العدد : ١٧٠٥٥ - الاثنين ٠٢ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٠١ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٥٥ - الاثنين ٠٢ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٠١ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

مقالات

تسالي رمضانية:
رمضــان... الوجه الآخــر

بقلم: تقي محمد البحارنة

الخميس ١٣ أبريل ٢٠٢٣ - 02:00

مدح‭ ‬الشعراء‭ ‬وتبركوا‭ ‬بقدوم‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬المبارك‭ ‬بما‭ ‬يستحق‭ ‬من‭ ‬طاعة‭ ‬وورع‭ ‬وعبادة‭ ‬وصدقات،‭ ‬وعددوا‭ ‬فضائل‭ ‬ليلة‭ ‬القدر‭ ‬والليالي‭ ‬العشر‭.‬

ولكن‭ ‬عددا‭ ‬من‭ ‬الشعراء‭ ‬الظرفاء‭ ‬في‭ ‬العصور‭ ‬الإسلامية‭ ‬خالف‭ ‬المدح‭ ‬وجنح‭ ‬إلى‭ ‬الظرافة‭ ‬من‭ ‬قبيل‭ ‬معاناة‭ ‬الصائم‭ ‬من‭ ‬الجوع‭ ‬والعطش‭ ‬والارهاق‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬حين‭ ‬يأتي‭ ‬رمضان‭ ‬في‭ ‬حمّارة‭ ‬القيظ‭ ‬وضيق‭ ‬الأنفاس‭. ‬ولكل‭ ‬شاعر‭ ‬منهم‭ ‬موقف‭ ‬ولكل‭ ‬منهم‭ ‬ذريعة‭ ‬وسبب‭ ‬يبرر‭ ‬به‭ ‬ما‭ ‬يشبه‭ ‬الهجاء‭ ‬للشهر‭ ‬الفضيل‭. ‬ويتداول‭ ‬كتاب‭ ‬السير‭ ‬والتاريخ‭ ‬تلك‭ ‬الأشعار‭ ‬في‭ ‬سبيل‭ ‬دفع‭ ‬الملل‭ ‬والتسلية‭ ‬والنظر‭ ‬إلى‭ ‬الوجه‭ ‬الآخر‭ ‬من‭ ‬رمضان‭.. ‬ومعظم‭ ‬تلك‭ ‬الأشعار‭ ‬مما‭ ‬قيل‭ ‬في‭ ‬بلاط‭ ‬الخلفاء‭ ‬والأمراء‭ ‬كنوع‭ ‬من‭ ‬الفكاهة‭. ‬وفيما‭ ‬يلي‭ ‬نماذج‭ ‬من‭ ‬اشعار‭ ‬الظرفاء‭:‬

*‭ ‬هذا‭ ‬هو‭ ‬الشاعر‭ ‬ابن‭ ‬الرومي‭ ‬يتذمر‭ ‬من‭ ‬الصوم‭ ‬في‭ ‬عـّز‭ ‬الصيف‭ ‬فيقول‭:‬

شهر‭ ‬الصيام‭ ‬مبارك‭ ‬*‭ ‬مالم‭ ‬يكن‭ ‬في‭ ‬شهر‭ ‬اب

خفت‭ ‬العذاب‭ ‬فصمته‭ ‬*‭ ‬فوقعت‭ ‬في‭ ‬نفس‭ ‬العذاب

وأضاف‭ ‬آخر

اليــوم‭ ‬فيـــــه‭ ‬كــأنه‭ ‬*‭ ‬من‭ ‬طوله‭ ‬يوم‭ ‬الحساب

والليــل‭ ‬فيـه‭ ‬كــأنــّه‭ ‬*‭   ‬لـيل‭ ‬التواصل‭ ‬والعتاب

وأضاف‭ ‬آخر

إن‭ ‬كنت‭ ‬قــّدرت‭ ‬الصيام‭ ‬*‭   ‬فاعفنــا‭ ‬من‭ ‬شهر‭ ‬اب

*‭ ‬وشاعر‭ ‬آخر‭ ‬يصّب‭ ‬جام‭ ‬غضبه‭ ‬على‭ ‬هلال‭ ‬رمضان‭ ‬فيقول‭:‬

لقد‭ ‬ســّرني‭ ‬أن‭ ‬الهلال‭ ‬غـديـّة‭ ‬*‭ ‬غدا‭ ‬وهو‭ ‬محقور‭ ‬الخيال‭ ‬دقيق

أضـّرت‭ ‬به‭ ‬الأيام‭ ‬حتى‭ ‬كأنه‭  ‬*‭  ‬سوار‭ ‬لواه‭ ‬باليدين‭ ‬رقيق

فقمت‭ ‬أعـّزيه‭ ‬وقد‭ ‬رقّ‭ ‬عظمه‭ ‬*‭ ‬وقد‭ ‬حان‭ ‬من‭ ‬شمس‭ ‬النهار‭ ‬شروق

ألا‭ ‬في‭ ‬سبيل‭ ‬الله‭ ‬أنك‭ ‬هالك‭ ‬*‭ ‬وأني‭ ‬بأن‭ ‬أبكي‭ ‬عليك‭ ‬حقيق

وأنك‭ ‬قد‭ ‬عـطّشتني‭ ‬وتركتني‭ ‬*‭ ‬وفي‭ ‬الصدر‭ ‬من‭ ‬طول‭ ‬الغليل‭ ‬حريق

*

*‭ ‬أما‭ ‬أبو‭ ‬بكر‭ ‬عطية‭ ‬الأندلسي‭ ‬فتجذبه‭ ‬حكمة‭ ‬الصوم‭ ‬فيقول‭:‬

إذا‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬في‭ ‬السمع‭ ‬مني‭ ‬تصامم‭ ‬*‭ ‬وفي‭ ‬مقلتي‭ ‬غـّض‭ ‬وفي‭ ‬منطقي‭ ‬صمت

فحظـّي‭ ‬إذا‭ ‬من‭ ‬صومي‭ ‬الجوع‭ ‬والظما‭ ‬*‭ ‬وإن‭ ‬قـلت‭ ‬أني‭ ‬صمت‭ ‬يوما‭ .. ‬فما‭ ‬صمت

*

*‭ ‬ويدلي‭ ‬صفيّ‭ ‬الدين‭ ‬الحلي‭ (‬1276-1399‭) ‬بشعره‭ ‬عن‭ ‬الصوم‭ ‬من‭ ‬زاوية‭ ‬هجر‭ ‬اللذات‭:‬

منظر‭ ‬الصوم‭ ‬مع‭ ‬توخيه‭ ‬عندي‭ ‬*‭ ‬منظر‭ ‬الشيب‭ ‬في‭ ‬عيون‭ ‬الغواني

ما‭ ‬أتاني‭ ‬شعبان‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬إلا‭ ‬*‭ ‬وفؤادي‭ ‬من‭ ‬خوفه‭ ‬شعبان

كيف‭ ‬استشعر‭ ‬السرور‭ ‬بشهر‭ ‬*‭ ‬زعم‭ ‬الطبّ‭ ‬أنه‭ ‬مـرضان

فيه‭ ‬هجر‭ ‬اللذات‭ ‬حتما‭ ‬وفيه‭ ‬*‭ ‬غير‭ ‬مستحسن‭ ‬وصال‭ ‬الغواني

**

*‭ ‬وللشاعر‭ ‬العراقي‭ ‬المعروف‭ ‬معروف‭ ‬الرصافي‭ ‬نصائح‭ ‬رمضانية‭:‬

وأغبى‭ ‬العالميــن‭ ‬فتى‭ ‬أكول‭ ‬*‭ ‬لفطنتـه‭ ‬ببطـنته‭ ‬انهزام

ولو‭ ‬أني‭ ‬استطعت‭ ‬صيام‭ ‬دهري‭ ‬*‭ ‬لصمت‭ ‬فكان‭ ‬ديدني‭ ‬الصيام

ولكن‭ ‬لا‭ ‬أصوم‭ ‬صيام‭ ‬قوم‭ ‬*‭  ‬تكاثر‭ ‬في‭ ‬فطورهم‭ ‬الطعام

إذا‭ ‬رمضان‭ ‬جاءهم‭ ‬أعـّدوا‭ ‬*‭ ‬مطاعم‭ ‬ليس‭ ‬يدركها‭ ‬انهضام

وقالوا‭ ‬يا‭ ‬نهار‭ ‬لئن‭ ‬رجعنا‭ ‬*‭ ‬فإن‭ ‬الليل‭ ‬منك‭ ‬لنا‭ ‬انتقام

وناموا‭ ‬متخمين‭ ‬على‭ ‬امتلاء‭ ‬*‭ ‬وقد‭ ‬يتجـشّـؤون‭ ‬وهم‭ ‬نيام

فقل‭ ‬للصائمين‭ ‬أداء‭ ‬فرض‭ ‬*‭ ‬الا‭ ‬ما‭ ‬هكذا‭ ‬فرض‭ ‬الصيام

*‭ ‬

*‭ ‬ثم‭ ‬إن‭ ‬فضيلة‭ ‬الشيخ‭ ‬عبد‭ ‬الحسين‭ ‬الحلي‭ (‬قاضي‭ ‬التمميز‭ ‬الشرعي‭ ‬في‭ ‬محاكم‭ ‬البحرين‭-‬1936-1956‭) ‬تفتحت‭ ‬قريحته‭ ‬الشعرية‭ ‬ورمضان‭ ‬البحرين‭ ‬في‭ ‬أيام‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الثانية‭ ‬وفي‭ ‬أشد‭ ‬شهور‭ ‬الصيف‭ ‬مع‭ ‬نقص‭ ‬في‭ ‬الثمرات‭ ‬وغلاء‭ ‬في‭ ‬السلع‭ ‬وضيق‭ ‬في‭ ‬المعيشة‭ ‬بسبب‭ ‬انقطاع‭ ‬سبل‭ ‬التجارة‭ ‬أيام‭ ‬الحرب‭. ‬فرأى‭ ‬أن‭ ‬يعبر‭ ‬شعرا‭ ‬عن‭ ‬معاناة‭ ‬الجمهور‭ ‬ومما‭ ‬قاله‭ ‬في‭ ‬قصيدة‭ ‬طويلة‭ ‬ما‭ ‬يلي‭:‬

قـد‭ ‬ترقى‭ (‬الرقـيّ‭) ‬عنـّا‭ ‬فأضحى‭ ‬*‭ ‬كـرة‭ ‬حولها‭ ‬الشموس‭ ‬تـدار

ونسينا‭ (‬البطـّيخ‭) ‬حتى‭ ‬شككنا‭ ‬*‭ ‬أهو‭ ‬عطـر‭ ‬أم‭ ‬أنّــه‭ ‬عطـّار

ورق‭ ‬الفجل‭ ‬للعروس‭ ‬حـلـيّ‭ ‬*‭ ‬عندنا‭ ‬والرؤوس‭ ‬منها‭ .. ‬نثار

قد‭ ‬سـئمنا‭ ‬الكراث‭ ‬ليلا‭ ‬نهارا‭ ‬*‭ ‬ساء‭ ‬والله‭ ‬ليلنا‭ ‬والنهار

وطلبنا‭ ‬‮«‬النعناع‮»‬‭ ‬يوما‭ ‬فقالوا‭ ‬*‭  ‬حاز‭ ‬هـذا‭ ‬لنفسه‭ ( ‬المستشار‭) ‬

نتقاضى‭ ‬أشيــاءنا‭ ‬‮«‬البطاقات‮»‬‭ ‬*‭ ‬سواء‭ ‬صغارنا‭ ‬والكبار

شـّر‭ ‬ما‭ ‬في‭ ‬ذوي‭ ‬اليسار‭ ‬احتقار‭ ‬*‭ ‬لذوي‭ ‬العسر‭ ‬بينهم‭ ‬واحتكار

لعبوا‭ ‬دورهم‭ ‬علينا‭ ‬ولما‭ ‬*‭ ‬يأت‭ ‬دور‭ ‬لنا‭ ‬عليهم‭ ‬يدار

سلبوا‭ ‬درهم‭ ‬القوي‭ ‬أيبقى‭ ‬*‭ ‬لفقير‭ ‬مستضعف‭ ‬دينار؟

حاربونا‭ ‬بالسعر‭ ‬والحرب‭ ‬في‭ ‬الأرض‭ ‬سعير‭ ‬*‭ ‬والكل‭ ‬منهــا‭ ‬فجار

أفعلم‭ ‬هذا‭ ‬الذي‭ ‬دمـّر‭ ‬البلدان‭ .. ‬والبيت‭ ‬لا‭ ‬عداه‭ ‬الدمار

أو‭ ‬خير‭ ‬ما‭ ‬ينبت‭ ‬الشـّر‭ ‬في‭ ‬الأرض‭ ‬*‭ ‬إذا‭ ‬طاب‭ ‬ما‭ ‬جنى‭ ‬الاشرار

قل‭ ‬لمن‭ ‬عــمّروا،‭ ‬لقد‭ ‬خرب‭ ‬العمران‭ .. ‬بغيا‭ ‬وابتزت‭ ‬الأعمار

فني‭ ‬الناس‭ ‬والذي‭ ‬ملكوه‭ ‬*‭ ‬فعلى‭ ‬أيهم‭ ‬يشـنّ‭ ‬المغار؟

وإذا‭ ‬ما‭ ‬الفناء‭ ‬عـمّ‭ ‬تساوى‭ ‬*‭ ‬بعده‭ ‬الانتصار‭ ‬والاندحار

ثم‭ ‬يعرج‭ ‬على‭ ‬رمضان‭ ‬فيقول‭:‬

جاء‭ ‬شهر‭ ‬الصيام‭ ‬يسعى‭ ‬ولكن‭ ‬*‭ ‬خـفّ‭ ‬مستقبلا‭ ‬له‭ ‬الإفطار

لا‭ ‬كفرنا‭ ‬به‭ ‬فليس‭ ‬علينا‭ ‬*‭ ‬فيه‭ ‬كفـّارة‭ ‬ولا‭ ‬استغفار

نحن‭ ‬في‭ ‬الصوم‭ ‬لم‭ ‬نزل‭ ‬وعلينا‭ ‬*‭ ‬فيه‭ ‬هيهات‭ ‬تحمل‭ ‬الاصـار

أيها‭ ‬الزائر‭ ‬المؤمل‭ ‬أهلا‭ ‬*‭ ‬بك‭ ‬لو‭ ‬زال‭ ‬قبلك‭ ‬الإعسار

*

وختاما‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬نغادر‭ ‬شعراءنا‭ ‬‮«‬الغاوون‭ ‬والذين‭ ‬هم‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬واد‭ ‬يهيمون‮»‬‭ ‬نعود‭ ‬إلى‭ ‬رمضان‭ ‬الخير‭ ‬والمغفرة‭ ‬نحييه‭ ‬بهذه‭ ‬الأبيات‭ ‬التي‭ ‬يناجيه‭ ‬فيها‭ ‬الشاعر‭ ‬أحمد‭ ‬مخيمر‭ ‬قائلا‭:‬

أنت‭ ‬في‭ ‬الدهر‭ ‬غــرّة‭ ‬وعلى‭ ‬الأرض‭ ‬سلام‭ ‬وفي‭ ‬السماء‭ ‬دعاء

يتلقاك‭ ‬عند‭ ‬لقياك‭ ‬أهل‭ ‬البر‭ ‬والمؤمنون‭ ‬والأصفياء

فلهم‭ ‬في‭ ‬النهار‭ ‬نجوى‭ ‬وتسبيح‭ ‬وفي‭ ‬الليل‭ ‬أدمع‭ ‬ونداء

ليلة‭ ‬القدر‭ ‬عندهم‭ ‬فرحة‭ ‬العمر‭ ‬تدانت‭ ‬على‭ ‬سناها‭ ‬السماء

في‭ ‬انتظار‭ ‬لنورها‭ ‬كل‭ ‬ليل‭ ‬*‭ ‬يتمنى‭ ‬الهدى‭ ‬ويدعو‭ ‬الرجاء

وإذا‭ ‬الأرض‭ ‬في‭ ‬سلام‭ ‬وأمن‭ ‬*‭ ‬وإذا‭ ‬الفجر‭ ‬نشوة‭ ‬وصفاء

وكأني‭ ‬أرى‭ ‬الملائكة‭ ‬الأبرار‭ ‬فيها‭ ‬وحولها‭ ‬الأنبياء‭.‬

***

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا