خلال فترة رئاسة دونالد ترامب، أحصت صحيفة واشنطن بوست في النهاية 30573 «ادعاءً كاذبًا أو مضللًا» في أربع سنوات. لقد واصلت الصحيفة هذا العمل في عهد الرئيس جو بايدن، ووجدت أنه يكذب دون حياء أيضا، وإن كان ذلك بأقل قدر من الأكاذيب.
تقوم محطة فوكس نيوز بأداء نسختها الخاصة من هذه الخدمة العامة من خلال إحصاء ما تسميه زلات وقع فيها الرئيس الديمقراطي جو بايدن، وتتبع اللحظات التي ينسى فيها بايدن اسم أحد السياسيين، أو يشير إلى نائب الرئيس كامالا هاريس كرئيس وليس نائب الرئيس أو يتعثر في غابة من الأرقام.
يثير نهج محطة فوكس نيوز بعض الأسئلة المعرفية: لماذا كانت التحريفات زائفة، وليست أكاذيب، عندما قال بايدن إن ولاية ديلاوير التي ينحدر منها لا يوجد بها ديوك رومي، وإنما لديها أكبر عدد من الدجاج في البلاد – وقد اتضح أن ما قاله جو بايدن غير حقيقي.
إنصافًا لمحطة فوكس نيوز، فإن النص المكتوب سلفا ليس دليلاً لهذا الرئيس ضد الزلات: في خطابه عن حالة الاتحاد، في السابع من فبراير، قام بايدن بتخفيض رتبة تشاك شومر، زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ، إلى الأقلية، من بين زلات أخرى ونكات محيرة.
قد يذهب في الاعتقاد أن محطة فوكس نيوز، في إحصاء دجاجاتها، كانت تتسامح بسبب تقدم بايدن في السن. أما إذا كان الشخص غير متسامح وموغل في القسوة، فإنه قد يتعمد الزيادة في عدد الزلات - لنفس السبب.
وبالفعل، في شهر نوفمبر الماضي، أبدت محطة فوكس نيوز «خيبة أملها» لأن عدد الزلات التي وقع فيها الرئيس جو بايدن لم يتجاوز الإحدى عشرة زلة خلال شهر واحد، بما في ذلك أكذوبة أكبر نوعين من الطيور.
إن الزلة هي أكثر خطورة من كذبة بايدن؛ لأنها تتلاعب بفكرة مفادها بأنه، في الثمانين من العمر، أكبر من أن يتحمل أعباء الوظيفة كرئيس للولايات المتحدة الأمريكية. أظهرت استطلاعات الرأي أن 23% فقط من الأمريكيين يقولون إن لديهم «قدرًا كبيرًا» من الثقة في أن جو بايدن يستطيع إدارة شؤون البيت الأبيض، وفقًا لسبر آراء أجرته وكالة أسوشيتيد برس ومركز نورك لأبحاث الشؤون العامة، بعد أن كانت هذه النسبة في حدود 44% عندما تولى منصبه.
بل إن معظم الديمقراطيين لا يريدون لجو بايدن أن يرشح نفسه مرة أخرى، رغم أنه من الواضح أنه يرغب في ذلك. ربما تتغذي هذه الآراء القاسية، وتتعزز من الاعتقاد السائد بأن جو بايدن لم ينجز الكثير. أظهر استطلاع حديث أجرته صحيفة «واشنطن بوست» و«إي بي سي» أن 62% يعتقدون أنه قد أنجز «ليس كثيرًا» أو «القليل» أو «لا شيء».
اغتنم جو بايدن خطاب حالة الاتحاد باعتباره أفضل فرصة له لإثبات تقدمه في مواجهة بعض أكبر مشاكل أمريكا الطويلة الأجل: وقد ركز على وجه الخصوص خطابه على قضايا المناخ والبنية التحتية والأمن القومي.
أشار جو بايدن إلى النجاحات المنسية مثل طرح لقاحات ضد كوفيد -19 وأخرى لا تحظى بالتقدير مثل الحفاظ على الدعم الدولي لأوكرانيا. قال بايدن: «نبني اقتصاداً لا يترك فيه أحد وراء الركب... الوظائف تعود، الكبرياء والهيبة يعودان بفضل الخيارات التي اتخذناها في السنوات العديدة الماضية».
ومع ذلك، فإن الوقت يعمل ضد هذا الرئيس الحالي جو بايدن بأكثر من طريقة: لن يشعر الأمريكيون بفوائد إنجازاته التشريعية الأكثر أهمية لسنوات قادمة.
قد يفسر هذا السبب في أن الأغلبية وفق نتائج استطلاع (واشنطن بوست / ABC)، لم تنسب له الفضل حتى في إحرازه أي تقدم في البنية التحتية، على الرغم من إقناع الأغلبية من الحزبين في الكونغرس بالاستثمار في الطرق والجسور ومحطات شحن السيارات الكهربائية، إضافة إلى معظم الضوابط الجديدة على أسعار الأدوية التي تستلزم وصفة طبية، والتي وضعها الكونجرس العام الماضي، وهو الهدف الذي ظل الديمقراطيون يسعون لتحقيقه على مدى أكثر من 20 عامًا، لن يشعر الأمريكيون بأهمية هذه الضوابط حتى عام 2026 على الأقل.
في تطور يبعث على الأمل، أوقف الجمهوريون في مجلس النواب خطة لتمرير قرار قبل خطاب بايدن ينتقده لأنه لم يتحرك بشكل أسرع لإسقاط منطاد صيني عبر أمريكا، وجمع المعلومات الاستخباراتية على ما يبدو.
وبدلاً من ذلك، فإنهم يتابعون الآن قرارًا من الحزبين يستهدف الصين. وقال رئيس مجلس النواب الجمهوري الجديد كيفين مكارثي للصحفيين «أعتقد أن أعظم قوتنا هي عندما نتحدث بصوت واحد إلى الصين».
بينما كان بايدن يتحدث، كان وجود مكارثي على يساره، بدلاً من الديمقراطية نانسي بيلوسي، بمثابة تذكير بمدى تغير المجال السياسي. من المحتمل أن يكون ذلك لصالح بايدن إذا ترشح لإعادة انتخابه.
أما الجمهوريون فهم منقسمون حول السياسة الخارجية والداخلية، وبالنظر إلى أغلبيتهم الضيقة، فمع كيفن مكارثي سيجدون صعوبة كبيرة في فرض أجندة جمهورية متماسكة، ناهيك عن التعامل مع مطالب النواب الجمهوريين المتطرفين والموالين لدونالد ترامب.
إيكونوميست
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك