تبنّي حلول الذكاء الاصطناعي لرفع كفاءة عمليات السوق وتعزيز ثقة المستثمر
ناقش خبراء أسواق المال والتحول الرقمي في الجلسات المتخصصة ضمن فعاليات مؤتمر The Market 2.0، مستقبل القطاع في ضوء التطورات التكنولوجية المتسارعة، مؤكدين أن الذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية وتحليل البيانات الضخمة أصبحت اليوم العناصر الأكثر تأثيرًا في إعادة تشكيل البنية التشغيلية للأسواق المالية عالميًا. وقد تناولت الجلسة الدور المتنامي لهذه التقنيات في رفع كفاءة الأسواق، وتحسين جودة التداول، وجذب السيولة المحلية والدولية، فضلاً عن تعزيز الشفافية والقدرة على إدارة المخاطر.
وتركزت النقاشات على حقيقة أن أسواق المال تدخل مرحلة جديدة تتغير فيها قواعد المنافسة، حيث لم يعد التفوق مرتبطًا بحجم السوق أو قدم البنية التشريعية فحسب، بل بمدى جاهزية البورصات لتبنّي بنى رقمية مرنة وقابلة للتوسع، قادرة على تحليل البيانات الضخمة واستثمارها في الوقت الفعلي.
واعتبر المشاركون أن الذكاء الاصطناعي أصبح ركيزة أساسية في بناء أدوات تحليل متقدمة تمكّن المستثمرين من اتخاذ قراراتهم بسرعة وبدقة أعلى، وهو ما يعزز بدوره عمق السوق ويزيد من مستوى السيولة.
وفي الوقت ذاته، أبرزت الجلسة أهمية الحوسبة السحابية في تطوير البنية التحتية الرقمية لأسواق المال، كونها توفر بيئة تشغيل آمنة وقابلة للتوسع بتكلفة أقل من الأنظمة التقليدية، مما يتيح للبورصات إطلاق خدمات مبتكرة بسرعة وفعالية. وتمت الإشارة إلى أن انتقال البورصات والمؤسسات المالية إلى البنى السحابية أصبح أمرًا لا مفر منه، لما يقدّمه من مرونة في إدارة البيانات والتطبيقات وتطوير الأنظمة، إلى جانب قدرته على دعم النمو السريع في أحجام التداول وعدد المستخدمين.
كما تناولت الجلسة دور تحليل البيانات الضخمة في تشكيل أسواق أكثر نضجًا وفاعلية، حيث يتيح هذا المجال للبورصات والمستثمرين على حد سواء إمكانية التنبؤ بالاتجاهات وفهم سلوك السوق وتحديد أنماط التداول بدقة غير مسبوقة. وأكد المتحدثون أن البيانات أصبحت «نفط الأسواق الحديثة»، وأن قدرة المؤسسات على جمعها وتحليلها وتحويلها إلى معرفة قابلة للاستخدام ستكون العامل الفاصل في أداء الأسواق في السنوات المقبلة.
وعلى هامش المؤتمر، صرّح يوسف اليوسف، رئيس مجلس إدارة بورصة البحرين، بأن التطور التقني المتسارع «يسمح للبورصات بإعادة تعريف دورها في الاقتصاد الوطني»، مضيفًا: «نحن أمام مرحلة جديدة تتطلب جاهزية في البنية الرقمية، وتبنّي حلول الذكاء الاصطناعي لرفع كفاءة عمليات السوق وتعزيز ثقة المستثمر».
بدوره، أكد الشيخ خليفة بن إبراهيم آل خليفة، الرئيس التنفيذي لبورصة البحرين، أن التحول الرقمي «لم يعد خيارًا تكميليًا بل ضرورة استراتيجية لضمان استدامة وتنافسية الأسواق». وقال: «تكامل تقنيات الذكاء الاصطناعي مع البيانات الضخمة سيحدث نقلة نوعية في مستوى الشفافية وسرعة تنفيذ الأوامر، ما ينعكس مباشرة على جاذبية السوق للمستثمرين».
ومن جانبه، أوضح عبدالله النعيمي، الرئيس التنفيذي لمجموعة بورصة أبوظبي، أن المنطقة تمتلك فرصًا واعدة للريادة في مجال التحول التقني لأسواق المال، مؤكدًا: «اعتماد البنى السحابية والتحليلات المتقدمة يمكّننا من توفير منتجات أكثر تنوعًا وخدمات أكثر تطورًا، ما يرفع من تنافسية الأسواق الخليجية على المستوى العالمي.»
وفي السياق ذاته، شدّد إسلام عزّام، الرئيس التنفيذي للبورصة المصرية، على أهمية تعزيز تبادل الخبرات بين البورصات الإقليمية، قائلًا: «التكنولوجيا المالية تمنحنا قدرة غير مسبوقة على تحسين تجربة المستثمرين، وتطوير منصات أكثر ذكاءً، وضمان مراقبة أكثر فاعلية للسوق».
واختتمت الجلسة بتأكيد أن مستقبل أسواق المال سيكون مرهونًا بمدى سرعة تبنّي التقنيات الرقمية المتقدمة، وأن الأسواق التي تستثمر بذكاء في الذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية والبيانات الضخمة ستكون الأكثر قدرة على النمو واستقطاب السيولة وبناء بيئة استثمارية مستدامة وقادرة على المنافسة في الاقتصاد العالمي الجديد.


هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك