العدد : ١٧٠٥٢ - الجمعة ٢٩ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٧ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٥٢ - الجمعة ٢٩ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٧ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العقاري

النهضة العقارية
إلغاء المنع الدائم للسفر.. وضياع الحقوق!

بقلم: جاسم الموسوي  الرئيس التنفيذي لمجموعة الفاتح

الأربعاء ٢٩ نوفمبر ٢٠٢٣ - 02:00

أهم‭ ‬مبدأ‭ ‬تحث‭ ‬عليه‭ ‬جميع‭ ‬القيم‭ ‬والأخلاقيات‭ ‬والمفاهيم‭ ‬والفطرة‭ ‬السليمة‭ ‬وبالأخص‭ ‬في‭ ‬ديننا‭ ‬الإسلامي‭ ‬الحنيف،‭ ‬هو‭ (‬أداء‭ ‬الحقوق‭). ‬وجميع‭ ‬مفاهيم‭ ‬الأخلاقيات‭ ‬وأصول‭ ‬العدالة‭ ‬ونصوص‭ ‬القانون‭ ‬تحتم‭ ‬احترام‭ ‬الحقوق‭ ‬وادائها‭ ‬في‭ ‬وقتها‭ ‬المستحق‭ ‬لأصحابها‭. ‬هذا‭ ‬ما‭ ‬يجعلها‭ ‬قاعدة‭ ‬أساسية‭ ‬وأصلا‭ ‬ثابتا‭ ‬للنهوض‭ ‬بالقيم‭ ‬والأخلاقيات‭ ‬السليمة‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬مجتمع‭.‬

بالمقابل‭.. ‬من‭ ‬صفات‭ ‬قلة‭ ‬الإيمان‭ ‬والتمسك‭ ‬بالقيم‭ ‬الأخلاقية،‭ ‬هو‭ ‬الاستهانة‭ ‬بأداء‭ ‬الحقوق،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يعكس‭ ‬الى‭ ‬حد‭ ‬بعيد‭ ‬ضعف‭ ‬نفوس‭ ‬البعض‭ ‬وتفضيلهم‭ ‬للماديات‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬الاخلاقيات،‭ ‬بل‭ ‬أحيانا‭ ‬انعدام‭ ‬الاخلاقيات‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الادعاء‭ ‬بالجهل‭ ‬أو‭ ‬استباحة‭ ‬التهرب‭ ‬والتملص‭ ‬في‭ ‬زمن‭ ‬قل‭ ‬فيه‭ ‬احترام‭ ‬القيم‭ ‬الرفيعة‭ ‬وزاد‭ ‬فيه‭ ‬احترام‭ ‬الماديات،‭ ‬وأحيانا‭ ‬حتى‭ ‬فوق‭ ‬أساسات‭ ‬العدالة‭ ‬والحقوق‭ ‬والنظام‭. ‬

أبسط‭ ‬دليل‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬هو‭ ‬ما‭ ‬نجده‭ ‬في‭ ‬أروقة‭ ‬المحاكم‭ ‬من‭ ‬اكتظاظ‭ ‬وتزاحم‭ ‬بالقضايا‭ ‬المتعلقة‭ ‬بالمطالبات‭ ‬المادية‭ ‬والديون‭ ‬والمنازعات‭ ‬العقارية‭ ‬والتقاضي‭ ‬على‭ ‬ابسط‭ ‬المبالغ‭ ‬التافهة‭ ‬أحيانا‭. ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يعكس‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬ضعف‭ ‬النفوس‭ ‬أمام‭ ‬المادة‭ ‬وأمام‭ ‬إعطاء‭ ‬كل‭ ‬ذي‭ ‬حق‭ ‬حقه،‭ ‬وهو‭ ‬كما‭ ‬أسلفنا‭ ‬امر‭ ‬تفرضه‭ ‬الفطرة‭ ‬السليمة‭. ‬

في‭ ‬السابق‭ ‬كانت‭ ‬المحاكم‭ ‬تنشغل‭ ‬بشكل‭ ‬أساسي‭ ‬بقضايا‭ ‬كبيرة‭ ‬وأمور‭ ‬مستعصية‭. ‬وكان‭ ‬دخول‭ ‬المحكمة‭ ‬أمرا‭ ‬جسيما‭ ‬وغير‭ ‬شائع‭ ‬بالمجتمع‭ ‬البحريني‭ ‬والخليجي‭ ‬بشكل‭ ‬عام‭. ‬وللأسف‭ ‬تحول‭ ‬الوضع‭ ‬وصارت‭ ‬المحاكم‭ ‬تعج‭ ‬بقضايا‭ ‬المطالبين‭ ‬بحقوقهم‭.‬

بيت‭ ‬القصيد‭ ‬في‭ ‬طرحنا‭ ‬لهذا‭ ‬الموضوع‭ ‬يمكن‭ ‬تلخيصه‭ ‬بعبارة‭ ‬واحدة‭: (‬أستأجر‭.. ‬ثم‭ ‬أهرب‭.. ‬فلا‭ ‬منع‭ ‬سفر‭ ‬دائم‭!). ‬فأين‭ ‬الخلل؟

الخلل‭ ‬يكمن‭ ‬في‭ ‬إجراءات‭ ‬التنفيذ‭ ‬الجديدة‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تردع‭ ‬الذين‭ ‬تسول‭ ‬لهم‭ ‬أنفسهم‭ ‬في‭ ‬تجاوز‭ ‬الحقوق‭ ‬خصوصاً‭ ‬مع‭ ‬عدم‭ ‬وجود‭ ‬عقوبة‭ ‬منع‭ ‬السفر‭ ‬الدائم‭.‬

السؤال‭ ‬الذي‭ ‬يطرح‭ ‬نفسه،‭ ‬أن‭ ‬تقديم‭ ‬طلب‭ ‬منع‭ ‬السفر‭ ‬يكون‭ ‬لمدة‭ ‬3‭ ‬أشهر،‭ ‬وهي‭ ‬مدة‭ ‬قابلة‭ ‬للتمديد‭ ‬مرتين‭ ‬فقط،‭ ‬ليكون‭ ‬مجموع‭ ‬منع‭ ‬السفر‭ ‬9‭ ‬أشهر‭ ‬فقط‭ ‬لا‭ ‬غير‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬ثلاثة‭ ‬طلبات،‭ ‬وبعد‭ ‬انقضاء‭ ‬هذه‭ ‬الأشهر‭ ‬يسافر‭ ‬من‭ ‬عليه‭ ‬الحكم‭ ‬بكل‭ ‬يسر‭ ‬وأريحية،‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬إلزام‭ ‬بأداء‭ ‬الحقوق‭ ‬ومن‭ ‬دون‭ ‬استطاعة‭ ‬المتضرر‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬حكم‭ ‬بمنع‭ ‬السفر‭ ‬مجدداً‭. ‬فلماذا‭ ‬اعتمدت‭ ‬هذه‭ ‬الإجراءات‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تردع‭ ‬المتهاونين‭ ‬بحقوق‭ ‬الناس،‭ ‬وتجعل‭ ‬الحقوق‭ ‬تذهب‭ ‬مع‭ ‬الريح‭. ‬أليست‭ ‬الحقوق‭ ‬واجب‭ ‬يفترض‭ ‬حمايته،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬يشمل‭ ‬الارغام‭ ‬على‭ ‬دفعها‭ ‬لمستحقيها‭ ‬قبل‭ ‬رفع‭ ‬المنع‭ ‬من‭ ‬السفر‭.‬

الوضع‭ ‬الحالي‭ ‬يلحق‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الظلم‭ ‬بأصحاب‭ ‬الحقوق‭. ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬نرى‭ ‬القوانين‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬الخليجية‭ ‬والعربية‭ ‬والأجنبية‭ ‬لا‭ ‬ترفع‭ ‬العقوبة‭ ‬إلا‭ ‬بعد‭ ‬تسوية‭ ‬الحقوق‭.‬

ليس‭ ‬من‭ ‬المستغرب‭ ‬ان‭ ‬نجد‭ ‬اليوم‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المنفذ‭ ‬عليهم‭ ‬يتهربون‭ ‬من‭ ‬اداء‭ ‬الاحكام‭ ‬القضائية‭ ‬للحقوق،‭ ‬وذلك‭ ‬بسبب‭ ‬عدم‭ ‬وجود‭ ‬رادع‭ ‬كاف،‭ ‬وخاصة‭ ‬بعد‭ ‬إلغاء‭ ‬القبض‭. ‬بل‭ ‬على‭ ‬العكس‭ ‬بات‭ ‬البعض‭ ‬منهم‭ ‬يبدي‭ ‬نوعا‭ ‬من‭ ‬التحدي‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تجاهل‭ ‬الحقوق‭ ‬والسفر‭ ‬للاستجمام‭ ‬والحصول‭ ‬على‭ ‬إجازات‭ ‬ممتعة،‭ ‬فيما‭ ‬يبقى‭ ‬أصحاب‭ ‬الحقوق‭ ‬يبحثون‭ ‬عن‭ ‬حقوقهم،‭ ‬وتبقى‭ ‬ملفات‭ ‬التنفيذ‭ ‬متراكمة‭ ‬ومتزاحمة‭ ‬في‭ ‬مكاتب‭ ‬المنفذين‭ ‬الخاصين‭ ‬والمحامين‭ ‬وإدارة‭ ‬التنفيذ‭ ‬بوزارة‭ ‬العدل‭. ‬وبالطبع‭ ‬يلجأ‭ ‬البعض‭ ‬الى‭ ‬تبريرات‭ ‬انه‭ ‬لا‭ ‬يعمل‭ ‬وليس‭ ‬لديه‭ ‬أي‭ ‬إيرادات،‭ ‬وربما‭ ‬ذلك‭ ‬كاف‭ ‬للتهرب‭ ‬من‭ ‬دفع‭ ‬الحقوق‭. ‬

هذا‭ ‬الوضع‭ ‬مقلق‭ ‬وخطير‭ ‬على‭ ‬المدى‭ ‬البعيد‭ ‬على‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الوطني‭ ‬وعلى‭ ‬حماية‭ ‬حقوق‭ ‬المستثمرين،‭ ‬وخاصة‭ ‬في‭ ‬القطاع‭ ‬العقاري‭. ‬والسبب‭ ‬في‭ ‬المقام‭ ‬الأول‭ ‬كما‭ ‬أسلفنا‭ ‬هو‭ ‬عدم‭ ‬وجود‭ ‬الروادع‭ ‬الكافية‭ ‬وإلغاء‭ ‬عقوبتي‭ (‬أمر‭ ‬القبض‭) ‬و‭(‬منع‭ ‬السفر‭ ‬الدائم‭).‬

وعليه‭ ‬نأمل من‭ ‬المعنيين‭ ‬إعادة‭ ‬النظر‭ ‬في‭ ‬خاصية‭ ‬المنع‭ ‬من‭ ‬السفر‭ ‬الدائم،‭ ‬فاليوم‭ ‬ظاهرة‭ (‬أستأجر‭ ‬وأهرب‭) ‬أمر‭ ‬معروف‭ ‬بالمجتمع،‭ ‬وجب‭ ‬إعادة‭ ‬النظر‭ ‬فيه‭ ‬لمصلحة‭ ‬المواطنين‭ ‬وأصحاب‭ ‬العقارات‭. ‬

 

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا