العدد : ١٦٨٣٧ - الأحد ٢٨ أبريل ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ شوّال ١٤٤٥هـ

العدد : ١٦٨٣٧ - الأحد ٢٨ أبريل ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ شوّال ١٤٤٥هـ

مقالات

الإبحار في موجات التغيير: القطاع المصرفي في البحرين

بقلم: رجل الأعمال م. إسماعيل الصراف

الثلاثاء ٠٦ فبراير ٢٠٢٤ - 02:00

في‭ ‬عالم‭ ‬تشهد‭ ‬فيه‭ ‬التيارات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬تحولاً‭ ‬مستمراً،‭ ‬أدى‭ ‬القرار‭ ‬الأخير‭ ‬الذي‭ ‬اتخذه‭ ‬بنك‭ ‬الاحتياطي‭ ‬الفيدرالي‭ ‬بالإبقاء‭ ‬على‭ ‬أسعار‭ ‬الفائدة‭ ‬ثابتة‭ ‬إلى‭ ‬إحداث‭ ‬تموجات‭ ‬في‭ ‬الأسواق‭ ‬العالمية،‭ ‬وصلت‭ ‬إلى‭ ‬شواطئ‭ ‬البحرين‭. ‬تمت‭ ‬مراقبة‭ ‬إعلان‭ ‬الأربعاء‭ ‬الماضي‭ ‬عن‭ ‬كثب‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬المتحمسين‭ ‬الماليين‭ ‬والمشاركين‭ ‬في‭ ‬السوق‭ ‬على‭ ‬حد‭ ‬سواء،‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬بسبب‭ ‬القرار‭ ‬نفسه‭ ‬ولكن‭ ‬بسبب‭ ‬الفروق‭ ‬الدقيقة‭ ‬في‭ ‬تصريحات‭ ‬رئيس‭ ‬الاحتياطي‭ ‬الفيدرالي‭ ‬جيروم‭ ‬باول‭. ‬يشير‭ ‬تردد‭ ‬باول‭ ‬في‭ ‬الالتزام‭ ‬بخفض‭ ‬سعر‭ ‬الفائدة‭ ‬في‭ ‬مارس‭ - ‬وهو‭ ‬قرار‭ ‬يعتمد‭ ‬على‭ ‬بيانات‭ ‬التضخم‭ ‬القادمة‭ - ‬إلى‭ ‬اتباع‭ ‬نهج‭ ‬حذر،‭ ‬ولكنه‭ ‬يدرك‭ ‬تمامًا‭ ‬الحاجة‭ ‬إلى‭ ‬انخفاض‭ ‬التضخم‭ ‬‮«‬بشكل‭ ‬مستدام‮»‬‭ ‬نحو‭ ‬هدف‭ ‬2٪‭. ‬إن‭ ‬هذا‭ ‬الموقف‭ ‬من‭ ‬الاعتماد‭ ‬على‭ ‬البيانات،‭ ‬والذي‭ ‬أكده‭ ‬توقع‭ ‬صدور‭ ‬قراءتين‭ ‬أخريين‭ ‬لمؤشر‭ ‬أسعار‭ ‬المستهلك‭ ‬قبل‭ ‬اجتماع‭ ‬مارس،‭ ‬يسلط‭ ‬الضوء‭ ‬على‭ ‬مسار‭ ‬السياسة‭ ‬النقدية‭ ‬على‭ ‬المدى‭ ‬القريب‭.‬

بالنسبة‭ ‬للبحرين،‭ ‬المملكة‭ ‬التي‭ ‬يتناغم‭ ‬قطاعها‭ ‬المصرفي‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬مع‭ ‬بيئة‭ ‬أسعار‭ ‬الفائدة‭ ‬العالمية،‭ ‬فإن‭ ‬هذا‭ ‬التطور‭ ‬له‭ ‬أهمية‭ ‬خاصة‭. ‬وهيمنت‭ ‬أسعار‭ ‬الفائدة‭ ‬المرتفعة‭ ‬على‭ ‬المناقشات،‭ ‬حيث‭ ‬من‭ ‬المتوقع‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬عام‭ ‬۲۰۲‮٤‬‭ ‬عامًا‭ ‬محوريًا‭. ‬يستعد‭ ‬المشاركون‭ ‬في‭ ‬السوق‭ ‬للتحول،‭ ‬مع‭ ‬تخفيض‭ ‬أسعار‭ ‬الفائدة‭ ‬بمقدار‭ ‬4‭-‬5‭ ‬مرات،‭ ‬مما‭ ‬يؤكد‭ ‬على‭ ‬منعطف‭ ‬حرج‭ ‬بالنسبة‭ ‬للبنوك‭ ‬البحرينية‭. ‬وتمتد‭ ‬الآثار‭ ‬المترتبة‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬التحول‭ ‬على‭ ‬نطاق‭ ‬واسع،‭ ‬وتتعلق‭ ‬بتوافر‭ ‬الائتمان،‭ ‬وإدارة‭ ‬السيولة،‭ ‬والمشهد‭ ‬الاقتصادي‭ ‬الأوسع‭.‬

يجد‭ ‬القطاع‭ ‬المصرفي‭ ‬في‭ ‬البحرين،‭ ‬وهو‭ ‬حجر‭ ‬الزاوية‭ ‬في‭ ‬اقتصادها،‭ ‬نفسه‭ ‬عند‭ ‬مفترق‭ ‬الطريق‭. ‬ورغم‭ ‬أن‭ ‬أسعار‭ ‬الفائدة‭ ‬المرتفعة‭ ‬كانت‭ ‬مفيدة‭ ‬للمودعين،‭ ‬إلا‭ ‬أنها‭ ‬أدت‭ ‬إلى‭ ‬تشديد‭ ‬توافر‭ ‬الائتمان‭. ‬وقد‭ ‬شعرت‭ ‬الشركات‭ ‬والمستهلكون‭ ‬على‭ ‬حد‭ ‬سواء‭ ‬بهذا،‭ ‬مع‭ ‬تصاعد‭ ‬تكاليف‭ ‬الاقتراض‭. ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬مع‭ ‬تزايد‭ ‬الهمسات‭ ‬حول‭ ‬تخفيضات‭ ‬أسعار‭ ‬الفائدة،‭ ‬يتوقع‭ ‬القطاع‭ ‬هذا‭ ‬التغيير‭ ‬الجديد‭. ‬ومن‭ ‬الممكن‭ ‬أن‭ ‬يؤدي‭ ‬انخفاض‭ ‬أسعار‭ ‬الفائدة‭ ‬إلى‭ ‬تخفيف‭ ‬تكلفة‭ ‬الاقتراض،‭ ‬وتنشيط‭ ‬سوق‭ ‬الائتمان،‭ ‬وبالتالي‭ ‬النشاط‭ ‬الاقتصادي‭. ‬ويأتي‭ ‬هذا‭ ‬التحول‭ ‬من‭ ‬التشديد‭ ‬النقدي‭ ‬إلى‭ ‬التيسير‭ ‬النقدي‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬تشهد‭ ‬فيه‭ ‬البحرين‭ ‬اتجاها‭ ‬انكماشيا،‭ ‬مما‭ ‬يشير‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬التدابير‭ ‬السابقة‭ ‬قد‭ ‬خففت‭ ‬بالفعل‭ ‬من‭ ‬الضغوط‭ ‬التضخمية‭.‬

إن‭ ‬البيئة‭ ‬الانكماشية‭ ‬التي‭ ‬تجد‭ ‬البحرين‭ ‬نفسها‭ ‬فيها‭ ‬هي‭ ‬شهادة‭ ‬على‭ ‬فعالية‭ ‬السياسات‭ ‬النقدية‭ ‬الصارمة‭. ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬بينما‭ ‬يلمح‭ ‬الاحتياطي‭ ‬الفيدرالي‭ ‬إلى‭ ‬التحول‭ ‬نحو‭ ‬التيسير‭ ‬النقدي،‭ ‬مدعومًا‭ ‬بضرورة‭ ‬رؤية‭ ‬التضخم‭ ‬يتراجع‭ ‬بشكل‭ ‬مستدام،‭ ‬فإن‭ ‬البحرين‭ ‬ستستفيد‭. ‬ويمكن‭ ‬أن‭ ‬تؤدي‭ ‬التخفيضات‭ ‬المتوقعة‭ ‬في‭ ‬أسعار‭ ‬الفائدة‭ ‬إلى‭ ‬فتح‭ ‬فرص‭ ‬جديدة‭ ‬للقطاع‭ ‬المصرفي،‭ ‬مما‭ ‬يعزز‭ ‬تدفق‭ ‬الائتمان‭ ‬والسيولة،‭ ‬وبالتالي‭ ‬تحفيز‭ ‬النمو‭ ‬الاقتصادي‭.‬

ومن‭ ‬الضروري‭ ‬أن‭ ‬تتعامل‭ ‬البنوك‭ ‬البحرينية‭ ‬مع‭ ‬هذا‭ ‬التحول‭ ‬ببصيرة‭ ‬استراتيجية‭. ‬ويمثل‭ ‬احتمال‭ ‬خفض‭ ‬أسعار‭ ‬الفائدة‭ ‬سلاح‭ ‬ذو‭ ‬حدين‭: ‬ففي‭ ‬حين‭ ‬أنه‭ ‬يحفز‭ ‬الاقتراض‭ ‬والاستثمار،‭ ‬فإنه‭ ‬قد‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬ضغط‭ ‬هوامش‭ ‬الفائدة‭ ‬الصافية‭ ‬للبنوك‭. ‬وبالتالي،‭ ‬يجب‭ ‬على‭ ‬القطاع‭ ‬أن‭ ‬يبتكر،‭ ‬ويبحث‭ ‬عن‭ ‬مصادر‭ ‬دخل‭ ‬بديلة‭ ‬ويعزز‭ ‬الكفاءة‭ ‬للحفاظ‭ ‬على‭ ‬الربحية‭. ‬وبالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬ذلك،‭ ‬يتعين‭ ‬على‭ ‬البنوك‭ ‬أن‭ ‬تظل‭ ‬يقظة،‭ ‬لضمان‭ ‬أن‭ ‬التوسع‭ ‬الائتماني‭ ‬لا‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬تراكم‭ ‬القروض‭ ‬المتعثرة،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬قد‭ ‬يعرض‭ ‬الاستقرار‭ ‬المالي‭ ‬للخطر‭.‬

في‭ ‬الختام،‭ ‬فإن‭ ‬القرار‭ ‬الأخير‭ ‬للاحتياطي‭ ‬الفيدرالي‭ ‬وموقف‭ ‬باول‭ ‬الحذر‭ ‬يؤكدان‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬البيئة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬العالمية‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬تغير‭ ‬مستمر‭. ‬بالنسبة‭ ‬للبحرين،‭ ‬تبشر‭ ‬هذه‭ ‬اللحظة‭ ‬بتحول‭ ‬حاسم‭ ‬نحو‭ ‬التيسير‭ ‬النقدي،‭ ‬مما‭ ‬يطرح‭ ‬تحديات‭ ‬وفرصًا‭ ‬لقطاعها‭ ‬المصرفي‭. ‬وبينما‭ ‬تمر‭ ‬المملكة‭ ‬بهذا‭ ‬التحول،‭ ‬فإن‭ ‬المزيج‭ ‬من‭ ‬البصيرة‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬والقدرة‭ ‬على‭ ‬التكيف‭ ‬سيكون‭ ‬له‭ ‬أهمية‭ ‬قصوى‭ ‬في‭ ‬تسخير‭ ‬إمكانات‭ ‬النمو‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والاستقرار‭.‬

عضو‭ ‬مجلس‭ ‬إدارة‭ ‬جمعية‭ ‬الإداريين‭ ‬البحرينية

ماجستير‭ ‬تنفيذي‭ ‬بالإدارة‭ ‬من‭ ‬المملكة‭ ‬المتحدة‭ (‬EMBA‭)‬

عضو‭ ‬بمعهد‭ ‬المهندسين‭ ‬والتكنولوجيا‭ ‬البريطانية‭ (‬MIET‭)‬

عضو‭ ‬بجمعية‭ ‬المهندسين‭ ‬البحرينية

 

 

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا