إدلب – (أ ف ب): تظاهر بضعة آلاف من السوريين أمس الأربعاء في مدينة إدلب في شمال غرب البلاد، في ذكرى مرور 12 عاماً على انطلاق احتجاجات سلمية طالبت بإسقاط النظام قبل تحولها نزاعاً دامياً، مؤكدين رفضهم أي «تطبيع» مع دمشق. وفيما يجري الرئيس بشار الأسد أمس الأربعاء محادثات رسمية في موسكو ويستفيد نظامه من تضامن عربي واسع أعقب زلزالاً مدمراً ضرب البلاد وتركيا المجاورة الشهر الماضي، يدخل النزاع عامه الثالث عشر، مثقلاً بحصيلة قتلى تجاوزت نصف المليون وعشرات آلاف المفقودين والنازحين وسط احتياجات إنسانية هائلة.
وفي مدينة إدلب، إحدى المدن الرئيسية التي لا تزال خارجة عن سيطرة القوات الحكومية، توافد مئات السوريين تباعاً، من صغار وكبار، الى ساحة رئيسية، حاملين رايات المعارضة السورية. ورُفعت على واجهة مبنى مشرف على ساحة التظاهر لافتتان، جاء في الأولى بالعربية «الشعب يريد إسقاط النظام» بينما كتب على الثانية بالإنجليزية «الحرية والكرامة لجميع السوريين».
وقال متظاهر قدّم نفسه باسم أبو شهيد (27 عاماً) لوكالة فرانس برس: «جئنا نحيي ذكرى الثورة، هذه الذكرى العظيمة على قلب كل سوري حر»، مضيفاً: «نفتخر بهذا اليوم الذي تمكنا فيه من أن نكسر حاجز الخوف ونخرج في وجه النظام المجرم». وبدءاً من منتصف مارس 2011، خرج عشرات آلاف السوريين في تظاهرات مستوحاة من «ثورات الربيع العربي» مطالبين بإسقاط نظام الأسد، لكنها سرعان ما تحولت إلى نزاع دام تنوعت أطرافه والجهات الداعمة لها. وباتت سوريا ساحة لقوات روسية وأمريكية وتركية ومقاتلين إيرانيين.
ويأتي إحياء ذكرى الانتفاضة هذا العام بعد أكثر من شهر على زلزال مدمر ضرب سوريا وتسبّب بمقتل نحو ستة آلاف شخص في أنحاء البلاد، معمقاً من معاناة السكان، بعد سنوات الحرب التي تسبّبت بدمار البنى التحتية واستنزاف الاقتصاد. وفاقم الزلزال ظروف السكان المعيشية والاقتصادية سوءاً، ما رتّب عبئاً إضافياً على المنظمات الدولية الإنسانية التي تستجيب للأزمة السورية وكانت تعاني أساساً من نقص التمويل.
ونبّهت المديرة الإقليمية لبرنامج الأغذية العالمي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا كورين فلايشر في تصريحات لصحفيين في دبي أمس الأربعاء إلى أنه «ما لم نحصل على تمويل إضافي فسنضطر إلى قطع (المساعدات) عن 3.8 ملايين شخص من إجمالي ثمانية ملايين بحلول يوليو». وقالت إن الاحتياجات الغذائية في أعلى مستوياتها منذ اندلاع النزاع، مع وجود 12.9 مليون شخص يعانون حالياً من انعدام الأمن الغذائي، لافتة الى حاجة البرنامج الى 700 مليون دولار حتى نهاية العام.
وحذّرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) أمس الأربعاء من أن 12 عاماً من النزاع والزلازل المميتة الأخيرة تركت ملايين الأطفال في خطر متزايد من الإصابة بسوء التغذية. وقالت إنها تحتاج إلى 172.7 مليون دولار من أجل المساعدات الفورية المنقذة للحياة لـ5.4 ملايين شخص تضرروا من الزلزال قرابة نصفهم أطفال.
وتلقى الأسد إثر الزلزال سيلاً من الاتصالات المتضامنة من قادة وملوك ورؤساء عرب واستقبل موفدين أمميين. وهبطت عشرات الطائرات المحملة بالمساعدات، جاء العدد الأكبر منها من الإمارات التي تقود جهود الإغاثة الاقليمية. ويرى محللون أن الأسد قد يجد في التضامن الواسع معه «فرصة» لتسريع تطبيع علاقاته مع محيطه الإقليمي، وهو هدف تعمل داعمته موسكو على تحقيقه منذ سنوات. وغداة وصوله إلى موسكو، التقى الأسد أمس الأربعاء نظيره الروسي فلاديمير بوتين، ولعبت روسيا بتدخلها العسكري المباشر منذ 2015 الدور الأبرز في ترجيح الكفة لصالح قوات النظام بعدما خسرت مناطق واسعة خلال سنوات الحرب الأولى.
وتثير مساعي إعادة «تعويم» نظام الأسد وتطبيع العلاقات معه غضب معارضيه. وعلى هامش مشاركتها في التظاهرة، أكدت النازحة من دمشق سلمى سيف (38 عاماً) لفرانس برس: «لو طبّعت دول العالم كلها مع النظام، نحن مستمرون والثورة مستمرة». وعلى بعد أمتار منها، قال علي حاج سليمان (24 عاماً) المقعد جراء إصابة بقصف جوي للنظام قبل سنوات: «أنا ضد التسوية مع نظام مجرم»، متسائلاً: «كيف أساوم من كان السبب في جلوسي على كرسي؟ لا أساومه ولا أساوم كل من يطبّع معه».
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك