العدد : ١٧٠٥١ - الخميس ٢٨ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٦ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٥١ - الخميس ٢٨ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٦ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

شرق و غرب

فشل القانون الدولي في حماية الشعب الفلسطيني

الخميس ٢٨ ديسمبر ٢٠٢٣ - 02:00

بقلم‭: ‬سناء‭ ‬خان‭ ‬{‭  ‬

 

لقد‭ ‬فشل‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭ ‬في‭ ‬توفير‭ ‬الحماية‭ ‬اللازمة‭ ‬للشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يفسر‭ ‬تفاقم‭ ‬معاناة‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬على‭ ‬مر‭ ‬الأعوام‭ ‬المعاناة‭ ‬الطويلة‭. ‬لقد‭ ‬هاجمت‭ ‬إسرائيل‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬ولم‭ ‬تضع‭ ‬الحرب‭ ‬حداً‭ ‬لمعاناة‭ ‬الفلسطينيين،‭ ‬بمن‭ ‬فيهم‭ ‬سكان‭ ‬غزة‭ ‬والضفة‭ ‬الغربية‭.‬

ما‭ ‬مشكلة‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭ ‬الذي‭ ‬فشل‭ ‬دائما‭ ‬في‭ ‬حماية‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني،‭ ‬وما‭ ‬الحلقة‭ ‬المفقودة‭ ‬أو‭ ‬الثغرات‭ ‬التي‭ ‬تفلت‭ ‬منها‭ ‬إسرائيل‭ ‬بأفعالها‭ ‬دون‭ ‬أي‭ ‬محاسبة‭ ‬أو‭ ‬عقاب؟‭.‬

يكمن‭ ‬الجواب‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الأسئلة‭ ‬في‭ ‬طبيعة‭ ‬خطاب‭ ‬القانون‭ ‬الدولي،‭ ‬حيث‭ ‬إن‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭ ‬هو‭ ‬قانون‭ ‬يكرس‭ ‬الهيمنة‭ ‬بطبيعته‭ ‬وقد‭ ‬صمم‭ ‬لإسكات‭ ‬أصوات‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬الثالث،‭ ‬وهي‭ ‬نظرية‭ ‬ناشئة‭ ‬في‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭ ‬تعرف‭ ‬باسم‭ ‬نظرية‭ ‬‮«‬مقاربات‭ ‬العالم‭ ‬الثالث‭ ‬للقانون‭ ‬الدولي‮»‬‭ (‬TWAIL‭).  ‬

وعلى‭ ‬غرار‭ ‬بقية‭ ‬النظريات‭ ‬النقدية‭ ‬الأخرى‭ ‬للقانون،‭ ‬فإن‭ ‬نظرية‭ ‬‮«‬مقاربات‭ ‬العالم‭ ‬الثالث‭ ‬للقانون‭ ‬الدولي‮»‬‭ ‬تمثل‭ ‬مدرسة‭ ‬فكرية‭ ‬نقدية‭ ‬كما‭ ‬أوضحها‭ ‬أنتوني‭ ‬أنجي‭ ‬في‭ ‬كتابه‭ ‬المعنون‭ ‬‮«‬إعادة‭ ‬التفكير‭ ‬في‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭ ‬من‭ ‬منظور‭ ‬العالم‭ ‬الثالث‮»‬‭.‬

تنطوي‭ ‬نظرية‭ ‬‮«‬مقاربات‭ ‬العالم‭ ‬الثالث‭ ‬للقانون‭ ‬الدولي‮»‬‭ ‬على‭ ‬أهمية‭ ‬كبيرة،‭ ‬إذ‭ ‬لا‭ ‬يمكننا‭ ‬تحقيق‭ ‬العدالة‭ ‬العالمية‭ ‬ما‭ ‬لم‭ ‬نحقق‭ ‬العدالة‭ ‬لشعوب‭ ‬العالم‭ ‬الثالث،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬نظرية‭ ‬‮«‬مقاربات‭ ‬العالم‭ ‬الثالث‭ ‬للقانون‭ ‬الدولي‮»‬‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬تكشف‭ ‬عن‭ ‬أوجه‭ ‬القصور‭ ‬المهمة‭ ‬والهيكلية‭ ‬في‭ ‬النظام‭ ‬الدولي،‭ ‬والتي‭ ‬تحول‭ ‬دون‭ ‬تحقيق‭ ‬ذلك‭.‬

ولفهم‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭ ‬المعاصر،‭ ‬يجب‭ ‬على‭ ‬المرء‭ ‬أن‭ ‬يضع‭ ‬في‭ ‬اعتباره‭ ‬الأصول‭ ‬الاستعمارية‭ ‬والهيمنة‭ ‬للقانون‭ ‬الدولي‭ ‬وكيف‭ ‬أن‭ ‬إطار‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭ ‬الحالي‭ ‬متحيز‭ ‬بشكل‭ ‬منهجي‭ ‬ويسمح‭ ‬باستغلال‭ ‬شعب‭ ‬فلسطين‭ ‬منذ‭ ‬بداية‭ ‬العمل‭ ‬بهذا‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭.‬

في‭ ‬هذا‭ ‬الصدد‭ ‬يقول‭ ‬الأكاديمي‭ ‬جيسون‭ ‬بيكيت‭ ‬إن‭: ‬‮«‬القانون‭ ‬الدولي‭ ‬العام‭ ‬هو‭ ‬استعمار‭ ‬جديد‭ ‬في‭ ‬طبيعته‮»‬‭. ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬قانون‭ ‬العزل‭ ‬السياسي‭ ‬يجعل‭ ‬الأدوار‭ ‬الاستعمارية‭ ‬المتمثلة‭ ‬في‭ ‬فرض‭ ‬الانضباط‭ ‬ونهب‭ ‬البلدان‭ ‬النامية‭ ‬ملموسة‭. ‬

ويدعم‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭ ‬العام‭ ‬مبدأ‭ ‬‮«‬uti‭ ‬possidetis‭ ‬juris‭ ‬or‭ ‬uti‭ ‬possidetis‭ ‬iuris‮»‬،‭ ‬الذي‭ ‬يعني‭ ‬‮«‬كل‭ ‬ما‭ ‬تملكه‭ ‬يعد‭ ‬تحت‭ ‬احتلال‭ ‬مشروع‭ ‬مبرر‭ ‬في‭ ‬عديد‭ ‬من‭ ‬الحالات‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬النضال‭ ‬فيها‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬إعلان‭ ‬حق‭ ‬تقرير‭ ‬المصير‮»‬‭.‬

ينص‭ ‬هذا‭ ‬المبدأ‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬الدول‭ ‬ذات‭ ‬السيادة‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬تشكيلها‭ ‬حديثًا‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تحتفظ‭ ‬بالحدود‭ ‬الداخلية‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬لمنطقتها‭ ‬التابعة‭ ‬السابقة‭ ‬قبل‭ ‬استقلالها،‭ ‬وهذه‭ ‬هي‭ ‬الحالة‭ ‬المؤسفة‭ ‬لفلسطين،‭ ‬حيث‭ ‬أدى‭ ‬الانتداب‭ ‬على‭ ‬فلسطين‭ ‬للمملكة‭ ‬المتحدة‭ ‬إلى‭ ‬إنشاء‭ ‬إسرائيل،‭ ‬وهو‭ ‬أمر‭ ‬مؤسف‭. ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬مبدأ‭ ‬‮«‬كل‭ ‬ما‭ ‬تملكه‭ ‬يعد‭ ‬تحت‭ ‬احتلال‭ ‬مشروع‭ ‬مبرر‭ ‬في‭ ‬عديد‭ ‬من‭ ‬الحالات‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬النضال‭ ‬فيها‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬إعلان‭ ‬حق‭ ‬تقرير‭ ‬المصير‮»‬‭ ‬يهيمن‭ ‬على‭ ‬روح‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭.‬

كانت‭ ‬المنطقة‭ ‬التي‭ ‬تعرف‭ ‬حاليًا‭ ‬بفلسطين‭ ‬تحكمها‭ ‬الدولة‭ ‬العثمانية‭ ‬وشملت‭ ‬مصر‭ ‬والأردن‭ ‬وسوريا‭. ‬وبعد‭ ‬سقوط‭ ‬الإمبراطورية‭ ‬العثمانية،‭ ‬استولت‭ ‬المملكة‭ ‬المتحدة‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬المنطقة،‭ ‬ثم‭ ‬منحت‭ ‬هذه‭ ‬المنطقة‭ ‬لليهود‭ ‬بموجب‭ ‬وعد‭ ‬بلفور‭ (‬1917‭)‬،‭ ‬الذي‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬قيام‭ ‬دولة‭ ‬إسرائيل‭.‬

ومنذ‭ ‬ذلك‭ ‬الحين،‭ ‬قامت‭ ‬إسرائيل‭ ‬بتوسيع‭ ‬نطاق‭ ‬أراضيها‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬وراء‭ ‬الحدود‭ ‬التي‭ ‬رسمت‭ ‬لها‭ ‬عام‭ ‬1948،‭ ‬وتكريسا‭ ‬لسياسة‭ ‬‮«‬فرق‭ ‬تسد‮»‬،‭ ‬فإن‭ ‬فلسطين‭ ‬مقسمة‭ ‬حاليا‭ ‬بين‭ ‬غزة‭ ‬والضفة‭ ‬الغربية،‭ ‬وتأثرت‭ ‬حدودها‭ ‬بالخرائط‭ ‬الاستعمارية‭ ‬وقد‭ ‬تم‭ ‬تبرير‭ ‬ذلك‭ ‬بمبدأ‭ ‬الحيازة‭ ‬الجارية‭.‬

إن‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭ ‬الحالي‭ ‬غير‭ ‬قادر‭ ‬على‭ ‬حل‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬القضايا‭. ‬تشرح‭ ‬الأكاديمية‭ ‬عائشة‭ ‬مالك‭ ‬كيف‭ ‬تخرق‭ ‬إسرائيل‭ ‬القانون،‭ ‬وخاصة‭ ‬قانون‭ ‬النزاعات‭ ‬المسلحة،‭ ‬الذي‭ ‬يبرر‭ ‬أنه‭ ‬احتلال،‭ ‬وكيف‭ ‬تنتهك‭ ‬إسرائيل‭ ‬القانون‭ ‬الإنساني‭ ‬الدولي‭ ‬بارتكاب‭ ‬جرائم‭ ‬حرب‭ ‬وجرائم‭ ‬ضد‭ ‬الإنسانية،‭ ‬لكن‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬يذهب‭ ‬سدى‭ ‬للأسف‭.‬

وبالتالي،‭ ‬فمن‭ ‬المعقول‭ ‬الشك‭ ‬في‭ ‬أهمية‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭ ‬ويستمر‭ ‬الادعاء‭ ‬بأنه‭ ‬يفيد‭ ‬الأقوياء‭ ‬حصريًّا‭ ‬وإنه‭ ‬قانون‭ ‬محكمة‭ ‬المنتصر‭ ‬في‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الحالات‭. ‬ومن‭ ‬المهم‭ ‬أن‭ ‬نفهم‭ ‬أن‭ ‬الشيطان‭ ‬يكمن‭ ‬في‭ ‬التفاصيل‭ ‬وأن‭ ‬هناك‭ ‬حاليًا‭ ‬عملا‭ ‬يتعين‭ ‬القيام‭ ‬به‭ ‬لتغيير‭ ‬هذه‭ ‬الروايات‭ ‬وتطبيق‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭ ‬بشكل‭ ‬مناسب‭. ‬

وبالاستناد‭ ‬إلى‭ ‬نظرية‭ ‬‮«‬مقاربات‭ ‬العالم‭ ‬الثالث‭ ‬للقانون‭ ‬الدولي‮»‬‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬ندرك‭ ‬الانتهاكات‭ ‬التي‭ ‬ترتكب‭ ‬في‭ ‬حق‭ ‬الشعوب‭ ‬بسبب‭ ‬هيمنة‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭ ‬الحالي‭. ‬لذلك‭ ‬فإننا‭ ‬سنظل‭ ‬نحاول‭ ‬علاج‭ ‬العلل‭ ‬باستخدام‭ ‬نفس‭ ‬الدواء‭ ‬‭ ‬أي‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭ ‬‭ ‬الذي‭ ‬تم‭ ‬اختباره‭ ‬مرات‭ ‬عديدة‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬نتمكن‭ ‬من‭ ‬تحقيق‭ ‬أي‭ ‬تقدم‭.‬

وفي‭ ‬الواقع‭ ‬فإن‭ ‬المُضطَهِد‭ ‬هو‭ ‬وحده‭ ‬الذي‭ ‬استفاد‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الحرب‭ ‬غير‭ ‬المتكافئة‭ ‬والعشوائية،‭ ‬وليس‭ ‬الناس‭ ‬الذين‭ ‬يعانون‭ ‬يوميا‭. ‬لقد‭ ‬كانت‭ ‬الدولة‭ ‬تقليديا‭ ‬محور‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭. ‬كذلك،‭ ‬وبالنظر‭ ‬إلى‭ ‬الصراع‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬الفلسطيني،‭ ‬تشير‭ ‬الأدلة‭ ‬التاريخية‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الدول‭ ‬المحيطة،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الأردن‭ ‬ومصر‭ ‬وسوريا،‭ ‬ظلت‭ ‬تعاني‭ ‬نتيجة‭ ‬للإطار‭ ‬الاستعماري‭ ‬للقانون‭ ‬الدولي،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يسلط‭ ‬عليه‭ ‬أنتوني‭ ‬أنجي‭ ‬الضوء‭ ‬في‭ ‬كتابه‭ ‬المعنون‭ ‬‮«‬الإمبريالية‭ ‬والسيادة‭ ‬وصنع‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‮»‬‭. ‬

إن‭ ‬الطبيعة‭ ‬المتناقضة‭ ‬لنظام‭ ‬الانتداب،‭ ‬الذي‭ ‬يهدف‭ ‬إلى‭ ‬تحرير‭ ‬الشعوب‭ ‬المنتدبة‭ ‬من‭ ‬‮«‬الظروف‭ ‬الصعبة‭ ‬للعالم‭ ‬المعاصر‮»‬،‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬أبقتهم‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬النهاية‭ ‬في‭ ‬ذات‭ ‬المواقف‭ ‬والأوضاع‭.‬

وهكذا،‭ ‬فإن‭ ‬الدورة‭ ‬الفردية‭ ‬تنتج‭ ‬بيئة‭ ‬تضع‭ ‬فيها‭ ‬المنظمات‭ ‬الدولية‭ ‬نفسها‭ ‬كإجابة‭ ‬لقضية‭ ‬هي‭ ‬جزء‭ ‬منها‭. ‬كثيرا‭ ‬ما‭ ‬تنشأ‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬المواقف‭ ‬في‭ ‬الشؤون‭ ‬الدولية‭ ‬المعاصرة‭. ‬وفي‭ ‬سياق‭ ‬العلاقات‭ ‬الدولية‭ ‬المعاصرة،‭ ‬يتم‭ ‬إساءة‭ ‬استخدام‭ ‬المواقف‭ ‬والقانون،‭ ‬مثل‭ ‬فلسطين،‭ ‬باستمرار‭ ‬باسم‭ ‬سيادة‭ ‬القانون‭ ‬والحفاظ‭ ‬على‭ ‬السلامة‭ ‬الإقليمية‭.‬

وتؤكد‭ ‬الأكاديمية‭ ‬نورا‭ ‬عريقات‭ ‬أن‭ ‬استخدام‭ ‬قوانين‭ ‬الحرب‭ ‬الواردة‭ ‬في‭ ‬اتفاقية‭ ‬جنيف‭ ‬لا‭ ‬يخفف‭ ‬من‭ ‬حدة‭ ‬الوضع‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭. ‬بل‭ ‬هو‭ ‬استمرار‭ ‬للسياسات‭ ‬الاستعمارية‭ ‬التي‭ ‬بررت‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الأخطاء‭ ‬والانتهاكات‭ ‬وأنشأت‭ ‬نظامًا‭ ‬قانونيًا‭ ‬دوليًا‭ ‬قاسيًا‭ ‬وجائرا‭.‬

تقول‭ ‬نورا‭ ‬عريقات‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الصدد‭: ‬‮«‬تشمل‭ ‬هذه‭ ‬الجهود‭ ‬الرأي‭ ‬الاستشاري‭ ‬الذي‭ ‬أصدرته‭ ‬محكمة‭ ‬العدل‭ ‬الدولية‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2004‭ ‬بشأن‭ ‬الجدار‭ ‬الإسرائيلي،‭ ‬ومسعى‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬دولة‭ ‬في‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬الفترة‭ ‬من‭ ‬2011‭ ‬إلى‭ ‬2012،‭ ‬وقرار‭ ‬الجمعية‭ ‬العامة‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬الذي‭ ‬يمنح‭ ‬فلسطين‭ ‬وضع‭ ‬الدولة‭ ‬المراقبة،‭ ‬والانضمام‭ ‬إلى‭ ‬نظام‭ ‬روما‭ ‬الأساسي‭ ‬والانضمام‭ ‬اللاحق‭ ‬إلى‭ ‬المحكمة‭ ‬الجنائية‭ ‬الدولية،‭ ‬وآخرها‭ ‬قرار‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬رقم‭ ‬‮»‬2334‭.‬

هذا‭ ‬ناهيك‭ ‬عن‭ ‬حقيقة‭ ‬أن‭ ‬الدولة،‭ ‬كعلاج،‭ ‬لا‭ ‬تتوافق‭ ‬مع‭ ‬واقع‭ ‬ونطاق‭ ‬المظالم‭ ‬الفلسطينية‭ ‬اليوم،‭ ‬كما‭ ‬نوقش‭ ‬سابقًا‭. ‬وإذا‭ ‬افترضنا‭ ‬جدلاً‭ ‬أن‭ ‬الاعتراف‭ ‬بالدولة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يعالج‭ ‬الظلم‭ ‬المسلط‭ ‬على‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬عقود،‭ ‬فإن‭ ‬الاستراتيجيات‭ ‬القانونية‭ ‬للقيادة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬لتحقيق‭ ‬هذا‭ ‬الهدف‭ ‬تظل‭ ‬غير‭ ‬كافية‭ ‬من‭ ‬الناحية‭ ‬الاستراتيجية‭.‬

وهذه‭ ‬القرارات‭ ‬تظل‭ ‬غير‭ ‬كافية‭ ‬وتظهر‭ ‬حدود‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭. ‬إنها‭ ‬قرارات‭ ‬لا‭ ‬تتسم‭ ‬بأي‭ ‬قوة‭ ‬قانونية‭. ‬لذلك‭ ‬نجد‭ ‬أن‭ ‬الحكم‭ ‬الذي‭ ‬أصدرته‭ ‬محكمة‭ ‬العدل‭ ‬الدولية‭ ‬بأن‭ ‬بناء‭ ‬إسرائيل‭ ‬للجدار‭ ‬كان‭ ‬غير‭ ‬قانوني‭ ‬لم‭ ‬يؤد‭ ‬إلى‭ ‬تخفيف‭ ‬المعاناة‭ ‬التي‭ ‬يتحملها‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭.‬

ووفقاً‭ ‬لهذا‭ ‬التفسير‭ ‬التقليدي‭ ‬للقانون‭ ‬الدولي،‭ ‬فإن‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬سوف‭ ‬يُعد‭ ‬إرهابياً‭ ‬إذا‭ ‬حاول‭ ‬مقاومة‭ ‬النظام‭ ‬الحالي‭ ‬للقانون‭ ‬الدولي‭ ‬باستخدام‭ ‬القوة‭. ‬إن‭ ‬الأزمة‭ ‬الإنسانية‭ ‬الحالية‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬دليل‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬يُعامل‭ ‬دون‭ ‬أي‭ ‬حماية‭ ‬قانونية،‭ ‬وأن‭ ‬قواعد‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭ ‬لا‭ ‬تفيد‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭.‬

تعتبر‭ ‬نورا‭ ‬عريقات‭ ‬أن‭ ‬إسرائيل‭ ‬قد‭ ‬حولت‭ ‬الظروف‭ ‬الراهنة‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭ ‬إلى‭ ‬أنواع‭ ‬الصراعات‭ ‬غير‭ ‬المتكافئة‭ ‬التي‭ ‬تحدد‭ ‬ما‭ ‬أصبح‭ ‬يعرف‭ ‬باسم‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬على‭ ‬الإرهاب‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تسليط‭ ‬الضوء‭ ‬على‭ ‬دور‭ ‬‮«‬حماس‮»‬‭ ‬والتقليل‭ ‬من‭ ‬شأن‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭.‬

وقد‭ ‬أدى‭ ‬هذا‭ ‬الأمر‭ ‬إلى‭ ‬إلغاء‭ ‬أي‭ ‬تمييز‭ ‬بين‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬وغيرهم‭ ‬من‭ ‬الأطراف‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬الدول‭. ‬إن‭ ‬إسرائيل‭ ‬تستبدل‭ ‬إطاراً‭ ‬أمنياً‭ ‬وطنياً‭ ‬لفهم‭ ‬الصراع‭ ‬بإطار‭ ‬صنع‭ ‬السلام،‭ ‬ناهيك‭ ‬عن‭ ‬إطار‭ ‬استعماري‭ ‬استيطاني،‭ ‬وذلك‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬فصل‭ ‬غزة‭ ‬عن‭ ‬بقية‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭.‬

وإلى‭ ‬جانب‭ ‬الانقسام‭ ‬الإقليمي،‭ ‬تعمل‭ ‬المعركة‭ ‬الداخلية‭ ‬بين‭ ‬فتح‭ ‬وحماس‭ ‬على‭ ‬تعزيز‭ ‬هذا‭ ‬التغيير‭ ‬في‭ ‬النموذج‭ ‬والهيمنة‭ ‬الاستعمارية‭ ‬الإسرائيلية‭.‬

ومن‭ ‬خلال‭ ‬تلك‭ ‬الحواجز‭ ‬السياسية،‭ ‬يجب‭ ‬على‭ ‬المرء‭ ‬أن‭ ‬يناضل‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الحق‭ ‬في‭ ‬تقرير‭ ‬المصير‭ ‬بموجب‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭. ‬

لا‭ ‬يسعى‭ ‬هذا‭ ‬المقال‭ ‬إلى‭ ‬دحض‭ ‬المناقشات‭ ‬حول‭ ‬الانتهاكات‭ ‬ضد‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭ ‬الإنساني؛‭ ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬فإن‭ ‬التركيز‭ ‬بشكل‭ ‬كامل‭ ‬على‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬المناقشات‭ ‬لن‭ ‬يساعد‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬أو‭ ‬أي‭ ‬مجموعة‭ ‬أخرى‭ ‬تناضل‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬حقهم‭ ‬في‭ ‬تقرير‭ ‬المصير‭.‬

إن‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭ ‬الإنساني‭ ‬لا‭ ‬يعمل‭ ‬في‭ ‬الفراغ؛‭ ‬بل‭ ‬إنه‭ ‬يحتاج‭ ‬إلى‭ ‬دعم‭ ‬سياسي‭ ‬قوي‭ ‬لضمان‭ ‬إنفاذ‭ ‬قواعد‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭ ‬الإنساني‭ ‬ومبادئه‭. ‬ولذلك،‭ ‬لتعزيز‭ ‬الحماية‭ ‬المتاحة‭ ‬بموجب‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭ ‬الإنساني،‭ ‬ينبغي‭ ‬الاستماع‭ ‬إلى‭ ‬حق‭ ‬تقرير‭ ‬المصير‭ ‬والأصوات‭ ‬التي‭ ‬تتحدث‭ ‬من‭ ‬منظور‭ ‬‮«‬مقاربات‭ ‬العالم‭ ‬الثالث‭ ‬للقانون‭ ‬الدولي‮»‬‭.‬

وإضفاء‭ ‬الطابع‭ ‬المؤسسي‭ ‬عليها‭ ‬كأهداف‭ ‬سياسية‭ ‬لعلاج‭ ‬علل‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭. ‬وإلا‭ ‬فإن‭ ‬قرارات‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬ومعاناته‭ ‬ما‭ ‬هي‭ ‬إلا‭ ‬دكاكين‭ ‬كلام‭ ‬لا‭ ‬تنهي‭ ‬بؤسه‭.‬

نحن‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬نهج‭ ‬شامل‭ ‬يجمع‭ ‬بين‭ ‬الديمقراطية‭ ‬وحقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬والحق‭ ‬في‭ ‬تقرير‭ ‬المصير‭ ‬والقانون‭ ‬الإنساني‭ ‬الدولي،‭ ‬مع‭ ‬الأخذ‭ ‬في‭ ‬الاعتبار‭ ‬دائمًا‭ ‬الطبيعة‭ ‬القمعية‭ ‬للقانون‭ ‬الدولي‭ ‬الذي‭ ‬تمارسه‭ ‬الدول‭ ‬القوية‭ ‬بما‭ ‬يتعارض‭ ‬مع‭ ‬التطلعات‭ ‬المشروعة‭ ‬والحقوق‭ ‬القانونية‭ ‬للشعوب‭ ‬والدول‭ ‬المهمشة،‭ ‬مثل‭ ‬الفلسطينيين،‭ ‬الذين‭ ‬يناضلون‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تحررهم‭ ‬من‭ ‬القوى‭ ‬الاستعمارية‭.‬

{‭ ‬أكاديمية‭ ‬قانونية

دبلوب‭ ‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا