كتبت: زينب علي
تشهد الصناعة العالمية للسيارات الكهربائية تحولاً استراتيجيًا عميقًا، لتصبح ركيزة أساسية لمستقبل التنقل المستدام، متجاوزة بذلك مفهومها كمجرد بديل للمركبات التقليدية. وهذا التحول لا يعكس تطورًا تقنيًا فحسب، بل يمثل أيضًا تحولاً ثقافيًا واقتصاديًا في المفاهيم العالمية المتعلقة بالتنقل والحركة.
وعلى المستوى الدولي، أصبحت المركبات الكهربائية محط استثمارات وتركيز كبرى الشركات المصنعة، في ظل اتجاه عالمي متصاعد نحو اعتماد الحلول التقنية الصديقة للبيئة. وتتصدر الأسواق الرائدة، على رأسها الصين، هذا المشهد مدعومة بسياسات محفزة وبنية تحتية متطورة لشحن المركبات، ما يجعلها بيئة جاذبة للمستهلكين الذين يبحثون عن الكفاءة والاستدامة. في المقابل، تظهر تجارب متنوعة في أسواق أخرى، حيث تسجل بعض الدول الأوروبية تباطؤًا في وتيرة النمو، بينما تواصل الولايات المتحدة الأمريكية تقدماً مطرداً، ما يبرز تباين وتحديات المسارات العالمية نحو التحول الكهربائي.
وعلى الصعيد المحلي، يعتبر سوق السيارات الكهربائية في مملكة البحرين سوقاً ناشئاً، إلا أن الرؤية المستقبلية تجاه هذا القطاع واضحة وطموحة؛ ففي إطار مساعي تحقيق أهداف الرؤية الاقتصادية، تعمل المملكة على دعم هذا التحول من خلال إقرار سياسات تشجيعية وتطوير منظومة البنية التحتية اللازمة للشحن، سعياً نحو تحقيق استدامة شاملة في قطاعي البيئة والنقل. ورغم وجود تحديات قائمة، أبرزها مستوى الوعي العام، والكلفة الأولية، ومدى توافر محطات الشحن، إلا أن هذه التحديات لا تقلل من زخم الاتجاه نحو مرحلة جديدة من التنقل المستدام. إذ تبذل المملكة بخطوات استباقية ومدروسة جهوداً حثيثة لتكون جزءاً من هذا التحول العالمي.
وتشير التوقعات إلى أن المستقبل يحمل في طياته فرصاً وتحديات أوسع، حيث ستدفع التحسينات التكنولوجية المستمرة، والتوسع في البنية التحتية، والاهتمام المتزايد بالمعايير البيئية، بصناعة السيارات الكهربائية نحو آفاق غير مسبوقة. ومن المتوقع أن يشهد السوق المحلي تحولاً ملموساً في الفترة المقبلة، ليصبح التنقل المستدام خياراً عملياً أمام المستهلك، ما يعزز التزام المملكة بجعل الاستدامة محوراً أساسياً في أهدافها الوطنية.
جدير بالذكر لم تعد السيارات الكهربائية مجرد ابتكار تقني، بل أصبحت تجسيداً حقيقياً لتحول اقتصادي وثقافي شامل في عالم التنقل. وبينما تواصل الأسواق العالمية تسريع خطاها نحو تبني هذه التقنيات، تعد البحرين نفسها لدخول هذا المضمار بعزيمة راسخة ورؤية استراتيجية واضحة، تؤكد دعم الابتكار والالتزام الراسخ بمبادئ الاستدامة.

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك