العدد : ١٧٠٤٨ - الاثنين ٢٥ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٣ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٨ - الاثنين ٢٥ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٣ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العقاري

النهضة العقارية: السلطة التقديرية والعقارات والمترو

بقلم: جاسم الموسوي  الرئيس التنفيذي لمجموعة الفاتح 

الأربعاء ١٢ أبريل ٢٠٢٣ - 02:00

نطرح‭ ‬اليوم‭ ‬موضوع‭ ‬المترو‭ ‬والسلطة‭ ‬التقديرية،‭ ‬وكلاهما‭ ‬متصل‭ ‬بتطوير‭ ‬التصانيف‭ ‬العقارية‭ ‬والبنية‭ ‬التحتية‭.‬

السلطة‭ ‬التقديرية‭ ‬ببساطة‭ ‬هي‭ ‬حرية‭ ‬الإدارة‭ ‬في‭ ‬اتخاذ‭ ‬قرار‭ ‬بتصرفات‭ ‬قانونية،‭ ‬بحيث‭ ‬تكون‭ ‬الإدارة‭ ‬والإرادة‭ ‬متاحة‭ ‬للمدير‭ ‬أو‭ ‬المسؤول‭ ‬لاتخاذ‭ ‬القرار‭ ‬المناسب‭ ‬وفقاً‭ ‬للظروف‭ ‬والمعطيات‭ ‬المختلفة‭. ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬ينطبق‭ ‬على‭ ‬القطاع‭ ‬العقاري‭ ‬أيضا،‭ ‬بحيث‭ ‬يمتلك‭ ‬المسؤول‭ ‬حرية‭ ‬اتخاذ‭ ‬القرار‭ ‬الذي‭ ‬يراه‭ ‬مناسباً‭ ‬وملائماً‭ ‬لوضعية‭ ‬العقار‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬الحجم‭ ‬او‭ ‬التصنيف‭ ‬من‭ ‬اللوائح‭ ‬التنفيذية‭ ‬والتشريعية‭ ‬والقانونية‭.‬‮ ‬

وبمعنى‭ ‬آخر‭ ‬يمكن‭ ‬القول‭ ‬بأن‭ ‬الإدارة‭ ‬التنفيذية‭ ‬تتمتع‭ ‬بالسلطة‭ ‬التقديرية‭ ‬في‭ ‬الأحوال‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬يفرض‭ ‬عليها‭ ‬القانون‭ ‬قيودا‭ ‬مسبقة‭.‬‮ ‬

هنا‭ ‬نجد‭ ‬ان‭ ‬السلطة‭ ‬التقديرية‭ ‬للإدارة‭ ‬تقر‭ ‬بموجب‭ ‬التشريعات،‭ ‬وذلك‭ ‬بهدف‭ ‬ترك‭ ‬مساحة‭ ‬للرأي‭ ‬والتقدير‭ ‬الملائم‭ ‬مع‭ ‬الاستناد‭ ‬على‭ ‬اللوائح‭ ‬والقرارات‭ ‬والأنظمة‭ ‬والأمور‭ ‬التنظيمية‭ ‬اللازمة،‭ ‬بحسب‭ ‬ما‭ ‬تراه‭ ‬الادارة‭ ‬المعنية‭ ‬بالسلطة‭ ‬التقديرية‭. ‬وبالتالي‭ ‬يقتصر‭ ‬دور‭ ‬المشرع‭ ‬هنا‭ ‬على‭ ‬رسم‭ ‬البروتوكول‭ ‬أو‭ ‬الإطار‭ ‬العام،‭ ‬تاركاً‭ ‬للإدارة‭ ‬حرية‭ ‬الحركة‭ ‬داخل‭ ‬هذا‭ ‬الإطار‭. ‬

غير‭ ‬أنه‭ ‬يجب‭ ‬ألا‭ ‬يغيب‭ ‬عن‭ ‬البال‭ ‬أن‭ ‬الإدارة‭ ‬ليس‭ ‬لها‭ ‬مطلق‭ ‬الحرية‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬ممارستها‭ ‬للسلطة‭ ‬التقديرية،‭ ‬فهي‭ ‬في‭ ‬ممارستها‭ ‬لهذه‭ ‬السلطة‭ ‬تتقيد‭ ‬بمجموعة‭ ‬من‭ ‬القيود‭ ‬والحدود‭ ‬ولا‭ ‬تكون‭ ‬سلطة‭ ‬تحكمية،‭ ‬ومثال‭ ‬هذه‭ ‬السلطة‭ ‬منح‭ ‬القسيمة‭ ‬تصنيف‭ ‬سكني‭ (‬أ‭) ‬أو‭ ‬سكني‭ (‬ب‭)‬،‭ ‬او‭ ‬مشاريع‭ ‬ذات‭ ‬الطبيعة‭ ‬الخاصة‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬التصنيفات‭ ‬استنادا‭ ‬على‭ ‬دراسات‭ ‬الحركة‭ ‬المرورية‭ ‬والشوارع‭ ‬والمداخل‭ ‬والمخارج‭ ‬للمخططات‭ ‬العقارية‭. ‬وتبعاً‭ ‬لذلك‭ ‬هي‭ ‬غير‭ ‬ملزمة‭ ‬وفقاً‭ ‬لسلطتها‭ ‬التقديرية‭ ‬الهندسية‭ ‬وكما‭ ‬هو‭ ‬مفروض‭ ‬لمقتضيات‭ ‬المصلحة‭ ‬العامة‭ ‬وحسن‭ ‬سير‭ ‬العمل‭ ‬في‭ ‬الاستثمارات‭ ‬العقارية‭.‬

مسألة‭ ‬التقدير‭ ‬هذه‭ ‬تقودنا‭ ‬الى‭ ‬موضوع‭ ‬مهم‭ ‬يتعلق‭ ‬بالبنى‭ ‬التحتية‭ ‬اللوجستية‭ ‬في‭ ‬المملكة‭ ‬واهمية‭ ‬تقدير‭ ‬الاولويات‭. ‬فبسبب‭ ‬صغر‭ ‬المساحة‭ ‬الجغرافية‭ ‬للبحرين،‭ ‬وعدم‭ ‬توافر‭ -‬لغاية‭ ‬اليوم‭- ‬مشروع‭ ‬القطارات‭ (‬المترو‭) ‬المحلي‭ ‬نجد‭ ‬ان‭ ‬هناك‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬التحديات‭ ‬المتعلقة‭ ‬بالنقل‭ ‬والجانب‭ ‬اللوجستي،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬يجعلنا‭ ‬نأمل‭ ‬أن‭ ‬يرى‭ ‬مشروع‭ ‬المترو‭ ‬النور‭ ‬خلال‭ ‬السنوات‭ ‬القليلة‭ ‬القادمة‭ ‬بما‭ ‬يعزز‭ ‬من‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬اللوجستية‭. ‬ولكن‭ ‬هناك‭ ‬جانبا‭ ‬مهما‭ ‬مرتبطا‭ ‬بهذا‭ ‬المشروع‭ ‬وهو‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬أراضا‭ ‬ومخططات‭ ‬عديدة‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬ان‭ ‬تتحرر‭ ‬من‭ ‬قيود‭ ‬التصانيف‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تتجانس‭ ‬مع‭ ‬اللوائح‭ ‬أو‭ ‬طبيعة‭ ‬التصنيفات،‭ ‬لذلك‭ ‬نأمل‭ ‬من‭ ‬المعنيين‭ ‬اعادة‭ ‬النظر‭ ‬في‭ ‬اشتراطات‭ ‬التصنيفات‭ ‬بحيث‭ ‬تتجانس‭ ‬مع‭ ‬تحسين‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬اللوجستية‭ ‬وتعزيز‭ ‬ثقافة‭ ‬استخدام‭ ‬الباصات‭ ‬والمترو‭ ‬وايجاد‭ ‬العروض‭ ‬المغرية‭ ‬لذلك‭. ‬

وبالتالي‭ ‬يمكن‭ ‬القول‭ ‬بأنه‭ ‬من‭ ‬الضروري‭ ‬ان‭ ‬يكون‭ ‬لمشروع‭ ‬المترو‭ ‬انعكاساته‭ ‬على‭ ‬التصنيفات‭ ‬العقارية‭ ‬من‭ ‬جانب،‭ ‬وعلى‭ ‬قطاع‭ ‬المواصلات‭ ‬وصحة‭ ‬الانسان‭ ‬عبر‭ ‬تقليل‭ ‬انبعاث‭ ‬الكربونات‭ ‬بالجو‭ ‬وتوفير‭ ‬وسائل‭ ‬مواصلات‭ ‬عامة‭ ‬مريحة‭ ‬وتخفيف‭ ‬الازدحامات‭ ‬والاختناقات‭ ‬المرورية‭ ‬التي‭ ‬هي‭ ‬في‭ ‬تفاقم‭ ‬واضح‭ ‬ويومي‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬اخر‭. ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬يدفعنا‭ ‬الى‭ ‬التركيز‭ ‬على‭ ‬المشكلة‭ ‬الأساسية‭ ‬وهي‭ ‬الاختناقات‭ ‬المرورية‭ ‬التي‭ ‬تتطلب‭ ‬اعادة‭ ‬النظر‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬النواحي‭ ‬التنظيمية‭ ‬والتشريعية‭ ‬والهندسية‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬المعنيين‭ ‬والمشرعين‭ ‬استنادا‭ ‬الى‭ ‬دراسة‭ ‬المشكلة‭ ‬وتراكم‭ ‬السيارات‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الشوارع‭ ‬الرئيسية‭ ‬بالمملكة‭ ‬نتيجة‭ ‬الزيادة‭ ‬السنوية‭ ‬في‭ ‬عدد‭ ‬المركبات‭ ‬واصدار‭ ‬رخص‭ ‬السواقة‭. ‬ويمكن‭ ‬هنا‭ ‬الاستشهاد‭ ‬بإحدى‭ ‬الدول‭ ‬الخليجية‭ ‬الشقيقة‭ ‬التي‭ ‬اصدرت‭ ‬منذ‭ ‬ايام‭ ‬قرارا‭ ‬تنظيميا‭ ‬بسحب‭ ‬رخص‭ ‬السواق‭ ‬الاجانب‭ ‬ووضعت‭ ‬شروطا‭ ‬جديدة‭ ‬لمعالجة‭ ‬أزمة‭ ‬الازدحامات‭ ‬المرورية‭.‬

ولكن‭ ‬هناك‭ ‬جانبا‭ ‬آخر‭ ‬لا‭ ‬يقل‭ ‬أهمية‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يمكنني‭ ‬تسميته‭ ‬بـ‭(‬البرجوازية‭) ‬لدى‭ ‬البعض‭ ‬ممن‭ ‬يتعالون‭ ‬على‭ ‬استخدام‭ ‬وسائل‭ ‬النقل‭ ‬العام‭ ‬مثل‭ ‬المترو‭ ‬والباصات‭. ‬الغريب‭ ‬في‭ ‬الامر‭ ‬ان‭ ‬هؤلاء‭ ‬أنفسهم‭ ‬عندما‭ ‬يسافرون‭ ‬الى‭ ‬الخارج‭ ‬فإنهم‭ ‬يتباهون‭ ‬بالتصوير‭ ‬مع‭ ‬الباصات‭ ‬الحمراء‭ ‬ذات‭ ‬الطابقين،‭ ‬او‭ ‬في‭ ‬المترو،‭ ‬بل‭ ‬يجدون‭ ‬متعة‭ ‬في‭ ‬استخدام‭ ‬وسائل‭ ‬النقل‭ ‬تلك‭ ‬ويقرون‭ ‬بما‭ ‬تتميز‭ ‬به‭ ‬من‭ ‬سرعة‭ ‬الوصول‭ ‬وسلاسة‭ ‬التنقل‭ ‬وعدم‭ ‬الحاجة‭ ‬إلى‭ ‬ايجاد‭ ‬موقف‭ ‬للسيارة‭ ‬أوتعبئة‭ ‬البنزين،‭ ‬ويمتدحون‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬للمواصلات‭ ‬العامة‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬المدن،‭ ‬ولكن‭ ‬عندما‭ ‬يعود‭ ‬الأمر‭ ‬الى‭ ‬الوطن‭ ‬نجد‭ ‬أن‭ ‬النظرة‭ ‬مختلفة‭ ‬تماما،‭ ‬إلى‭ ‬درجة‭ ‬ان‭ ‬الواحد‭ ‬منهم‭ ‬قد‭ ‬يفضل‭ ‬التأخر‭ ‬فترات‭ ‬طويلة‭ ‬في‭ ‬الاختناقات‭ ‬المرورية‭ ‬على‭ ‬استخدام‭ ‬المواصلات‭ ‬العامة،‭ ‬بسبب‭ ‬ثقافة‭ ‬العيب‭ ‬و‭(‬البرستيج‭).‬‮ ‬

على‭ ‬المستوى‭ ‬الرسمي‭ ‬هناك‭ ‬جهود‭ ‬كبيرة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الجانب،‭ ‬فمثلا‭ ‬قامت‭ ‬وزارة‭ ‬المواصلات‭ ‬والاتصالات‭ ‬بطرح‭ ‬مناقصة‭ ‬التأهيل‭ ‬المسبق‭ ‬للمطورين‭ ‬المنفذين‭ ‬للمرحلة‭ ‬الاولى‭ ‬من‭ ‬مشروع‭ ‬المترو،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬يجعل‭ ‬المملكة‭ ‬اليوم‭ ‬أمام‭ ‬حدث‭ ‬مهم‭ ‬في‭ ‬التطوير‭ ‬والتنمية‭ ‬وازدهار‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭. ‬ونأمل‭ ‬ان‭ ‬يرافق‭ ‬ذلك‭ ‬وعي‭ ‬كاف‭ ‬لدى‭ ‬المواطنين‭ ‬والمقيمين‭ ‬بأهمية‭ ‬دعم‭ ‬هذه‭ ‬الجهود‭ ‬وتحقيق‭ ‬الأهداف‭ ‬المنشودة‭ ‬منها‭.‬

 

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا