في صميم إبداعات كارتييه يتجلى مفهوم التوازن باعتباره لغة تصميمية وجمالية متكاملة تتجاوز حدود الشكل لتصبح فلسفة قائمة بذاتها. وتأتي مجموعة EN ÉQUILIBRE لتجسد هذا المفهوم، فهي ليست مجرد تشكيلة من المجوهرات الراقية، بل بيان فني يُترجم الانسجام بين الكتلة والفراغ، وبين الخطوط الصارمة والانسيابية الرقيقة، وبين قوة الحضور وخفة الحركة. والنتيجة أعمال تتناغم مع الجسد وحركته وتمنح الإحساس بأنها امتداد طبيعي له.
تقوم هذه الرؤية على مبدأ «الامتناع عن المبالغة»، حيث ينشأ الجمال من الانضباط والدقة في التوازن. فالفراغ ليس مجرد مسافة بينية بل عنصر فاعل يمنح القطع خفة وشفافية، بينما الكتل المصاغة بعناية تضيف لها بُعداً معمارياً وهيكلياً. وهذا التلاقي يجعل كل تصميم يبدو بسيطاً للوهلة الأولى، لكنه يخفي وراءه براعة هندسية وحرفية معقدة لا تظهر إلا عند التأمل في تفاصيله الدقيقة.
ويتجلى هذا المنهج في قطع متعددة داخل المجموعة مثل عقد PANTHÈRE ORBITALE الذي يعيد تقديم ثنائية المرجان والجمشت التي ظهرت في أرشيف الدار، ما يعكس صلة الماضي بالحاضر بلغة تصميمية متجددة. أما عقد TSAGAAN فيحوّل ملامح الفهد الثلجي إلى تكوين هندسي صارم، في حين يترجم عقد TIGRIS خطوط فرو النمر إلى هيكل معماري متقن. وتؤكد هذه المقاربات كيف يمكن لرمزية الحيوانات أن تتحول إلى لغة تجريدية تفتح مسارات جديدة في طريق الإبداع.
ويبرز عقد PANTHÈRE DENTELÉE كواحد من أكثر الإبداعات التي تُجسد روح الدار. فمن النظرة الأولى يبدو التصميم بسيطاً بانسياب خرز الزمرد والماس والعقيق، غير أن هذه البساطة تخفي خلفها بنية معقدة شبيهة بالدانتيل، حيث يندمج جسد الفهد في صميم العقد وكأنه محاط بخيوط من الأحجار. وهذه البنية لم تكن لتتحقق لولا الخبرة التقنية الفائقة التي جمعت بين دقة المصممين وبراعة الحرفيين داخل مشاغل كارتييه.
ويكشف عقد JANOLUS عن بعد آخر من هوية المجموعة، حيث تلتقي ألوان التورمالين مع الأوبال والغارنيت والماس في توليفة نابضة بالحياة توحي بكائن بحري أو فراء ناعم، مانحة القطعة طابعاً عضوياً يفتح المجال للتأمل والانبهار. هنا يتضح كيف يوظف اللون كزخرفة و أداة تعبيرية تعكس الجرأة في اختيار الأحجار والتنسيق فيما بينها.
إن فلسفة كارتييه في التعامل مع الأحجار تقوم على الكشف عن الجمال أينما وُجد، بعيداً عن معايير القيمة وحدها. لذلك نجد أن المجموعة لا تتردد في المزج بين الأحجار النادرة وتلك الأكثر شيوعاً، طالما أن النتيجة النهائية تحقق انسجاماً بصرياً وشعورياً مميزاً. هذه الحرية تمنح القطع حيوية خاصة تجعلها مختلفة في كل مرة تُرى فيها.
وبينما تُعيد المجموعة قراءة عناصر مأخوذة من تاريخ الدار، فإنها تضيف إليها بُعداً معاصراً يجعلها قادرة على أن تكون امتداداً حيّاً لإرث عريق وفي الوقت ذاته تعبيراً عن لحظة الحاضر. وهكذا تتحول EN ÉQUILIBRE إلى جسر يربط بين إرث كارتييه العريق ومستقبل ابتكاراتها، ليصبح التوازن الذي تحمله القطع تجربة حسية متكاملة تعكس أسلوب حياة يعيد تعريف الفخامة المعاصرة ويجعل من كل قطعة حكاية تتناغم مع مرتديها في كل لحظة.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك