥ - الاثنين ٠٢ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٠١ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٥٥ - الاثنين ٠٢ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٠١ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

مقالات

الأبناء وتحدي التربية

بقلم: المحامية د. هنادي عيسى الجودر

الأحد ٠٣ مارس ٢٠٢٤ - 02:00

القراء‭ ‬الأعزاء،‭ ‬

استكمالاً‭ ‬لما‭ ‬تناولناه‭ ‬في‭ ‬المقال‭ ‬السابق‭ ‬حول‭ ‬موضوع‭ ‬الاستراتيجيات‭ ‬والسياسات‭ ‬التي‭ ‬رُسمت‭ ‬لهدم‭ ‬واستئصال‭ ‬الاسرة‭ ‬الواضحة‭ ‬وضوح‭ ‬الشمس،‭ ‬من‭ ‬منطلق‭ ‬بحث‭ ‬للدكتورة‭ ‬كاميليا‭ ‬حلمي‭ ‬محمد‭ ‬حول‭ (‬المواثيق‭ ‬الدولية‭ ‬وأثرها‭ ‬في‭ ‬هدم‭ ‬الأسرة‭)‬،‭ ‬التي‭ ‬خلصت‭ ‬إلى‭ ‬التركيز‭ ‬على‭ ‬المرأة‭ ‬والطفل‭ ‬باعتبارهما‭ ‬ركيزتين‭ ‬مهمتين‭ ‬في‭ ‬الاسرة‭ ‬الطبيعية،‭ ‬وباعتبارهما‭ ‬أيضاً‭ ‬الفئتين‭ ‬صاحبتي‭ ‬المركز‭ ‬القانوني‭ ‬الاضعف‭ ‬فيها‭. ‬

وسأتطرق‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المقال‭ ‬إلى‭ ‬استراتيجية‭ ‬صرف‭ ‬الشباب‭ ‬عن‭ ‬الزواج‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تشجيع‭ ‬الشذوذ‭ ‬والتشجيع‭ ‬على‭ ‬الزنا‭ ‬والسعي‭ ‬إلى‭ ‬تقنين‭ ‬العلاقات‭ ‬المحرّمة‭ ‬وعدم‭ ‬المعاقبة‭ ‬عليها،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬فكرتي‭ ‬استقواء‭ ‬المرأة‭ ‬واستقواء‭ ‬الطفل،‭ ‬ويهمني‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الصدد‭ ‬الوقوف‭ ‬عند‭ ‬قضية‭ ‬الاطفال‭ ‬والشباب‭ ‬بدءاً‭ ‬من‭ ‬فكرة‭ ‬سن‭ ‬الطفولة‭ ‬الذي‭ ‬قد‭ ‬تم‭ ‬اعتماده‭ ‬لكل‭ ‬من‭ ‬لم‭ ‬يكمل‭ ‬الثامنة‭ ‬عشرة‭ ‬من‭ ‬عمره،‭ ‬فأصبح‭ ‬شبابنا‭ ‬المراهقون‭ ‬أطفالاً،‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬والدي‭ ‬شريحة‭ ‬عظمى‭ ‬منّا‭ ‬قد‭ ‬أنجبونا‭ ‬وهم‭ ‬في‭ ‬سن‭ ‬الثامنة‭ ‬عشرة‭ ‬من‭ ‬أعمارهم‭ ‬بل‭ ‬إن‭ ‬بعضهم‭ ‬قد‭ ‬أنجب‭ ‬في‭ ‬سنٍ‭ ‬أصغر‭. ‬

ونحن‭ ‬نعلم‭ ‬جميعاً‭ ‬باستهداف‭ ‬ثقافة‭ ‬الأجيال‭ ‬الشابة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬قنوات‭ ‬عدة،‭ ‬كالتعليم،‭ ‬ووسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬ولاسيما‭ ‬قنوات‭ (‬اليوتيوب‭) ‬ووسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬المختلفة،‭ ‬ويعزز‭ ‬ذلك‭ ‬كله‭ ‬إهمال‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الأسر‭ ‬وتخاذلها‭ ‬في‭ ‬التربية‭ ‬ابتداءً‭ ‬من‭ ‬استخدام‭ ‬المربيات‭ ‬الاجانب،‭ ‬انتهاء‭ ‬بترك‭ ‬حبل‭ ‬استخدام‭ ‬الأطفال‭ ‬للألواح‭ ‬الذكية‭ ‬على‭ ‬غاربه،‭ ‬واستخدام‭ ‬الاطفال‭ ‬مواقع‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬المختلفة‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬رقابة‭ ‬حقيقية‭.‬

والمسؤولية‭ ‬هنا‭ ‬تقع‭ ‬في‭ ‬المرتبة‭ ‬الاولى‭ ‬على‭ ‬الأسرة‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬تقع‭ ‬على‭ ‬الدولة،‭ ‬لأن‭ ‬دور‭ ‬الاسرة‭ ‬في‭ ‬غرس‭ ‬المفاهيم‭ ‬والمبادئ‭ ‬يفوق‭ ‬كثيراً‭ ‬أي‭ ‬دور‭ ‬آخر،‭ ‬فلو‭ ‬عادت‭ ‬الأسرة‭ ‬إلى‭ ‬سابق‭ ‬عهدها‭ ‬في‭ ‬صناعة‭ ‬أخلاق‭ ‬وتربية‭ ‬أبنائها‭ ‬وحرصت‭ ‬على‭ ‬تعزيز‭ ‬قيمها‭ ‬الدينية‭ ‬بما‭ ‬فيها‭ ‬من‭ ‬قيم‭ ‬إنسانية‭ ‬عالية،‭ ‬لما‭ ‬استطاع‭ ‬أي‭ ‬جهد‭ ‬خارجي‭ ‬التأثير‭ ‬في‭ ‬فكر‭ ‬ووعي‭ ‬شبابنا‭. ‬

‭ ‬وأضيف‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬واجبا‭ ‬يقع‭ ‬على‭ ‬عاتق‭ ‬الوالدين‭ ‬وهو‭ ‬من‭ ‬مستلزمات‭ ‬حسن‭ ‬التربية،‭ ‬وكم‭ ‬من‭ ‬الوالدين‭ ‬استمتع‭ ‬بصحبة‭ ‬أبنائه‭ ‬وأحسن‭ ‬الاستماع‭ ‬إليهم‭ ‬وناقشهم‭ ‬في‭ ‬المعلومات‭ ‬التي‭ ‬غزت‭ ‬فكرهم؟‭ ‬وكم‭ ‬منهم‭ ‬حاول‭ ‬التعرف‭ ‬على‭ ‬الفروقات‭ ‬بين‭ ‬الأجيال‭ ‬وفهمها‭ ‬للولوج‭ ‬منها‭ ‬إلى‭ ‬طريق‭ ‬لفهم‭ ‬وتفهم‭ ‬الأفكار‭ ‬التي‭ ‬تبنّوها؟‭ ‬وكم‭ ‬من‭ ‬الآباء‭ ‬المطلقين‭ ‬أنصفوا‭ ‬أبناءهم‭ ‬وجنّبوهم‭ ‬خوض‭ ‬تبعات‭ ‬وقوع‭ ‬الطلاق‭ ‬ولم‭ ‬يُعاقبوهم‭ ‬عليه؟‭ ‬

والخلاصة‭ ‬أنه‭ ‬آن‭ ‬الأوان‭ ‬لقيام‭ ‬الأسرة‭ ‬بدورها‭ ‬الحقيقي‭ ‬تجاه‭ ‬أبنائها‭ ‬بجانب‭ ‬عملية‭ ‬الإنجاب،‭ ‬والالتفات‭ ‬إلى‭ ‬الأبناء‭ ‬ومنحهم‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الوقت‭ ‬والاهتمام‭ ‬والعناية‭ ‬والرعاية‭ ‬والرقابة،‭ ‬كما‭ ‬كان‭ ‬يفعل‭ ‬اباؤنا‭ ‬معنا،‭ ‬فلا‭ ‬نصادق‭ ‬شخصاً‭ ‬إلا‭ ‬وتقصّوا‭ ‬عن‭ ‬أصله‭ ‬وفصله‭ ‬وخلقه،‭ ‬لا‭ ‬أن‭ ‬يُفتح‭ ‬للطفل‭ ‬أبواب‭ ‬الفضاء‭ ‬الافتراضي‭ ‬ليجوب‭ ‬في‭ ‬طرقاته‭ ‬مُعرضاً‭ ‬للمخاطر‭ ‬المختلفة‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬رقيب‭ ‬ولا‭ ‬حسيب،‭ ‬ولا‭ ‬أن‭ ‬نترك‭ ‬تربية‭ ‬أبنائنا‭ ‬لمربيات‭ ‬ينتمون‭ ‬إلى‭ ‬ثقافات‭ ‬مختلفة‭ ‬عنا،‭ ‬إلا‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬الضرورة‭ ‬وتحت‭ ‬رقابة‭. ‬

فلا‭ ‬يُهم‭ ‬ما‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يُحاك‭ ‬لنا‭ ‬وحولنا،‭ ‬المهم‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬نكون‭ ‬على‭ ‬قدر‭ ‬من‭ ‬الوعي‭ ‬وإدراك‭ ‬ما‭ ‬فيه‭ ‬الخير‭ ‬لنا‭ ‬وللأجيال‭ ‬المستقبلية،‭ ‬وبأهمية‭ ‬التمسك‭ ‬بالأسرة‭ ‬الطبيعية‭ ‬ورعاية‭ ‬جميع‭ ‬أفرادها‭ ‬وبالأخص‭ ‬الأطفال،‭ ‬فعلمنا‭ ‬ووعينا‭ ‬وعملنا‭ ‬سيكون‭ ‬دائماً‭ ‬هو‭ ‬السياج‭ ‬الحصين‭ ‬أمام‭ ‬أي‭ ‬هجمة‭ ‬تسعى‭ ‬للنيل‭ ‬من‭ ‬قيمنا‭ ‬وأخلاقياتنا‭ ‬وثوابتنا‭.‬

 

Hanadi‭_‬aljowder@hotmail‭.‬com‭ ‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا