معصومة عبدالرحيم: ضرورة تغليظ العقوبة على المدانين والرفض المجتمعي لهم
د. علي الحداد: لدينا قوانين رادعة.. وسلبيات النشر تفوق الإيجابيات
قانوني يحذر من المساءلة القانونية لنشر هوية المتهمين
أثار ما طرحه علي الحداد عضو مجلس الشورى خلال جلسة المجلس الماضية حول واقعة الاعتداء على أحد الطلبة ردود فعل واسعة عبر منصات التواصل الاجتماعي، ورغم تأكيد وزارة التربية أن الحادثة تمت في يوم إجازة رسمية وخارج نطاق المدرسة، وأنه تم إيقاف الموظف عن العمل والتوصية بفصله في حال ثبوت الاعتداء، فإن البعض بدأ في طرح مقترحات لردع مثل هذه الممارسات منها النائب السابق د. معصومة عبدالرحيم التي طالبت بنشر صور وأسماء أي شخص معتد على الأطفال القصّر بعد التحقق من ارتكابهم هذا الجرم.
وقالت عبدالرحيم لـ«أخبار الخليج» إنها تأمل أن يتم الكشف عن هذه الذئاب البشرية حتى لا تستمر في اصطياد الفرائس الذين هم من الأطفال والقصّر الذين ليس لهم ذنب، موضحة ان الاعتداء على الأطفال قد أخذ حيزه في الدول المتقدمة، إذ يتم منع المعتدي من التواجد بالأماكن الاجتماعية، كما يتم منعهم من التواجد بالقرب من رياض الأطفال والمدارس، وأيضًا يكون هنالك رقابة شديدة على تحركاتهم، مشيرة إلى أن كل دولة لها طريقتها في الحكم على الجاني واتخاذ تدابير مشددة ضده.
وأكدت الحاجة إلى نشر اسم وصور أي معتد على طفل أو طفلة أو قاصر، مبينة أن هذا النشر هو بمثابة تحذير كبير لأولياء الأمور والمجتمع بأن هذا الشخص قد يتواجد بالقرب منكم أو يكون ضيفاً في منزل أحدهم أو يتواجد داخل المسجد والمأتم ويتعامل مع الأطفال، مؤكدة أهمية الحذر من هؤلاء الأشخاص وفي الوقت نفسه تحذير أطفالهم من التقرب من هؤلاء الذئاب البشرية الذين هم أشكال وأنواع.
وحذرت من استدراج الأطفال والقصّر بالأموال أو الهدايا، مشددة على ضرورة تحذير الأطفال وأولياء الأمور والمربين بأن تواجد مثل هؤلاء الأشخاص يمثل خطورة.
وأوضحت د. عبدالرحيم أن الكشف عن مرتكبي هذه الوقائع سيخلق رفضا مجتمعيا لهم، لافتة إلى أهمية تسليط الضوء على تغليظ العقوبة ومراجعة التشريعات فيما يخص العقوبة، إذ إن فترة شهر أو سنة أو 3 سنوات غير كافية، نظرًا إلى ان الحديث هو عن ألم أسرة، وهذا الألم يشمل الطفل أو القاصر والوالدين، وكيفية تأثير هذا الأمر على نفسية وشخصية هذا الطفل، وقد يكون لدى هذا الطفل عدم ثقة، وقد يكون في المستقبل شبيها لهذا الذئب البشري انتقاما، لذلك نحن بحاجة إلى تغليظ العقوبة الشديدة على أمثال هؤلاء الذئاب.
غير مؤيد
ورغم أنه هو من أثار الواقعة تحت قبة البرلمان فإن الدكتور علي الحداد عضو مجلس الشورى شدد على أنه لا يؤيد نشر أسماء وصور المعتدي على الأطفال، مؤكدًا وجود قوانين رادعة تمنع نشر صور المتهمين، كما ان وزارة الداخلية والنيابة العامة لا يحبذون نشر صور المتهمين، مشيرًا إلى أن سلبيات نشر الأسماء والصور تفوق الإيجابيات.
وأوضح الدكتور علي الحداد أنه تحدث عن الحادثة الأخيرة بشأن الاعتداء على سبعة أطفال في مدرسة وساقه كمثال، إذ إن البحرينيين ليسوا هم من يقومون بالعنف الأسري، وذلك خلال مداخلته في جلسة مجلس الشورى الأخيرة حول مشروع قانون بإضافة مادة جديدة مكررة إلى قانون الحماية من العنف الأسري يهدف إلى معاقبة من يمتنع عن الالتزام بواجب التبليغ عن أي واقعة عنف أسري، وقد استطعنا بفضل تضافر جهود الجميع رفض مشروع القانون وإلغاءه.
وأوضح أنه أشار في كلمته إلى أن المرأة نصف المجتمع بل المجتمع كله، إذ قال الشاعر (ولو ان النساء كمثل هذه.. لفضلت النساء على الرجال)، مؤكدًا أن سيدة البحرين الأولى صاحبة السمو الملكي الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة رئيسة المجلس الأعلى للمرأة، ما فتئت تدعم المرأة وتساندها في البحرين بشتى السبل والوسائل عبر برامج تمكين المرأة، وهكذا تحولت النسوة في مملكة البحرين من التمكين إلى الاقتدار والإرادة الذاتية، وهن ملازمات في الخطوط الأولى في مراقبة ما يجري في الأسرة، ويتصدين لما يحل عليها من أذى وعنف، وهن من تحمسن للمطالبة بإيقاع العقوبة على من يتستر على حالات العنف الأسري أيًا كان مصدره، وذلك بفضل دعم المجلس الأعلى للمرأة لهن.
وأكد أن إضافة مادة جديدة برقم (17) مكرر إلى قانون الحماية من العنف الأسري رقم (17) لسنة 2015 في الحقيقة تهدف إلى معاقبة من يمتنع عن الالتزام بواجب التبليغ عن أي واقعة عنف أسري (نما إلى علمه) وذلك بين فئات الأشخاص الوارد ذكرهم، في المادة (8) من القانون المذكور، وهم من علم بواقعة العنف الأسري بحكم طبيعة عمله، أو مهنته الطبية أو التعليمية.
كما أكد أن الأسرة البحرينية تعتبر أن من أولويات واجباتها الأسرية أن تحافظ على سلامة أفرادها قاطبة بكل ما أوتيت من عزم ثاقب، وصبر ورباطة جأش، ولا ترضى بأي ضرر يلحق بأفرادها، فضلا عن السعي الحثيث لحفظهم، ودرء الاخطار عنهم، فكيف ترضى لأن يتعرض أي فرد لو سلمنا جدلا للسجن أو الغرامة بسبب عدم تبليغه عن العنف الأسري.
وأشار إلى أن من يتعرض لأبنائنا هم بعض الوافدين الذين تسول لهم أنفسهم الدنيئة ارتكاب بعض الجرائم بحق فلذات أكبادنا، آخرها الجريمة الشنعاء التي ارتكبت من صروح التربية والتعليم والتثقيف والنبل، موضحًا أنه في إحدى المدارس ذئب مسعور ولا يستحق أن نطلق عليه مربيا أو مدرسا اعتدى على سبعة من الأطفال، وهم في عمر الزهور بارتكاب الفاحشة، والذين تكتمت عوائلهم وكادر المدرسة على هذه الجريمة خوفا من الفضيحة.
الرأي القانوني
وتواصلت «أخبار الخليج» مع المحامي صلاح الجابر لأخذ رأيه القانوني، وقد أوضح أن ما تشهده البلاد في الوقت الحالي من تعدد الجرائم وتعدد طرقها وما يقوم به العديد من الأشخاص في نشر معلومات وبيانات عن تلك الجرائم وعن أشخاص المتورطين فيها وما تتخذه وسائل الإعلام من إجراءات حيال تلك القضايا التي تعتبر من قضايا الرأي العام والتي لا شك أن المشرع البحريني قد وقف حازماً لتلك الجرائم وما شابها من سلوكيات إجرامية.
وأضاف أنه من منطلق ما تقدم فإنني أرى في الوقت الراهن مساءلة نشر أسماء المتورطين أو التنويه عنهم أو نشر ما يتلقونه من جزاء جراء الأفعال التي يقومون بها فإن هذا الأمر ليس فرصة للردع عن تلك الجرائم، إذ إن كل جريمة لها حيثياتها ولها أسبابها ولها عواملها الخاصة، وقد تختلف العقوبة على نفس الجرم من دائرة قضائية إلى أخرى ومن قضية إلى أخرى نظرًا إلى ملابسات الأمر وحيثيات القضية ذاتها.
وواصل قائلا: وعليه فإنه في هذا المقام لا بد من توضيح أن الوضع الحالي قد تداولت به الشائعات وأصبح العديد من الأشخاص يقومون بنشر شائعات غير صحيحة ونشر عقائد غير سوية وابتكار قصص لا صحة لها من الواقع، وقد تؤثر تلك القصص أو تلك الموضوعات على استقرار الأشخاص أو قد تؤدي إلى نشر توتر وقلق من قبل الأشخاص الطبيعيين وخاصة إذا كانت تلك الجرائم مما تمس سلامة الطفل أو الطفولة أو حقوق الإنسان.
ورأى أنه من الأفضل عدم التوسع في نشر مثل تلك الأخبار.. وفي حالة نشرها أو الإعلان عنها يكون ذلك من خلال مصادر موثوقة وبموجب معايير وآلية محددة حفاظًا على سلامة الوطن والمواطنين والقاطنين فيه وحرصًا على خلق بيئة اجتماعية صحية خالية من العوامل المؤثرة أو المزعزعة لاستقرارها.
ولفت إلى أنه بشأن إتاحة القانون نشر مثل هذه القصص أو الحوادث فإن مملكة البحرين تشهد رواجاً إعلامياً وحرية كبيرة للتعبير عن الرأي ونشر كافة المعلومات والأخبار، وقد أكد قانون الصحافة أن حرية الرأي والتعبير مكفولة ومتاحة للجميع إلا أنه وجب التنويه إلى أن هذه الحرية ليست مطلقة ولها قيودها إذ إنه لا يجوز نشر ما يخالف الآداب العامة أو نشر ما يؤثر على استقرار الوطن أو زعزعة أمنه.
وأوضح أن القانون البحريني لم يجرم نشر تفاصيل أية واقعة أو قضية ولكن يجرم نشر ما قد يؤثر على سلامة التحقيقات أو ما يعرض الأشخاص للازدراء أو ما قد يكون مكذوبًا، وعليه يجب التحري بدقة قبل نشر أي خبر أو حادثة، ويجب مراعاة عدم التعدي بشأن الآداب العامة أو نشر هوية المتهم أو تفاصيله، وذلك منعًا للمساءلة القانونية ومنعًا للخضوع لأي عقاب قانوني.
واختتم تصريحه بالتأكيد أن القانون البحريني قد شدد وحرص على إيقاع الجزاء على كل من تسول له نفسه ارتكاب أي فعل مجرم قانوناً، وذلك حتى يكون عبرة لغيره، وذلك حرصاً من الشارع على أمن وسلامة واستقرار مملكة البحرين.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك