العدد : ١٦٨٠٦ - الخميس ٢٨ مارس ٢٠٢٤ م، الموافق ١٨ رمضان ١٤٤٥هـ

العدد : ١٦٨٠٦ - الخميس ٢٨ مارس ٢٠٢٤ م، الموافق ١٨ رمضان ١٤٤٥هـ

مقالات

تمويل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة

بقلم: د. غنية الدرازي

الثلاثاء ٠٧ مارس ٢٠٢٣ - 02:00

لقد‭ ‬قمت‭ ‬مؤخرا‭ ‬بإعداد‭ ‬دراسة‭ ‬عن‭ ‬العقبات‭ ‬التي‭ ‬تواجه‭ ‬الشركات‭ ‬الصغيرة‭ ‬والمتوسطة‭ ‬في‭ ‬المنطقة،‭ ‬وتوافقاً‭ ‬مع‭ ‬معظم‭ ‬الدراسات‭ ‬التي‭ ‬أعدت‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجال،‭ ‬لقد‭ ‬أسفرت‭ ‬الدراسة‭ ‬عن‭ ‬الكشف‭ ‬عن‭ ‬عدة‭ ‬عقبات‭ ‬رئيسية‭ ‬تواجه‭ ‬المؤسسات‭ ‬الصغيرة‭ ‬والمتوسطة‭ ‬وتحد‭ ‬من‭ ‬نموها،‭ ‬وأهم‭ ‬هذه‭ ‬العقبات‭ ‬هي‭ ‬نقص‭ ‬التمويل‭. ‬

نسبة‭ ‬إلى‭ ‬مؤسسة‭ ‬التمويل‭ ‬الدولية‭ ‬أن‭ ‬40‭%‬‭ ‬من‭ ‬الشركات‭ ‬الصغيرة‭ ‬والمتوسطة‭ ‬في‭ ‬البلدان‭ ‬النامية‭ ‬لديها‭ ‬متطلبات‭ ‬تمويل‭ ‬غير‭ ‬مستوفاة،‭ ‬ما‭ ‬عدا‭ ‬المؤسسات‭ ‬والجهات‭ ‬الحكومية‭ ‬مثل‭ ‬بنوك‭ ‬التنمية‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬المؤسسات‭ ‬التي‭ ‬تنشئها‭ ‬الحكومات‭ ‬بغرض‭ ‬دعم‭ ‬الشركات‭ ‬الصغيرة‭ ‬والمتوسطة،‭ ‬عادة‭ ‬ما‭ ‬تتبع‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المؤسسات‭ ‬المصرفية‭ ‬نهجا‭ ‬متحفظا‭ ‬عند‭ ‬مراجعة‭ ‬طلبات‭ ‬التمويل‭ ‬المقدمة‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬المؤسسات‭ ‬الصغيرة‭ ‬والمتوسطة‭. ‬مثلاً‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الخليج‭ ‬يبلغ‭ ‬معدل‭ ‬رفض‭ ‬طلبات‭ ‬التمويل‭ ‬التي‭ ‬تتقدم‭ ‬بها‭ ‬الشركات‭ ‬الصغيرة‭ ‬والمتوسطة‭ ‬تقريباً‭ ‬من‭ ‬50‭%‬‭ ‬إلى‭ ‬70‭%‬،‭ ‬مما‭ ‬يحد‭ ‬من‭ ‬نمو‭ ‬القطاع،‭ ‬وبالتالي‭ ‬نمو‭ ‬الاقتصاد‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬ككل‭. ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المقال‭ ‬سوف‭ ‬نستعرض‭ ‬أهم‭ ‬الأسباب‭ ‬التي‭ ‬تقلل‭ ‬من‭ ‬فرص‭ ‬الشركات‭ ‬الصغيرة‭ ‬والمتوسطة‭ ‬في‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬التمويل‭ ‬اللازم‭ ‬التي‭ ‬أسفرت‭ ‬عنها‭ ‬الدراسة،‭ ‬ليستفيد‭ ‬منها‭ ‬أصحاب‭ ‬المؤسسات‭. ‬

يرجع‭ ‬ارتفاع‭ ‬معدل‭ ‬رفض‭ ‬طلبات‭ ‬التمويل‭ ‬التي‭ ‬تتقدم‭ ‬بها‭ ‬المؤسسات‭ ‬الصغيرة‭ ‬والمتوسطة‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬المؤسسات‭ ‬المصرفية‭ ‬لعدة‭ ‬أسباب،‭ ‬بعضها‭ ‬خاضعة‭ ‬تحت‭ ‬سيطرة‭ ‬المؤسسات‭ ‬المقترضة‭ ‬والبعض‭ ‬الآخر‭ ‬خارجة‭ ‬عن‭ ‬سيطرتها‭. ‬من‭ ‬أهم‭ ‬أسباب‭ ‬رفض‭ ‬التمويل‭ ‬والتي‭ ‬تقع‭ ‬ضمن‭ ‬سيطرة‭ ‬المؤسسات‭ ‬المقترضة‭ ‬عدم‭ ‬اعداد‭ ‬العديد‭ ‬منها‭ ‬التقارير‭ ‬المالية‭ ‬اللازمة،‭ ‬والذي‭ ‬عادة‭ ‬ما‭ ‬تعتمد‭ ‬عليها‭ ‬المؤسسات‭ ‬المصرفية‭ ‬في‭ ‬إعداد‭ ‬تقييمها‭ ‬لطلبات‭ ‬التسهيلات‭ ‬الائتمانية،‭ ‬بالإضافة،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الشركات‭ ‬الصغيرة‭ ‬والمتوسطة‭ ‬غالباً‭ ‬لا‭ ‬تملك‭ ‬أصول‭ ‬عالية‭ ‬القيمة‭ ‬تستطيع‭ ‬أن‭ ‬ترهنها‭ ‬مقابل‭ ‬التمويل‭. ‬كما‭ ‬تعاني‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬المؤسسات‭ ‬من‭ ‬نقص‭ ‬في‭ ‬الكفاءات‭ ‬الإدارية‭ ‬المطلوبة‭ ‬للرد‭ ‬على‭ ‬استفسارات‭ ‬المؤسسات‭ ‬المصرفية‭ ‬المتعلقة‭ ‬بالائتمان‭. ‬كذلك‭ ‬في‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الأحيان‭ ‬لا‭ ‬يفصل‭ ‬أصحاب‭ ‬المؤسسات‭ ‬الصغيرة‭ ‬بين‭ ‬الشؤون‭ ‬المالية‭ ‬التجارية‭ ‬والشخصية،‭ ‬وقد‭ ‬تستخدم‭ ‬الأموال‭ ‬المقترضة‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الشركة‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تمويل‭ ‬الشؤون‭ ‬الشخصية‭ ‬أو‭ ‬بغرض‭ ‬المضاربة،‭ ‬مما‭ ‬يرفع‭ ‬نسبة‭ ‬التخلف‭ ‬عن‭ ‬السداد‭.‬

بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬الأسباب‭ ‬سالفة‭ ‬الذكر،‭ ‬يرجع‭ ‬نقص‭ ‬التمويل‭ ‬التي‭ ‬تعاني‭ ‬منه‭ ‬المؤسسات‭ ‬الصغيرة‭ ‬والمتوسطة‭ ‬الى‭ ‬أسباب‭ ‬خارجة‭ ‬عن‭ ‬سيطرتها،‭ ‬وتتعلق‭ ‬بالبنية‭ ‬التحتية‭ ‬للمؤسسات‭ ‬المصرفية‭ ‬أو‭ ‬البلد،‭ ‬مثلاً‭ ‬لا‭ ‬تملك‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المؤسسات‭ ‬المصرفية‭ ‬الهيكل‭ ‬الإداري‭ ‬أو‭ ‬التشغيلي‭ ‬اللازمين‭ ‬لتلبية‭ ‬احتياجات‭ ‬الشركات‭ ‬الصغيرة‭ ‬والمتوسطة‭ ‬المصرفية‭. ‬إن‭ ‬عملية‭ ‬إقراض‭ ‬هذه‭ ‬الشركات‭ ‬يتطلب‭ ‬نشاطاً‭ ‬مكثفاً‭ ‬وقوة‭ ‬عاملة‭ ‬كبيرة،‭ ‬ومع‭ ‬ذلك‭ ‬لا‭ ‬تمتلك‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المؤسسات‭ ‬المصرفية‭ ‬القوة‭ ‬العاملة‭ ‬والجهاز‭ ‬الفني‭ ‬القادر‭ ‬على‭ ‬فهم‭ ‬احتياجات‭ ‬القطاع‭ ‬المصرفية‭ ‬وتوفيرها،‭ ‬وخصوصاً‭ ‬أن‭ ‬معظم‭ ‬تكاليف‭ ‬التشغيل‭ ‬لدى‭ ‬المؤسسات‭ ‬المصرفية‭ (‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬تكاليف‭ ‬جمع‭ ‬المعلومات‭ ‬وتحليلها‭) ‬هي‭ ‬نفسها‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬المعاملات‭ ‬الكبيرة‭ ‬والصغيرة،‭ ‬مما‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬تضخم‭ ‬تكلفة‭ ‬تمويل‭ ‬القطاع‭. ‬

كذلك‭ ‬تعد‭ ‬المؤسسات‭ ‬المصرفية‭ ‬المؤسسات‭ ‬الصغيرة‭ ‬والمتوسطة‭ ‬مؤسسات‭ ‬عالية‭ ‬المخاطر‭ ‬وخصوصاً‭ ‬أن‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المؤسسات‭ ‬الناشئة‭ ‬تخرج‭ ‬من‭ ‬سوق‭ ‬العمل‭ ‬في‭ ‬فترة‭ ‬زمنية‭ ‬تتراوح‭ ‬بين‭ ‬خمس‭ ‬الى‭ ‬سبع‭ ‬سنوات،‭ ‬لذلك‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬الموافقة‭ ‬على‭ ‬الإقراض‭ ‬تقوم‭ ‬المؤسسات‭ ‬المصرفية‭ ‬باحتساب‭ ‬أسعار‭ ‬فوائد‭ ‬عالية‭ ‬تتماشى‭ ‬مع‭ ‬هذا‭ ‬النوع‭ ‬من‭ ‬المخاطر،‭ ‬مما‭ ‬يثقل‭ ‬العملية‭ ‬التشغيلية‭ ‬للمؤسسة،‭ ‬ويزيد‭ ‬من‭ ‬سرعة‭ ‬خروجها‭ ‬من‭ ‬سوق‭ ‬العمل‭. ‬

بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬المنطقة‭ ‬لا‭ ‬تتوافر‭ ‬بها‭ ‬مكاتب‭ ‬ائتمان‭ ‬مختصة‭ ‬بالمؤسسات‭ ‬الصغيرة‭ ‬والمتوسطة،‭ ‬والتي‭ ‬عادة‭ ‬ما‭ ‬توفر‭ ‬معلومات‭ ‬عن‭ ‬السجل‭ ‬الائتماني‭ ‬للمقترض‭ ‬والتزاماته‭ ‬المالية،‭ ‬وتعكس‭ ‬قدرته‭ ‬على‭ ‬السداد،‭ ‬ما‭ ‬يزيد‭ ‬من‭ ‬صعوبة‭ ‬إعداد‭ ‬التحاليل‭ ‬الائتمانية‭ ‬اللازمة‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬المؤسسات‭ ‬المصرفية،‭ ‬وبالتالي‭ ‬يقلل‭ ‬من‭ ‬نسبة‭ ‬حصول‭ ‬الشركات‭ ‬الصغيرة‭ ‬والمتوسطة‭ ‬على‭ ‬التمويل‭.‬

كعادة‭ ‬البحرين‭ ‬السباقة‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬التنمية،‭ ‬لقد‭ ‬حرصت‭ ‬عند‭ ‬إطلاق‭ ‬استراتيجيتها‭ ‬للقطاع‭ ‬المالي‭ ‬على‭ ‬تضمينها‭ ‬مؤشر‭ ‬أداء‭ ‬يهدف‭ ‬إلى‭ ‬زيادة‭ ‬حصة‭ ‬تمويل‭ ‬المشاريع‭ ‬الصغيرة‭ ‬والمتوسطة‭ ‬لتصل‭ ‬إلى‭ ‬20‭%‬‭ ‬من‭ ‬محفظة‭ ‬تمويل‭ ‬بنوك‭ ‬التجزئة‭ ‬بنهاية‭ ‬عام‭ ‬2025‭. ‬هذه‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬خطوة‭ ‬في‭ ‬الاتجاه‭ ‬الصحيح،‭ ‬ونتطلع‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬بشارة‭ ‬خير‭ ‬لقطاع‭ ‬الشركات‭ ‬الصغيرة‭ ‬والمتوسطة،‭ ‬وخصوصاً‭ ‬بعد‭ ‬أزمة‭ ‬كورونا،‭ ‬والتي‭ ‬أثرت‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬نمو‭ ‬القطاع،‭ ‬ونتمنى‭ ‬أن‭ ‬تحذو‭ ‬دول‭ ‬المنطقة‭ ‬الأخرى‭ ‬حذو‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭. ‬نسبة‭ ‬إلى‭ ‬إحصائيات‭ ‬صندوق‭ ‬النقد‭ ‬الدولي،‭ ‬حصول‭ ‬المؤسسات‭ ‬الصغيرة‭ ‬والمتوسطة‭ ‬على‭ ‬التمويل‭ ‬اللازم‭ ‬قد‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬تعزيز‭ ‬النمو‭ ‬بنسبة‭ ‬تصل‭ ‬إلى‭ ‬1‭%‬‭ ‬سنوياً،‭ ‬ويخلق‭ ‬ما‭ ‬يصل‭ ‬إلى‭ ‬8‭ ‬ملايين‭ ‬فرصة‭ ‬عمل‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬العربي‭ ‬بحلول‭ ‬عام‭ ‬2025،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬نصبو‭ ‬إليه‭ ‬جميعا‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا