مع اقتراب فصل الشتاء، تتغير أطباق المائدة البحرينية لتواكب الأجواء الباردة التي تميز هذا الفصل، حيث تتجه الأنظار إلى الأطعمة الغنية بالنكهات الدافئة والمكونات التقليدية التي تمنح شعورًا بالراحة والحنين. فالمطبخ البحريني، برغم تطور أساليب الطهي وتعدد المؤثرات الحديثة، ما زال يحافظ على جوهره الأصيل الذي يتجلى في أطباقه الشتوية الغنية بالتوابل والمذاقات القوية.
وقال الشيف عبدالله حسن: إن المطبخ البحريني يتأثر كثيرًا بتغير الفصول، موضحًا: «يختلف المطبخ البحريني بتغير الفصول، وذلك يرجع إلى اختلاف درجات الحرارة ووفرة المحاصيل الغذائية الموسمية. فالرغبة في الأطباق الدسمة والساخنة والحارة تزداد في فصل الشتاء، لأن الجسم يحتاج إلى سعرات حرارية أكثر للشعور بالدفء».
وأشار الشيف إلى أن الأكلات الشتوية في البحرين ليست مجرد طعام، بل هي جزء من الذاكرة الشعبية التي ارتبطت بمناسبات وأجواء أسرية دافئة، وأضاف: «في الشتاء، يزداد الإقبال على الأطباق التي تحتوي على المرق مثل الصالونة بأنواعها وطبق الجباب، وهي أكلات تشتهر بمذاقها الغني وتمنح إحساسًا بالشبع والدفء في الوقت ذاته. كما أن طبق مجبوس الهامور من الوجبات المفضلة في هذا الفصل، نظرًا الى وفرة سمك الهامور في البحر خلال الشتاء، وهو طبق يجمع بين النكهة البحرية الأصيلة والدسم الذي يحتاج اليه الجسم في الأجواء الباردة».
أما بالنسبة الى الحلويات، فيؤكد الشيف عبدالله أن العصيدة هي سيدة المائدة الشتوية البحرينية، قائلاً: «العصيدة من أكثر الحلويات رغبة في الأجواء الباردة، فهي تقدم ساخنة وغنية بالدهون والسكر، ما يجعلها مثالية لتوليد الطاقة والشعور بالدفء. كما أن لها طعمًا وذاكرة خاصة ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالأجواء الشتوية، وخصوصًا حين تقدم مع القهوة العربية التي تضيف لمسة من الأصالة على الجلسة البحرينية».
ورغم تغير الأجيال وتطور أساليب الطهي الحديثة، يرى الشيف عبدالله أن البيوت البحرينية ما زالت وفية لأطباقها التقليدية، إذ قال: «بيت العائلة الكبير ما زال محافظًا على وصفاته الأصلية، ويقدم الأطباق البحرينية بالطريقة الشعبية القديمة التي توارثناها عن أمهاتنا وجداتنا. فهذه الأكلات ليست مجرد طعام، بل تراثا حيا يعكس روح العائلة البحرينية وتماسكها عبر الأجيال».
وأشار الشيف إلى التباين الواضح بين الأطعمة الصيفية والشتوية في البحرين، مبينًا أن الأجواء الحارة في الصيف تجعل الناس يميلون إلى الأطعمة الخفيفة والمشروبات الباردة، بينما في الشتاء تزداد الرغبة نحو الأكلات الدافئة والحارة.
وأضاف: «في الشتاء، نستخدم البهارات بشكل أكبر لأنها تضيف حرارة محببة للأطباق وتمنح شعورًا إضافيًا بالدفء. وهذا ما يجعل المطبخ البحريني في هذا الفصل مفعمًا بالنكهات القوية والروائح الزكية».
وذكر: «أنا أعشق تحضير المشروبات الدافئة في الشتاء، مثل الحليب بالهيل والزعفران، فهما مكونان متوازنان يضفيان نكهة فاخرة ومريحة. كما أن الكاسترد الساخن بنكهات متعددة كالفانيليا أو الفستق أصبح من الحلويات التي تجمع بين البساطة والمذاق الغني».
ويظل المطبخ البحريني في فصل الشتاء مرآةً للأصالة والتقاليد، يحمل في أطباقه روح العائلة البحرينية ودفء جلساتها، حيث تمتزج رائحة البهارات مع صوت المطر، لتروي حكاية جيلٍ ما زال يحتفي بتراثه عبر الطعام.

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك