العدد : ١٦٩٢٧ - السبت ٢٧ يوليو ٢٠٢٤ م، الموافق ٢١ محرّم ١٤٤٦هـ

العدد : ١٦٩٢٧ - السبت ٢٧ يوليو ٢٠٢٤ م، الموافق ٢١ محرّم ١٤٤٦هـ

مقالات

في قصة أمي عبرة دبلوماسية

بقلم: د. وجدان فهد

الأربعاء ٢٩ نوفمبر ٢٠٢٣ - 02:00

نحتفي‭ ‬كل‭ ‬عام‭ ‬في‭ ‬شهر‭ ‬ديسمبر‭ ‬بيوم‭ ‬المرأة‭ ‬البحرينية‭ ‬ومن‭ ‬بعده‭ ‬بيومنا‭ ‬الوطني‭ ‬المجيد‭ ‬وفي‭ ‬شهر‭ ‬يناير‭ ‬باليوم‭ ‬الدبلوماسي‭ ‬وكلها‭ ‬مناسبات‭ ‬تبعث‭ ‬على‭ ‬التحفيز‭ ‬والتجديد‭ ‬في‭ ‬العطاء‭ ‬والبذل‭ ‬حبا‭ ‬لوطننا‭ ‬الغالي‭ ‬ولقيادتنا‭ ‬الرشيدة‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬المعظم‭ ‬وولي‭ ‬عهده‭ ‬رئيس‭ ‬وزرائه‭ ‬الموقر‭ ‬وسيدة‭ ‬البحرين‭ ‬الأولى‭ ‬صاحبة‭ ‬السمو‭ ‬الملكي‭ ‬الأميرة‭ ‬سبيكة‭ ‬بنت‭ ‬إبراهيم‭ ‬آل‭ ‬خليفة،‭ ‬حفظهم‭ ‬الله‭.‬

في‭ ‬هذه‭ ‬المناسبات‭ ‬أردت‭ ‬أن‭ ‬أوثق‭ ‬جانبا‭ ‬من‭ ‬حياة‭ ‬المرأة‭ ‬الأولى‭ ‬في‭ ‬حياتي‭ ‬وهي‭ ‬والدتي‭ ‬الكريمة‭ ‬السيدة‭ ‬سلوى‭ ‬مبارك‭ ‬عبدالله،‭ ‬وهذا‭ ‬ليس‭ ‬من‭ ‬باب‭ ‬المجد‭ ‬الشخصي‭ ‬بل‭ ‬كلمة‭ ‬حق‭ ‬في‭ ‬امرأة‭ ‬اسأل‭ ‬الله‭ ‬وأناشدكم‭ ‬الدعاء‭ ‬لها‭ ‬بالشفاء‭ ‬والرحمة‭.‬

فلطالما‭ ‬كان‭ ‬دور‭ ‬المرافق‭ ‬الدبلوماسي‭ ‬لا‭ ‬يقل‭ ‬أهمية‭ ‬عن‭ ‬دور‭ ‬الدبلوماسي‭ ‬نفسه‭ ‬في‭ ‬فترة‭ ‬الابتعاث‭ ‬الخارجي‭ ‬فهو‭ ‬يقدم‭ ‬خدمات‭ ‬استثنائية‭ ‬ويساند‭ ‬أفراد‭ ‬البعثة‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬في‭ ‬الخارج‭ ‬بعطائه‭ ‬وإبراز‭ ‬صورة‭ ‬مشرفة‭ ‬عن‭ ‬المواطن‭ ‬وهويته‭ ‬السمحة،‭ ‬وعليه‭ ‬أحببت‭ ‬أن‭ ‬أوثق‭ ‬تجربة‭ ‬والدتي‭ ‬أسأل‭ ‬الله‭ ‬أن‭ ‬يلبسها‭ ‬ثوب‭ ‬العافية‭ ‬ويشفيها‭ ‬عندما‭ ‬قامت‭ ‬بهذا‭ ‬الدور‭ ‬جزاها‭ ‬الله‭ ‬خير‭ ‬الجزاء‭. ‬

فأمي‭ ‬امرأة‭ ‬بحرينية‭ ‬أصيلة‭ ‬الهوية‭ ‬آثرت‭ ‬أن‭ ‬ترافقني‭ ‬في‭ ‬أول‭ ‬محطات‭ ‬عملي‭ ‬الدبلوماسي‭ ‬مدة‭ ‬ثلاث‭ ‬سنوات‭ ‬في‭ ‬العاصمة‭ ‬الجزائرية‭ ‬من‭ ‬2015‭ ‬إلى‭ ‬2018‭ ‬م‭. ‬وقتذاك‭ ‬كان‭ ‬قرار‭ ‬النقل‭ ‬بالنسبة‭ ‬لي‭ ‬تجربة‭ ‬جديدة‭ ‬وإثباتا‭ ‬للذات،‭ ‬لكن‭ ‬بالنسبة‭ ‬لها‭ ‬كان‭ ‬تحديا‭ ‬خاضته‭ ‬بجسارة‭ ‬وهو‭ ‬الانتقال‭ ‬والإقامة‭ ‬في‭ ‬بلد‭ ‬يندر‭ ‬فيه‭ ‬وجود‭ ‬رعايا‭ ‬أو‭ ‬طلبة‭ ‬بحرينيين‭ ‬عدا‭ ‬أنا‭ ‬والسفير،‭ ‬فعاشت‭ ‬معي‭ ‬اليوميات‭ ‬وتكيفت‭ ‬مع‭ ‬اختلاف‭ ‬اللهجة‭ ‬وجاورت‭ ‬أهل‭ ‬الحي‭ ‬الجزائريين‭ ‬الطيبين،‭ ‬ومشت‭ ‬بينهم‭ ‬في‭ ‬أسواقهم‭ ‬وحوانيتهم‭ ‬كما‭ ‬تسمى‭ ‬هناك‭. ‬

ولن‭ ‬أتحدث‭ ‬عن‭ ‬تحدي‭ ‬البعد‭ ‬الجغرافي‭ ‬لامرأة‭ ‬كبيرة‭ ‬في‭ ‬السن‭ ‬ترهقها‭ ‬ساعات‭ ‬السفر‭ ‬الطويلة‭ ‬لأن‭ ‬تتردد‭ ‬بين‭ ‬عاصمتين‭ ‬بعيدتين‭ ‬إنما‭ ‬عن‭ ‬معاناتها‭ ‬في‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬أدويتها‭ ‬الأساسية‭ ‬إذ‭ ‬غالبية‭ ‬شركات‭ ‬الشحن‭ ‬الجوي‭ ‬تمنع‭ ‬ذلك،‭ ‬فكنت‭ ‬أراها‭ ‬تبتكر‭ ‬وتتحدى‭ ‬نفسها‭ ‬في‭ ‬إيجاد‭ ‬البدائل،‭ ‬وعند‭ ‬التحضير‭ ‬لأي‭ ‬مشاركة‭ ‬في‭ ‬المناسبات‭ ‬الوطنية‭ ‬والشعبية‭ ‬التي‭ ‬تستدعي‭ ‬إبراز‭ ‬الهوية‭ ‬والتراث‭ ‬البحريني‭ ‬كانت‭ ‬والدتي‭ ‬تتهيأ‭ ‬بكامل‭ ‬لباسها‭ ‬المحتشم‭ ‬وعباءتها‭ ‬للحضور‭ ‬والمشاركة،‭ ‬إذ‭ ‬كانت‭ ‬تعد‭ ‬الأكلات‭ ‬وتحيك‭ ‬بعض‭ ‬المشغولات‭ ‬وتتحدث‭ ‬إلى‭ ‬زوجات‭ ‬الدبلوماسيين‭ ‬عن‭ ‬البحرين‭ ‬بكل‭ ‬فخر‭ ‬واعتزاز‭.‬

لم‭ ‬تكن‭ ‬أما‭ ‬لي‭ ‬وحدي‭ ‬هناك،‭ ‬بل‭ ‬كانت‭ ‬لكل‭ ‬زملائي‭ ‬الدبلوماسيين‭ ‬العرب‭ ‬والخليجيين،‭ ‬فلا‭ ‬ينعتونها‭ ‬إلا‭ ‬باسم‭ ‬‮«‬الوالدة‮»‬‭ ‬اعتزازاً‭ ‬بوجودها‭ ‬واحتراما‭ ‬لسنها‭ ‬وكرمها‭ ‬عليهم،‭ ‬إذ‭ ‬كانت‭ ‬تصر‭ ‬في‭ ‬ليالي‭ ‬رمضان‭ ‬وبعض‭ ‬المناسبات‭ ‬بوفادتهم‭ ‬وإكرامهم‭ ‬حتى‭ ‬وإن‭ ‬كان‭ ‬ذلك‭ ‬بأقل‭ ‬الموجودات‭ ‬وصغر‭ ‬مساحة‭ ‬السكن‭ ‬الذي‭ ‬كنا‭ ‬نسكنه‭ ‬هناك‭.‬

وعندما‭ ‬حانت‭ ‬لحظة‭ ‬العودة‭ ‬من‭ ‬الجزائر‭ ‬إلى‭ ‬البحرين‭ ‬أكملت‭ ‬مشوارها‭ ‬معي‭ -‬حفظها‭ ‬الله‭- ‬وساندتني‭ ‬في‭ ‬مهماتي‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬الأخرى،‭ ‬وقد‭ ‬آثرت‭ ‬أن‭ ‬اكتب‭ ‬عنها‭ ‬تكريما‭ ‬لها‭ ‬ولكل‭ ‬أم‭ ‬تساند‭ ‬ابنتها،‭ ‬فالعمل‭ ‬الدبلوماسي‭ ‬صعب‭ ‬جدا‭ ‬ومليء‭ ‬بالتحديات‭ ‬في‭ ‬الخارج،‭ ‬ولولا‭ ‬وجود‭ ‬الإرادة‭ ‬والمساندة‭ ‬من‭ ‬أقرب‭ ‬المقربين‭ ‬والأهل‭ ‬ومن‭ ‬وزارة‭ ‬الخارجية‭ ‬نفسها‭ ‬لما‭ ‬استطاع‭ ‬الدبلوماسي‭ ‬سواء‭ ‬كان‭ ‬رجلا‭ ‬أو‭ ‬امرأة‭ ‬أن‭ ‬يعطي‭ ‬أفضل‭ ‬ما‭ ‬عنده‭ ‬ويستمر‭. ‬

فاللهم‭ ‬اشف‭ ‬والدتي‭ ‬بشفائك‭ ‬واجعل‭ ‬ما‭ ‬أصابها‭ ‬من‭ ‬مرض‭ ‬رفعة‭ ‬لها،‭ ‬ووفق‭ ‬كل‭ ‬امرأة‭ ‬بحرينية‭ ‬في‭ ‬مقصدها‭ ‬الخيّر‭ ‬لأجل‭ ‬وطننا‭ ‬ورفعته‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا