العدد : ١٧٠٥٥ - الاثنين ٠٢ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٠١ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٥٥ - الاثنين ٠٢ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٠١ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

مقالات

«الوساطة في التشريع البحريني»

بقلم المستشار محمد جاسم الذوادي

الأربعاء ٢٦ أبريل ٢٠٢٣ - 02:00

صدر‭ ‬المرسوم‭ ‬بقانون‭ ‬رقم‭ ‬22‭ ‬لسنة‭ ‬2019‭ ‬بشأن‭ ‬الوساطة‭ ‬لتسوية‭ ‬المنازعات‭ ‬ليحدث‭ ‬طفرة‭ ‬في‭ ‬النظام‭ ‬القضائي‭ ‬في‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬استحدث‭ ‬نظام‭ ‬الوساطة‭ ‬باعتبارها‭ ‬طريقاً‭ ‬خاصاً‭ ‬بديلاً‭ ‬عن‭ ‬القضاء‭ ‬لتسوية‭ ‬المنازعات‭ ‬بمختلف‭ ‬أنواعها،‭ ‬وليكون‭ ‬أول‭ ‬تشريع‭ ‬خليجي‭ ‬معني‭ ‬بتنظيم‭ ‬الوساطة‭ ‬لتسوية‭ ‬المنازعات‭.‬

وقد‭ ‬عرفت‭ ‬المادة‭ ‬الأولى‭ ‬من‭ ‬القانون‭ ‬الوساطة‭ ‬بأنها‭ ‬كل‭ ‬عملية‭ ‬يطلب‭ ‬فيها‭ ‬الأطراف‭ ‬من‭ ‬شخص‭ ‬آخر‭ ‬يسمى‭ ‬الوسيط‭ ‬مساعدتهم‭ ‬في‭ ‬سعيهم‭ ‬للتوصل‭ ‬إلى‭ ‬تسوية‭ ‬في‭ ‬نزاع‭ ‬قائم‭ ‬بينهم‭ ‬عن‭ ‬علاقة‭ ‬قانونية‭ ‬عقدية‭ ‬أو‭ ‬غير‭ ‬عقدية،‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬للوسيط‭ ‬صلاحية‭ ‬فرض‭ ‬حل‭ ‬للنزاع‭.‬

وحددت‭ ‬المادة‭ ‬الثانية‭ ‬نطاق‭ ‬تطبيق‭ ‬القانون‭ ‬على‭ ‬الوساطة‭ ‬المحلية،‭ ‬وكذلك‭ ‬على‭ ‬الوساطة‭ ‬الدولية‭ ‬لتسوية‭ ‬المنازعات‭ ‬المدنية‭ ‬والتجارية،‭ ‬واتفاقات‭ ‬التسوية‭ ‬الأجنبية‭ ‬المنبثقة‭ ‬عن‭ ‬تلك‭ ‬الوساطة،‭ ‬بمعنى‭ ‬أن‭ ‬المشرع‭ ‬البحريني‭ ‬لم‭ ‬يقصر‭ ‬نطاق‭ ‬التطبيق‭ ‬على‭ ‬الوساطة‭ ‬المحلية‭ ‬فقط،‭ ‬بل‭ ‬توسع‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬ليشمل‭ ‬كذلك‭ ‬الوساطة‭ ‬الدولية‭ ‬واتفاقيات‭ ‬التسوية‭ ‬الأجنبية‭.‬

إلا‭ ‬أن‭ ‬المشرع‭ ‬البحريني‭ ‬استثنى‭ ‬من‭ ‬نطاق‭ ‬تطبيق‭ ‬هذا‭ ‬القانون‭ ‬المسائل‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬يجوز‭ ‬فيها‭ ‬الصلح،‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يحدد‭ ‬نوعية‭ ‬للمسائل‭ ‬التي‭ ‬تجوز‭ ‬فيها‭ ‬الوساطة،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬القانون‭ ‬سن‭ ‬نظام‭ ‬الوساطة‭ ‬لتسوية‭ ‬كافة‭ ‬أنواع‭ ‬المنازعات‭ ‬دون‭ ‬تحديد،‭ ‬بما‭ ‬فيها‭ ‬المنازعات‭ ‬المدنية‭ ‬والتجارية‭ ‬والجنائية‭ ‬والشرعية،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬أكدت‭ ‬عليه‭ ‬المادة‭ ‬18‭ ‬من‭ ‬القانون،‭ ‬حينما‭ ‬قررت‭ ‬صراحةً‭ ‬تفويض‭ ‬الوزير‭ ‬المعني‭ ‬بإصدار‭ ‬القرارات‭ ‬اللازمة‭ ‬لتنظيم‭ ‬الوساطة‭ ‬في‭ ‬المسائل‭ ‬الشرعية‭ ‬والجنائية‭.‬

تشريع‭ ‬الوساطة‭ ‬البحريني‭ ‬تميز‭ ‬على‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬التشريعات‭ ‬المقارنة‭ ‬المعنية‭ ‬بتنظيم‭ ‬الوساطة‭ ‬لتسوية‭ ‬المنازعات‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬الدول،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬قرر‭ ‬صلاحيات‭ ‬أوسع‭ ‬للوسيط‭ ‬تمكنه‭ ‬من‭ ‬القيام‭ ‬بمهام‭ ‬عمله‭ ‬بأريحيه‭ ‬وتمكنه‭ ‬من‭ ‬مساعدة‭ ‬أطراف‭ ‬النزاع‭ ‬على‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬اتفاق‭ ‬تسوية‭ ‬مرضي‭ ‬لهما،‭ ‬ومن‭ ‬تلك‭ ‬الصلاحيات‭ ‬إمكانية‭ ‬تحديد‭ ‬القواعد‭ ‬التي‭ ‬تجري‭ ‬بها‭ ‬الوساطة‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬عدم‭ ‬اتفاق‭ ‬الأطراف‭ ‬طبقاً‭ ‬لما‭ ‬ورد‭ ‬في‭ ‬نص‭ ‬المادة‭ ‬9‭ ‬من‭ ‬اللائحة‭ ‬التنفيذية‭ ‬لقانون‭ ‬الوساطة‭ ‬البحريني،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬إمكانية‭ ‬اقتراح‭ ‬الحلول‭ ‬المناسبة‭ ‬على‭ ‬الأطراف‭ ‬لتسوية‭ ‬النزاع‭ ‬دون‭ ‬إمكانية‭ ‬فرض‭ ‬هذه‭ ‬الحلول‭ ‬طبقاً‭ ‬لما‭ ‬ورد‭ ‬في‭ ‬المادة‭ ‬10‭ ‬من‭ ‬ذات‭ ‬اللائحة،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬إمكانية‭ ‬الكشف‭ ‬لأطراف‭ ‬الوساطة‭ ‬عن‭ ‬ما‭ ‬تقدم‭ ‬به‭ ‬أحد‭ ‬أطرافها‭ ‬ما‭ ‬لم‭ ‬يشترط‭ ‬الأخير‭ ‬سريتها‭ ‬طبقاً‭ ‬لما‭ ‬ورد‭ ‬في‭ ‬المادة‭ ‬6‭ ‬من‭ ‬قانون‭ ‬الوساطة‭.‬

كما‭ ‬أن‭ ‬قانون‭ ‬الوساطة‭ ‬البحريني‭ ‬راعى‭ ‬خصوصية‭ ‬المنازعات‭ ‬الجنائية‭ ‬والأسرية،‭ ‬ولم‭ ‬يرتب‭ ‬على‭ ‬السير‭ ‬في‭ ‬إجراءات‭ ‬الوساطة‭ ‬أثناء‭ ‬نظر‭ ‬الدعوى‭ ‬فيها،‭ ‬وقف‭ ‬لإجراءاتها‭ ‬بحسب‭ ‬ما‭ ‬ورد‭ ‬في‭ ‬نص‭ ‬المادة‭ ‬8‭ ‬من‭ ‬القانون،‭ ‬وقصر‭ ‬تطبيقها‭ ‬على‭ ‬الوساطة‭ ‬في‭ ‬المنازعات‭ ‬المدنية‭ ‬والتجارية،‭ ‬واستثنى‭ ‬المسائل‭ ‬الجنائية‭ ‬والشرعية‭ ‬من‭ ‬نطاق‭ ‬تطبيق‭ ‬هذه‭ ‬المادة‭ ‬بحسب‭ ‬ما‭ ‬ورد‭ ‬في‭ ‬المادة‭ ‬18‭ ‬من‭ ‬القانون،‭ ‬وأفرد‭ ‬لها‭ ‬تنظيم‭ ‬خاص‭ ‬في‭ ‬القرارات‭ ‬الصادرة‭ ‬والمعنية‭ ‬بتنظيم‭ ‬الوساطة‭ ‬في‭ ‬المسائل‭ ‬الجنائية‭ ‬والشرعية،‭ ‬ونص‭ ‬صراحةً‭ ‬على‭ ‬عدم‭ ‬وقف‭ ‬إجراءات‭ ‬الدعوى‭ ‬ما‭ ‬لم‭ ‬تقرر‭ ‬المحكمة‭ ‬خلاف‭ ‬ذلك‭ ‬وفقاً‭ ‬لمقتضيات‭ ‬المحاكمة‭ ‬ومصلحة‭ ‬الأطراف،‭ ‬بحسب‭ ‬ما‭ ‬ورد‭ ‬في‭ ‬نص‭ ‬المادة‭ ‬14‭ ‬من‭ ‬قرار‭ ‬تنظيم‭ ‬الوساطة‭ ‬في‭ ‬المسائل‭ ‬الجنائية،‭ ‬ونص‭ ‬المادة‭ ‬16‭ ‬من‭ ‬قرار‭ ‬تنظيم‭ ‬الوساطة‭ ‬في‭ ‬المسائل‭ ‬الشرعية‭.‬

كما‭ ‬أحسن‭ ‬المشرع‭ ‬البحريني‭ ‬حينما‭ ‬رغب‭ ‬الأطراف‭ ‬على‭ ‬اللجوء‭ ‬إلى‭ ‬الوساطة،‭ ‬حتى‭ ‬وإن‭ ‬كان‭ ‬النزاع‭ ‬منظور‭ ‬أمام‭ ‬المحاكم،‭ ‬فقد‭ ‬نص‭ ‬في‭ ‬المادة‭ ‬15‭ ‬من‭ ‬القانون،‭ ‬على‭ ‬الإعفاء‭ ‬من‭ ‬الرسم‭ ‬القضائي‭ ‬إذا‭ ‬تمت‭ ‬التسوية‭ ‬أثناء‭ ‬نظر‭ ‬الدعوى،‭ ‬وقدد‭ ‬حددت‭ ‬المادة‭ ‬15‭ ‬من‭ ‬اللائحة‭ ‬حالات‭ ‬الإعفاء،‭ ‬وقررت‭ ‬الإعفاء‭ ‬بنسبة‭ ‬100%‭ ‬من‭ ‬الرسم‭ ‬القضائي‭ ‬إذا‭ ‬تمت‭ ‬التسوية‭ ‬خلال‭ ‬شهر‭ ‬واحد‭ ‬من‭ ‬قيد‭ ‬الدعوى،‭ ‬وبنسبة‭ ‬50%‭ ‬إذا‭ ‬تمت‭ ‬التسوية‭ ‬خلال‭ ‬أربع‭ ‬شهور،‭ ‬بما‭ ‬يحفز‭ ‬الأطراف‭ ‬على‭ ‬اللجوء‭ ‬إلى‭ ‬الوساطة‭ ‬ويمكنهم‭ ‬من‭ ‬استرجاع‭ ‬الرسوم‭ ‬القضائية‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬إتمام‭ ‬التسوية‭.‬

 

المدير‭ ‬التنفيذي‭ ‬للمركز‭ ‬الدولي‭ ‬الخليجي

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا