العدد : ١٧٠٦٧ - السبت ١٤ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٣ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٦٧ - السبت ١٤ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٣ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

شرق و غرب

تباين مواقف الدول الإفريقية من الحرب الإسرائيلية في غزة

الأحد ١٦ يونيو ٢٠٢٤ - 02:00

بقلم‭: ‬الحاج‭ ‬بوبا‭ ‬نوهو‭  ‬{

 

دفعت‭ ‬العواقب‭ ‬الإقليمية‭ ‬الناجمة‭ ‬للحروب‭ ‬العربية‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬في‭ ‬عامي‭ ‬1967‭ ‬و1973‭ ‬معظم‭ ‬الدول‭ ‬الإفريقية‭ ‬إلى‭ ‬تبني‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭. ‬لكن‭ ‬منذ‭ ‬بداية‭ ‬القرن‭ ‬الحادي‭ ‬والعشرين،‭ ‬نجحت‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬مضاعفة‭ ‬الاتفاقيات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والأمنية‭ ‬مع‭ ‬دول‭ ‬القارة‭ ‬الإفريقية‭. ‬وقد‭ ‬يؤدي‭ ‬الصراع‭ ‬الذي‭ ‬بدأ‭ ‬في‭ ‬7‭ ‬أكتوبر‭ ‬مع‭ ‬إطلاق‭ ‬عملية‭ ‬طوفان‭ ‬الأقصى‭ ‬إلى‭ ‬إبطاء‭ ‬هذا‭ ‬التقارب‭.‬

بعد‭ ‬هجوم‭ ‬حماس‭ ‬في‭ ‬7‭ ‬أكتوبر‭ ‬2023،‭ ‬والرد‭ ‬العسكري‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬المدمر‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬غزة،‭ ‬ظلت‭ ‬معظم‭ ‬دوائر‭ ‬الحكم‭ ‬الإفريقية‭ ‬الأربع‭ ‬والخمسين‭ ‬صامتة‭. ‬وأدانت‭ ‬أربع‭ ‬دول،‭ ‬هي‭ ‬توغو‭ ‬وكينيا‭ ‬وجمهورية‭ ‬الكونغو‭ ‬الديمقراطية‭ ‬والسنغال،‭ ‬وجميعها‭ ‬شركاء‭ ‬اقتصاديون‭ ‬وأمنيون‭ ‬لتل‭ ‬أبيب،‭ ‬على‭ ‬شبكة‭ ‬X‭ (‬تويتر‭ ‬سابقًا‭) ‬العملية‭ ‬التي‭ ‬نفذتها‭ ‬حركة‭ ‬حماس‭ ‬وحلفاؤها،‭ ‬فيما‭ ‬قدمت‭ ‬غانا‭ ‬دعما‭ ‬قويا‭ ‬لإسرائيل‭ (‬12‭ ‬أكتوبر‭ ‬2023‭)‬،‭ ‬وأرسلت‭ ‬الكاميرون‭ ‬رسالة‭ ‬تعزية‭ ‬رسمية‭ (‬8‭ ‬أكتوبر‭)‬،‭ ‬

ومع‭ ‬تدهور‭ ‬الوضع‭ ‬الإنساني‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬أصبحت‭ ‬تشاد،‭ ‬التي‭ ‬طبعت‭ ‬علاقاتها‭ ‬مع‭ ‬تل‭ ‬أبيب‭ ‬عام‭ ‬2019،‭ ‬أول‭ ‬دولة‭ ‬إفريقية‭ ‬تستدعي،‭ ‬في‭ ‬4‭ ‬نوفمبر‭ ‬2023،‭ ‬القائم‭ ‬بأعمالها‭ ‬‮«‬للتشاور‮»‬‭. ‬‮«‬إن‭ ‬استئناف‭ ‬العلاقات‭ ‬الدبلوماسية‭ (...) ‬لا‭ ‬يؤثر‭ ‬بأي‭ ‬شكل‭ ‬من‭ ‬الأشكال‭ ‬على‭ ‬موقف‭ ‬تشاد‭ ‬من‭ ‬قضية‭ ‬فلسطين‭ ‬والأراضي‭ ‬العربية‭ ‬المحتلة‮»‬‭ ‬‭ ‬ذلك‭ ‬ما‭ ‬حرص‭ ‬على‭ ‬توضيحه‭ ‬سنة‭ ‬2020،‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬شريف‭ ‬محمد‭ ‬زين‭.‬

لقد‭ ‬التزمت‭ ‬جنوب‭ ‬إفريقيا‭ ‬بشكل‭ ‬أكثر‭ ‬وضوحًا‭ ‬بالمحكمة‭ ‬الجنائية‭ ‬الدولية‭ ‬ومحكمة‭ ‬العدل‭ ‬الدولية‭ ‬ويوضح‭ ‬هذا‭ ‬التباين‭ ‬في‭ ‬ردود‭ ‬الفعل‭ ‬عمق‭ ‬التحولات‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬القارة‭ ‬الإفريقية،‭ ‬المرتبطة‭ ‬تقليديا‭ ‬بالقضية‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬نحو‭ ‬التطبيع‭.‬

شاركت‭ ‬ست‭ ‬دول‭ ‬إفريقية‭ (‬مصر،‭ ‬غانا،‭ ‬إثيوبيا،‭ ‬ليبيريا،‭ ‬الصومال،‭ ‬السودان‭) ‬في‭ ‬مؤتمر‭ ‬باندونغ‭ (‬إندونيسيا‭) ‬عام‭ ‬1955،‭ ‬والذي‭ ‬استُبعدت‭ ‬منه‭ ‬إسرائيل‭. ‬تم‭ ‬التركيز‭ ‬على‭ ‬إنهاء‭ ‬الاستعمار‭ ‬ومكافحة‭ ‬الفصل‭ ‬العنصري‭ ‬ودعم‭ ‬‮«‬حقوق‭ ‬الشعب‭ ‬العربي‭ ‬في‭ ‬فلسطين‮»‬‭. ‬لقد‭ ‬عزز‭ ‬الارتباط‭ ‬بين‭ ‬الأسباب‭ ‬الثلاثة‭ ‬المواقف‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬منذ‭ ‬فترة‭ ‬طويلة‭.‬

بعد‭ ‬الاستقلال‭ ‬في‭ ‬أوائل‭ ‬الستينيات،‭ ‬رأت‭ ‬تل‭ ‬أبيب‭ ‬شركاء‭ ‬محتملين‭ ‬في‭ ‬الأنظمة‭ ‬الجديدة‭. ‬مستشهدة‭ ‬بـ‭ ‬‮«‬مجتمع‭ ‬المعاناة‮»‬،‭ ‬تحولت‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬بشكل‭ ‬خاص‭ ‬إلى‭ ‬إفريقيا‭ ‬جنوب‭ ‬الصحراء‭ ‬الكبرى‭. ‬وفي‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه،‭ ‬تم‭ ‬التوقيع‭ ‬على‭ ‬عديد‭ ‬من‭ ‬اتفاقيات‭ ‬التعاون‭. ‬تم‭ ‬التوقيع‭ ‬مع‭ ‬إثيوبيا‭ ‬وأوغندا‭ ‬وزائير‭ (‬جمهورية‭ ‬الكونغو‭ ‬الديمقراطية‭ ‬المستقبلية‭) ‬وكينيا‭ ‬ورواندا‭ ‬وتشاد‭ ‬وجمهورية‭ ‬أفريقيا‭ ‬الوسطى‭.‬

تعد‭ ‬الكيبوتسات‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬موقعًا‭ ‬للعديد‭ ‬من‭ ‬الرحلات‭ ‬الدراسية‭ ‬لمواطني‭ ‬هذه‭ ‬البلدان‭. ‬ومع‭ ‬مرور‭ ‬الوقت،‭ ‬تمت‭ ‬دعوة‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬إلى‭ ‬كل‭ ‬قمم‭ ‬منظمة‭ ‬الوحدة‭ ‬الإفريقية‭ ‬ثم‭ ‬الاتحاد‭ ‬الإفريقي‭ (‬منذ‭ ‬عام‭ ‬2002‭).‬

وهكذا،‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1971،‭ ‬خلال‭ ‬قمة‭ ‬داكار‭ (‬السنغال‭)‬،‭ ‬استنكرت‭ ‬دول‭ ‬القارة‭ ‬فشل‭ ‬مهمة‭ ‬ممثل‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬غونار‭ ‬يارينغ‭ ‬في‭ ‬التوصل‭ ‬إلى‭ ‬تسوية‭ ‬سلمية‭ ‬للصراع‭ ‬العربي‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬القرار‭ ‬242‭ ‬الذي‭ ‬تم‭ ‬التصويت‭ ‬عليه‭ ‬في‭ ‬22‭ ‬نوفمبر‭ ‬1967،‭ ‬بعد‭ ‬حرب‭ ‬الأيام‭ ‬الستة،‭ ‬والذي‭ ‬يؤكد‭ ‬عدم‭ ‬جواز‭ ‬الاستيلاء‭ ‬على‭ ‬الأراضي‭ ‬بالحرب‭.‬

في‭ ‬حين‭ ‬تم‭ ‬تشكيل‭ ‬لجنة‭ ‬من‭ ‬عشرة‭ ‬رؤساء‭ ‬دول‭ (‬الكاميرون،‭ ‬إثيوبيا،‭ ‬ساحل‭ ‬العاج،‭ ‬كينيا،‭ ‬ليبيريا،‭ ‬موريتانيا،‭ ‬نيجيريا،‭ ‬السنغال،‭ ‬تنزانيا‭ ‬وزائير‭) ‬بقيادة‭ ‬الرئيس‭ ‬ليوبولد‭ ‬سيدار‭ ‬سنغور‭ ‬لتعزيز‭ ‬حل‭ ‬الدولتين،‭ ‬أرسلت‭ ‬الوزيرة‭ ‬جولدا‭ ‬مائير‭ ‬رسالة،‭ ‬على‭ ‬شكل‭ ‬تحذير،‭ ‬إلى‭ ‬رئيس‭ ‬زائير،‭ ‬موبوتو‭ ‬سيسي‭ ‬سيكو،‭ ‬في‭ ‬12‭ ‬نوفمبر‭ ‬1971،‭ ‬معتبرة‭ ‬أنه‭ ‬‮«‬من‭ ‬الأهمية‭ ‬القصوى‭ ‬عدم‭ ‬مطالبة‮»‬‭ ‬أي‭ ‬طرف‭ ‬بقبول‭ ‬المواقف‭ ‬مقدمًا‭ ‬من‭ ‬الآخر‮»‬‭.‬

بعد‭ ‬حرب‭ ‬أكتوبر‭ ‬1973،‭ ‬قررت‭ ‬جميع‭ ‬الدول‭ ‬الإفريقية‭ ‬تقريبًا‭ (‬باستثناء‭ ‬ملاوي‭ ‬وبوتسوانا‭ ‬وسوازيلاند‭ ‬وليسوتو‭ ‬وجنوب‭ ‬إفريقيا‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬الفصل‭ ‬العنصري‭) ‬قطع‭ ‬العلاقات‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬مع‭ ‬تل‭ ‬أبيب‭.‬

وفي‭ ‬تونس،‭ ‬استضاف‭ ‬الرئيس‭ ‬آنذاك‭ ‬الحبيب‭ ‬بورقيبة،‭ ‬المؤيد‭ ‬للنهج‭ ‬المرحلي،‭ ‬مقر‭ ‬منظمة‭ ‬التحرير‭ ‬الفلسطينية‭ ‬في‭ ‬حمامات‭ ‬الشط‭ (‬1983-1994‭)‬،‭ ‬بعد‭ ‬طرده‭ ‬من‭ ‬لبنان‭.‬

أدى‭ ‬قصف‭ ‬إسرائيل‭ ‬لمقر‭ ‬منظمة‭ ‬التحرير‭ ‬الفلسطينية‭ ‬عام‭ ‬1985‭ ‬واغتيال‭ ‬أبو‭ ‬إياد،‭ ‬الرجل‭ ‬الثاني‭ ‬في‭ ‬المنظمة،‭ ‬إلى‭ ‬تعزيز‭ ‬المشاعر‭ ‬المؤيدة‭ ‬للفلسطينيين‭ ‬بين‭ ‬السكان‭. ‬وحتى‭ ‬اليوم،‭ ‬يعتبر‭ ‬الرئيس‭ ‬التونسي‭ ‬قيس‭ ‬سعيد‭ ‬أن‭ ‬التطبيع‭ ‬مع‭ ‬إسرائيل‭ ‬يشكل‭ ‬‮«‬خيانة‭ ‬عظمى‮»‬‭.‬

ظل‭ ‬الموقف‭ ‬الرسمي‭ ‬للاتحاد‭ ‬الإفريقي‭ ‬يتبع‭ ‬موقف‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬وبعد‭ ‬تاريخ‭ ‬7‭ ‬أكتوبر‭ ‬2023،‭ ‬دعا‭ ‬رئيس‭ ‬مفوضية‭ ‬المنظمة‭ ‬الإفريقية،‭ ‬موسى‭ ‬فقي‭ ‬محمد،‭ ‬الأطراف‭ ‬المعنية‭ ‬للعودة‭ ‬إلى‭ ‬طاولة‭ ‬المفاوضات‭ ‬لحل‭ ‬الدولتين‭.‬

وفي‭ ‬يوم‭ ‬27‭ ‬أكتوبر،‭ ‬صوتت‭ ‬إفريقيا‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬كبير‭ ‬لصالح‭ ‬قرار‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬غير‭ ‬الملزم‭ ‬لصالح‭ ‬‮«‬هدنة‭ ‬إنسانية‮»‬‭ ‬فورية‭.‬

في‭ ‬شهر‭ ‬يوليو‭ ‬2021،‭ ‬كان‭ ‬السيد‭ ‬موسى‭ ‬فقي‭ ‬محمد‭ ‬سببا‭ ‬في‭ ‬حادثة‭ ‬دبلوماسية‭: ‬إذ‭ ‬أعرب‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬فكرته‭ ‬المتمثلة‭ ‬في‭ ‬تعزيز‭ ‬الحوار،‭ ‬عن‭ ‬رغبته‭ ‬في‭ ‬منح‭ ‬إسرائيل‭ ‬صفة‭ ‬عضو‭ ‬مراقب‭ ‬مماثلة‭ ‬لتلك‭ ‬التي‭ ‬تتمتع‭ ‬بها‭ ‬فلسطين‭ ‬في‭ ‬الاتحاد‭ ‬الإفريقي‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬2013‭. ‬

اعتبرت‭ ‬جنوب‭ ‬إفريقيا‭ ‬ذلك‭ ‬قرارا‭ ‬‮«‬ظالما‭ ‬وغير‭ ‬مبرر‮»‬‭ ‬لأنه‭ ‬لم‭ ‬يتم‭ ‬النظر‭ ‬فيه‭ ‬وفق‭ ‬نظامه‭ ‬الأساسي،‭ ‬وأيدتها‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬مصر‭ ‬والجزائر‭ ‬وجزر‭ ‬موريشيوس‭ ‬وجزر‭ ‬القمر‭ ‬وتونس‭ ‬وجيبوتي‭ ‬وموريتانيا‭ ‬وليبيا‭ ‬ونيجيريا،‭ ‬مما‭ ‬اضطر‭ ‬المندوب‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬الذي‭ ‬جاء‭ ‬لحضور‭ ‬القمة‭ ‬السنوية‭ ‬للمنظمة‭ ‬إلى‭ ‬مغادرة‭ ‬أديس‭ ‬أبابا‭ ‬على‭ ‬عجل‭.‬

ولعل‭ ‬محاولة‭ ‬موسى‭ ‬فقي‭ ‬محمد‭ ‬هي‭ ‬نتيجة‭ ‬لحملة‭ ‬الإغراء‭ ‬التي‭ ‬تشنها‭ ‬إسرائيل‭ ‬منذ‭ ‬ما‭ ‬يقرب‭ ‬من‭ ‬عشر‭ ‬سنوات‭. ‬من‭ ‬المؤكد‭ ‬أن‭ ‬التجارة‭ ‬مع‭ ‬أفريقيا‭ ‬لا‭ ‬تمثل‭ ‬سوى‭ ‬1‭.‬5‭%‬‭ ‬من‭ ‬التجارة‭ ‬الخارجية‭ ‬الإسرائيلية‭ (‬حوالي‭ ‬1‭.‬3‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭)‬،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬حصة‭ ‬كبيرة‭ ‬لجنوب‭ ‬إفريقيا‭ (‬241‭ ‬مليون‭ ‬دولار‭ ‬من‭ ‬الصادرات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬للأشهر‭ ‬التسعة‭ ‬الأولى‭ ‬من‭ ‬عام‭ ‬2023‭).‬

لكن‭ ‬إمكانات‭ ‬النمو‭ ‬في‭ ‬التجارة‭ ‬تعتبر‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬دوائر‭ ‬الأعمال‭ ‬في‭ ‬تل‭ ‬أبيب،‭ ‬وخاصة‭ ‬في‭ ‬القطاعات‭ ‬التكنولوجية‭ ‬والرقمية‭ (‬الأمن‭ ‬السيبراني،‭ ‬والصحة‭ ‬الإلكترونية،‭ ‬والاتصالات،‭ ‬وما‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭).‬

علاوة‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬من‭ ‬المؤكد‭ ‬أن‭ ‬الاتفاقيات‭ ‬الثنائية،‭ ‬وخاصة‭ ‬الاتفاقيات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬أو‭ ‬الأمنية،‭ ‬مع‭ ‬عدة‭ ‬دول‭ ‬قللت‭ ‬من‭ ‬العداء‭ ‬تجاه‭ ‬إسرائيل‭. ‬وبالتالي،‭ ‬فإن‭ ‬بعض‭ ‬شركاء‭ ‬تل‭ ‬أبيب‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المناطق‭ ‬نفسها‭ ‬يظلون‭ ‬متكتمين‭ ‬أو‭ ‬يدعمون‭ ‬الموقف‭ ‬الذي‭ ‬يدافع‭ ‬عنه‭ ‬الاتحاد‭ ‬الإفريقي‭.‬

إلا‭ ‬أن‭ ‬إدانة‭ ‬السنغال‭ ‬الحازمة،‭ ‬دون‭ ‬الإشارة‭ ‬إلى‭ ‬السياق‭ ‬الإقليمي،‭ ‬لما‭ ‬قامت‭ ‬به‭ ‬حماس،‭ ‬تشير‭ ‬إلى‭ ‬تحول‭ ‬غير‭ ‬متوقع‭. ‬وفي‭ ‬عام‭ ‬1967،‭ ‬منح‭ ‬الرئيس‭ ‬سنجور‭ ‬بالفعل‭ ‬جواز‭ ‬سفر‭ ‬دبلوماسي‭ ‬لياسر‭ ‬عرفات،‭ ‬رئيس‭ ‬منظمة‭ ‬التحرير‭ ‬الفلسطينية؛‭ ‬وبالمثل،‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬1975،‭ ‬ترأس‭ ‬داكار‭ ‬لجنة‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬لممارسة‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬لحقوقه‭ ‬غير‭ ‬القابلة‭ ‬للتصرف‭. ‬

في‭ ‬ديسمبر‭ ‬2016،‭ ‬عارضت‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬السنغالية‭ ‬مع‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬نيوزيلندا‭ ‬وفنزويلا،‭ ‬قرار‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬رقم‭ ‬2334‭ (‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الممتنعة‭) ‬الذي‭ ‬يدين‭ ‬الاستعمار‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬في‭ ‬الأراضي‭ ‬الفلسطينية‭. ‬

وردا‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬استدعت‭ ‬إسرائيل‭ ‬سفيرها‭ ‬لدى‭ ‬السنغال‭ ‬‮«‬للتشاور‮»‬،‭ ‬وألغت‭ ‬برامج‭ ‬التعاون‭ ‬وعلقت‭ ‬زيارة‭ ‬المسؤولين‭ ‬السنغاليين‭ ‬إلى‭ ‬تل‭ ‬أبيب‭. ‬لكن‭ ‬البلدين‭ ‬أعادا‭ ‬تأسيس‭ ‬العلاقات‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬في‭ ‬يونيو‭ ‬2017،‭ ‬على‭ ‬هامش‭ ‬قمة‭ ‬المجموعة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬لدول‭ ‬غرب‭ ‬إفريقيا‭ (‬إيكواس‭) ‬في‭ ‬ليبيريا،‭ ‬والتي‭ ‬حضرها‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬بنيامين‭ ‬نتنياهو‭.‬

مع‭ ‬بداية‭ ‬عام‭ ‬2024،‭ ‬عادت‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬إلى‭ ‬الواجهة‭ ‬بشكل‭ ‬غير‭ ‬متوقع‭. ‬بحسب‭ ‬صحيفة‭ ‬تايمز‭ ‬أوف‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬عددها‭ ‬الصادر‭ ‬يوم‭ ‬3‭ ‬يناير‭ ‬2024،‭ ‬يعمل‭ ‬مجلس‭ ‬الوزراء‭ ‬الأمني‭  ‬الإسرائيلي‭ ‬على‭ ‬خطة‭ ‬لحركة‭ ‬‮«‬طوعية‮»‬‭ ‬للفلسطينيين‭ ‬من‭ ‬غزة‭ ‬إلى‭ ‬الكونغو‭ (‬دون‭ ‬تحديد‭ ‬أي‭ ‬منهما‭)‬،‭ ‬أو‭ ‬رواندا‭ ‬أو‭ ‬تشاد‭: ‬‮«‬مشكلتنا‭ ‬هي‭ ‬العثور‭ ‬على‭ ‬بلدان‭ ‬وقال‭ ‬نتنياهو‭ ‬ردا‭ ‬على‭ ‬سؤال‭ ‬من‭ ‬النائب‭ ‬عن‭ ‬حزب‭ ‬الليكود‭ ‬داني‭ ‬دانون‭: ‬‮«‬الذين‭ ‬يحرصون‭ ‬على‭ ‬دمج‭ ‬سكان‭ ‬غزة‭ ‬ونحن‭ ‬نعمل‭ ‬على‭ ‬ذلك‮»‬‭.‬

وتنفي‭ ‬الدول‭ ‬الإفريقية‭ ‬إجراء‭ ‬أي‭ ‬مفاوضات‭ ‬مع‭ ‬إسرائيل‭ ‬حول‭ ‬هذا‭ ‬الموضوع‭. ‬أعلن‭ ‬المتحدث‭ ‬باسم‭ ‬حكومة‭ ‬برازافيل،‭ ‬السيد‭ ‬تييري‭ ‬مونجالا،‭ ‬في‭ ‬4‭ ‬يناير‭ ‬2024،‭ ‬أن‭ ‬‮«‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬تشير،‭ ‬دون‭ ‬أي‭ ‬شكل‭ ‬آخر‭ ‬من‭ ‬الدقة،‭ ‬إلى‭ ‬مناقشات‭ ‬بين‭ ‬الكونغو‭ ‬والحكومة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬بشأن‭ ‬استقبال‭ ‬المهاجرين‭ ‬من‭ ‬غزة‮»‬‭.‬

وتنفي‭ ‬الحكومة‭ ‬أي‭ ‬اتصال‭ ‬مع‭ ‬سلطات‭ ‬هذا‭ ‬البلد‭ ‬بشأن‭ ‬هذا‭ ‬الموضوع‭. ‬وفي‭ ‬داكار‭ ‬وكادونا‭ (‬نيجيريا‭) ‬وكيب‭ ‬تاون‭ (‬جنوب‭ ‬أفريقيا‭)‬،‭ ‬أعربت‭ ‬حشود‭ ‬ضخمة‭ ‬عن‭ ‬تضامنها‭ ‬مع‭ ‬فلسطين‭. ‬ولا‭ ‬تزال‭ ‬العواقب‭ ‬السياسية‭ ‬لهذه‭ ‬التناقضات‭ ‬بين‭ ‬الشعب‭ ‬وقادته‭ ‬غير‭ ‬قابلة‭ ‬للتنبؤ‭ ‬بها،‭ ‬ولكن‭ ‬هناك‭ ‬شيء‭ ‬واحد‭ ‬مؤكد،‭ ‬وهو‭ ‬أن‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬تعرقل‭ ‬هذه‭ ‬الإستراتيجية‭.‬

 

{ باحث‭ ‬في‭ ‬مركز‭ ‬مونتسكيو‭ ‬للعلوم‭ ‬السياسية‭ ‬أكاديمي‭ ‬بجامعة‭ ‬بوردو‭ ‬مونتين‭ ‬بفرنسا‭ ‬

بوسطن‭ ‬غلوب‭ ‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا