العدد : ١٦٨٤١ - الخميس ٠٢ مايو ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٣ شوّال ١٤٤٥هـ

العدد : ١٦٨٤١ - الخميس ٠٢ مايو ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٣ شوّال ١٤٤٥هـ

السياحي

آخر جيل البنائين البحرينيين: رممت بيت الشيخ عيسى بن علي وقلاع البحرين

كتبت‭- ‬زينب‭ ‬إسماعيل‭ ‬

الأربعاء ٠٦ ديسمبر ٢٠٢٣ - 02:00

 

تصوير‭- ‬محمد‭ ‬عبدالله‭  ‬

على‭ ‬أطراف‭ ‬مدينة‭ ‬المحرق‭ ‬القديمة،‭ ‬يسكن‭ ‬آخر‭ ‬البنائين‭ ‬والمرممين‭ ‬البحرينيين،‭ ‬الحاج‭ ‬أحمد‭ ‬حسين‭ ‬البناء،‭ ‬الذي‭ ‬ورث‭ ‬المهنة‭ ‬عن‭ ‬أبيه‭ ‬عن‭ ‬جده‭. ‬انخرط‭ ‬في‭ ‬المهنة‭ ‬وهو‭ ‬في‭ ‬الثانية‭ ‬عشرة‭ ‬من‭ ‬عمره‭. ‬ومارسها‭ ‬بمعية‭ ‬والده‭ ‬وعمه،‭ ‬تنقلا‭ ‬بين‭ ‬البحرين‭ ‬والسعودية،‭ ‬وبالتحديد‭ ‬مدينتي‭ ‬الخبر‭ ‬والظهران‭.  ‬

شارك‭ ‬الحاج‭ ‬أحمد‭ ‬في‭ ‬ترميم‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المباني‭ ‬والمواقع‭ ‬التراثية‭ ‬‭ ‬وقت‭ ‬كان‭ ‬بناءا‭ ‬يتبع‭ ‬إدارة‭ ‬الآثار‭ ‬والمتاحف،‭ ‬خلال‭ ‬فترة‭ ‬إشراف‭ ‬الشيخة‭ ‬هيا‭ ‬بنت‭ ‬علي‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬على‭ ‬ترميم‭ ‬المواقع‭ ‬التراثية‭- ‬في‭ ‬فترة‭ ‬الثمانينات،‭ ‬وبقي‭ ‬في‭ ‬المهنة‭ ‬حتى‭ ‬العام‭ ‬2003،‭ ‬وقت‭ ‬ترك‭ ‬الوظيفة‭ ‬للتقاعد‭. ‬

 

تتوزع‭ ‬المواقع‭ ‬التاريخية‭ ‬التي‭ ‬شارك‭ ‬في‭ ‬ترميمها‭ ‬الحاج‭ ‬أحمد‭ ‬في‭ ‬مناطق‭ ‬متفرقة‭ ‬في‭ ‬المملكة‭ ‬وتقع‭ ‬في‭ ‬مناطق‭ ‬المحرق‭ ‬والرفاع‭ ‬والجسرة‭ ‬وسار‭ ‬وباربار،‭ ‬من‭ ‬بينها‭ ‬بيت‭ ‬الشيخ‭ ‬عيسى‭ ‬بن‭ ‬علي‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬وبيت‭ ‬الجسرة‭ ‬وقلاع‭ ‬البحرين‭ ‬وعراد‭ ‬والرفاع‭ ‬ومسجد‭ ‬الخميس‭ ‬وبيت‭ ‬سيادي‭ ‬ومسجد‭ ‬سيادي‭ ‬ومعبد‭ ‬باربار‭ ‬ومعابد‭ ‬سار،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬العيون‭ ‬التاريخية،‭ ‬من‭ ‬بينها‭ ‬عين‭ ‬أم‭ ‬السجور‭ ‬التاريخية‭ ‬التي‭ ‬تقع‭ ‬في‭ ‬قرية‭ ‬الدراز‭. ‬

يستذكر‭ ‬الحاج‭ ‬أحمد‭ ‬مشاركته‭ ‬في‭ ‬ترميم‭ ‬بيت‭ ‬الشيخ‭ ‬عيسى‭ ‬بن‭ ‬علي‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬‭ ‬يقع‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬المحرق‭ ‬القديمة‭- ‬بمعية‭ ‬بنائون‭ ‬بحرينيون‭ ‬آخرون‭ ‬خلال‭ ‬ثمانينات‭ ‬القرن‭ ‬الماضي‭ ‬وبمشاركة‭ ‬من‭ ‬بعثة‭ ‬تونسية،‭ ‬حيث‭ ‬تم‭ ‬إرجاع‭ ‬جدران‭ ‬المنزل‭ ‬الإسمنتية‭ ‬إلى‭ ‬جبسية،‭ ‬ليستعيد‭ ‬الطابع‭ ‬القديم‭. ‬استغرق‭ ‬الترميم‭ ‬ما‭ ‬يقارب‭ ‬عام‭ ‬كامل‭ ‬او‭ ‬أكثر‭ ‬ليتحول‭ ‬بعدها‭ ‬إلى‭ ‬متحف‭ ‬للزائرين‭. ‬ويتذكر‭ ‬الحاج‭ ‬أحمد‭ ‬مساهمته‭ ‬في‭ ‬ترميم‭ ‬بيت‭ ‬القهوة‭ ‬المحاذي‭ ‬لبيت‭ ‬الشيخ‭ ‬عيسى‭ ‬بن‭ ‬علي‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬أيضا‭. ‬

تجدر‭ ‬الإشارة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬حاكم‭ ‬البحرين‭ ‬الشيخ‭ ‬عيسى‭ ‬بن‭ ‬علي‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬أقام‭ ‬في‭ ‬نفس‭ ‬البيت‭ ‬وجعل‭ ‬منه‭ ‬مقراً‭ ‬لمجلس‭ ‬نوّاب‭ ‬حكومته‭. ‬وهو‭ ‬يتكوّن‭ ‬من‭ ‬4‭ ‬باحات،‭ ‬بكل‭ ‬واحدة‭ ‬منها‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الغرف‭ ‬التي‭ ‬تعكس‭ ‬الحياة‭ ‬الملكية‭ ‬في‭ ‬القرن‭ ‬19‭.  ‬

أما‭ ‬قلعة‭ ‬البحرين‭ ‬فاستمر‭ ‬الحاج‭ ‬أحمد‭ ‬في‭ ‬ترميمها‭ ‬لما‭ ‬يقارب‭ ‬10‭-‬15‭ ‬سنة،‭ ‬حيث‭ ‬تم‭ ‬الاكتفاء‭ ‬باستبدال‭ ‬الحصى‭ ‬وتثبيته‭ ‬بواسطة‭ ‬الجبس‭ ‬فقط،‭ ‬وهي‭ ‬الطريقة‭ ‬الأكثر‭ ‬قدما‭  ‬في‭ ‬عمليات‭ ‬البناء‭ ‬التقليدية‭ ‬التي‭ ‬تستثنى‭ ‬عملية‭ ‬المسح،‭ ‬لتظهر‭ ‬معالم‭ ‬الجداران‭. ‬

خلال‭ ‬عمليات‭ ‬الترميم‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تجريها‭ ‬إدارة‭ ‬الآثار،‭ ‬كانت‭ ‬يتشارك‭ ‬مع‭ ‬الحاج‭ ‬أحمد‭ ‬4‭ ‬بناءون‭ ‬بحرينيين‭ ‬آخرون،‭ ‬انضموا‭ ‬للإدارة‭ ‬خلال‭ ‬ثمانينات‭ ‬القرن‭ ‬الماضي‭ ‬كموظفين‭ ‬يقومون‭ ‬بعمليات‭ ‬الترميم‭ ‬لكل‭ ‬المواقع‭ ‬التاريخية‭ ‬في‭ ‬البحرين،‭ ‬ومن‭ ‬بينهم‭ ‬علي‭ ‬سلمان‭ ‬وناجي‭ ‬بوشرار‭ ‬وعبدالله‭ ‬الحايكي‭.  ‬

ويقول‭ ‬الحاج‭ ‬أحمد‭ "‬يتم‭ ‬اختيار‭ ‬البنائون‭ ‬البحرينيون‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الإدارة‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬تفاصيل‭ ‬البناء‭ ‬التقليدية‭ ‬المحلية‭. ‬يشرف‭ ‬عليهم‭ ‬مهندسون‭ ‬أجانب‭ ‬أو‭ ‬بحرينيين‭. ‬كنا‭ ‬نزاول‭ ‬عملنا‭ ‬من‭ ‬الساعة‭ ‬السادسة‭ ‬صباحا‭ ‬وحتى‭ ‬الثانية‭ ‬ظهرا،‭ ‬ونستخدم‭ ‬في‭ ‬عمليات‭ ‬الترميم‭ ‬الجبس‭ ‬السعودي‭ ‬والحصى‭ ‬البحري‭ ‬أو‭ ‬الحصى‭ ‬المستخرج‭ ‬من‭ ‬عمليات‭ ‬هدم‭ ‬المباني‭ ‬القديمة‭". ‬

مهنة‭ ‬البناء‭ ‬

بدأ‭ ‬الحاج‭ ‬أحمد‭ ‬ممارسة‭ ‬المهنة‭ ‬كمعاون‭ ‬مع‭ ‬والده،‭ ‬يقوم‭ ‬بتنفيذ‭ ‬أوامر‭ ‬الأستاذ‭ ‬الذي‭ ‬يرشد‭ ‬البنائون‭ ‬لمهامهم‭ ‬ويتنقل‭ ‬بين‭ ‬كافة‭ ‬مناطق‭ ‬البحرين‭ ‬بدءا‭ ‬من‭ ‬المحرق،‭ ‬مسقط‭ ‬رأسه‭ ‬وحتى‭ ‬الرفاع‭. ‬وبعد‭ ‬ما‭ ‬يقرب‭ ‬8‭ ‬سنوات‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬وصل‭ ‬لمرحلة‭ ‬الإتقان،‭ ‬بدأ‭ ‬أحمد‭ ‬بممارسة‭ ‬دور‭ ‬الأستاذ‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ "‬طلعت‭ ‬لي‭ ‬أجنحة‭" ‬وفقا‭ ‬تعبيره‭. ‬في‭ ‬سن‭ ‬20‭ ‬سنة،‭ ‬انفصل‭ ‬أحمد‭ ‬عن‭ ‬والده‭ ‬وبدأ‭ ‬يشرف‭ ‬على‭ ‬بناء‭ ‬المنازل‭.  ‬ويقول‭ ‬الحاج‭ ‬أحمد‭ "‬كانت‭ ‬تكلفة‭ ‬بناء‭ ‬البيت‭ ‬الواحد‭ ‬خلال‭ ‬فترة‭ ‬السبعينات‭ ‬تتراوح‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬12‭-‬15‭ ‬ألف‭ ‬روبية‭. ‬تستغرق‭ ‬عملية‭ ‬البناء‭ ‬لكل‭ ‬بيت‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬4‭ ‬أشهر‭ ‬وحتى‭ ‬سنة‭ ‬واحدة‭. ‬وهي‭ ‬نفسها‭ ‬المدة‭ ‬المستغرقة‭ ‬لعملية‭ ‬بناء‭ ‬بيوت‭ ‬التجار‭ ‬وعلية‭ ‬القوم،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬البنائون‭ ‬كانوا‭ ‬يبيتون‭ ‬في‭ ‬موقع‭ ‬البناء‭ ‬لأشهر‭ ‬متواصلة‭. ‬حيث‭ ‬يتركون‭ ‬منازلهم‭ ‬طوال‭ ‬6‭ ‬أيام‭ ‬متواصلة،‭ ‬بدءا‭ ‬من‭ ‬صباح‭ ‬السبت‭ ‬وحتى‭ ‬مساء‭ ‬الخميس،‭ ‬ليعودوا‭ ‬إلى‭ ‬منازلهم‭ ‬في‭ ‬ليل‭ ‬الخميس‭ ‬ويبيتون‭ ‬فيها‭".  ‬ويروي‭ ‬الحاج‭ "‬يمنح‭ ‬البناء‭ ‬أجرا‭ ‬يوميا‭ ‬يصل‭ ‬إلى‭ ‬20‭ ‬روبية،‭ ‬وخلال‭ ‬6‭ ‬أيام‭ ‬عمل‭ ‬نحو‭ ‬120‭ ‬روبية‭. ‬أما‭ ‬العامل‭ ‬فأجره‭ ‬اليومي‭ ‬نحو‭ ‬7‭ ‬روبيات‭". ‬تستمر‭ ‬ساعات‭ ‬العمل‭ ‬‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬متعارف‭ ‬عليه‭ ‬خلال‭ ‬تلك‭ ‬الفترة‭- ‬بدءا‭ ‬من‭ ‬الساعة‭ ‬السادسة‭ ‬صباحا‭ ‬حتى‭ ‬أذان‭ ‬المغرب‭. ‬

الجد‭ ‬أحمد‭ ‬

يتحدث‭ ‬الحاج‭ ‬أحمد،‭ ‬جده‭ ‬الذي‭ ‬يحمل‭ ‬نفس‭ ‬إسمه،‭ ‬أحمد‭ ‬محمد‭ ‬البناء‭ ‬وعمل‭ ‬في‭ ‬نفس‭ ‬المهنة،‭ ‬البناء‭ ‬والنقش،‭ ‬ويبين‭ "‬كان‭ ‬ماهرا‭ ‬في‭ ‬النقش‭ ‬التراثي‭ ‬للمنازل‭. ‬بنى‭ ‬قصور‭ ‬الحكام،‭ ‬من‭ ‬بينها‭ ‬قصر‭ ‬الرفاع‭ ‬وقصر‭ ‬الصخير‭ ‬وبيت‭ ‬أم‭ ‬جان‭. ‬

يستذكر‭ ‬الحاج‭ ‬أحمد‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬تفاصيل‭ ‬الحياة‭ ‬اليومية‭ ‬لوالده‭ ‬وأقربائه‭ ‬في‭ ‬مواقع‭ ‬العمل‭. ‬فبسبب‭ ‬ضعف‭ ‬السيولة‭ ‬المالية‭ ‬قبل‭ ‬اكتشاف‭ ‬النفط،‭ ‬استخدم‭ ‬الحاج‭ ‬المرحوم‭ ‬أحمد‭ ‬بن‭ ‬ضيف‭ ‬البناء‭ ‬عملة‭ ‬يومية‭ ‬للعمالة،‭ ‬خلال‭ ‬عشرينات‭ ‬القرن‭ ‬الماضي‭ ‬وما‭ ‬قبلها،‭ ‬وبعد‭ ‬مضي‭ ‬أسبوع‭ ‬كامل،‭ ‬يسترجع‭ ‬العملة‭ ‬ويمنح‭ ‬العمال‭ ‬أموالهم‭. ‬تتضمن‭ ‬العملة‭ ‬المصنوعة‭ ‬من‭ ‬التنك‭ ‬ختما‭ ‬يحمل‭ ‬اسم‭ ‬البناء‭ ‬نفسه‭. ‬وهي‭ ‬عادة‭ ‬لجأ‭ ‬لها‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬البنائون‭ ‬في‭ ‬فريج‭ ‬البناي‭ ‬بمدينة‭ ‬المحرق‭ ‬القديمة‭. ‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا