دمشق - (أ ف ب): انطلقت أمس الأحد عملية اختيار أول برلمان في سوريا بعد الإطاحة بالرئيس المخلوع بشار الأسد، وسط انتقادات تطال الآلية التي تمنح الرئيس أحمد الشرع صلاحية تعيين ثلث أعضائه، واستبعاد تمثيل ثلاث محافظات لأسباب «أمنية». واتخذ الشرع عقب إطاحة الأسد في الثامن من ديسمبر، سلسلة خطوات لإدارة المرحلة الانتقالية، شملت حلّ مجلس الشعب، ثم توقيع إعلان دستوري حدّد المرحلة الانتقالية بخمس سنوات، ونصّ على آلية اختيار مجلس يمارس صلاحياته إلى حين وضع دستور دائم للبلاد وإجراء انتخابات على أساسه.
وشاهد مراسل فرانس برس عشرات الناخبين يصطفون في المكتبة الوطنية في دمشق، التي كانت تسمى سابقا مكتبة الأسد، للإدلاء بأصواتهم. وسيُشكّل البرلمان، وولايته ثلاثون شهرا قابلة للتجديد، بناء على آلية حدّدها الإعلان الدستوري، وليس بانتخابات مباشرة من الشعب. وبموجب الآلية، تنتخب هيئات مناطقية شكّلتها لجنة عليا عيّن الشرع أعضاءها، ثلثي أعضاء المجلس البالغ عددهم 210، على أن يعيّن الرئيس الثلث الباقي.
ويتنافس للفوز بمقاعد المجلس 1578 مرشحا، 14 في المئة منهم فقط نساء، وفق اللجنة العليا للانتخابات. وبين هؤلاء السوري الأمريكي هنري حمرا، نجل آخر حاخام غادر سوريا في التسعينيات، وهو أول مرشح للطائفة اليهودية منذ قرابة سبعة عقود. ويوجّه سوريون انتقادات صريحة لعملية تشكيل البرلمان الجديد. ويقول لؤي العرفي (77 عاما)، وهو متقاعد من وزارة العدل، «أنا مؤيد للنظام الحالي ومستعد للدفاع عنه، لكن هذه الانتخابات ليست بانتخابات». يتابع وهو جالس مع أصدقاء في مقهى الروضة وسط دمشق «هي من ضرورات المرحلة الانتقالية، لكننا نريد انتخابات مباشرة بعد انتهاء هذه المرحلة». وبرّر الشرع الذي يعمل على تكريس سلطته الأمنية والسياسية في عموم البلاد، اعتماد آلية الانتخاب غير المباشر، بقوله «نحن في مرحلة انتقالية، ولسنا في وضع يسمح بإجراء انتخابات عامة مباشرة». وقال في وقت سابق «هذه خطوة موقتة إلى أن تتوافر البيئة الأمنية والسياسية لإجراء انتخابات مباشرة يشارك فيها كل السوريين»، وهو غير ممكن حاليا بسبب «ضياع الوثائق»، ووجود العديد من السوريين خارج البلاد دون وثائق. وأمس الأحد، قال في كلمة في المكتبة الوطنية أمام أعضاء اللجنة الانتخابية في دمشق: «صحيح أن العملية الانتخابية غير مكتملة (..) لكنها عملية متوسطة تتناسب مع الحال والظرف السوري الذي نمر فيه حاليا، وتتناسب أيضا مع المرحلة الانتقالية». وانتقد حقوقيون صلاحيات الشرع في تشكيل مجلس الشعب الذي سيضطلع بمهمات واسعة تشمل اقتراح القوانين وتعديلها، والمصادقة على المعاهدات الدولية، وإقرار الموازنة العامة. وقالت 14 منظمة سورية في بيان مشترك منتصف سبتمبر إن الآلية تمكّن الرئيس من «تشكيل أغلبية برلمانية من أشخاص يختارهم بنفسه أو يضمن ولاءهم، ما قد يحوّل المجلس إلى هيئة ذات لون سياسي واحد ويقوّض مبدأ التعددية». واعتبرت أن مجمل الترتيبات المتبعة تجعل «الانتخابات شكلية».
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك