العدد : ١٧٠٥١ - الخميس ٢٨ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٦ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٥١ - الخميس ٢٨ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٦ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

شرق و غرب

هل أذكت الولايات المتحدة الحرب الباردة مع الصين؟

بقلم‭: ‬إدوارد‭ ‬لوس‭  ‬

الأربعاء ١٢ أبريل ٢٠٢٣ - 02:00

 

لنفترض‭ ‬أن‭ ‬تايوان‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬موجودة،‭ ‬فهل‭ ‬كانت‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬والصين‭ ‬ستظلان‭ ‬على‭ ‬خلاف‭ ‬على‭ ‬غرار‭ ‬واقع‭ ‬الحال‭ ‬اليوم؟‭ ‬في‭ ‬رأيي،‭ ‬نعم‭. ‬فالعداء‭ ‬بين‭ ‬القوى‭ ‬العظمى‭ ‬والقوى‭ ‬الناشئة‭ ‬ثابت‭ ‬في‭ ‬تاريخ‭ ‬البشرية‭.‬

بعد‭ ‬ذلك،‭ ‬لنفترض‭ ‬أن‭ ‬الصين‭ ‬كانت‭ ‬ديمقراطية‭ ‬وليست‭ ‬دولة‭ ‬قائمة‭ ‬على‭ ‬نظام‭ ‬الحزب‭ ‬الواحد،‭ ‬قد‭ ‬يتساءل‭ ‬المرء‭ ‬عما‭ ‬إذا‭ ‬كانت‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬التوترات‭ ‬ستستمر‭. ‬من‭ ‬الصعب‭ ‬القول،‭ ‬لكن‭ ‬ليس‭ ‬من‭ ‬الواضح‭ ‬أن‭ ‬حكومة‭ ‬منتخبة‭ ‬ديمقراطيًا‭ ‬ستكون‭ ‬أقل‭ ‬غضبًا‭ ‬من‭ ‬النظام‭ ‬العالمي‭ ‬الذي‭ ‬تقوده‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭.‬

كما‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬الصعب‭ ‬أن‭ ‬نتخيل‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬أي‭ ‬ظروف‭ ‬ما‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬الأمريكيون‭ ‬سيبدون‭ ‬الاستعداد‭ ‬للقبول‭ ‬بتقاسم‭ ‬دور‭ ‬القيادة‭ ‬في‭ ‬العالم‭. ‬يكفي‭ ‬القول‭ ‬إن‭ ‬المناقشات‭ ‬حول‭ ‬إمكانية‭ ‬نشوب‭ ‬صراع‭ ‬بين‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬والصين‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬بعيدة‭ ‬المنال‭.‬

نادرًا‭ ‬ما‭ ‬تغير‭ ‬الدول‭ ‬بهرجها‭: ‬تظل‭ ‬الصين‭ ‬المملكة‭ ‬الوسطى‭ ‬وهي‭ ‬تريد‭ ‬الانتقام‭ ‬من‭ ‬عقود‭ ‬من‭ ‬الإذلال‭ ‬الغربي‭. ‬أما‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬فهي‭ ‬الأمة‭ ‬التي‭ ‬تظل‭ ‬تبحث‭ ‬دائما‭ ‬عن‭ ‬الوحوش‭ ‬لتدميرها‭ ‬والقضاء‭ ‬عليها‭. ‬فالكل‭ ‬يلعب‭ ‬في‭ ‬دوره‭. ‬

يبقى‭ ‬أن‭ ‬نرى‭ ‬ما‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬استقرار‭ ‬العالم‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬ينجو‭ ‬من‭ ‬عناد‭ ‬هاتين‭ ‬الدولتين‭ ‬العملاقتين،‭ ‬إذ‭ ‬إن‭ ‬كلاهما‭ ‬يريد‭ ‬النصر‭. ‬من‭ ‬المفترض‭ ‬أنه‭ ‬إذا‭ ‬خرجت‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬والصين‭ ‬من‭ ‬المأزق،‭ ‬فلن‭ ‬يكون‭ ‬التحرك‭ ‬نحو‭ ‬اتفاق‭ ‬ودي،‭ ‬ولكن‭ ‬نحو‭ ‬الحرب‭.‬

في‭ ‬أوائل‭ ‬شهر‭ ‬مارس‭ ‬2023،‭ ‬ذهب‭ ‬الرئيس‭ ‬الصيني‭ ‬شي‭ ‬جين‭ ‬بينغ‭ ‬إلى‭ ‬أبعد‭ ‬مما‭ ‬ذهب‭ ‬إليه‭ ‬في‭ ‬السابق،‭ ‬حيث‭ ‬ألقى‭ ‬باللوم‭ ‬على‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬واتهمها‭ ‬بالعمل‭ ‬على‭ ‬‮«‬احتواء‮»‬‭ ‬بلاده‭ ‬و«تطويقها‮»‬‭ ‬و«خنقها‮»‬‭. ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أنه‭ ‬استخدم‭ ‬الخطاب‭ ‬القوي،‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬مخطئًا‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬المبدأ‭. ‬

يظل‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬جو‭ ‬بايدن‭ ‬مؤيدًا‭ ‬رسميًا‭ ‬للتعاون‭ ‬مع‭ ‬الصين،‭ ‬لكن‭ ‬بايدن‭ ‬خرج‭ ‬عن‭ ‬مساره‭ ‬بسهولة‭ ‬بمجرد‭ ‬حدوث‭ ‬ما‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬نسميه‭ ‬منطاد‭ ‬الطقس‭.‬

دفع‭ ‬ذعر‭ ‬واشنطن‭ ‬من‭ ‬تكنولوجيا‭ ‬تعود‭ ‬إلى‭ ‬القرن‭ ‬التاسع‭ ‬عشر‭ (‬إشارة‭ ‬إلى‭ ‬بالون‭ ‬‮«‬التجسس‮»‬‭ ‬الذي‭ ‬أرسلته‭ ‬بكين‭) ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬الأمريكية‭ ‬أنتوني‭ ‬بلينكين‭ ‬إلى‭ ‬إلغاء‭ ‬زيارته‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬سابق‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬الشهر‭. ‬لقد‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬الممكن‭ ‬لو‭ ‬حدثت‭ ‬الزيارة‭ ‬في‭ ‬شهر‭ ‬فبراير‭ ‬الماضي‭ ‬إلى‭ ‬بكين‭ ‬أن‭ ‬تمهد‭ ‬الطريق‭ ‬لعقد‭ ‬قمة‭ ‬ببين‭ ‬الرئيسين‭ ‬الأمريكي‭ ‬والصين‭ ‬ولربما‭ ‬كانت‭ ‬تلك‭ ‬القمة‭ ‬ستفضي‭ ‬إلى‭ ‬التوصل‭ ‬إلى‭ ‬إجماع‭ ‬بين‭ ‬الطرفين‭ ‬حول‭ ‬الحرب‭ ‬وعدة‭ ‬مسائل‭ ‬وقضايا‭ ‬أخرى‭. ‬

يفسر‭ ‬الطابع‭ ‬الاجتماعي‭ ‬لواشنطن‭ ‬رد‭ ‬فعل‭ ‬جو‭ ‬بايدن‭ ‬غير‭ ‬المتكافئ‭ ‬والمبالغ‭ ‬فيه‭. ‬فقد‭ ‬أصبح‭ ‬الآن‭ ‬التشدد‭ ‬هو‭ ‬السائد‭ ‬بين‭ ‬الحزبين‭ ‬الجمهوري‭ ‬والديمقراطي‭ ‬في‭ ‬واشنطن‭ ‬لدرجة‭ ‬أن‭ ‬اليد‭ ‬الممدودة‭ ‬للصين‭ ‬يمكن‭ ‬اعتبارها‭ ‬علامة‭ ‬على‭ ‬الضعف‭ ‬وليس‭ ‬علامة‭ ‬مرونة‭ ‬وواقعية‭ ‬سياسية‭ ‬وعقلانية‭.‬

وكما‭ ‬يشير‭ ‬المؤرخ‭ ‬ماكس‭ ‬بوت،‭ ‬فإن‭ ‬نظام‭ ‬الحزبين‭ ‬ليس‭ ‬بالأمر‭ ‬الجيد‭ ‬دائمًا‭. ‬لا‭ ‬شك‭ ‬أن‭ ‬بعض‭ ‬الأخطاء‭ ‬الفادحة‭ ‬التي‭ ‬ارتكبتها‭ ‬أمريكا‭ ‬كانت‭ ‬مدعومة‭ ‬من‭ ‬كلا‭ ‬الحزبين‭ (‬ديموقراطي‭ ‬وجمهوري‭)‬،‭ ‬مثل‭ ‬قرار‭ ‬2002‭ ‬بشأن‭ ‬الحرب‭ ‬في‭ ‬العراق‭.‬

وكذلك‭ ‬الأمر‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬لجنة‭ ‬الصين‭ ‬الجديدة‭ ‬بمجلس‭ ‬النواب،‭ ‬والتي‭ ‬يقول‭ ‬الرئيس‭ ‬الجمهوري‭ ‬مايك‭ ‬غالاغر‭ ‬إنها‭ ‬ستكون‭ ‬بمثابة‭ ‬‮«‬رد‭ ‬العالم‭ ‬الحر‭ ‬على‭ ‬الدولة‭ ‬الشمولية‭ ‬للحزب‭ ‬الشيوعي‭ ‬الصيني‮»‬‭. ‬

قد‭ ‬يكون‭ ‬هذا‭ ‬مؤشرا‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬غير‭ ‬مستعدة‭ ‬للقبول‭ ‬بتهديد‭ ‬دورها‭ ‬القيادي‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬القوى‭ ‬الصاعدة،‭ ‬وخاصة‭ ‬منها‭ ‬الصين‭. ‬من‭ ‬أهم‭ ‬الاختلافات‭ ‬الجوهرية‭ ‬بين‭ ‬الحرب‭ ‬الباردة‭ ‬الحالية‭ ‬والحرب‭ ‬الباردة‭ ‬التي‭ ‬انتهت‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1991‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬الصين‭ ‬لا‭ ‬تصدر‭ ‬الثورة‭ ‬إلى‭ ‬بقية‭ ‬دول‭ ‬ومناطق‭ ‬العالم‭.‬

ظل‭ ‬الاتحاد‭ ‬السوفيتي‭ ‬يدعم‭ ‬حركات‭ ‬التمرد‭ ‬اليسارية‭ ‬من‭ ‬كوبا‭ ‬إلى‭ ‬أنغولا‭ ‬عبر‭ ‬كوريا‭ ‬وأثيوبيا،‭ ‬كانت‭ ‬الفكرة‭ ‬الأصلية‭ ‬للاحتواء،‭ ‬التي‭ ‬صاغها‭ ‬الدبلوماسي‭ ‬جورج‭ ‬كينان‭ ‬عام‭ ‬1947‭ ‬في‭ ‬مقال‭ ‬لمجلة‭ ‬‮«‬فورين‭ ‬أفيرز‮»‬‭ ‬أكثر‭ ‬تواضعًا‭ ‬من‭ ‬الاحتواء‭ ‬غير‭ ‬المعلن‭ ‬الذي‭ ‬يمثل‭ ‬سياسة‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬تجاه‭ ‬الصين‭ ‬اليوم‭.‬

قدم‭ ‬جورج‭ ‬كينان‭ ‬توصيتين‭ ‬في‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬التي‭ ‬رسمها‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬الفترة‭: ‬وقف‭ ‬توسع‭ ‬الإمبراطورية‭ ‬السوفيتية‭. ‬تعزيز‭ ‬الديمقراطية‭ ‬الغربية‭ ‬كما‭ ‬نصح‭ ‬بعدم‭ ‬استخدام‭ ‬القوة‭. ‬من‭ ‬خلال‭ ‬التحلي‭ ‬بالصبر‭ ‬والمهارة،‭ ‬سنحصل‭ ‬على‭ ‬اختفاء‭ ‬الاتحاد‭ ‬السوفيتي،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬حدث‭. ‬إن‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬الحالية‭ ‬هي‭ ‬استراتيجية‭ ‬الاحتواء‭ ‬المفرط‭.‬

عندما‭ ‬يتحدث‭ ‬الرئيس‭ ‬شي‭ ‬جين‭ ‬بينغ‭ ‬عن‭ ‬الحصار‭ ‬والاختناق،‭ ‬فإنه‭ ‬يفكر‭ ‬في‭ ‬الحظر‭ ‬الأمريكي‭ ‬على‭ ‬صادرات‭ ‬أشباه‭ ‬الموصلات‭ ‬المتقدمة‭ ‬إلى‭ ‬الصين‭. ‬ونظرًا‭ ‬إلى‭ ‬استخدام‭ ‬المعالجات‭ ‬الدقيقة‭ ‬المتطورة‭ ‬للأغراض‭ ‬المدنية‭ ‬والعسكرية‭ ‬على‭ ‬حد‭ ‬سواء،‭ ‬فإن‭ ‬لدى‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬سببًا‭ ‬حقيقيًا‭ ‬لرفض‭ ‬منح‭ ‬الصين‭ ‬الوسائل‭ ‬لتحديث‭ ‬جيشها‭.‬

لكن‭ ‬التأثير‭ ‬الجانبي‭ ‬هو‭ ‬تقييد‭ ‬التنمية‭ ‬الاقتصادية‭ ‬للصين‭. ‬ذلك‭ ‬هو‭ ‬الهدف‭ ‬الجوهري‭ ‬من‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬الأمريكية‭ ‬الراهنة‭. ‬لا‭ ‬توجد‭ ‬طريقة‭ ‬سهلة‭ ‬للخروج‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬المأزق‭ ‬كما‭ ‬أنه‭ ‬سيكون‭ ‬من‭ ‬الصعب‭ ‬على‭ ‬الغرب‭ ‬بقيادة‭ ‬واشنطن‭ ‬احتواء‭ ‬الصين‭ ‬الصاعدة‭ ‬بقوة‭. ‬قد‭ ‬يكون‭ ‬التأثير‭ ‬الثانوي‭ ‬المحتمل‭ ‬هو‭ ‬تعزيز‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬المصنوعة‭ ‬في‭ ‬الصين‭ ‬التي‭ ‬دعا‭ ‬إليها‭ ‬شي‭ ‬جين‭ ‬بينغ‭.‬

لقد‭ ‬أوضح‭ ‬الرئيس‭ ‬الصيني‭ ‬بالفعل‭ ‬بوضوح‭ ‬هدف‭ ‬بكين‭ ‬المتمثل‭ ‬في‭ ‬السيطرة‭ ‬على‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬بحلول‭ ‬عام‭ ‬2030،‭ ‬وهي‭ ‬طريقة‭ ‬أخرى‭ ‬للقول‭ ‬إن‭ ‬الصين‭ ‬تريد‭ ‬وضع‭ ‬القواعد‭. ‬السمة‭ ‬الإيجابية‭ ‬الوحيدة‭ ‬للحرب‭ ‬الباردة‭ ‬الحالية،‭ ‬مقارنة‭ ‬بالحرب‭ ‬السابقة،‭ ‬هي‭ ‬الاعتماد‭ ‬الاقتصادي‭ ‬المتبادل‭ ‬بين‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬والصين،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يمثل‭ ‬مكسبا‭ ‬يريد‭ ‬جو‭ ‬بايدن‭ ‬تعزيزه‭ ‬والحفاظ‭ ‬عليه‭. ‬هي‭ ‬إذن‭ ‬إنجاز‭ ‬يسعى‭ ‬بايدن‭ ‬إلى‭ ‬عكس‭ ‬مساره‭.‬

عندما‭ ‬يتحدث‭ ‬الرئيس‭ ‬الصيني‭ ‬عن‭ ‬التطويق‭ ‬أو‭ ‬الحصار،‭ ‬فإنه‭ ‬يفكر‭ ‬في‭ ‬توثيق‭ ‬العلاقات‭ ‬بين‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬وجيران‭ ‬الصين‭. ‬مرة‭ ‬أخرى،‭ ‬لا‭ ‬يلوم‭ ‬إلا‭ ‬نفسه‭. ‬إن‭ ‬تطور‭ ‬اليابان‭ ‬ومضاعفة‭ ‬إنفاقها‭ ‬الدفاعي‭ ‬هو‭ ‬بلا‭ ‬شك‭ ‬أكثر‭ ‬ما‭ ‬يقلق‭ ‬الصين‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الراهن‭.‬

لكن‭ ‬القرب‭ ‬المتزايد‭ ‬للولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬من‭ ‬الفلبين‭ ‬والهند،‭ ‬وكذلك‭ ‬اتفاقية‭ ‬الغواصات‭ ‬النووية‭ ‬مع‭ ‬أستراليا‭ ‬والمملكة‭ ‬المتحدة‭ (‬كجزء‭ ‬من‭ ‬تحالف‭ ‬Aukus‭)‬،‭ ‬هي‭ ‬أيضًا‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬السياق‭. ‬إذا‭ ‬أضفنا‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭ ‬شحنات‭ ‬الأسلحة‭ ‬الأمريكية‭ ‬إلى‭ ‬تايوان،‭ ‬فكل‭ ‬مكونات‭ ‬جنون‭ ‬الارتياب‭ ‬الصيني‭ ‬موجودة‭ ‬هناك‭. ‬كيف‭ ‬سينتهي‭ ‬هذا؟

يتعين‭ ‬علينا‭ ‬اليوم‭ ‬أن‭ ‬نعيد‭ ‬قراءة‭ ‬جورج‭ ‬كينان‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭. ‬فالحرب‭ ‬الباردة‭ ‬الحالية‭ ‬ليست‭ ‬على‭ ‬وشك‭ ‬الانتهاء‭. ‬على‭ ‬عكس‭ ‬الاتحاد‭ ‬السوفيتي،‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬يمثل‭ ‬إمبراطورية‭ ‬مقنعة،‭ ‬تحتل‭ ‬الصين‭ ‬حدودها‭ ‬التاريخية،‭ ‬لذلك‭ ‬فإن‭ ‬تفككها‭ ‬وانهيارها‭ ‬أمر‭ ‬مستبعد‭ ‬للغاية‭.‬

تحتاج‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬إلى‭ ‬استراتيجية‭ ‬للتعامل‭ ‬مع‭ ‬الصين‭ ‬التي‭ ‬ستكون‭ ‬موجودة‭ ‬دائمًا‭ ‬وعلى‭ ‬سلطات‭ ‬واشنطن‭ ‬والغرب‭ ‬معها‭ ‬أن‭ ‬يتعامل‭ ‬مع‭ ‬هذا‭ ‬الواقع‭. ‬إذا‭ ‬قمت‭ ‬باستطلاع‭ ‬رأي‭ ‬في‭ ‬واشنطن‭ ‬وسألت‭: ‬هل‭ ‬يمكننا‭ ‬التحدث‭ ‬عن‭ ‬حرب‭ ‬باردة‭ ‬بين‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬والصين؟‭ ‬هل‭ ‬تستطيع‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الانتصار‭ ‬فيها؟‭ ‬السؤال‭ ‬الأول‭ ‬سوف‭ ‬يستدعي‭ ‬‮«‬نعم‮»‬‭ ‬على‭ ‬الفور‭. ‬أما‭ ‬السؤال‭ ‬الثاني‭ ‬فإنه‭ ‬سيتبعه‭ ‬صمت‭ ‬طويل‭.‬

إن‭ ‬الرهان‭ ‬على‭ ‬خضوع‭ ‬الصين‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يشكل‭ ‬استراتيجية‭ ‬فعالة‭ ‬وواقعية‭. ‬ستكون‭ ‬هناك‭ ‬طريقة‭ ‬أخرى‭ ‬للتعامل‭ ‬مع‭ ‬السؤال‭. ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الحالي،‭ ‬تمتلك‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬البطاقات‭ ‬في‭ ‬متناول‭ ‬اليد‭.‬

لدى‭ ‬واشنطن‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الحلفاء،‭ ‬ونظام‭ ‬عالمي‭ ‬بنته‭ ‬بنفسها‭ ‬وتتحكم‭ ‬في‭ ‬دواليبه‭ ‬وتكنولوجيا‭ ‬أفضل‭ ‬وسكان‭ ‬أصغر‭ ‬في‭ ‬السن‭. ‬في‭ ‬الأثناء‭ ‬يتباطأ‭ ‬نمو‭ ‬الصين‭ ‬ويشيخ‭ ‬المجتمع‭ ‬الصيني‭. ‬إن‭ ‬الحزم‭ ‬والصبر‭ ‬الأمريكي‭ ‬لهما‭ ‬ما‭ ‬يبررهما‭ ‬اليوم‭ ‬أكثر‭ ‬مما‭ ‬كان‭ ‬عليه‭ ‬الحال‭ ‬في‭ ‬أيام‭ ‬جورج‭ ‬كينان‭. ‬يجب‭ ‬ألا‭ ‬تخاف‭ ‬القوى‭ ‬الواثقة‭ ‬من‭ ‬نفسها‭ ‬من‭ ‬التحدث‭ ‬مع‭ ‬بعضها‭ ‬البعض‭. ‬ينطبق‭ ‬الأمر‭ ‬على‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬والصين‭. ‬

كورييه‭ ‬انترناشيول

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا