برلين - (أ ف ب): بدأت حركة إضراب واسعة تشلّ قطاع النقل في ألمانيا أمس الاثنين في وقت تطالب النقابات العمّالية برفع الأجور في مواجهة التضخّم. وأدّى ارتفاع الأسعار إلى تعقيد مفاوضات الأجور في أكبر اقتصاد في أوروبا. وتندرج هذه الحركة في إطار توتر اجتماعي متزايد في أكبر اقتصاد أوروبي حيث نظمت عدة إضرابات منذ مطلع العام في مختلف القطاعات شملت مدارس ومستشفيات، مرورًا بالبريد وإدارات محلية.
وتعيّن على مستخدمي وسائل النقل التحلي بالصبر أمس الاثنين في جميع أنحاء البلاد، مع إضراب العاملين في المطارات والسكك الحديد والنقل البحري وشركات الطرق السريعة والنقل المحلي. حذر فريدي شوارتز، وهو موظف في مطار ميونيخ، بحسب وكالة فرانس برس: «نحن مستعدون لإضرابات أخرى. لقد بدأنا ولن نتوقف».
وقال جورج باشماير، الموظف في المكتب الفدرالي للممرات المائية والملاحة، إنه انضم إلى الحراك لأنه «لم يعد لدينا ما يكفي للعيش»، مشيراً إلى أن «تكاليف التدفئة باهظة، كما هو حال الوقود، علينا التريث في كل مرة نذهب للتسوق». ارتفعت الأسعار في ألمانيا بشكل كبير منذ أكثر من سنة مع تضخم بلغت نسبته 8,7% في فبراير. وتندرج ألمانيا ضمن فئة الدول التي تشهد أعلى معدل تضخم في الاتحاد الأوروبي.
تمثل نقابة (إي في جي) نحو 230 ألف موظف في شركات السكك الحديد فيما تدافع نقابة (فيردي) عن 2,5 مليون موظف في الخدمات العامة. وتطالب النقابات بزيادة في الرواتب بأكثر من 10%.
تقترح الدولة والبلديات زيادة بنسبة 5% مع دفعتين وحيدتين بقيمة ألف و1500 يورو على التوالي في مايو 2023 ويناير 2024. ورحب رئيس (فيردي) بحصول تعبئة واسعة، بالقول: «إنه أكبر إقبال على إضراب منذ سنوات».
وأشارت لوحات توقيت الرحلات في محطة قطار فريدريش شتراسه إلى الغاء رحلات وتأخير أخرى.
ويتفهم العديد من المستخدمين القيام بالإضراب بينما يشعر آخرون بالغضب. وتقول ستيفي ويسر، وهي أمينة صندوق في متجر تبلغ 46 عاماً إنه «أمر جيد جداً، يجب مراعاة العمل الهائل الذي ينجزه المضربون عن العمل». وأكدت أنجيليكا كوخ، وهي متقاعدة تبلغ 65 عاماً، أنها أيضاً «تكسب القليل من المال، لكنّ الإضراب عبارة عن دوامة لا نهاية لها، ولا تعود بالفائدة».
وندّد اتحاد المطارات الألمانية باستراتيجية «تصعيد الإضرابات عملًا بنموذج فرنسا» حيث تتوالى أيام التعبئة ضدّ إصلاح نظام التقاعد. وباتت ألمانيا بيئة مؤاتية أكثر من قبل للتحركات الاجتماعية مع ابتعادها عن ثقافة التوافق التي كانت تعرف بها. وأوضح كارل برينكه الخبير في المعهد الاقتصادي «دي آيه دبليو» ردًا على أسئلة وكالة فرانس برس أنّ «ألمانيا شهدت في السنوات العشر الأخيرة إضرابات أكثر منها خلال العقود السابقة».
ويعاني البلد، الذي يسجّل مستوى بطالة منخفضًا منذ نهاية العقد الأول من القرن الحالي، من نقص في اليد العاملة يضع النقابات «في موقع قوة» في المفاوضات، بحسب برينكه. ومنذ منتصف العقد الثاني من القرن الحالي، تمكّنت النقابات من فرض زيادات في أجور العمّال، بعد عقد تميّز بسياسة الاعتدال في الأجور في عهد المستشار الأسبق غيرهارد شرودر، تحت شعار التنافسية.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك